حول المضايقات التي يتعرض لها المسلمون في الغرب

الإثنين18 جمادى الأولى1436//9 مارس/آذار 2015وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
د. خالد بن عبد الرحمن الشايع
الحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وبعد:
فبالإشارة إلى ما يواجهه المسلمون في أوروبا والعالم الغربي عموماً من مضايقات من قبل سلطات الدول الغربية، جراء حوادث التفجير التي تنسب إلى المسلمين، حيث تلك المضايقات إلى حد إلجاء المسلمين للتنازل عن بعض شعائرهم ومعتقداتهم الدينية، في ظل هذه الظروف برز تساؤل:
هل لأحد من المسلمين أن يتنازل عن شيءٍ من الشعائر الإسلامية الواجبة؟

والجواب عن ذلك:
أن الأصل الذي دلَّت عليه النصوص الشرعية أنه لا يجوز لأحد من المسلمين أن يدع شيئاً من الواجبات والفرائض رغبة أو رهبة من أحد من المخلوقين، ولا يستثنى من ذلك إلا حالة الإكراه الملجئ، والذي يصل بالمسلم إلى حد الموت، أو ما يؤدي إليه من فقد شيء من أعضائه.

اقرأ أيضا  بكل أطيافها.. فلسطين تدين تطبيع السودان وإسرائيل (محصلة)

قال الله تعالى: ﴿ مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [النحل: 106].

قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-:
أخبر تعالى عمن كفر به بعد الإيمان والتبصر، وشرح صدره بالكفر، واطمأن به، أنه قد غضب عليه، لعلمهم بالإيمان ثم عدولهم عنه، وأن لهم عذاباً عظيماً في الدار الآخرة، لأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة، فأقدموا على ما أقدموا عليه من الردة لأجل الدنيا، ولم يهد الله قلوبهم ويثبتهم على الدين الحق، فطبع على قلوبهم، فهم لا يعقلون بها شيئاً ينفعهم، وختم على سمعهم وأبصارهم، فلا ينتفعون بها، ولا أغنت عنهم شيئاً، فهم غافلون عما يراد بهم (لا جرم) أي لابد ولا عجب أن من هذه صفته ﴿ أنهم في الآخرة هم الخاسرون ﴾ [النحل: 109] أي الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة.

اقرأ أيضا  الأمم المتحدة: الاحتياجات ضخمة في إندونيسيا بعد كارثة تسونامي

وأما قوله: ﴿ إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ﴾ [النحل: 106] فهو استثناء ممن كفر بلسانه ووافق المشركين بلفظه مكرهاً، لما ناله من ضرب وأذى، وقلبه يأبى ما يقول، وهو مطمئن بالإيمان بالله ورسوله.انتهى.

فعلم بما تقدم، أن المسلمين ينبغي لهم أن يثبتوا على دينهم، سواء في الشعائر الظاهرة كالصلاة والزكاة والصيام وغيرها، أو ما كان بالعبادات المتعلقة باللباس كحجاب المرأة ونحوه، فينبغي الثبات على ذلك، وأن يصبروا على ما يجدوه من التعنت والتضييق.

وعليهم مع ذلك أن يسعوا للهجرة إلى بلاد إسلامية يحفظون فيها دينهم ودين ذرياتهم، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً * إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً ﴾ [النساء: 97، 98].

اقرأ أيضا  التشريع والاجتهاد في التصور الإسلامي

وبكل حال فلا يجوز التنازل عن شيء من شعائر الدين الواجبة إلا إذا كان الإنسان مضطراً إلى الحد الذي يخشى معه على حياته.

وفق الله الجميع لما فيه الخير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
– الألوكة

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.