جدول عملي للمرأة في رمضان

الجمعة 2 رمضان 1436//19 يونيو/حزيران 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
أختي المسلمة، ها قد أَظَلَّنا شهر فضيل لطالما انتظرناه، شهر الرحمة، والغفران، والعتق من النار، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، ونحن ها هنا نقدم لك برنامجًا مُقْتَرحًا؛ لتقسيم وقتَكِ في هذا الشهر الفضيل.. ونتمنى من الله تعالى أن يعيننا وإياكِ على فعل الخير، وأن يعيده علينا جميعًا بموفور الصِّحَّة والعافية، وأن نكون من عتقائه.

و حتى لا يذهب وقتكِ سُدًى في هذه الأيام الفضيلة، فتضيع ساعات السحور والغروب المباركة في إعداد الطعام وما شابه ذلك، فإليكِ عددًا من الأمور التي يجب أن تَتَنَبَّهي لها؛ حتى خلال قيامك بأعمالك اليومية المعتادة أيًّا كانت، وفي هذا الشهر الفضيل بشكل خاص..

الأولى: استحضار النية والإخلاص في إعداد الفطور، والسحور، واحتساب التعب، والإرهاق، فى إعدادها عند الله تعالى، فعن أنس – رضي الله عنه – قال: ” كنا مع النبي – صلى الله عليه وسلم – في السفر فمنا الصائم، ومنا المفطر قال: فنزلنا يَوْمًا مَنْزِلاً حارًّا، وأَكْثَرُنَا ظِلاًّ صَاحِبُ الْكِسَاءِ، ومنا من يَتَّقِى الشمس بيده قال: فَسَقَطَ الصُّوَّامُ وَقَامَ الْمُفْطِرُونَ فَضَرَبُوا الأَبْنِيَةِ وَسَقَوْا الرِّكَابَ، فقال النبي – صلى الله عليه وآله وسلم -: ((ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالأَجْرِ)). فبذلك – أختي المسلمة – تكوني قد أخذت أجر صيامك؛ ناهيك عن أجر القائم على الصائم. فيمكنك استغلال هذه الساعات في الغنيمة الباردة وهى كثرة الذكر والتسبيح والاستغفار والدعاء وأنت تعملين، فبدلاً من أن يضيع الوقت في رمضان بدون فائدة، فإنها تجمع بين الحسنيين: استحضار النية؛ وكثرة الذكر. والدعاء خلال العمل، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

الثانية: الاستماع للقرآن والمحاضرات عبر جهاز التسجيل الخاص بالمطبخ: وأقول الخاص بالمطبخ؛ لأحث الرجال، والإخوان على الحرص على توفير جهاز تسجيل خاص بالمطبخ، لماذا؟ لأن المرأة تقضي كثيرًا من وقتها في المطبخ، فلعلها أن تستغل هذا الوقت في مثل هذه الأمور تارة باستماع شريط، وتارة بالتسبيح والتهليل والتحميد، وأيضاً بالاحتساب واستحضار النية الخالصة في إطعامها، وعملها، وتعبها لها، ولأولادها، وزوجها.

الثالثة: شراء ملابس وحاجيات العيد في رمضان: فلا بأس من ذلك لاستغلال أيام وليالي رمضان، وخاصة العشر الأواخر أكثر في العبادة. فما الذي يحدث؟ يضيع وقت كثير من النساء، وكذلك أولياء أمورهن في الذهاب للخياط تارة، أو الذهاب للمعارض، أو الأسواق. وهكذا تضيع الأوقات الثمينة في أمور يمكن قضاؤها، والانتهاء منها قبل دخول الشهر، أو في أوله حيث تكون الأسواق شبه فارغة والأسعار رخيصة، فلماذا ننتظر إلى وقت الزحام وغلاء الأسعار؟!، أمر أخر: وهو تفريغ الزوج وعدم إشغاله في أعظم الليالي وهى العشرة الأواخر، ولماذا أفتن ولدي أو زوجي أو غيره بمخالطة النساء المتبرجات في مثل هذه الأيام الفاضلة؟!

الرابعة: احرصي على صلاة التراويح في المسجد: فصلاة التراويح من السنن الجماعية، ومن الآثار النبيلة التي تعطي هذا الشهر الكريم روحانية متميزة، فتجد صفوف المسلمين والمصلين متراصَّة وتسمع التسبيح والبكاء. إلا أن هذا الخير قد تحرمه بعض نسائنا لا إهمالاً منها؛ وإنما انشغالا ًبالأولاد والجلوس معهم، وهى بهذا بين أمرين كلاهما ثقيل أولاً: إما الذهاب إلى المسجد وأخذ صغارها، وقد يؤذون المصلين فتنشغل بهم؛ أو بين الجلوس في البيت وحرمان النفس من المشاركة مع المسلمين، وربما حاولت الصلاة في بيتها، ولكنها تشكو من ضعف النفس، وقلة الخشوع، وكثرة الأفكار، والهواجس فماذا تفعل إذن؟

اقرأ أيضا  أمور تحفظ السلام داخل الأسرة

أسوق هذا الاقتراح: لم لا تتفق مع بعض أخواتها بالاجتماع في أحد البيوت؛ للصلاة جماعة مع اهتمام إحداهن بالصغار، أو تجلس إحداهن مع الصغار، والأخريات يذهبن للصلاة في المسجد، وهكذا إذا اتفقت الأخوات على أن تقوم واحدة منهن كل ليلة بالاهتمام بالصغار، فإنها على الأقل ستكسب كثيرًا من أيام وليالي رمضان مع المسلمين. وأقول: على الأزواج والآباء الحرص على حث أزواجهم، وأخواتهم، وبناتهم على الذهاب معهم إلى المساجد، فإلى متى ونحن نترك المرأة أيها الأخيار وحدها في البيت، ونحرمها من الدروس، والتوجيه، والروحانية في الصلاة مع المسلمين، وسماع الخير الكثير؟! فإن في ذهابها خيرًا كثيرًا إذا خرجت بصفة شرعية غير مُتعطِّرة، ولا متجملة، أو متبرجة. كذلك ينبغي عليها ألا تخضع بالقول، وألا ترفع صوتها في المسجد فتؤذى المصلين، وعليها أن تتجنب الحديث في المسجد لغير حاجة؛ خشية أن تقع في المحرم من غيبة، أو نميمة. وخلاصة القول: ينبغي أن يُعْلَم أن صلاة المرأة في بيتها أفضل، وخروجها للمسجد لتحصيل منافع لا يمكن تحصيلها في البيت وإلا فبيوتهن خير لهن. ولا ننسى أن في صلاح المرأة صلاح المجتمع. فلذلك نحث الآباء والأخوة على الحرص على أخذ أزواجهم، وبناتهم إلى المساجد، وألا يُتْرَكْن في البيت؛ لأنهن إن تُرِكْن في البيت بلا عون ولا توجيه وإرشاد أصبحن عُرْضَة للغَفْلَة: ” فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ مِنَ الغَنَمِ القَاصِيَةِ “

الخامسة: ضَعِي جدول غذائي منتظم: فإذا نظرنا إلى المأكولات الكثيرة، والمشروبات وتنوع أصنافها على سفرة الإفطار، فإنك تضطر إلى أن تقول: لماذا – يا أيتها المرأة المسلمة – لا تجعلي لك جدولاً غذائيًّا منتظمًا؛ لتقسيم هذه الأصناف على أيام الأسبوع. فهل يُشْتَرط أن نرى جميع الطعام في كل يوم ؟ لا يشترط هذا. وهل يشترط أن نرى جميع أنواع العصير في كل يوم؟ أيضًا لا يشترط. ولا شك أننا بهذا التنظيم نكسب أمورًا كثيرة منها:

أولاً: عدم الإسراف في الطعام والشراب، وقد نُهينا عن ذلك.

ثانياً: قلة المصاريف المالية، وترشيد الاستهلاك.

ثالثاً: التجديد في أصناف المأكولات والمشروبات، وإبعاد الروتين والملل بوجود هذه الأصناف يوميًّا.

رابعاً: حفظ وقت المرأة وطلب راحتها، واستغلاله بما ينفع خاصَّة في هذا الشهر المبارك. فهذا شيء من الثمار ومن الفوائد في تطبيق هذا الاقتراح. فيا ليت أن بعض الأخوات يفعلن مثل هذه الجداول، ولعلهن أن ينفعن غيرهن من أخواتهن في توزيعه في مدارسهن، وأماكن اجتماعهن فإن فعل ذلك؛ كما ذكرنا فيه فوائدُ جمة. ثم أختم الاقتراح الخاص بالمرأة بتحميلها المسؤولية أمام الله – سبحانه وتعالى – عن الإسراف في بيتها، فهي المسئولة الأولى عن الإسراف في الطعام والشراب، وتعدد الأنواع وقد قال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم -: ((كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ. ثُمَّ قَالَ: ((وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا)).

اقرأ أيضا  حكايات الأم وتكوين وجدان الطفل

السادسة: استغِلِّي وقت الحَيْض، والنفاس في الذكر، وأعمال البر: فالصلاة في أول وقتها من أعظم الوسائل لاستغلال رمضان، والملاحظ خاصة عند المرأة تأخير الصلاة عن وقتها؛ وذلك لعدم ارتباطها بالجماعة والتكاسل عنها، ثم نقرها كنقر الغراب، وذلك بحجة: إمَّا العمل في المطبخ؛ أو التعب في الدراسة؛ أو التعب من الصوم؛ أو غيرها من الأعذار. فعلى المرأة أن تحرص على المحافظة على الفرائض الخمس في وقتها بخشوع، وخاصة في هذا الشهر المبارك والذي كما ذكرت، تتضاعف فيه الحسنات، وتتنوع فيه العبادات، وأيضاً فبعض النساء إذا حاضت أو نفست تركت الأعمال الصالحة، وأصابها الفتور مما يجعلها تحرم نفسها من فضائل هذا الشهر وخيراته، فنقول لهذه الأخت وإن تركت الصلاة والصيام: فهناك – ولله الحمد – عبادات أخرى مثل الدعاء، والتسبيح، والاستغفار، والصدقة، وهناك أيضًا زكاة الفِطْر فهي فريضة فرضها الله، وهى مطهِّرة للصائم، مما عسى أن يكون قد وقع فيه من اللغو والرفث؛ ولتكون عونًا للفقراء والمحتاجين، وهي حبل وصال بين قلوب المحتاجين والقادرين، وتُعَدُّ بابًا من أبواب التعود على البر والتقوى والتكافل الاجتماعي. فتفطير الصائمين وإطعام الطعام وصِلَة الأرحام، كل عمل من هذه الأعمال له ثواب عظيم عند الله، والقيام على الصائمين وتفطيرهم وغيرها من الأعمال الصالحة الكثيرة. ثم أبشرك أنه يكتب لك من الأجر مثل ما كنت تعملين، وأنت صحيحة قوية.كيف ذلك؟ لحديث رسول – صلى الله عليه وآله وسلم الله عليه، وآله وسلم – الذي قال فيه ((إِذَا مَرِضَ العَبْدُ أَوْ سَافَرَ كَتَبَ اللهُ لَهُ تَعَالَى مِنَ الأَجْرِ مِثْل مَا كَانَ يَعْمَلُ صَحِيحًا مُقِيمًا)). إذن فلتبشري، المهم استحضار النية الصالحة والخالصة، والحرص على كثير من الخيرات، والعبادات التي تستطيعينها. ثم عن قراءة القرآن للحائض والنفساء فيه خلاف مشهور بين العلماء لكن شيخ الإسلام بن تيميَّة – رحمه الله تعالى – رأى جواز قراءة القرآن للحائض والنفساء بدون شرط أو قيد.

السابعة: أَكْثِري من الاستغفار والصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم -: فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال ((مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللهِ وبِحَمْدِهِ فِي يَوْم مِائَةَ مَرَّةٍ حطَّتْ خَطايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مَثْلَ زَبَدِ البَحْرِ))؛ رواه البخاري. ولقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((أَيَعْجَزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكْسبَ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ؟)) فسأله سائل من جلسائه: كيف يكسب أحدنا ألف حسنة؟ قال: ((يُسَبِّحُ اللهَ مِائة تَسْبِيحَةٍ، فيُكْتَبُ لَهُ أَلْفُ حَسَنَةٍ، أَوْ يُحْطُّ عَنْه أَلْفُ خَطِيئةٍ))؛ صحيح مسلم. وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قال ((أَقْرَبُ مَا يَكُونُ العَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ))؛ أخرجه مسلم، وأبو داود، والنسائي. وعن أبي أمامة قال: “قيل يا رسول الله أي الدعاء أسمع؟” قال – صلى الله عليه وسلم -: ((جَوْفُ اللَّيْلِ الآخر، ودُبُر الصَّلَوَاتِ المَكْتُوبات))؛ رواه الترمذي، وقال – صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ أَكْثَرَ الاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللهُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، ومِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ))؛ مستدرك الحاكم. وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ((مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ عَشْرًا))؛ رواه مسلم

اقرأ أيضا  حجابي أخفى جمالي!

الثامنة: لا تنسي فضل القيام: فقد قال تعالى {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا * وَالْذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيامًا * وًالْذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} [سورة الفرقان: 63- 65]. وقال – صلى الله عليه وسلم – ((مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))؛ أخرجه البخاري ومسلم. فلم لا تستغِلِّي الوقت الباقي بعد السحور في القيام، ولعل ارتيادك للمساجد يعينك على تنظيم وقت القيام بسهولة.

التاسعة: ضَعِي جَدْولاً لتوزيع الصدقات، واعملي على تنفيذه لكل يوم: و أشركي أبنائك وقريباتك وصديقاتك في هذا البرنامج؛ لتوزيع الصدقات، اقْضِي بعضًا من الوقت في هذا. ولقد كان الرسول – عليه الصلاة والسلام – أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، فكان أجود بالخير من الرِّيح المُرْسَلة..، وفي الصحيحين من رواية أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ((مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ – ولا يَصْعَدُ إِلَى اللهِ إلاَّ الطَّيِّبُ – فإنَّ اللهَ يَتَقَبَّلُها بيمينه ثم يُرَبِّيهَا لصَاحِبِهَا؛ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّه حَتَّى تَكُونَ مِثْل الجَبَلِ))؛ كلمة فلوه تعنى: المهر الصغير.

العاشرة: قرري وِرْدًا يوميًّا من القرآن الكريم: وليكن قراءة جزء يوميًّا، واجتهدي في قراءته، ولم لا تحاولي أن تحفظي سورة النساء أو النور، فلو حفظت كل يوم صفحتين لتمكنتي من حفظها قبل العشر الأواخر بإذن الله، ويمكنك حينها أن تختمي القرآن في العشر الأواخر بقراءة ثلاثة أجزاء يوميًّا. ولعلك – أختي المسلمة – تعرفين حديث الرسول – صلى الله عليه و سلم – إذ قال: ((خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ))، وذلك في إفراد البخاري عن عثمان بن عفان – رضي الله عنه -؛ كما قال – صلى الله عليه وسلم -: ((اقْرَأُوا القُرْآنَ، فَإنَّه يَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ))؛ رواه مسلم.
المصدر: موقع مجلة الوعد الحق
-الألوكة-

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.