خيبة أمل صهيونية من نتائج الانتخابات التركية

د. صالح النعامي

الخميس 23 محرم 1437//5 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية

يطرت خيبة أمل كبيرة على دوائر صنع القرار والنخب الإعلامية والثقافية والفكرية في تل أبيب في أعقاب الإعلان عن الفوز الساحق لحزب “العدالة والتنمية” في تركيا.

وعلى الرغم من أن أحداً من المسؤولين الصهاينة لم يعقب بشكل رسمي على نتائج الانتخابات،  إلا أن قناة التلفزة الصهيونية الأولى أكدت مساء الإثنين أن النتائج مثلت صدمة مدوية لصناع القرار في تل أبيب،  مشيرة إلى أن رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو كان يأمل أن يواصل حزب “العدالة والتنمية” فقدان الأغلبية البرلمانية.

ونوهت القناة إلى أن نتنياهو كان يأمل أن يتم “تقليم الأظافر” أردوغان لكي يتوقف عن مواصلة حملة نزع الشرعية عن الكيان الصهيوني.

ونوهت القناة إلى أن التقدير العام في تل أبيب يؤكد أن أردوغان لن يتردد في القيام بأية خطوة تقلص من هامش المناورة المتاح للكيان الصهيوني والتضييق عليه في كل المحافل.

من ناحية ثانية قال وزير الخارجية الصهيوني السابق افيغدور ليبرمان أن نتائج الانتخابات التركية تدلل على أن الأتراك اختاروا التصعيد مع تل أبيب،  مشدداً على ضرورة أن يستعد الكيان الصهيوني للرد بكل قوة على “استفزازات” أردوغان.

ووصف ليبرمان في مقابلة أجرتها معه الإذاعة العبرية مساء الإثنين أردوغان بأنه “أحد أخطر أعداء الشعب اليهودي”،  مشدداً على ضرورة توقف حكومة تل أبيب عن محاولة المصالحة مع تركيا مادامت تحت قيادته.

من ناحيته حث المستشرق الصهيوني إيلي أفيدار على التعاطي مع تركيا تحت حكم أردوغان كدولة “عدو”،  معيداً للأذهان حقيقة أن الأتراك لم يترددوا في الكشف عن اسماء عملاء جهاز الموساد وتزويد أعداء تل أبيب بقائمة بهذه الأسماء.

اقرأ أيضا  تركيا تقدم إنجازا جيدا في سوريا

وشدد أفيدار في حوار أجرته مع القناة الثانية الصهيونية على وجوب بناء إستراتيجية جديدة في مواجهة تركيا أردوغان.

أمام المعلق العسكري أمير بوحبوط المعلق العسكري فقد أشار إلى  أن أكثر ما عبر عن التوتر في العلاقات بين الكيان الصهيوني وتركيا تحت حكم أردوغان تمثل في تعمد الجيش التركي مضايقة كل من سلاحي الجو والبحرية الصهيوني في أكثر من حادثة،  بحيث تعرضت طائرات وسفن تركية لطائرات وسفن صهيونية،  بشكل كاد أن يفضي إلى “كوارث.

من ناحيته قال نائب وزير الخارجية الصهيوني الأسبق داني أيالون أن أردوغان يتعاطى مع الكيان الصهيوني من منطلقات “لاسامية”.

وأضاف: “يتوجب علينا ألا نخطئ في تقييم موقف أردوغان،  مهاجمة لإسرائيل لا تعبر عن انتقاد شرعي،  بل ينبع بالأساس من خلفية لاسامية”.

وقد اعتبر الصحافي بن كاسبيت أردوغان حلقة قوية في “محور الشر” واصفاً إياه بـ “ماكنة دعاية سوداء” تعمل ضد الكيان الصهيوني،  منوهاً إلى أن كل من راهن على أن تكون تركيا حليفة مركزية لتل أبيب،  خاب ظنه.

وعد كاسبيت أردوغان المركب الأساس في حملات نزع الشرعية عن إسرائيل ي الساحة الدولية من خلال تهجماتها عليها،  داعياً إلى مواقف أكثر تصميماً في مواجهته.

وفي سياق متصل،  قال “مركز يروشليم لدراسة المجتمع والدولة”،  الذي يرأس مجلس إدارته دوري غولد،  وكيل وزارة الخارجية الصهيونية إن سلوك أروغان يدلل على أن يريد بعث الخلافة العثمانية من جديد،  مشيراً إلى اهتمام أردوغان بالجوانب الرمزية التي تدلل على هذا التوجه،  سيما تغيير زي حرس الشرف،  وإعادة تأهيل أحد القصور التي كان يستخدمها السلاطين العثمانيين.

اقرأ أيضا  غوتيريش: الاقتصاد العالمي قد يخسر تريليوني دولار بحلول 2030 بسبب تغير المناخ

ودعا وكيل الخارجية الصهيوني الاسبق ألون ليفين إلى محاصرة تركيا وبناء تحالفات مع الدول التي هي في حالة خصومة استراتيجية مع تركيا،  مثل: اليونان وقبرص وبقية دول البلقان،  علاوة على الحرص على عدم تسرب أية معلومات استخبارية أو تقنية لتركيا عبر حلفاء مشتركين للدولتين.

ويذهب ليفين بعيداً عندما يدعو صراحة إلى عدم تردد تل أبيب في إيذاء تركيا عبر تعظيم التحديات التي تواجهها،  وعلى رأس ذلك مد حزب العمال الكردستاني بالسلاح والمال من أجل تمكينه من انهاك تركيا،  وذلك لمنع حكومة أردوغان من التفرغ للعمل ضد تل أبيب في المنطقة

وقد كشفت صحيفة “ميكور ريشون” النقاب عن أن أوساطاً في تل أبيب تراهن على أن تتبلور تطورات داخلية في تركيا تفضي إلى قيام قيادة الجيش التركي بالإطاحة بحكم حزب العدالة والتنمية.

وفي سياق متصل،  قال الصحافي تسفي بارئيل أن البيئة الإقليمية للكيان الصهيوني تدهورت بشكل كبير بسبب أردوغان.وأضاف: “في عهد أردوغان أصبحت غزة هي التي تحاصر إسرائيل وليس العكس،  حيث أن أردوغان أخذ يربط نمط تعاطي تركيا مع تل أبيب وفق سلوكها تجاه غزة،  معتبراً أن غزة هي المسؤولة عن ” الضرر السياسي والإستراتيجي الهائل”،  الذي لحق بالكاين الصهيوني في أعقاب تدهور العلاقات مع تركيا.

وشدد بارئيل على أن مماطلة تل أبيب في تقديم الاعتذار لتركيا وحساسيتها المفرطة للانتقادات ” الطبيعية ” لأردوغان ضد سلوك الجيش الصهيوني العنيف كدولة احتلال ضد الفلسطينيين ” يرجع بشكل أساسي إلى الافتراض الذي هيمن على عقلية صناع القرار في تل أبيب والقائل بأنه يتوجب على تركيا  الخضوع لنزوات تل ابيب دائماً.

اقرأ أيضا  تركيا تنظم إفطارا رمضانيا في غزة

أردوغان تحديداً هو الزعيم الوحيد في العالم الذي تمكن من التعامل مع الكيان الصهيوني بالطريقة التي تفهمها. وحسب الصحافي الصهيوني جدعون ليفي فإن أردوغان يعتبر مثالاً للزعماء الذين يعون كيفية التعامل مع الكيان الصهيوني بنجاعة،  حيث أنه أجبر الكيان الصهيوني على الاعتذار من خلال اتخاذ موقف مبدأي،  وهو ما لا تواجهه كثيراً في تعاملاتها الدولية

أما الوزير العمالي السابق الجنرال إفرايم سنيه فيرى أن أردوغان يتطلع ليس فقط الى تحويل تركيا الى قوة عظمى اسلامية اولى،  بل اساسا ان يكون زعيم العالم العربي والاسلامي.

واعتبر سنيه أن خطاب أردوغان الفظ المناهض  للصهيونية هو أداة لتحقيق هذا الهدف،  محذراً من أنه “يخطيء من يعتقد أن علاقاتنا مع تركيا ستعود الى ما كانت عليه،  من يعتقد بذلك لا يفهم استراتيجية اردوغان وداوداغلو رئيس وزرائه ومستشاره شديد النفوذ”.

المصدر : البيان

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.