تل أبيب تفشل في وقف الانتفاضة وتبحث عن بديل أمني واقتصادي
السبت 22 صفر 1437//5 ديسمبر /كانون الأول 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا.
عماد ابو عواد (*)
أجرى مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني قراءة لأهم القرارات التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية في مواجهة الانتفاضة الفلسطينية. وجاء في القراءة، منذ ان بدأت الانتفاضة الفلسطينية حاولت الحكومة الإسرائيلية وأجهزتها الأمنية، القضاء على الانتفاضة الفلسطينية ووأدها منذ بدايتها. وبذلك انتهجت حكومة الاحتلال العديد من الوسائل من أجل بلوغ الهدف وايقاف انتفاضة الشعب الفلسطيني – موجة الإرهاب كما تسميها «إسرائيل»-.
حيث تحولت جزء من المبادرات الحكومية الى قوانين تطبق عمليا على أرض الواقع، وقد كانت آخر قرارات الحكومة الاسرائيلية اعتقال نشطاء حركة حماس، ومنع دخول الفلسطينيين الى جوش عتصيون والغاء الإقامة لأقارب منفذي العمليات، وكذلك إبعاد المحرضين الى غزة، وجزء من هذه القرارات لم يخرج الى حيز التنفيذ، خاصة ما يتعلق بإبعاد المحرضين وفق تعبير «إسرائيل» الى غزة.
واذا عدنا الى خطوات الحكومة الاسرائيلية ومنذ بداية الانتفاضة الفلسطينية، فقد بدت آلة القمع واتخاذ خطوات قمعية بحق الشعب الفلسطيني هي الابرز، حيث بدأت الحكومة الاسرائيلية بإقرار قوانين كانت قد ناقشتها ما قبل الانتفاضة الفلسطينية الحالية، بتشديد العقوبة على ملقيي الحجارة، وملقيي الزجاجات الحارقة باتجاه المركبات والحافلات الاسرائيلية، وكان هناك اقتراح كذلك بتوسيع دائرة الاعتقال الاداري بحق ملقي الحجارة والزجاجات الحارقة، بالإضافة الى القاء غرامات مالية على أهالي من يقومون بتلك الاعمال كوسيلة رادعة وفق التعبير الاسرائيلي.
تم إقرار ذلك القانون في القراءة الثانية والثالثة بداية نوفمبر المنصرم في الكنيست الإسرائيلي وان كان بأغلبية بسيطة فان القانون اصبح قيد التنفيذ وساري المفعول من لحظتها، ومن الان فصاعدا سيتم تطبيق القانون على ملقيي الحجارة من 14 عاما فصاعدا وعلى عائلاتهم، وليس من المستغرب الان ان الحكومة الاسرائيلية قد قامت بالفعل بنقاش مسألة القاء عقوبة على من هم دون ال 14 عاما ويبدو ان صيغة قريبة ستكون لذلك، حيث تستطيع المحكمة محاكمة من هم دون ال 14 عاما على ان يتم احتجاز من هم دون ال 12 عاما ليتسنى للمحكمة محاكمتهم بعد بلوغهم ذلك العمر.
ومن أبرز قرارات الحكومة الاسرائيلية كان زيادة القوات المتواجدة في القدس من أجل القضاء على عمليات الطعن والقيام بعمليات تفتيش بحق الفلسطينيين، وكذلك الدفاع عن حركة المواصلات سواء في الشارع او حتى مرافقة الباصات، كذلك وللتخفيف من حدة غضب الفلسطينيين وفق تعبيره أمر بنيامين نتنياهو بمنع ذهاب الشخصيات السياسية واعضاء الكنيست سواء كانوا عربا او يهودا الى المسجد الاقصى ومنعوا من دخوله، بالإضافة الى ذلك كان هناك محاولات دبلوماسية ومنذ البداية وعلى رأسها اجتماع عمان الشهير الذي لم يكتب له النجاح، ولم يكتب لقراراته والتي منها تركيب كاميرات داخل المسجد الاقصى النجاح، حيث تم إلغاء الفكرة على الاقل في الفترة الحالية.
بالإضافة الى ذلك أخذت آلة القمع الاسرائيلية بالازدياد؛ حيث أقرت الحكومة الاسرائيلية هدم بيوت من يقومون باي عمليات ضد «إسرائيل»، حيث بالفعل تم هدم العديد من المنازل، رغم القناعة الاسرائيلية بأنها ليست وسيلة رادعة بل على العكس تؤدي لمزيد من مشاعر الغضب الذي يصب في النهاية باتجاه تنفيذ المزيد من العمليات الفلسطينية في العمق الاسرائيلي، وفق ما عبرت عنه محكمة العدل العليا في «إسرائيل» ووفق العديد من التقارير التي أشارت الى خطورة مثل هذه الخطوات في ظل تحفظ كبير للشاباك الاسرائيلي ورفض شخصيات أمنية وازنة في «إسرائيل» لمثل هذه الخطوات.
ومع تصاعد الاحداث وهذا ما لم تكن تتمناه «إسرائيل» او حتى تعتقد باستمراره اتخذت وزارة الامن الداخلي خطوة اعتبرها البعض ذات دلالات خطيرة، عندما قررت الوزارة توسيع دائرة من بإمكانهم حمل السلاح المرخص من اجل السيطرة على – الارهابيين وفق التعبير الاسرائيلي- وكذلك سمحت الحكومة الاسرائيلية للشرطة الاسرائيلية اتخاذ خطوات ميدانية حتى بحق غير المشتبه بهم، ومنها القيام بعمليات تفتيش واسعة للسيارات والاشخاص دون أي اشتباه مسبق، اضافة الى ذلك قررت الحكومة الإسرائيلية سحب الجنسية الاسرائيلية من كل من يقوم بعمليات في الداخل الاسرائيلي.
بالإضافة الى كل ذلك فقد اقدمت الحكومة الإسرائيلية على ما هو اخطر عندما سمحت للقوات الامنية بتوسيع دائرة الاستهداف وغض الطرف عن الاعدامات الميدانية التي تقوم بها قوات الامن الاسرائيلية، واعتبرت ان وجود الشك يعطي مسوغا لقوات الامن باتخاذ أي اجراء مناسب، مطالبة على استحياء باعتقال منفذي العمليات ان امكن السيطرة عليهم وعدم التسرع بقتلهم في الميدان، ولكن الوقائع تشير ان الاعدامات الميدانية هي سيدة الموقف في ظل ان «إسرائيل» تتنكر للمصطلح وتؤكد ان كل من تم قتلهم نفذوا عمليات ضد أهداف اسرائيلية وهذا ما ثبت عدم صحته.
حكومة المرتبك بنيامين نتنياهو كما يحلو للكثيرين في «إسرائيل» تسميتها، اتخذت قبل نحو أسبوعين خطوة اخرى في اتجاه قمع الانتفاضة الفلسطينية وفق تعبيرها، حيث أخرجت الحركة الاسلامية في الشمال بقيادة الشيخ رائد صلاح خارج القانون، الامر الذي أثار العديد من التساؤلات حتى في الداخل الاسرائيلي حول أهمية وتأثير الخطوة في ظل ان الحركة منظمة قانونية ولا يوجد لدى الدولة أي مسوغ قانوني من أجل حظرها.
بالفعل تركزت أعمال الحكومة الاسرائيلية على توسع دائرة القمع بحق الشعب الفلسطيني في خطوة هدفها إيقاف الانتفاضة ولكن عنوانها الابرز بأن عقلية القتل الاسرائيلية هي عقيدة استراتيجية تتبناها الحكومة اليمينية، التي كذلك بذلت جهودا دبلوماسية ترنو الى وأد الانتفاضة الفلسطينية ولكنها باءت بالفشل، رغم تلميح رئيس وزرائها بانه على استعداد ان يقدم العديد من حسن النوايا تجاه الفلسطينيين اثناء زيارته للولايات المتحدة مؤخرا، وتلميحه الى امكانية اتخاذ الحكومة الإسرائيلية خطوات احادية ومنها تنفيذ انسحابات من بعض المناطق الفلسطينية، وان عاد وأكد انه لا ينوي ذلك بعد لقائه ببنت زعيم البيت اليهودي والحليف الابرز لنتنياهو في الحكومة الاسرائيلية والتي يرى الكثير من المحللين ان نتنياهو يسير على اهوائه.
اذا مر شهران وما يزيد على الانتفاضة الفلسطينية ولم تنجح الى الان الحكومة الاسرائيلية في ايقاف الانتفاضة الفلسطينية، في ظل اتهامات لنتنياهو بالعجز والفشل في ادارة الملف، ويبدو ان الحكومة ستكون اكثر تخبطا وارتباكا في حال استمرار الانتفاضة وتوسع دائرتها وتطور وسائلها.
(*) باحث في الشؤون الإسرائيلية- مركز القدس
السبيل