تخفيف إسرائيل قيودها على قطاع غزة يهدف لمنع تفجير الوضع الميداني
غزة (معراج)- يرى مراقبون فلسطينيون، أن تخفيف إسرائيل من قيودها على قطاع غزة يأتي سعيا لمنع تفجير الوضع الميداني مع الفصائل الفلسطينية المسلحة.
ويقول المراقبون في تصريحات منفصلة لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن سماح إسرائيل مؤخرا بخطوات لتسهيلات إنسانية متعددة في القطاع لتطويق استمرار تصاعد التوتر الميداني.
وشهد قطاع غزة الأيام الأخيرة تحسنا ملحوظا بإمدادات الكهرباء للسكان بفضل إدخال إسرائيل شاحنات وقود صناعي تمولها دولة قطر لصالح محطة تشغيل الكهرباء الوحيدة في القطاع.
كما سمحت إسرائيل بتوسيع مساحة الصيد إلى 9 أميال وتحسين عمل المعابر في القطاع، بالتزامن مع تواتر تقارير عن تقدم لصرف وشيك لمنحة قطرية بقيمة 150 مليون دولار لسداد رواتب موظفي حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
ويؤمل أن تؤدي هذه الخطوات التي ترعاها مصر والأمم المتحدة إلى تعزيز تفاهمات وقف إطلاق النار ومنع تدهور الوضع الميداني بين الفصائل الفلسطينية في غزة وإسرائيل.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر مخيمر أبو سعدة لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن “المؤشرات باتت إيجابية في محادثات التهدئة ، وإمكانية التوصل لاتفاق تثبيت إطلاق النار يبدو قريبا جدا”.
لكن أبو سعدة يبرز أن “الاتفاق الذي بات يتم ترجمته على الأرض تدريجيا يقتصر على خطوات لتسهيلات إنسانية من دون أن يتضمن ممرا بحريا بين قطاع غزة وقبرص كما كان يتم الحديث عنه قبل أشهر”.
في الوقت ذاته يؤكد أبو سعدة، أن الخطوات “لا تضمن وقف مسيرات العودة كليا لأن ذلك مرتبط بإنهاء شامل للحصار كما تقول الفصائل الفلسطينية، لكنها يمكن أن تضمن تراجع حدة وتيرة العنف على الحدود”.
وتشهد حدود قطاع غزة وإسرائيل توترا منذ انطلاق احتجاجات مسيرات العودة في 30 مارس الماضي التي قتل فيها نحو 220 فلسطينيا وأصيب أكثر من 22 ألفا آخرين بجروح وحالات اختناق في مواجهات شبه يومية.
وضمن الاحتجاجات، يقوم الفلسطينيون بحرق إطارات على طول الحدود الفلسطينية يصل دخانها الكثيف إلى البلدات الإسرائيلية المجاورة فضلا عن إطلاق أجسام حارقة موصلة بالبالونات إلى داخل إسرائيل بهدف إشعال حرائق.
وتطالب المسيرات برفع الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ منتصف عام 2007 على إثر سيطرة حركة حماس على الأوضاع في القطاع بالقوة.
وأعلن مسؤولون في حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى أن مسيرات العودة ستستمر حتى رفع الحصار الإسرائيلي.
في المقابل رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل يومين بوساطة الأمم المتحدة ومصر لـ “منع انهيار الوضع الإنساني في قطاع غزة” وفق ما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية.
ونقلت صحيفة ((هآرتس)) العبرية عن نتنياهو قوله “نعمل على منع أي قوى من دخول إسرائيل والتسبب بالأذى لجنودنا وسكاننا وفي المقابل نعمل على منع وقوع أزمة إنسانية ولذلك نحن على استعداد لقبول جهود الوساطة الأممية والمصرية لتحقيق الهدوء وإصلاح وضع الكهرباء”.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي من غزة عدنان أبو عامر أن كلا من الفصائل الفلسطينية وإسرائيل “يشدان الحبل أكثر فأكثر فيما يتعلق بالضغط لتعزيز موقف كل منهما بين متطلبات التهدئة أو الاحتمالات المفتوحة للتصعيد”.
ويشير أبو عامر في تصريحات لـ ((شينخوا))، إلى أن إسرائيل تشترط لأي خطوات إنسانية تجاه قطاع غزة فرض الهدوء التام، فيما تظهر الفصائل الفلسطينية موقفا حذرا من تصديق أي رواية وتطالب بخطوات فعلية لإنهاء حصار غزة أو على الأقل تخفيفه.
ويشدد أبو عامر على أن الاعتبارات التي أعاقت إنجاز أي تسوية للوضع في قطاع غزة لا تزال قائمة في إشارة إلى مطالب إسرائيل المتكررة بتفكيك سلاح الفصائل الفلسطينية وتسليم جنودها المحتجزين في غزة.
ودأب وسطاء من مصر وقطر والأمم المتحدة في الفترة الأخيرة على إجراء اتصالات سريعة بغرض تهدئة الأوضاع واحتواء المتكرر في قطاع غزة من دون إعلان أي تفاهمات تضمن عدم تكرار التوتر مجددا في أي وقت.
ومطلع الأسبوع الجاري تم إطلاق 34 قذيفة محلية من قطاع غزة على جنوب إسرائيل التي ردت بشن غارات استهدفت 80 هدفا لحركتي حماس والجهاد الإسلامي في غزة كما أعلن جيشها.
ويوم الأحد الماضي قتلت إسرائيل ثلاثة أطفال من غزة في غارة جوية على ما قال الجيش إنها مجموعة قامت بزرع عبوات ناسفة على الحدود.
وتوعدت حركة الجهاد الإسلامي، التي أعلنت مسؤوليتها عن الهجمات الصاروخية في نهاية الأسبوع، بالانتقام لمقتل الأطفال.
وتأتي التسهيلات في ظل ما يعانيه قطاع غزة من انقسام داخلي مع الضفة الغربية منذ سيطرة حماس على الأوضاع فيه بالقوة قبل 11 عاما بعد جولات اقتتال مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية.
وتتعثر جهود المصالحة الفلسطينية رغم توقيع عدة اتفاقات سابقة بين حماس وحركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس برعاية عربية متعددة أهمها من مصر على مدار سنوات الانقسام الداخلي.
وآخر اتفاق وقع بين حركتي فتح وحماس في أكتوبر الماضي برعاية مصر نص على تسليم حكومة الوفاق الفلسطينية إدارة قطاع غزة، إلا أنه تعثر بسبب خلافات بين الحركتين بشأن تنفيذ بنوده.
ومؤخرا هدد الرئيس محمود عباس باتخاذ قرارات “حاسمة” ضد قطاع غزة بما في ذلك وقف التمويل الكامل له ردا على استمرار الانقسام الداخلي.
ويعتبر الكاتب والمحلل السياسي من رام الله هاني المصري لـ ((شينخوا))، أن أي خطوات لتسهيلات إنسانية في غزة من دون موافقة السلطة الفلسطينية “تكرس الانقسام الداخلي”.
وينبه، إلى أن ذلك “يسرع في سير الامر للتحول إلى انفصال كونه يرسخ وجود سلطتين وعنوانين للفلسطينيين، ويساعد على نجاح المخطط الإسرائيلي بفصل الضفة الغربية عن القطاع”.
ويرى، أن حماس “تعطي الأولوية لاستمرار سيطرتها الانفرادية على غزة على أي شيء آخر، وما يعطيها ذلك من مزايا سياسية ومالية وقدرة على التنازع على الشرعية والتمثيل”.
ويضيف المصري أن حماس “تتعامل مع ملف المصالحة كخيار من ضمن الخيارات وليس كأولوية، لذلك تفضل الوصول إلى التهدئة المنفردة قبل المصالحة، وتهدد باستخدام الصواريخ والمسيرات لضمان تدفق الوقود والأموال القطرية”.
وكالة معراج للانباء