رجال الانتفاضة
إياد القرا
الاثنين 12 جمادى الثانية 1437// 21 مارس/آذار 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”
المشاهد البطولية للمقاومين في الضفة الغربية في الإقدام على تنفيذ العمليات ضد جنود الاحتلال والمستوطنين تدعو للتوقف أمام الثقافة التي ينهلون منها، وقدرتهم على الصمود والتحدي لمواجهة الاحتلال وتنفيذ العمليات بما يمتلكون من إمكانات محدودة، ويعتمدون على ذاتهم في توفير تلك الإمكانات.
60 عملية شهرياً تنفذ في الضفة الغربية ضد جنود الاحتلال والمستوطنين، ويكاد يكون العدد الأكبر في عدد العمليات منذ سنوات طويلة، تظهر أن الشبان الفلسطينيين لديهم إصرار على كسر هيبة الاحتلال والمس به بشكل مباشر؛ من خلال تهديد الأمن الشخصي لجنوده ومستوطنيه، وصولاً لدرجة توجيه العمليات الجماعية ضد التجمعات الاستيطانية، على غرار ما حدث في قطاع غزة عام 2000، وصولاً لاعتراف الاحتلال بعدم القدرة على السيطرة على قطاع غزة، وتنفيذ الانسحاب عام 2005.
يعتقد البعض أن تجربة غزة تختلف تمامًا عن تجربة الضفة، وقد يكون محقا في ذلك مع بعض الاختلافات، لكن في واقع الضفة أيضاً هناك تحول حقيقي لدى رجال الانتفاضة الحالية، وهو إيلام الاحتلال مهما كانت النتائج، وأن إجراءات الاحتلال وارتكاب الجرائم والإعدامات اليومية لم تزد الانتفاضة إلا اشتعالاً.
مدينة الخليل نموذج، التي قدمت ثلاثة شهداء خلال يومين، بعد مدة قصيرة اعتقد الاحتلال خلالها أن الخليل عادت للهدوء بعد أن انتقلت الانتفاضة في ثقلها إلى محاولات تنفيذ عمليات في شمال الضفة الغربية، لكن المفاجأة كانت بعدة عمليات متتالية في القدس المحتلة، وقد خدع الاحتلال بالهدوء الشكلي في المدينة المقدسة.
التجربة الحالية لرجال الانتفاضة تستحق التوقف لما تحمله من تغير حقيقي في ثقافة المقاومة التي يتبناها الجيل الحالي، التي تؤسس لما حذر منه قادة الاحتلال خلال الأيام الأخيرة بأن ما يحدث هو تأسيس لبنية تحتية قوية لعمل المجموعات والتنظيمات، وترجمة ذلك التنظيم لعمليات مسلحة منظمة توقع الخسائر في صفوف الاحتلال.
تقدير الموقف يشير إلى فشل الاحتلال في ضبط إيقاع العمليات الفردية أو التنبؤ بقادم الأيام، وأن 250 عملية نفذت منذ بداية أكتوبر الماضي، فضحت منظومة الأمن الإسرائيلي التي فشلت في تحديد هوية أي منهم مسبقاً، قبل تنفيذ العملية، وفشل التنسيق الأمني مع السلطة في منع الحجم الأكبر منها، والاكتفاء بما هو مرتكز على تحركات التنظيمات أو العناصر الذين عملوا ضمن صفوف الفصائل في الضفة، وهو ما يؤشر على أن الانتفاضة ستدخل النصف الثاني من عامها الأول أكثر قوة وزخماً، وقد نرى عمليات عسكرية منظمة.
المصدر : فلسطين أون لاين