تفسير: (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون)

الجمعة 16جمادى الثانية 1437// 25 مارس/آذار 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
سيد مبارك
تفسير
﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾
إعراب مفردات الآية [1]:
الهمزة للاستفهام الإنكاري (تأمرون) مضارع مرفوع..
والواو فاعل (الناس) مفعول به منصوب (بالبرّ) جارّ ومجرور متعلّق ب (تأمرون)، الواو عاطفة (تنسون) مثل تأمرون (أنفس) مفعول به منصوب و(كم) ضمير متّصل في محلّ جرّ مضاف إليه الواو حاليّة (أنتم) ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ (تتلون) مثل تأمرون (الكتاب) مفعول به منصوب. الهمزة للاستفهام التوبيخي الإنكاري الفاء عاطفة (لا) نافية (تعقلون) مثل تأمرون.اهـ.

روائع البيان والتفسير:
• ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ ﴾ قال القرطبي-رحمه الله:
هذا استفهام معناه التوبيخ والمراد في قول أهل التأويل علماء اليهود. قال ابن عباس: كان يهود المدينة يقول الرجل منهم لصهره ولذي قرابته ولمن بينه وبينه رضاع من المسلمين اثبت على الذي أنت عليه وما يأمرك به هذا الرجل يريدون محمدا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإن أمره حق فكانوا يأمرون الناس بذلك ولا يفعلونه.

اقرأ أيضا  وإنه لتذكرة للمتقين

وعن ابن عباس أيضا: كان الأحبار يأمرون مقلديهم وأتباعهم باتباع التوراة وكانوا يخالفونها في جحدهم صفة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال ابن جريج[2] كان الأحبار يحضون في طاعة الله وكانوا هم يواقعون المعاصي وقالت فرقة كانوا يحضون على الصدقة ويبخلون والمعنى متقارب وقال بعض أهل الإشارات المعنى أتطالبون الناس بحقائق المعاني وأنتم تخالفون عن ظواهر رسومها!.اهـ [3].

•﴿ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ﴾ قال أبو جعفر الطبري – رحمه الله-:
ومعنى”نسيانهم أنفسهم” في هذا الموضع نظير النسيان الذي قال جل ثناؤه:﴿ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ﴾ [التوبة: 67] بمعنى: تركوا طاعة الله فتركهم الله من ثوابه.[4].

وفي تأويل قوله تعالى﴿ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ﴾ قال –رحمه الله: يعني بقوله: ﴿ تتلون ﴾: تدرسون وتقرءون.اهـ[5].

اقرأ أيضا  القرآن الكريم من التدبر إلى التأثر

• ﴿ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ قال ابن العثيمين في التفسير في بيانها مانصه:
الاستفهام هنا للتوبيخ. يعني أفلا يكون لكم عقول تدركون بها خطأكم، وضلالكم.؟! و “العقل” هنا عقل الرشد، وليس عقل الإدراك الذي يناط به التكليف؛ لأن العقل نوعان: عقل هو مناط التكليف. وهو إدراك الأشياء، وفهمها.؛ وهو الذي يتكلم عليه الفقهاء في العبادات، والمعاملات، وغيرها؛ وعقل الرشد. وهو أن يحسن الإنسان التصرف.؛ وسمي إحسان التصرف عقلاً؛ لأن الإنسان عَقَل تصرفه فيما ينفعه..اهـ[6].

________________________________________
[1] أنظر الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي (المتوفى: 1376هـ) نشر: دار الرشيد مؤسسة الإيمان – دمشق( 1/118 ).
[2] هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، أبو الوليد وأبو خالد(80 – 150 هـ = 699 – 767 م) فقيه الحرم المكي. كان إما م أهل الحجاز في عصره. وهو أول من صنف التصانيف في العلم بمكة. رومي الاصل، من موالي قريش. مكي المولد والوفاة. قال الذهبي: كان ثبتا، لكنه يدلس- الأعلام للزركلي بتصرف (4/160).
[3] الجامع لأحكام القرآن للقرطبي- الناشر: دار الكتب المصرية – القاهرة( 1 /365 ).
[4] جامع البيان في تأويل القرآن لأبي جعفر الطبري، تحقيق أحمد محمد شاكر- الناشر: مؤسسة الرسالة (1 / 9 /846 ).
[5] جامع البيان في تأويل القرآن لأبي جعفر الطبري، تحقيق أحمد محمد شاكر- الناشر: مؤسسة الرسالة (1 / 9 / 846 ).
[6] تفسير العلامة محمد العثيمين -مصدر الكتاب: موقع العلامة العثيمين (3 / 109 ).
-الألوكة-

اقرأ أيضا  تنديد عربي وإسلامي بحرق نسخة من القرآن الكريم بالدنمارك (محصلة)