حدود غزة تعود للاشتعال من جديد بعد توقف مباحثات التهدئة

غزة (معراج)- من جديد، عادت حدود قطاع غزة للاشتعال مُنهية أسابيع من الهدوء النسبي الذي رافق مفاوضات “التهدئة” بين حركة حماس وإسرائيل.

ويرى مراقبون أن ذلك رد فلسطيني طبيعي؛ حيث يأتي كخطوة احتجاجية على توقف مفاوضات “التهدئة” الهادفة إلى دفع إسرائيل على رفع أو تخفيف الحصار عن القطاع.

وبشكل شبه يومي، تشهد الحدود البرية والبحرية للقطاع مسيرات واحتجاجات بأشكال شتى، بما فيها إطلاق البالونات الحارقة تجاه المستوطنات المحاذية للقطاع.

كما استحدثت الفصائل الفلسطينية وحدة أطلقت عليها “الإرباك الليلي”، والتي تعمل على “إزعاج” قوات الجيش المرابطة على الحدود، والمستوطنين الذين يقيمون بالقرب من حدود القطاع، عبر العديد من الخطوات، ومنها اقتحام الحدود، وإشعال إطارات المركبات المطاطية المستعملة، وبث صفارات الإنذار عبر مكبرات الصوت.

وأضافت الفصائل أيضا جبهة جديدة للمواجهة مع إسرائيل بعد أن كانت تقتصر على الحدود البرية الشرقية للقطاع، وذلك قرب الحدود البحرية بين غزة وإسرائيل (شمال).

وأجرت فصائل فلسطينية، منتصف أغسطس/آب الماضي، مشاورات مع الجانب المصري في القاهرة بشأن مقترح للمصالحة بين “حماس” و”فتح”، ووقف إطلاق النار مع إسرائيل (تهدئة)، وتنفيذ مشاريع إنسانية في غزة، وفق الأناضول.

لكنّ هذه الجهود توقفت بعد اشتراط الرئيس الفلسطيني محمود عباس إنهاء الانقسام أولا، عبر تمكين الحكومة الفلسطينية من تولي كافة شؤون قطاع غزة، قبل التوصل لاتفاق التهدئة.

وتقول حركة حماس إن الرئيس عباس يضع شروطا “تعجيزية” لتحقيق “المصالحة”.

وقال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، الثلاثاء الماضي، إن “الربط بين مساري المصالحة والتهدئة متعثّر بسبب الشروط التي تفرضها حركة فتح وقيادة السلطة على ملف المصالحة، وعلى رأسها قضية تمكين الحكومة بغزة”. وأضاف قائلاً: “بما أن ملف المصالحة متعثّر، سنسير في ملف إنهاء الحصار ضمن ضوابط وقاعدة صلبة وضمن الإطار الوطني”.

وانطلقت مسيرات العودة السلمية، نهاية مارس/آذار الماضي، قرب حدود غزة مع إسرائيل، للمطالبة برفع الحصار.

ويقمع الجيش الإسرائيلي هذه المسيرات، حيث قتل عشرات الفلسطينيين، وأصاب الآلاف منهم.

ويقول طلال أبو ظريفة، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، إن الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة (الجهة المنظمة للاحتجاجات)، اتخذت قراراً بتوسيع أدوات المشاركة في المسيرات.

وأوضح أبو ظريفة، للأناضول، أن ذلك القرار تم اتخاذه بعد “تراجع حالة الحراك الإقليمي والدولي التي كانت تتحرك باتجاه ملف تهدئة غزة ورفع حصاره”.

وتابع أبو ظريفة، وهو عضو في الهيئة: “اتخذت الهيئة قراراً بتضخيم المشاركة في المسيرات وتوسيع مساحة الأدوات المستخدمة بدءاً من البالونات الحارقة مروراً بالطائرات الورقية وصولاً إلى وحدة الإرباك الليلي”.

وأوضح أن الهيئة اتخذت قرارات بفتح قاعدتي زيكيم، وحاجز بيت حانون (إيرز) (شمالي القطاع) للتظاهر السلمي.

وتعتزم الهيئة تخصيص أيام ثابتة من كل أسبوع، للتظاهر قرب منطقة “زيكيم” (الحدود البحرية بين غزة وإسرائيل) ومعبر “إيرز”.

وأكد أبو ظريفة على أن ذلك القرار جاء بعد “عدم إصغاء تلك الأطراف لصوت ومعاناة غزة جراء حجم الأزمات التي تمر بها”.

ويعتقد أبو ظريفة أن توسيع أدوات المسيرة من شأنه أن “يُعيد تحريك المياه الراكدة وتسريع رفع الحصار عن غزة”.

وتابع: “تضافر جميع المقوّمات والأدوات وحالة الحراك الشعبي، يمكّننا من الضغط على الأطراف الإقليمية لإعادة تحريك ملف التهدئة ورفع الحصار”.

وأشار إلى أن الفصائل استجابت في السابق، لطلبات أطراف إقليمية ودولية، بالتخفيف من فعاليات الاحتجاجات، وذلك من أجل إعطاءها المجال للوصول إلى “رؤية تأخذ بعين الاعتبار متطلبات غزة بما فيها رفع الحصار”.

وأضاف مستدركا: “لكنّ بعد توقف هذه الجهود، تعيد الهيئة تفعيل وتوسيع دائرة فعاليات مسيرة العودة، لاعتقادها بأن ذلك سيحقق أهدافه حيث لا خيار لدى العالم غير الإصغاء لصوت غزة”.

وأكد أبو ظريفة أن “قواعد اللعبة” في إطار مسيرات العودة قد تتغير وتتسع أكثر في حال لم يتم الاستجابة لـ”صوت ومعاناة غزة”.

وقال: “إذا كنّا اليوم نُنظم مظاهرات من الجهة الغربية للسلك الفاصل بين شرقي قطاع غزة والأراضي المحتلة، لا أحد يعرف أين سيتم ترتيب الفعاليات لاحقا اذا استمرت الضغوطات على غزة”.

وأضاف أبو ظريفة أن كافة الأطراف الدولية والإقليمية عليها أن “تتحمل المسؤولية والتداعيات عما ستؤول إليه الأمور لاحقاً”.

ومن جانب آخر، اعتبر أبو ظريفة استئناف إطلاق الطائرات الورقية والبالونات الحارقة جزءاً من الأدوات السلمية وغير العسكرية ضمن مسيرات العودة.

وقال في ذلك الصدد: “إذا استغل الاحتلال ذلك للتصعيد العسكري عليه أن يدرك أننا لسنا ذاهبون للتصعيد العسكري”.

وأكّد على التزام فصائل المقاومة الفلسطينية بالقاعدة الناظمة لعلاقتها مع إسرائيل “الهدوء مقابل الهدوء”.

لكن أي محاولة للعدوان على قطاع غزة سيتم التصدي لها من فصائل المقاومة، كما قال أبو ظريفة.

وحذّر أبو ظريفة الجانب الإسرائيلي من مغبّة الإقدام بـ”أي حماقة تجاه غزة”.

من جانبه، يرى مصطفى الصواف، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، أن الفصائل الفلسطينية شعرت بمماطلة وتسويف الأطراف الإقليمية والدولية في ملف التهدئة ورفع الحصار عن قطاع غزة؛ ما دفعها إلى تصعيد وتيرة فعاليات مسيرة العودة.

وأضاف الصواف، في حديثه لـ”الأناضول”: “هناك عدم جدية من الأطراف في تحقيق التهدئة ورفع الحصار، وأراد الشعب الفلسطيني أن يوصل رسالة أن صمته لن يستمر طويلا، للضغط على الاحتلال والمسارعة في كسر الحصار”.

وبيّن أن ذلك الأمر “دفع الشبان لمحاولة خلق أدوات إبداعية للمقاومة السلمية، وافتتاح أماكن جديدة للاشتباك”.

واستبعد الصواف أن تفشل الجهود الإقليمية والدولية الرامية لتحقيق تهدئة بغزة والتخفيف من حدة الحصار.

وبيّن أن “استمرار الاتصالات بين الأطراف الإقليمية والفصائل الفلسطينية دليل على تواصل الجهود”، لكنها مصحوبة بـ”مماطلة وتسويف”.

وذكر أن استمرار الأوضاع بغزة على ما هي عليه “لن يبقي خياراً لدى الفلسطينيين غير الانفجار في وجه الاحتلال”.

وقال: “أدوات الانفجار كثيرة، منها المقاومة الشعبية، ومحاولة استفزاز الاحتلال بكل أشكال الأدوات، وهذه قد تجر لمعركة بين غزة والاحتلال”.

وأضاف: “الشعب الفلسطيني اتخذ قراراً إما برفع الحصار، أو الانفجار بوجه اسرائيل”.

وكالة معراج للأنباء

اقرأ أيضا  أردوغان لأوروبا: كم طفلا يجب أن يموت حتى تطلبوا وقف النار في غزة؟
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.