تطهير عرقي برعاية أمريكية
إعداد مجلة البيان
الأحد، 16 ربيع الأول 1437 الموافق 27 ديسمبر / كانون الأول 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”
يتساءل الكاتب عما إذا كانت الولايات المتحدة تسمح حالياً بتطهيرٍ عرقيٍ وطائفي ينال ملايين الناس، وتحكم بذلك على الشرق الأوسط بعشرات السنوات الأخرى من الصدمات؟ وحسب رأيه فإن هذا هو ما يحدث في العراق، حيث يطهر الشيعةُ المدنَ السنية.
ويضيف: “ظاهراً، يعمل الجيش العراقي ضد داعش في مدينة الرمادي في غرب العراق، كما فعل في تكريت وبيجي السُّنيَتين قبل أشهر، بهدف طرد الإرهابيين من هناك. الجيش العراقي حالياً هو جيش شيعي في جوهره، وهو مدرَّب ويحظى بدعم كامل من قبل عدة آلاف من الجنود الأمريكيين الموجودين هناك، ويرافقون المعارك بالتوجيه والمشورة. وتعمل إلى جانب الجيش العراقي ميليشيات شيعية عنيفة، تسمى “الحشد الشعبي” وتضم حوالي 50 ألف جندي. وعندما يحرر الجيش العراقي منطقة، تصل هذه الميليشيات معه وتبدأ بتخريب وإحراق بيوت السنة، وطردِهم وقتلهم. هذا ما فعلوه تماماً في بلدة بيجي، قبل عدة أشهر، ونتيجة لذلك تم تدمير حوالي 65% من بيوت المواطنين، وبعد ذلك يمنعون السنة من العودة إلى مدنهم وبيوتهم، إذا بقي لهم أصلاً ما يرجعون إليه.
مثلما يقول أردوغان إنه يقاتل داعش وهو فعلياً يقصف الأكراد. هكذا يفعل الجيش العراقي الذي يحارب داعش، ولكنه يقوم – عملياً – بتنظيف العراق من أبناء الأقلية السنية. وقد حدث إجراء مشابه في الشهر الماضي في البلدة الإيزيدية سنجار التي “تم تحريرها” من أيدي داعش. فلقد شرع الأكراد والإيزيديين بهدم وسرقة بيوت السنة، وطرد سكانها قسراً. وقبل تلك المعركة طالب الجيش العراقي السنة بإخلاء بيوتهم، كما حدث خلال الأسبوعين الأخيرين في الرمادي، بدعوى أن الذي لا يهرب سيتعرض للإصابة. ويغادر مئات الآلاف بيوتهم تاركين للميليشيات الشيعية المتوحشة التي تمولها طهران، مهمةَ تطهير المكان.
يصعب فهم كيف لا يرى الأمريكيون ما يفعله حلفاؤهم على الأرض، وكيف يدعمون ذلك. عندما حارب الجيش الصهيوني في عام 1982م منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان بالتعاون مع النصارى المارونيين، استغل الموارنة الفرصة وذبحوا الفلسطينيين في صبرا وشاتيلا. ووجهت الولايات المتحدة والعالم إصبع الاتهام إلى من وجد في المكان (أي الجيش الصهيوني)؛ فلماذا كان الجيش الصهيوني متهماً في حينه بينما لا يتم اتهام الأمريكيين الآن؟ لا سيما أنه بدون مساعدة منهم ما كان يمكن احتلال المدن السنية بأي شكل من الأشكال.
الدرس لا يتعلق فقط بالماضي أو الحاضر فقط، وإنما بالمستقبل أيضاً، وهذا ليس لأسباب أخلاقية فقط، وإنما عملية أيضاً. مثل هذا التطهير يحتم الآن على السنة دعم داعش، لأنه العامل الوحيد الذي يمكنه حمايتهم من الذبح. وكلما ازدادت محاولة اقتلاع داعش، فسيتزايد دعمه هو وأمثاله من التنظيمات الجهادية السنية. إذا تم القضاء على داعش فستقوم تنظيمات أخرى مكانه، وستكون أكثر وحشية وانتقاماً… فالتطهير الذي تتعرض له طائفتهم سيتحول إلى أمر انتقام. ومن الواضح في مثل هذه الحالة أنه لن يكون هناك ما يمكن الحديث عنه بشأن إمكانية التعاون (السني – الشيعي) في العراق؛ لأن السنة يشعرون بأنه يجري اقتيادهم إلى الذبح. هذا هو سبب العصبية المتزايدة لدى السعوديين والأتراك، الذين سيكون عليهم واجب الخروج لمساعدة السنة، وعندها سيزداد اللهيب. تركيا اليوم هي حليف جبهة النصرة، وبشكل غير مباشر حليف داعش أيضاً، كونهما تنظيمان سنيان في بيئة شيعية معادية.
إذن، ما الذي يمكن عمله؟
وقف القصف الذي يدمر أحياء كاملة في المدن السنية، وإعادة المواطنين السنة إلى بيوتهم بعد طرد داعش من أجل تشجيع المصالحة. كما يجب طرد الميليشيات الشيعية والحرص جداً على من يتم قصفه وما الذي يتم قصفه، فهذا هو – تماماً – ما طالبَنا به الأمريكيون في غزة، في العام الماضي. لا يمكن للوعي أن يتقبل قيام الديموقراطيات الغربية، كالأمريكية والبريطانية والفرنسية بالسماح بارتكاب أعمال بربرية.
المصدر : موقع مجلة البيان