تعليم الطفل الأخلاق الحسنة والآداب الرفيعة
الأحد 13 جمادى الأولى 1437//20 فبراير/شباط 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري
تعليم الطفل الأخلاق الحسنة
والآداب الرفيعة
يسعى الأب لتربية ابنه على الأخلاق الرفيعة شيئًا فشيئًا بحسب ما يلائم كل مرحلة، ويحرص على أن يكبر هذا الخلق في نفس المتربي كلما كبرت معرفته واتسعت مداركه.
يقول الله تعالى في كتابه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾.
فنجد أن الله تعالى في هذه الآيات أكد على أهمية تعليم الأطفال قبل أن يبلغوا أدب الاستئذان، قال الماوردي رحمه الله: فأما التأديب اللازم للأب فهو أن يأخذ ولده بمبادئ الآداب؛ ليأنس بها، وينشأ عليها؛ فيسهل عليه قبولها لاستئناسه على مبادئها في الصغر؛ لأن نشأة الصغير على شيء تجعله متطبعًا به.
عوّد بنيك على الآداب في الصغرِ
كيما تقرّ بهم عيناكَ في الكبرِ
فإنما مَثل الآداب تجمعها
في عنفوانِ الصبا كالنقش في الحجرِ
• ولنذكر مثالاً يبين المقصود:
فأخلاق الشجاعة تتطلب التربية المبكرة عليها: فصارعه أحيانًا وعلمه أن يقول: أنا شجاع وأستمد قوتي من خالقي، أنا شجاع وأدافع عن الإسلام والمظلومين، وقص عليه أخبار وقصص الشجعان وكيف نصروا الحق، ثم علمه أن من الشجاعة في الحق أن يدعو أصحابه للقيام إلى الصلاة، وكن قدوة له في أمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر، واقرأ عليه: ﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ .
• وفي باب الكرم:
علّمه أن يوصل صدقتك بنفسه للفقير، ثم أعطه عشرين ريال بشرط أن يتصدق بعشرة منها على فقير يختاره هو، ثم ضع له حصالة وأعطه مبلغًا يجمعه للعيد على أن يتصدق في آخر ليلة من رمضان بعُشره مثلاً، وعلّمه كيف يستقبل الضيوف ويكرمهم، وكيف يسأل عن أحوال الناس ويهتم بقضاياهم، وتدرج معه بحسب سنه.
• وفي مجال الآداب:
علمه أدب الطعام، فعن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه قال: كنت غلامًا في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا غلام سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك، فكلما جلس للطعام قل له: كل بيمينك، خذ بيمينك، حتى تترسخ في نفسه.
وإليك هذا المثال:
روى الحافظ ابن عساكر أن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه كان يلعب مع بعض أترابه من الصبيان، فمر الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ففر الصبية خوفًا من الفاروق وبقي ابن الزبير ولم يفر، فأقبل عليه عمر وقال له: مالك لم تفر مع أصحابك يا غلام؟، فرد عليه عبد الله ببساطة وبراءة: يا أمير المؤمنين! لست مذنبًا فأخافك، وليست الطريق ضيقة فأوسع لك فيها!.. فانظر، شجاعة في أدب، أو أدب في شجاعة، رحمهم الله كيف كانوا يربون.
-الألوكة-