حفظ سر المتعلم والنصح له بطريقة حسنة
السبت،17ربيع الثاني1436//7 فبراير/شباط 2015وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
بدر بن جزاع بن نايف النماصي
حفظ سرِّ المتعلِّم:
حفظ أسرار الناس خُلق عظيم من أخلاق الإسلام، وأمانة من الأمانات التي يجب على المسلم أن يحفظها؛ قال تعالى: ﴿ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولًا ﴾ [الإسراء: 34]، وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المؤمنون: 8]؛ فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا حدث الرجلُ بالحديث ثم التفت فهي أمانة))[1].
قال ابن مفلح المقدسي – رحمه الله -: “ذكر ابن عبدالبر الخبر المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أسَرَّ إلى أخيه سرًّا لم يحِلَّ له أن يُفشِيَه عليه))، وقال العباس بن عبدالمطلب – رضي الله عنه – لابنه عبدالله – رضي الله عنه – يا بني، إن أمير المؤمنين يدنيك، يعني عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – فاحفظ عني ثلاثًا: لا تفشين له سرًّا، ولا تغتابن عنده أحدًا، ولا يطَّلعن منك على كذبة، وقال أكثم بن صيفي: إن سرَّك من دمِك، فانظر أين تريقه! وكان يقال: أكثر ما يتم التدبير الكتمان؛ ولهذا كان – عليه السلام – إذا أراد غزوةً ورَّى بغيرها، قال ابن الجوزي في كتاب السر المكتوم: لا يصلُحُ لإيداع الأسرار كلُّ أحد، ولا ينبغي لمن وقع بكنز أن يكتمه مطلقًا، فربما ذهب هو ولم ينتفع بالكنز”[2].
النصح للمتعلم بالطريقة الحسنة:
النصيحة ليست فضيحةً، بل هي عملية موجهة بقصد الإصلاح، فيجب على المعلم أن يراعي فيها الأسلوب والوقت والمكان المناسب، إضافةً إلى الاستعداد التام لتقبُّل وامتصاص ردود أفعال مَن تتمُّ مناصحتهم من المتعلمين، مع لين الكلام والحكمة، وقوة الحجة، والله تعالى قص لنا في سورة طه، كيف تنبغي النصيحة، حتى وإن كان المنصوح من الجبابرة، فقال تعالى على لسان موسى وهارون – عليهما السلام – وهما ينصحان فرعون: ﴿ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طه: 44].
والنصيحة ينبغي أن تكون سرًّا حتى لا تنقلب إلى فضيحة؛ قال ابن مفلح – رحمه الله -: “قال الشافعيُّ: مَن وعظ أخاه سرًّا فقد نصحه وزانه، ومَن وعظه علانيةً فقد فضَحه وشانه”، وقال في الغُنية، وقال أبو الدرداء: من وعَظ أخاه بالعلانية فقد شانه، ومن وعظه سرًّا فقد زانه، ولعله عن أم الدرداء، قال الخلال: رُوي عنها أنها قالت: من وعظ أخاه سرًّا فقد زانه، ومن وعظه علانيةً فقد شانه”[3] .
[1] الترمذي، محمد بن عيسى الترمذي. سنن الترمذي. (مصدر سابق). باب: ما جاء أن المجالس أمانة. ج4. ص 341. رقم الحديث 1959.
[2] المقدسي، محمد بن مفلح المقدسي. الآداب الشرعية. (مرجع سابق). ج2 ص 186 – 187.
[3] المقدسي، محمد بن مفلح المقدسي. الآداب الشرعية. (مرجع سابق). ج1 ص 368.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
– الألوكة