تدخل روسيا بسوريا.. حصاد مئة يوم

التدخل الروسي بسوريا - smo-sy.com -
التدخل الروسي بسوريا – smo-sy.com –

تقرير الجزيرة.نت

الإثنين 1 ربيع الثاني 1437//11 يناير/كانون الثاني 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا

في 30 سبتمبر/أيلول 2015 باغتت روسيا المجتمع الدولي بإرسال طائراتها الحربية لقصف مواقع المعارضة السورية، بعد أيام من الكشف عن إرسالها مقاتلات وعتادا متطورا إلى سوريا لمحاربة ما تسميه الإرهاب. جرى ذلك بمنأى عن التحالف الدولي الذي يشن بذلك البلد منذ أكثر من عام حربًا لوقف توسع تنظيم الدولة الإسلامية هناك.

جاء هذا التدخل الأول من نوعه منذ انكفاء روسيا على نفسها إثر هزيمة الاتحاد السوفياتي بأفغانستان ، بعد أربعة أعوام ونصف العام على اندلاع الثورة السورية، واتخاذ الأزمة الناجمة عنها مسارات غير متوقعة. وأتى في مقدم هذه المسارات، ظهور تنظيم الدولة في العراق وسوريا، واستحواذه على مساحات من أراضيهما، وما تلاه من تشكل تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة لقتاله.

بيد أن التدخل الروسي غير المتوقع حمل بصمة مختلفة عن التدخلات الأخرى، فقد أتى عمليا بعد التدهور غير المسبوق في صفوف جيش نظام الرئيس بشار الأسد وخسارته ثلاثة أرباع الجغرافيا السورية، وبعد عام ونيف على إخفاق الولايات المتحدة وحلفائها العرب والدوليين في القضاء على تنظيم الدولة أو زحزحته.

الجزيرة نت تلقي الضوء عبر تغطية إخبارية خاصة على حصاد الحرب الروسية بعد مئة يوم على بدايتها. وتتوزع التغطية إلى معلومات وخلفيات تقدمها تقارير أعدها محررو الجزيرة نت ومراسلوها في موسكو وحيفا وإسطنبول. وضمت أيضا تحليلا للكاتب سامر إلياس يتناول الآفاق السياسية المترتبة على التدخل، وآخر للدكتور هشام جابر يتناول الجانب العسكري.

أحمد سباعي

وضع قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني خريطة لسوريا على الطاولة أثناء اجتماعه بنظرائه الروس، وقال “إن الأمور تسير في اتجاه خطير، ولكنها لم تخرج عن السيطرة”.

اقرأ أيضا  إسرائيل و روسيا يتفقان في التنسيق العسكري في سوريا

وتنقل وكالة رويترز عن مصادر لم تسمها أنه في إحدى زيارات سليماني السرية الأخيرة لموسكو وتحديدا يوم 24 يوليو/تموز الماضي -أي بعد عشرة أيام من الاتفاق النووي بين طهران والغرب- وضع سليماني “اللمسات الأخيرة” على خطة التدخل الروسي الذي انطلق رسمياً نهاية سبتمبر/أيلول الماضي.

ويعود التخطيط للتدخل إلى أشهر سابقة، إذ في الوقت الذي كانت تبدي فيه مرونة ملحوظة في تعاملها مع الغرب حول دمشق، فاوضت روسيا إيران وحليفها السوري حول التدخل العسكري، وذلك في لقاء جمع وزير الخارجية سيرغي لافروف والمرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي في طهران، حسب خبير أمني من المنطقة.

سليماني وموسكو
وفي الوقت الذي تدهور فيه وضع النظام في سوريا، وصل سليماني إلى موسكو للنظر في التطورات الخطيرة التي كانت تجري على الأرض السورية، فالثوار يتقدمون على أكثر من محور باتجاه معقل بشار الأسد والقاعدة البحرية الروسية الوحيدة في البحر الأبيض المتوسط.

“بعد جولات وسفرات مكوكية أغلبها سري، نجح سليماني في إقناع القيادة السياسية والعسكرية الروسية بخطته، وبالقدرة على التصدي للمخططات الرامية إلى إسقاط الأسد.”

وبعد جولات وسفرات مكوكية أغلبها سري، نجح سليماني في إقناع القيادة السياسية والعسكرية الروسية بخطته، وبالقدرة على التصدي للمخططات الرامية إلى إسقاط الأسد.

ووافقت موسكو على التدخل وعلى دعم القوات البرية الإيرانية على الأرض إلى جانب حزب الله اللبناني، ودعم الجيش السوري والمليشيات المناصرة له بالأسلحة المتطورة.

في هذا السياق أيضا، أكدت صحيفة “كيان” الإيرانية أن سليماني هو “مهندس التدخل الروسي في سوريا، ومهندس اتفاق التعاون بين روسيا وسوريا والعراق وإيران”.

اقرأ أيضا  فضل تلاوة القرآن من القرآن والسنة

فالتدخل الروسي تدرج من إطلاق “بالونات اختبار”، قبل الوصول إلى الاعتراف جزئياً ثم كلياً بالأمر الواقع الجديد الذي ترسم ملامحه الدبلوماسية الروسية.

فمن الاعتراف بالتحضير لوجود عسكري دائم في سوريا، إلى زعم تنفيذ “عقود عسكرية سابقة”، وتقديم “الدعم الكامل للحكومة السورية في محاربة الإرهاب” باعتبارها الحكومة الشرعية، وصولا إلى تبدل نوعي في اللهجة بات معه “دعم الحكومة الشرعية شرطا لأي تسوية للأزمة”.

وترى مؤسسة الدراسات القومية الإستراتيجية في دراسة لها أن الموقف الروسي من الأزمة السورية تطوّر من السلبية إلى التورط الكامل.

ويكشف تاريخ مواقف موسكو إزاء الأزمة أن السلبية أو الحياد الظاهري كان أثناء ولاية الرئيس ديمتري مدفيدف، وكان بوتين وقتها رئيس الحكومة ريثما يعود “سيدا للكرملين”.

مفاجأة ذاتية
ويقول معد الدراسة إن انبعاث النفوذ الروسي في المنطقة فاجأ موسكو نفسها كما فاجأ الآخرين، وكان الأداء أفضل مما تصوره الخبراء.

ورغم التورط الروسي العميق في أوكرانيا، فإن موقع روسيا أقوى -بحسب الدراسة- الآن لدى زعماء الشرق الأوسط مما كان عليه عام 2011 رغم خسارة الرأي العام السني.

وتؤكد الدراسة أن أربعة تطورات وقعت منذ العام 2011 هي التي أدت إلى التبدل في موقف روسيا إزاء سوريا:

  • حرب ليبيا.
  • الاضطراب الداخلي في روسيا خلال الانتخابات الرئاسية.
  • تصاعد تهديدات أميركا وإسرائيل لإيران.
  • التحرك ضد سوريا.

وفي هذا السياق يرى كبير الباحثين بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى ديفد بولوك أن بوتين انتهز هذه الفرصة ليتدخل في ظل وجود ضوء أخضر غربي وأميركي، وقال إن أميركا لا تدعم هذا التدخل، لكنها لا تعارضه، لافتا إلى أن هناك نوعا من الضوء الأخضر من طرف واشنطن لموسكو نتيجة لأنها لا تعارض التدخل الروسي بفاعلية.

اقرأ أيضا  ماذا عن بقية الأسرى .. يا حماس

إطالة البقاء
بدوره يرى الخبير العراقي في الشؤون الروسية كامران قره داغي في أحد مقالاته، أن التصعيد العسكري الروسي المستمر بكثافة في سوريا يشير إلى أن موسكو تنوي البقاء هناك إلى مدى بعيد، وأنه بناء على “معارك” قريبة خاضتها مع الغرب في أوكرانيا، يظهر أنها ليست في وارد التراجع خشية مواجهة محتملة مع الولايات المتحدة.

وفي هذا الصدد يقول المطلع على تفكير الكرملين والخبير في العلاقات الخارجية فيودور لوكيانوف إن بوتين استطاع حتى الآن أن يغيّر بصورة جذرية وضعاً كان يُعتقد أنه غير قابل للتغيير.

ويشير لوكيانوف -في حديث صحفي- أن تخبط الغرب في تعامله مع الأزمة السورية لعب دوره في تغيير قواعد اللعبة، وسمح لموسكو بأن تكشف قدرتها على تخريب خططه في سوريا. وخلص إلى أن “السياسات الدولية تفضل تقليدياً الأفعال على الأقوال، لأن الأعمال وحدها تستطيع أن تكسب النقاط وترفع هيبة القائمين بها، لكن الأفعال يمكنها أيضاً أن تؤدي إلى نتائج عكسية”.

المصدر : الجزيرة.نت