رواندا.. بلد الإبادات الجماعية سابقا.. أنظف عاصمة إفريقية حاليا
الأربعاء 8 شوال 1437/ 13 يوليو/ تموز 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”.
كيغالي
اشتهرت رواندا التي تستضيف يومي 17 و18 يوليو/ تموز القمة الإفريقية الـ27، بالإبادات الجماعية والتطهير العرقي الذي راح ضحيته 800 ألف شخص في الحرب الأهلية بين عرقيتي الهوتو والتوتسي في 1994، لكنها اليوم تشهد طفرة اقتصادية وسياحية، جعلت عاصمتها “كيغالي” تنتزع لقب “أنظف عاصمة إفريقية” لعدة مرات.
وتعتبر رواندا من أكثر الدول استقطابا للمستثمرين في القارة الإفريقية حيث قامت بإصلاحات كبيرة خلال العشرية الأخيرة وارتفع نمو الناتج القومي المحلي فيها من 4.7% عام 2013، إلى 7% عام 2014، ومن المنتظر أن يبلغ 7.5% ما بين 2015 و2016، بحسب أرقام رسمية، وهي نسبة تفوق نسبة النمو في الصين التي هبطت تحت مستوى 7 بالمئة في 2015، وهذا ما جعل الكثيرين يلقبون رواندا بـ”سنغفورة إفريقيا”.
كما تتميز رواندا عن معظم الدول الإفريقية بإلغاء التأشيرة عن جميع الأجانب سواء كانوا أفارقة أو أوربيين أو غيرهم، وهذا ما جعل كيغالي أكثر العواصم الإفريقية استقبالا للسياح الأجانب، بالنظر إلى هذه التسهيلات وسلاسة الإجراءات التي يجدها كل زائر في مطارها الدولي، حيث تعتبر السياحة أحد أكبر القطاعات في اقتصاد البلد، بالرغم من أن مساحته صغيرة جدا، حيث تبلغ نحو 26 ألف كيلومتر مربع فقط، وعدد سكانه في حدود 12 مليون نسمة.
وجمهورية رواندا والتي تعني “أرض الألف تل” باللغة المحلية تعد إحدى الدول التي ينبع منها نهر النيل، وتقع في شرق إفريقيا بمنطقة البحيرات العظمى لشرق وسط أفريقيا، تحدها تنزانيا شرقا، وأوغندا شمالاً، والكونغو الديموقراطية غربًا وبوروندي جنوبًا، وهي من أقاليم الكونغو الكبير.
وبالرغم من قربها من خط الاستواء، إلا أن رواند وبسبب ارتفاع سطحها تتميز بمناخ معتدل الحرارة، وتشتهر بتضاريسها الجميلة حيث المرتفعات والمناظر الطبيعية الخلابة، والتلال البديعة، ووفرة الحياة البرية، بما في ذلك حيوانات الغوريلا الجبلية النادرة التي تحظى بشعبية لدى عشاق البيئة والسياح.
وتعتبر العاصمة كيغالي، أكبر مدن رواندا ومن افضل المدن الافريقية في النظافة والأمن والمحافظة على نظام المدينة النموذجية، وتضاهي شوارع وسط مدينة كيغالي، بنظافتها وحسن صيانتها، معظم شوارع العواصم الأوروبية.
فجميع شوارع العاصمة حتى في الضواحي رصفت على أعلى مستوى، والخضرة شرط أساسي في رواندا، فالاهتمام بالتشجير من السياسات الصارمة التي تنتهجها الحكومة الرواندية.
ومراكز التسوق تضاهي مثيلاتها في أوروبا، ويتم حاليا إزالة الأحياء الفقيرة (العشش) لإفساح المكان لتشييد المباني الفخمة والراقية، والتي تقدم أرقى الخدمات وتضفي جمالا أكثر على شوارع العاصمة ولا تخفى عن عين الزائر معالم الطفرة الاقتصادية التي تشهدها رواندا.
ولكن في القرى، كثيرا ما تثير الإصلاحات التي فرضها الرئيس بول كيغامي بقبضة من حديد، شعورا بالإحباط والسخط. لكن رغم كل شيء تمضي البلاد نحو افاق جديدة اكثر تفاؤلا بالمستقبل.
وفي العام 2008 دخلت رواندا مرحلة هامة في تاريخها، بانتخاب أول مجلس تشريعي تمثل فيه الأغلبية للنساء.
واختيار الاتحاد الافريقي كيغالي لاحتضان القمة الافريقية الـ 27، تحت شعار “العام 2016 عام حقوق الانسان خاصة حقوق المرأة”، رسالة منه للتأكيد على أن رواندا جديرة بهذه القمة ليست كدولة غنية ولها بنية تحتية لها القدرة على استيعاب كبار الضيوف من قادة الدول وممثلي الهيئات المشاركة فحسب وإنما كدولة تتمتع بالأمن والاستقرار كإحدى أهم المعايير لاختيار الدولة المضيفة لأي قمة افريقية، بحسب مسؤولين بالمنظمة القارية.
رغم ما شهدته هذه الدولة من إبادة جماعية في 1994، حيث واجهتها مشكلة كبيرة جدا في الصراع الذي نشب بين قبيلتي الهوتو والتوتسي، وراح ضحيته الآلاف من الأبرياء، حيث مَثّل ذلك وصمة عار في جبين الروانديين، ينظر كثير من هؤلاء إلى استضافة “كيغالي” للقمة الإفريقية لهذا العام، بمثابة إعلان للعالم أن الروانديين استعادوا عافيتهم وطووا صفحة المأساة الدموية، بكل تسامح بين أفراد المجتمع الرواندي الذي كاد أن ينفرط عقده جراء تلك الابادة، لكن هذا البلد الصغير شرقي إفريقيا تمكن من رفع رأسه منذ ذلك الحين وتحول اليوم إلى نموذج للتنمية الاقتصادية في القارة السمراء.
ويوجد في كيغالي عدة نصب تذكارية ومتاحف ومراكز مخصصة لذكرى الإبادة الجماعية في رواندا، مثل مركز “ميموريال للإبادة الجماعية” في كيغالي، و”المتحف الوطني” لرواندا، ومتحف “كاندت للتاريخ الطبيعي”،
ومقر الحكومة الرئيسي المعروف بـ “يورقويرو” حيث يشكل قرية بأكملها داخل منطقة كاسيرو في كيغالي .
ويرى مراقبون أن القبضة الحديدية للرئيس “بول كيغامي” الذي وحد الروانديين بعد حروب ودماء أثرها في الدفع برواندا للأمام، إذ عرف كيف يثنيهم عن الاقتتال ويحررهم من الأفكار الرجعية الي رحاب العمل الوطني العام نحو التنمية، فتحققت المعجزة، وحدث التحول الرهيب، فكانت رواندا سنغافورة أخرى.
وأعلن الرئيس الرواندي “بول كاغامي”، عن نيته في الترشح لفترة رئاسية ثالثة في انتخابات 2017. ولم يكن إعلانه مفاجئا، حيث سبق الإعلان، تعديل الدستور، في استفتاء شعبي، بما يسمح له الترشح لثلاث فترات إضافية، ويمكنه بالتالي البقاء في السلطة حتى عام 2034.
ويسيطر كاغامي على الحياة السياسية في رواندا منذ أن أنهى جيش التمرد الذي أدخل البلاد في الحرب الأهلية والإبادة الجماعية في 1994. ويسمح تعديل الدستور للرئيس كاغامي بالترشح للرئاسة لفترة ثالثة من 7 أعوام، وفتريتين إضافيتين من 5 أعوام لكل منها.
وطالبت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كاغامي بترك السلطة عام 2017، والسماح لأجيال جديدة بالظهور كما انتقدت نتائج الاستفتاء، قائلة إن “الناخبين لم يكن لديهم الوقت الكافي للتفكير واتخاذ الموقف المناسب”.
ويحسب لكاغامي فضل تحقيق تنمية اقتصادية في رواندا، ولكن معارضين يتهمونه أيضا بإدارة البلاد بطريقة قمعية، وتتهم منظمات حقوقية الحكومة بتضييق الخناق على وسائل الإعلام والمعارضة السياسية.
وشغل كاغامي منصب نائب الرئيس في عام 2000، ثم انتخب رئيسا عامي 2003 و2010، ولكنه كان في السلطة منذ 1994، عندما دخل المتمردون بقيادته العاصمة كيغالي لإنهاء الإبادة الجماعية في البلاد ، بحسب الأناضول.
وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.