عظمة الإسلام
الإثنين 18 شوال 1436//3 أغسطس/آب 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
الكاتب : حسين بن عبد العزيز آل الشيخ
ملخص الخطبة:
1- دعوة عامة لتفهّم حقيقة الإسلام. 2- الإسلام رحمة الله للبشرية. 3- تقرير مبدأ الحرية. 4- حفظ كرامة الإنسان. 5- مبدأ الإحسان. 6- مكارم الأخلاق. 8- قاعدة العدل. 9- حفظ الضرورات الخمس. 10- مبدأ التكافل الاجتماعي. 11- الدعوة إلى الخير والإصلاح. 12- ترتيب الحقوق والواجبات. 13- تكريم المرأة. 14- ازدواجية الغرب في تطبيق مبادئ الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
الخطبة الأولى:
أمّا بعد:
فيا أيّها المسلمون: تمسَّكوا بهذا الدين، والتَزِموا بتوجيهاتِه وتعاليمِه تفلِحوا دنيًا وأخرى.
معاشرَ المسلمين، مِن منطلَق ما أصاب البشريّةَ من تلاعبٍ بالمصطلَحات البرّاقة وما حلَّ بها من تشويهٍ للمناهج السديدةِ والحقائق السليمةِ، فإنَّ أهلَ الإسلام ينادونَ العالمَ كلَّه ويناشِدون البشريةَ جميعَها إلى تفهُّم حقيقةِ هذا الدين، والتبصُّر في مضامينِه، والتبحُّر في قواعدِه وأصوله وكلّيّاتِه، والتعرُّف على جزئيّاته وفروعه؛ لتنقيةِ الأفكار من الشوائبِ التي تُحسَب على الإسلام وتسهِم في تشويهِ صورته النقيّة الصافية، كلُّ ذلك بموضوعيّةٍ وإنصاف، وتلقٍّ من أهل العلم العاملين العَالمين ذوِي الورَع والتقوى، دون تحيُّز ولا هَوى، وبلا انحرافٍ في مسلَك علميٍّ أو منهَج تطبيقي.
كيف لا ينادُون بذلك وهم يعانون أذًى متكرِّرًا، ينال مسلَّماتِ دينهم وثوابِت عقيدتهم، بل وينال مِن كتاب ربِّهم وشَخص رسولهم ونبيِّهم عليه أفضل الصلاة والتسليم؟! نعَم، يجِب عليهم ذلك وهم يرونَ تشويهًا لحقائقِ الإسلام وفَهمًا مغلوطًا لمفاهيمه في دهاليزِ الثقافة العالميّة عن تعمُّد تاراتٍ وعن غِرّةٍ تارةً أخرى.
حُقَّ لأهل الإسلام أن ينادُوا، بل وواجبٌ محتَّم عليهم دعوةُ العالم كلِّه للمشاركة فيما هدَاهم الله إليه من هدايةِ الرّحمة الشاملة والسعادةِ التامّة.
أيّتها البشرية: الأمر كلُّه من قبل ومن بعد لله وحده، أنزَل كتابه هدًى ورحمة، إِنَّ هَذَا القُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء: 9]، وأرسل رسولَه محمّدًا للبشريّة أجمع؛ لينقِذَها من الظلمات إلى النور من الجاهليّة إلى العلم، ليكونَ للبشرية رحمةً عامّة وخيرًا مطلقًا وإصلاحًا شاملاً، وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ [الأنبياء: 107].
أيتها البشريّة: دين الله الذي أرسَل به محمّدًا دينُ الله للبشريّة كافة، ضمّنه – سبحانه – نظامًا كامِلاً متكامِلاً للحياةِ بنظامٍ جامع محكَم، وفق أسُس ومبادئ حكيمةٍ متقَنَة وقواعِدَ أساسيّة ثابتة؛ لتسعَدَ بها البشريّة في هذه الحياة وتنجوَ وتفوزَ في الآخرة. دينٌ غايتُه الكبرى وهدفه الأسمى الإصلاح بشتَّى صورِه وكافّة أشكاله.
وإنّنا – ونحن في مقامِ إيجازٍ لا بَسط وفي مقام إجمالٍ لا تفصيل – لنرسل رسالةً صادقة للبشريّة جمعاء من منبرِ رسول الله، للبشريّة كافّة، رسالةً تتضمّن وقفاتٍ مختصرةً، وتتضمَّن بيانًا شافيًا للجاهل وردًّا مفحِمًا للمكابر، فيمَنْ يزعم بهتانًا وعدوانًا أنَّ الإسلام دين يدعو لعدَم التسامُح ويتضمَّن في طيّات أحكامِه الدعوةَ للعنف ويحمِل انتِهاكًا لحقوق الإنسان المزعومَة.
إنها رسالةٌ تتضمَّن إيضاحَ بعضِ مبادئ منظومةِ نظامِ الإسلام الشامل المبنيِّ على المبادئ الإصلاحيّة التي تسعَد بها البشرية كلّها.
إنها وقفةٌ على جملةٍ من المبادئ المثلَى في الإسلام؛ ليعلَمَ كلُّ منصفٍ عظمةَ الإسلام وأنه سبقَ بتشريعاتِه المحكَمَة ما حواه الإعلانُ العالميّ لحقوق الإنسان بحقوقٍ في الإسلام لبني الإنسان بكلِّ شمولٍ وسعة وعُمق، وأن يعلمَ المنصفون أنه لا يوجدُ تشريع أفاضَ في تقريرِ هذه الحقوق وتفاصيلِها وتبيِينها وإظهارِها في صورةٍ صادقة مثلَمًا حَوته أحكام الإسلام.
أيتها البشرية: الدينُ الإسلاميّ قرَّرَ مبادئ الحرّيّة بمدلولها العام، حرّيّةٌ لا تقيَّد بمجرَّد أهواءِ النّفوس وشطَطَها وميلها، وإنما تقيَّد بنصوص إلهيةٍ وتوجيهاتٍ نبويّة لا تراعِي إلا تحقيقَ المصالح الحقيقيّة لسعادة الدنيا والآخرة، حريةٌ مبنيّة على قواعد الحقّ والعدل والإنصاف، حرّيّة لا تُستَغَلّ في الاعتداء على الآخرين ولا بالإضرار بالعالمين، حرّيّة أساسُها الخضوع للخالق وعدمُ الخضوع لغيره، تحقِّق للبشريةِ بعقيدةِ التوحيد الحريّةَ الكاملة من الخضوع والذّلِّ لغير الله الواحدِ المعبود، حريّةٌ ترفع العبدَ عن كلّ رهبة بغير حقٍّ عن أعناق البشر وتحطِّم الطواغيتَ التي تطغَى وتتجبَّر وتملأُ بالذلِّ والرَّهبة أفئدةَ البشر.
والإسلامُ – وهو يكفلُ مبادئَ الحرية الحقّة – لا يَغفل عن تقريرِها لغيرِ المسلمين حينما يقرِّر عدمَ الجَبر على اعتناقِ هذا الدين، وإنما واجبُ المسلمين الدعوةُ إلى هذا الدين وبيانُ محاسنِه للعالمين وإيضاحُ صورتِه الحقيقيّة للناس أجمعين، وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِين [يونس: 99].
ذكرَ بعض المفسِّرين أنَّ عمر – رضي الله عنه – قال لعجوزٍ نصرانيّة: أسلِمي أيّتها العجوز تسلَمِي، إنَّ الله بعث محمّدًا بالحقّ، قالت: أنا عجوزٌ كبيرة والموتُ أقرب، قالَ عمَر: اللّهمّ اشهَد، وتلا قوله: لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ [البقرة: 256][1].
أيّها الناس: دينُ الإسلام جاء ليَحفَظ للإنسانيّة كرامتَها، وينظُرُ إلى الإنسان انطلاقًا من هذهِ المكانة العاليةِ التي خُصَّ بها البشَر، وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً [الإسراء: 70]؛ ولهذا فالنّاس في نظرةِ الإسلام متساوونَ في الحقوقِ، لا فَضلَ لأحدٍ على أحد إلاّ بالتزام التوحيدِ والتمسّك بتقوى الخالق، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات: 13]، ولهذا أكَّد على أهلِ الإس%