ثمرات الاعتكاف

الأحد 18 رمضان 1436//5 يوليو/تمور 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
للاعتكاف ثمراته وفوائده العديدة والمتنوعة، وقد سنَّ لنا النبي الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان رغبةً في الأجر والقرب من الله تبارك وتعالى؛ ولذلك كانت السيدة عائشة -رضي الله عنها- تقول: “كان النبي إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله”[1]. ويمكن أن نُجمِل الفوائد والثمرات المترتبة على الاعتكاف فيما يلي:
1- تربية النفس على الإخلاص في العبادة، وترك الرياء جملة؛ لأن المعتكف يعبد الله في معتكفه خاليًا لا يراه من الناس إلا القلة، وقد لا يراه أحد؛ فيكون هذا أدعى إلى إخلاصه في عبادته، والتخلص من آفة الرياء.
2- التخفف من ضغوط الحياة؛ فإن من فوائد الاعتكاف أنه خلوة علاجية، يهدئ فيها المعتكف من روعه، ويتخفف من ضغوط حياته ومشاغله، ويقلل من انفعالاته الضارة، وهو ما يؤكده بعض الأطباء.
3- التربية على التخلص من فضول الكلام والثرثرة، وفضول النوم، وفضول الطعام والشراب، وكثرة الخلطة؛ لأن كل ذلك مكروه للمعتكف.
4- الإقبال على العبادة وتعويد النفس عليها؛ بما أن المعتكف منقطع للعبادة بصورها المختلفة، ومتفرغ للقيام بها كل التفرغ.
5- تقوية الصلة بالله سبحانه؛ بما أن المعتكف يناجي الله سبحانه ويدعوه، ويتأمل في خلقه، ويعبده بإقبال قلب وفراغ نفس.
6- استثمار الوقت فيما يرجع على الإنسان بالنفع العميم في الدارين، وتعويد الإنسان على عدم إضاعة الوقت فيما لا طائل تحته؛ لأن المعتكف المنقطع لله سبحانه ولعبادته، مستثمر لوقته أفضل أنواع الاستثمار، ومحرز لوقته عن تضييعه فيما لا يفيد ولا يجدي.
7- تربية النفس على تحمل الشدائد، والصبر على الطاعة، والخشونة في العيش؛ لما قلناه من أن المعتكف يُكره له الترفه والتعطر، ولبس فخيم الثياب. ويستحب له الإكثار من العبادات بألوانها المختلفة، والصبر على أدائها، والقيام بكلفتها.
8- الابتعاد عن الشواغل والصوارف التي تشغل الإنسان عن العبادة، وتصرفه عنها، وتجعله كالمستهلك في المعاش وتحصيل أسبابه.
9- التعود على استعمال العقل استعمالاً مفيدًا؛ وذلك حين يقوم المعتكف بعبادة التفكر في ملكوت الله سبحانه، والتأمل في مخلوقاته، وإدراك عظمته وربوبيته.
10- طرح مادية الحياة، والاسترواح إلى نفحات الإيمان ومباهج الأنس بالله ومسرات الخلوة به؛ فهذا -ولا شك- من أعظم فوائد الاعتكاف وثمراته. وإذا كان مسوِّغ الناس في الانصراف عن إحياء سنة الاعتكاف الميتة كثرة مشاغلهم وأعمالهم الدنيوية، فإن هذا -في الصحيح- ينبغي أن يكون مسوغ انصرافهم إليه، لا انصرافهم عنه؛ لأن الإنسان بقدر استغراقه في الدنيا وماديتها، يكون احتياجه إلى ما يدفع عنه ضرر ذلك من الروحانيات والصفاء والاشتغال بأمر الآخرة. بل إن من العجيب أن الإنسان اليوم إذا كثرت أعماله ومشاغله فإنه يتحرى أن يفرغ نفسه مدة من الزمن لقضاء عطلة يروِّح فيها عن نفسه.. فلا أدري كيف يفرغ نفسه للعطلة من الدنيا في الدنيا، ولا يفرغ نفسه للعطلة من الدنيا فيما وراءها من أمر الآخرة؟!
11- ترك المعاصي أو التقليل منها؛ وذلك بأن يكون المعتكف منقطعًا إلى الله سبحانه، منكفًّا عن مقارفة ما قد يقارفه من المعاصي في معاشه؛ فإن العبد لا يخلو عن مقارفة شيء من المعاصي في حياته ومعاشه، ولو من نحو الغيبة والنميمة ومشاهدة ما لا تجوز مشاهدته من المسلسلات والأفلام، وغير ذلك مما استهان الناس فيه وهو محرم.
12- إدراك ليلة القدر والتعرض لنفحات الله فيها؛ فإن من فائدة تخصيصه العشر الأواخر من رمضان بالاعتكاف، وكون الاعتكاف فيها لذلك سُنَّة مؤكدة، أن تلك العشر الأواخر هي مظنة ليلة القدر؛ لقوله : “التمسوها في العشر الأواخر، في الوتر”[2]. بل إن النبي اعتكف مرة شهر رمضان كله؛ التماسًا لليلة القدر قبل أن يوحى إليه أنها في العشر الأخير، وذلك حديث أبي سعيد الخدري ، أن النبي : “اعتكف العشر الأول من رمضان، ثم اعتكف العشر الأوسط، ثم أَطْلَعَ رأسه فكلم الناس فدنوا منه، فقال: إني اعتكفتُ العشر الأول ألتمس هذه الليلة، ثم اعتكفت العشر الأوسط، ثم أُتِيتُ فقيل لي: إنها في العشر الأواخر، فمن أحبَّ منكم أن يعتكف فليعتكف. فاعتكف الناس معه…”[3].
وبالجملة فإذا كان المعتكف يقضي مدة اعتكافه في الذكر والدعاء والصلاة ونحو ذلك، فقد أدرك من ليلة القدر مغانمها وتعرَّض لنفحات الله فيها، وأصاب منها ما أصاب، وهذا من أعظم الفوائد، وأبلغ الثمرات.
13- إحياء سنة ميتة، مع ما في إحياء السنن الميتة من الأجر والمثوبة؛ فإن الاعتكاف -وبخاصة في الماضي القريب- كان نادرًا لا يفعله إلا كبار السن، وهو اليوم قليل وإن لم يكن نادرًا. بل إن الإمام الزهري تعجب من ترك المسلمين للاعتكاف في زمنه في القرن الخامس الهجري، وذلك قوله رحمه الله: “عجبًا للمسلمين! تركوا الاعتكاف مع أن النبي ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله “.
14- تحصيل الكرامة عند الله سبحانه: بمجاورته، وزيارة بيته، والإقامة فيه مدة؛ فإن المعتكف مجاور لله سبحانه، وهو في اعتكافه في المسجد -الذي لا يصح الاعتكاف إلا فيه- زائر لبيت الله سبحانه وضيف عليه، وقد قال : “حق على المزور أن يكرم زائره”[4]. كما أن المعتكف قد جعل المسجد بيته باعتكافه فيه، وقد قال : “إن الله ضمن لمن كانت المساجد بيته، الأمن والجواز على الصراط يوم القيامة[5]”[6].
-قصة الإسلام-

اقرأ أيضا  كيف أدعوهم إلى الله؟ كيف أقودُهم إلى الالتزام؟
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.