صفات المسلمة التقية
الجمعة،9ربيع الثاني1436//30 يناير/كانون الثاني2015وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
لا بد أن يكون هناك فرق ظاهر بين المسلمة التقية الصادقة، والمسلمة التي تدعي التقوى ولا تسلكها، أو تسلك الطريق الخاطئ، لذا كان ولا بد من أن تُجْلَى الصفات الحقيقية للمسلمة التقية، ولعل أهمها:
1- حب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا الحب يحملها على وجوب الطاعة المطلقة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، فإن استقرت محبة الله عز وجل ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم في قلب المسلمة حملها ذلك على:
– الحرص على تدبر تلاوة القرآن.
– الإكثار من النوافل من صيام وصلاة وصدقة ونحو ذلك.
– كثرة ذكر الله عز وجل بالقلب واللسان.
– إفراد النبي صلى الله عليه وسلم بالاتباع.
– عدم تقديم قول أي شخص على قول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم.
– مجالسة أهل الطاعة من النساء الصالحات الدَّيِّنات.
– تذكر الموت والاتعاظ به.
– الاعتزاز بشرائع الإسلام، حتى وإن كانت تخالف هواها.
2- مراقبة الله عز وجل:
فإن المسلمة حين تغفل عن مراقبة الله عز وجل لها واطلاعه عليها، يحملها ذلك على اقتحام حرمات الله فتعصيه ولا تبالي، أما المسلمة التقية فهي تستشعر مراقبة الله عز وجل فتستحي من مخالفته، وتطهر ظاهرها وباطنها مما يغضب الله عز وجل، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “استحيوا من الله تعالى حق الحياء، فليحفظ الرأس وما وعى، وليحفظ البطن وما حوى، وليذكر الموت والبلا، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا، فمن فعل فقد استحيا من الله حق الحياء” (رواه الترمذي والحاكم وحسّنه الألباني).
قال البيضاوي رحمه الله: “ليس حق الحياء من الله ما تحسبونه، بل أن يحفظ نفسه بجميع جوارحه عما لا يرضاه من فعل وقول”.
وقال الحارث المحاسبي: “المراقبة علم القلب بقرب الرب”
فأي مراقبة هذه لمن باعت نفسها بأبخس الأثمان؟!
وأي مراقبة هذه لمن تبرجت وتعرت وعصت الواحد القهار؟!
وأي مراقبة هذه لمن لا تتقي الله في لسانها؟
وأي مراقبة هذه لمن لم تشغل لسانها بذكر الله تعالى وتلاوة القرآن؟
وأي مراقبة هذه لمن تعيش لدنياها وتغفل عن آخرتها؟!
وأي مراقبة هذه لمن لا تتقي الله تعالى في زوجها وأولادها؟!
3- مجاهدة نفسها ومغالبة هواها:
فالمسلمة التقية دائمًا في صراع مع نفسها وهواها، تجاهدهما وتغالبهما بطاعة الله تعالى والتقرب منه والأنس به، فهي دائمًا تحاسب نفسها، فإن وجدت تقصيرًا -ولا بد- لامتها لومًا شديدًا ووبختها وعصمتها بطاعة الله تعالى.
قال الشيخ مصطفى السباعي رحمه الله: “إذا همَّت نفسك بالمعصية فذكِّرها بالله، فإذا لم ترجع فذكِّرها بأخلاق الرجال، فإذا لم ترجع فذكِّرها بالفضيحة إذا علم بها الناس، فإذا لم ترجع فاعلم أنك تلك الساعة انقلبت إلى حيوان”.
وقد أخبر الله عز وجل أن اتباع الهوى يضل عن سبيله فقال تعالى: “يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ” (ص: 26).
4- عدم اتباع خطوات الشيطان:
وذلك يتم بمعرفة مكائده ومصائده، والحذر من وساوسه ودسائسه، فيجب على المسلمة ابتداءً أن تعلم أن الشيطان عدوٌ لبني آدم، فلا يمكن أن يأمرها بخير أو ينهاها عن شر، قال تعالى: “إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ” (فاطر: 6).
وصور مكائد ودسائس الشيطان كثيرة، ولنضرب مثالاً يوضح ذلك:
يأتي الشيطان إلى المسلمة يحذرها من الحجاب، وأنه تزمت وتشدد في الدين، فكم من محجبة لها تصرفات وسلوكيات غير سوية، وعلى ذلك فالمهم الأخلاق.
فإن وجد عندها إصرارًا على الحجاب، كرَّه إليها الحجاب الشرعي وزين لها الحجاب المتبرج، حتى تظن المسكينة أنها إذا ما ارتدت شيئًا على شعرها فقد تحجبت حتى لو ظهر شيء آخر من عورتها، حتى إذا وصل الحال بها إلى هذا الحد المزري، زين لها معاصي أخرى وأنه لا تعارض بين هذه المعاصي والحجاب، فلها أن تتخذ صديقًا، وأن تذهب إلى أماكن المنكر لمشاهدة أفلام أو مسرحيات وهكذا. حتى إذا استطاع أن يوقعها في الزنا لأوقعها وهي ما تزال تضع غطاءً على رأسها!!
لذا؛ فإنه يجب على المسلمة أن تعرف ما تستعين به على الشيطان حتى تحفظ نفسها من شِركه وحبائله وهو: الاستعاذة بالله من الشيطان، وقراءة المعوذات، وقراءة آية الكرسي عند النوم، وقراءة سورة البقرة في المنزل، وقراءة الآيتين من آخر سورة البقرة في كل ليلة، وكثرة ذكر الله تعالى، والوضوء، والصلاة، وإمساك فضول النظر والكلام والطعام ومخالطة الناس، فإن الشيطان إنما يتسلط على ابن آدم وينال منه غرضه من هذه الأبواب الأربعة.
5- تعظيم شعائر الله عز وجل، قال تعالى: “ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ” (الحج: 32).
والشعائر جمع شعيرة: وهي كل شيء لله تعالى فيه أمر أشعر به وأعلم، كما قال القرطبي رحمه الله.
فالمسلمة التقية هي التي تعظم طاعة الله وأمره، فيدفعه ذلك إلى طاعته طاعة مطلقة، طاعة الذل والخضوع والحب للواحد القهار، وتعظم كذلك ما نهى الله عنه، فيمنعها ذلك عن معصيته، وصدق من قال: “أعزوا دين الله يعزكم الله”.
فالمسلمة المتمسكة بصلاتها وحجابها، الحافظة للسانها وعورتها؛ إنما هي في حقيقة الأمر معظمة لشعائر الله.
ألا فلتتب كل مستهترة إلى ربها، ولتبادر بالعمل الصالح قبل فوات الأوان.
-السبيل-