زمزم.. زحام المؤمنين على المنهل المقدس
الإثنين 8 ذو الحجة 1436//21 سبتنبر/أيلول 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
الرياض
يَعُب الأفغاني بخت محمد من ماء زمزم المرة بعد الأخرى، ثم يجلس في مكان قريب من نقاط شرب زمزم المنتشرة في أرجاء المسجد الحرام، لكي يعاود الشرب.
ويتقصد بخت شرب زمزم لعلاج بطنه ودوائها، فيجد فيه الشفاء والعلاج.. “أبدو مستريحا ولا أحس بأي آلام أو ثقل في بطني عندما أشرب ماء زمزم”، يتذكر أنه أيضا عندما قدم منذ أيام إلى مكة كان في قمة الإرهاق والإجهاد والتعب، وحين ما تضَلع من ماء زمزم قام كأنما نشط من عقال.
لا يبدو هذا الشغف بزمزم ومائها جديدا، فحسب المتداول في كتب التاريخ والسير الإسلامية فإن ماء زمزم قد اتخذ ركنا في ثقافة الحجاج منذ قرون عديدة، كماء مقدس يجلب البركات ويشفي من الأمراض.
وكان الحجاج يسمون أو ينوون حاجاتهم قبل أن يتضلعوا من ماء زمزم، عملا بالحديث الوارد عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم “ماء زمزم لما شرب له”.
وغني عن الذكر ما لزمزم من أثر عميق في إحياء مكة منذ تأسيسها منذ آماد موغلة في التاريخ، حيث كان لهذا الماء -الذي نبع في واد غير ذي زرع، ليسقي السيدة هاجر وابنها نبي الله إسماعيل بعد أن تركها زوجها إبراهيم عليه السلام في هذا الوادي تستمطر رحمة الله- أكبر الأثر في أن تتحول مكة إلى حاضرة مأهولة، ويكون مع الكعبة عصب الحياة والقداسة في هذه المنطقة التي تحتل سرة العالم ومهوى أفئدة المسلمين من أقطار الأرض.
المنهل العذب
“المورد العذب كثير الزحام” مثلٌ عربي قديم، لكنه حقيقة يومية عند زمزم التي تحولت إلى قنوات مائية جارية لم تنضب منذ أن جرت قبل آلاف السنين.
ورغم أن شرب ماء زمزم ليس من أركان الحج ولا واجباته، فإن الحجاج يلزمون أنفسهم غالبا بشربه كلما حضروا إلى الحرم، ويجدون فيه ما يروي عطشهم ويسد رمقهم، ويداوي آلامهم وأوجاعهم.
ويستغرب عدد من الحجاج عندما تسألهم عن أسباب إقبالهم بشغف على شرب زمزم، فهو سنة نبوية بالنسبة للبعض، أما بالنسبة للحاج السوري عبد القادر رؤوف فهو طهور وبركة وشفاء ودواء.
ولئن كان بعض الحجاج يحرصون على شراء سبحات وعطور هدايا للأهل والأصدقاء، فإن رؤوف حريص على اقتناء أكبر كمية من ماء زمزم كأجمل هدية يمكن تقديمها بعد رحلة حج مباركة.
ولا يختلف الحاج ناصر سلامة عن سابقيه، فهو يشرب ماء زمزم للتوفيق والشفاء، ولا يخالجه أدنى شك في أنه أفضل علاج.
في الحج منافع كثيرة، وزمزم أحد عناوين تلك المنافع، فهو شفاء ودواء، وفيه غنية للكثرين عن شراء المياه المعلبة، يشربونه في الحرم، وكثير منهم يحملون كميات منه إلى بيوتهم ومساكنهم.
وأكثر من ذلك، إذ يستمر تصدير ماء زمزم من قبل زوار بيت الله تعالى في كل الأوقات وفي أحجام متفاوتة إلى بلدانهم الأصلية، إذ يعود به الحاج هدية إلى ذويه، كما يحمله وصية من الباقين في مواطنهم أن “لا تنسونا من الدعاء ولا من ماء زمزم”.
ونظرا لإقبال الحجاج على زمزم، تسعى السلطات السعودية لتطوير وزيادة الطاقة الإنتاجية لهذه البئر المقدسة من خلال إدارة مشروع سقيا زمزم بالحرم، حيث أطلقت مؤخرا خطتها لموسم الحج هذا العام 1436 للهجرة (2015)، بتوفير أكثر من ستة آلاف حافظة لماء زمزم المبارك وأكثر من ستمئة مشربية رخامية فيها أكثر من أربعة آلاف صنبور، بالإضافة إلى أكثر من 320 خزانا مزودا بأكثر من ألفي صنبور.
الجزيرة