علاقة السيرة النبوية بغيرها من العلوم.. (1)

al-eman.com
al-eman.com

الخميس 29جمادى الثانية 1437// 8 أبريل/نيسان 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
وليد بن عبدالعظيم آل سنو
علاقة السِّيرة النَّبويَّة بغيرها من العلوم
“دراسة مختصرة”
(المقال الأول)
تمهيد:
تتَّصل السِّيرة النَّبويَّة من حيث أحداثُها وأسلوبُ نقلِها بعددٍ من العلوم، ويعدُّ ما ورد في تلك العلوم مصدرًا من المصادر التي تتحدَّد أهميَّتُها من خلال أثَرِها في إثبات أحداث السِّيرة وتأكيد موثوقيَّتِها.

ولا شكَّ أن علوم القرآن ثم علوم السُّنة تأتي في المرتبة الأعلى، من حيث الاتِّصال والأثر في تحديد موثوقيَّة روايات السِّيرة، ثم تَلِيها علوم التَّاريخ بما فيها المصنَّفات العامَّة أو الخاصة بتاريخ الحرَمَيْن الشريفين، وكذلك علوم الأدب.

أولاً: علاقة السِّيرة النَّبويَّة بعلوم القرآن:
القرآن الكريم يُريد أن تكون العقيدةُ في رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – مبنِيَّةً على المعرفة الكاملة والاقتِناع التام؛ حتَّى لا تخرم هذه العقيدة الشُّبهات، ولا تُهدِّدها الشُّكوك بل يطمئن بِها القلب ويسكن بها الفؤاد، وتكون للضَّمير مَنارَه الذي يهديه سواء السبيل، وبذلك تتِّصِل السيرة النَّبويَّة اتصالاً وثيقًا بعلوم القرآن الكريم وتفسيره، وبيان أسباب النُّزول للآيات المتصلة بأحداثها، وينظر في ذلك ما قام به الأستاذ محمد عزة دروزة بإفراد كتابٍ عن السيرة النَّبَويَّة في القرآن الكريم سماه: “سيرة الرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – صورة مقتبَسَة من القرآن الكريم”.

ولا شكَّ أن التفاسير القرآنيَّة تحمل كمًّا هائلاً من الموضوعات المتَّصلة بالسيرة من خلال شرح وتفصيل الآيات المتَّصلة بها؛ يقول د/ راجح عبدالحميد الكردي: “تشغل دراسة السِّيرة جانبًا هامًّا من تفسير القرآن الكريم؛ فالقرآن أصدَقُ مُسجِّل لأحداث السِّيرة ووقائعها، وما دار فيها من غزواتٍ وأحداث، وأسباب نزول، وأساليب دعوة وأصولها، وأسس التَّشريع والتوجيه الذي بيَّنه رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – وطبَّقه تطبيقًا عمليًّا مجسدًا في حياته وواقع المجتمع المسلم.

وقد سجَّلَت آيات القرآن موقفَ الدَّاعية من قومه، وموقف المشركين وموقف المُنافقين وأساليبهم، وصَبْر الجماعة المسلمة وثَباتها وجهادها في مُواجَهة الباطل، هذه المواقف التي لا بُدَّ لكلِّ داعيةٍ إلى الله أن يمرَّ بِها ويواجهها، ولا بدَّ لكلِّ أُمَّة – سارَتْ على نفس الخطِّ من الالتزام – أن تواجهها.
فالسِّيرة إذًا بيانٌ للقرآن وتفسيرٌ له، ودراستها دراسةٌ للتَّفسير من هذه الوجهة.

مِن هذا نتبيَّن أنَّ فهم الإسلام مُرتبط بفهم السِّيرة النَّبويَّة الشريفة، فهي التي بيَّنَت لنا، لا الأحكام الشرعيَّة في قوالبها؛ وإنَّما سجَّلَت لنا حرارة الالتِزام بالأحكام الشرعيَّة، وكيفيَّة تربية مشاعِر الحلال والحرام في نُفوس الجيل الذي تربَّى على يدَيْ رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم”[1].

ثانيًا: علاقة السِّيرة النَّبويَّة بالمغازي:
يُمكِن القول بأنَّ الكتابة في موضوع المَغازي هي الأقرب إلى الكتابة في السِّيرة عمومًا، وشمول جوانب عدَّة منها، فهي لم تقتَصِر في المُصنَّفات القديمة غالبًا على المغازي؛ ولذلك كان المُؤرِّخون المسلمون في فترةٍ سابقة يَقْرنون كلمة المغازي بكلمة السِّيَر، ويُطلقون عليها في كثيرٍ من الأحيان كتُبَ المغازي والسِّيَر، وهي في الأصل تُعنَى بصفة أساسيَّة بمغازي رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – وحروبه، ولبعض المتقدِّمين مؤلَّفاتٌ تَحْمل الكلمتَيْن معًا، فلابن عبدالبَرِّ كتابٌ اسمه: “الدُّرر في اختِصار المغازي والسِّيَر”، ولابن سَيِّد الناس كتابٌ أَسْماه: “عيون الأثر في المغازي والشَّمائل والسِّيَر”، وقد عقدَ البخاريُّ في “صحيحه” كتابًا أسماه كتاب: (المَغازي).

والَّذين اشتَهَروا بالرِّواية في المَغازي والسِّيَر أو التَّصْنيف فيها عدد كبير، وقد استمرَّت الكتابةُ في المغازي إلى يومنا هذا، وإن كان التَّفصيل واستقلال الكتابة للغزوات دون غيرها – من جوانب السِّيرة – أكثر مِمَّا كان يفعله السَّابقون.
وكلمة المغازي مأخوذةٌ من الفِعْل: غزا، يُقال: غزا يَغْزو غزوًا، فهو غازٍ، وجمعه: غُزَاة وغُزٌّ، والغَزْو: الخروج إلى مُحاربة العدوِّ[2].

وقد أطلقَ العلماء الغزواتِ على أخبار الغُزَاة وغزواتهم، ثُمَّ صارَتْ تُستخدَم في الحديث عن غزوات النبِيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – وجهادِه ومَعاركه التي خاضها في سبيل نُصْرة الدِّين وانتشار الدَّعوة، ثم توَسَّعوا في هذا المعنى، فصارَتْ تشمل حياة النبِيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – كلَّها، وهي بهذا المعنى الأخير مرادفة لمعنى كلمة السِّيَر[3].

فلَفْظَتا المغازي والسِّير إذا أُطلِقَتا فالمُراد بهما عند مؤرِّخي المسلمين: تلك الصَّفحة الأولى من تاريخ الأمة العربيَّة، صفحة الجهاد في إقامة صَرْح الإسلام، وجَمْع كلمة العرب تحت لواء الرَّسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – وما يُضاف إلى ذلك من نشاط النبِيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – وذكر آبائه، وما سبق حياتَه من أحداثٍ لها صِلَة بشأنه وحياة أصحابه الذين أبلَوْا معه في إقامة الدِّين[4].

ولعلَّ مِمَّا يستحِقُّ الإشارة إليه والإشادةَ به ما صنَعَه الأستاذ محمد أحمد باشميل في سلسلةٍ (مِن مَعارك الإسلام الفاصلة)؛ حيث أفردَ عددًا من غزوات الرَّسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – بمؤلَّف مستقلٍّ، لعلَّ من أبرز سِماته سَلاسة الأسلوب، وحرارة الكتابة التي تسيطر على الكاتب في كثيرٍ من المواقف، مع إشارةٍ إلى ما في تِلْك الغزوات من قضايا وفوائد نَحْن أحوَجُ ما نكون إليها في حياتنا المُعاصِرة.

يقول اللواء الرُّكن محمود شيت خطَّاب في تقديمه لأحدها: تلك الدُّروس والعِبَر تبرز من وراء الغيب عِبْرةً للعرب والمسلمين من تاريخ غزوات النبِيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – في حَرْب يَهود.
هذه الدُّروس وهذه العِبَر هي الَّتي يجب أن يأخذ العرَبُ والمُسلمون بها؛ لاستعادة حقِّهم المغتصَب في أرض فلسطين، وإذا لم يكن لِهذا الكتاب من فائدةٍ غير التَّذكير بهذه الدُّروس والعِبَر؛ فقد كَفاه فَخْرًا، وكفى مؤلِّفه أجرًا”[5].

ثالثًا: علاقة السِّيرة النَّبويَّة بالسنة:
السِّيرة النَّبويَّة جزءٌ لا يتجزَّأ مِن السُّنة النَّبويَّة، ولا شكَّ أن السُّنة تَحْمل خلال مُتونِها وعاءً كبيرًا يحمل من أحداث السِّيرة النَّبويَّة، كما أنَّ المنهج النقديَّ لروايات السُّنة والمسمَّى بِمُصطلَح الحديث هو المُعتبَر في تَقْييم روايات السِّيرة النَّبويَّة الصحيحة، وما زالت الكتابات تَتْرى في بيانِ صحيحِ السِّيرة من خلال هذا المنهج باختلافاتٍ يَسيرة بين الباحثين.
يَجْدر بنا قَبْل تِبْيان أوجُهِ العلاقة بين السِّيرة النَّبويَّة والسُّنة، أن نُعرِّف بالسُّنة.

اقرأ أيضا  رئيس جمعية إسلامية بفيتنام: لن ننسى مساعدات المسلمين الأتراك

السُّنة في اللُّغة:
السِّيرة أو العادة أو الطَّريقة المتبعة، حسَنة كانت أم سيِّئة، غير أنَّ أهل اللُّغة اتَّفَقوا على أنَّ كلمة السُّنة إذا أُطلِقَت انصرَفَت إلى الطَّريقة أو السِّيرة الحميدة فقط، ولا تُستعمَل في غيرها إلاَّ مقيَّدة[6].

السُّنة في الاصطلاح:
هي أقوالُه – صلَّى الله عليه وسلَّم – غير القُرْآن الكريم، وأفعاله، وتَقْريراته، وصفاته الخُلُقيَّة والخِلْقيَّة، وسائر أخباره سواء، كان ذلك قبل البَعْثة أم بعدها[7].
وإذا نظَرْنا إلى هذا التَّعريف وجَدْناه يلتَقِي في كثيرٍ منه مع مَوضوعِ علم السِّيرة؛ فدِراسة الصِّفات الخلقيَّة للنبِيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – ودراسة أحواله قبل البعثة وبعدها، كلُّ ذلك مِن موضوعات علم السِّيرة، وهو في الوقت ذاته من موضوعات السُّنة، وهذا يوضِّح مدى العلاقة بين هذَيْن العِلْمين الجليلَيْن، وإن كانتْ هناك بعضُ الفروق التي لا تخرم هذه العلاقة ولا تخلُّ بها، منها:
1 – أنَّ هناك عمومًا وخصوصًا وجهيًّا بين كلٍّ من السِّيرة والسُّنة بمعنى أنَّهما يجتمعان في أشياء، وينفرد كلُّ علمٍ منهما عن الآخَر بأشياء، فيَجْتمعان في بيان صفة أكْلِه – صلَّى الله عليه وسلَّم – وشربِه ونومه وما شابهَ ذلك.

وتنفرد السِّيرة بالتعَرُّض لِتَحديد ليلة مَولدِه – صلَّى الله عليه وسلَّم – والتعريف بنِسَبِة، وأجداده ومكانة أجداده – صلَّى الله عليه وسلَّم – في قومهم، وطهارتهم وقيامهم على خدمة بيت الله الحرام، وكثيرٍ من شؤونه – صلَّى الله عليه وسلَّم – كالآبار التي شَرِبَ منها، وكثيرٍ مِن أخبار المَغازي؛ كعَددِ مَن شَهِدَها وتوقيتها، وكم من أشياءٍ انفرَدَتْ بها السِّيرة احتاجها شُرَّاح الحديث في شُرُوحهم[8].

وتنفرد السُّنة بأحاديث الأَحْكام، والتي فيها النَّهْي عن الرِّبا، وشريعة الخيار، وشريعة الحوالة، والرَّهْن وما شابه ذلك[9]، وهذا الفصل الذي تَمَّ بين السِّيرة والسُّنة إنَّما كان لِحاجةِ المُسلمين لروايات الحديث في نطاق الأحكام والاستدلال الفِقْهي، ثم ما بقي بعد ذلك سَمَّوه بالسِّيرة – أيِ: الأمور الشخصيَّة المتعلِّقة برسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – وهذه يَرْجع إليها المسلم بِصَدد إنْماء العلاقة بينه وبين رسوله – صلَّى الله عليه وسلَّم – لِمَعرفة شخصيَّتِه.

2 – أنَّ الكتابة في السِّيرة النَّبوِيَّة يُراعى فيها الزَّمن وأحداثه، وذلك غير الكتابة في الحديث؛ حيث المنهَجُ فيه يختلف بِمَنهج الكتاب وغرَضِ مُؤلفِّه وجامعه، وهو فيه يدور على أمرَيْن:
أوَّلُهما: يتناول أقوال الرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – من حيث دلالتُها على الأحكام الشرعيَّة كما في الكتُب السِّتة، و”سنن الدرامي” و”الموطَّأ”.
ثانيهما: يتناوَل الحديث من حيث مرويَّاتُ الصَّحابة والشُّيوخ؛ كالمسانيد والمعاجم.

رابعًا: علاقة السِّيرة النَّبويَّة بالبناء الحضاري:
إنَّ ما حدثَ مِن الأمَّة المسلمة من إنتاجٍ حضاري لَم يكن أمرًا تطوُّعيًّا تقوم به الأُمَّة إن شاءت، وتَتْركه إن شاءت، إنَّما كان مقتضًى من مقتضَيات “لا إله إلاَّ الله” تلتزم الأمَّةُ الإسلامية بأدائه، وتُلام إذا لم تقم به؛ لأنَّه إن لم تَقُم به ستكون مقصِّرة في أداء أحد التَّكاليف التي كلَّفَها الله بها، وهو ينزل عليها مقتضيات “لا إله إلاَّ الله” فالإنتاج الحضاريُّ هو على أقَلِّ تقديرٍ من فروض الكفاية المفروضة على الأُمَّة.

قال الله: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ [الملك: 15]، وكلُّها تكاليف صريحةٌ أو ضِمْنية موجَّهة إلى الإنسان الذي جعَلَه الله خليفةً في الأرض، وكلُّها من مهامِّ الخِلافة التي خُلِق الإنسان من أجلها، وأبرَزُها عمارة الأرض، فإذا كان هذا تكليفًا للإنسان عامَّة الَّذي جعَلَه الله خليفةً في الأرض، وجُزْءًا من مهامِّه في الأرض، وأَوْلى النَّاس بذلك هو المُلتزم بِما جاء من عند الله، ولكن المهم في التِزام الإنسان المؤمن ليس فقط أن يقوم بعمارة الأرض؛ فهذا يقوم به الكافِرُ كذلك، ولكن أن يقومَ بعمارة الأرض بِمُقتضى المنهج الربَّاني وهذا بالذَّات هو المقتضى الحضاريُّ لـ”لا إله إلاَّ الله”؛ لأنَّ الإنجاز الحضاريَّ لا بُدَّ أن يَكون متمشِّيًا مع غاية الوُجُود الإنساني محققًا لها، وهذا هو الغرَضُ من هذا الإنجاز؛ فإنَّ الحضارة ليستْ مجرَّد البَراعة في الإنتاج المادِّي، وإن كان هذا مطلوبًا للنَّجاح والتمكين في الأرض، ولكن هذه البَراعة وحْدَها من غير الالتِزام بالمنهج الصَّحيح لا تُنشئ حضارةً، أو قل: أو تُنشئ حضارة جاهليَّة، حضارة تُحقِّق جانبًا من كيان الإنسان، ولا تحقِّق كيانه كلَّه، ولا تحقِّق أثْمنَ ما فيه وتدمِّره في النِّهاية، فالحضارة الحقيقيَّة هي الَّتي تعمر الأرض بِمُقتضى المنهج الربَّاني، هي الَّتي تجمع أمْرَ الدُّنيا والآخِرَة، أمر الجسَد والرُّوح، أمر العمل والعبادة، هي التي تأخذ الإنسان كلَّه بحسِّياته ومعنويَّاته، بنشاط جسده ونشاط عقله ونشاط روحه، بإبداعه في عالَمِ المادَّة وارتفاعه في عالم القِيَم، هي حضارة الإنسان في أفُقِه الأعلى، يدبُّ على الأرض بِقدَميْه وقلبه معلَّق بالسَّماء؛ ولذلك كان من أهمِّ عناصر قيام الحضارة الخاصَّة بهذه الأمة هو أنْ جعَلَها الله ﴿ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ﴾ [البقرة: 143]، فتَكون الأمَّة شاهدةً على النَّاس، ولكن الناس لا يَشْهَدون لها إلاَّ حين تكون قد أعطَت النموذج العمَلِيَّ الذي تتعلَّم منه البشريَّة حقيقة هذا الدِّين، وكيف تشهد الأمَّةُ الإسلامية بهذا الدِّين على النَّاس إن لَم تطبق كلَّ مقتضَياته كلها على الإطلاق، وتتفوَّق فيها لِتُعطي النَّموذج المطلوب، إنَّه ليس تطوُّعًا من هذه الأمَّة أن تقوم بِنَشاطها الحضاريِّ، ولكنَّه تكليف[10].

ومِن هذا المُنطلَق كانت السِّيرة النَّبويَّة مصدرًا لكلِّ معرفة، ومفتاح نهضة المسلمين وحضارتهم، وهي فوق كلِّ هذا الهيكلُ الحديدي الذي قام عليه صَرْحُ الإسلام، والعمل بها حفظٌ لكيان الإسلام وتقدُّمه، وتركها هَدْم لدين الإسلام، وتأخُّر المسلمين، “فالسِّيرة تاريخ، بل هي أهَمُّ وأزكى فترات تاريخ البشريَّة[11]، وما بعدها من تواريخ فإنَّما هو تابِعٌ لَها.

وتأمَّل معي ذاك المُشْرِك، وهو يعترف بِشُمول السِّيرة النَّبويَّة العطرة لكلِّ أمور الحياة، مُعترِفًا على نفسه، ومن على شاكلته، بأنَّهم يحرصون على معرفة تعاليم السيرة، فعن سَلْمان قال: قيل له: قد علَّمَكم نبيُّكم – صلَّى الله عليه وسلَّم – كلَّ شيءٍ حتَّى الخراءة؟ قال: فقال: أجَل؛ لقد نَهانا أن نستقبِل القبلة لغائطٍ أو بولٍ، أو أن نستنجي باليمين أو أن نستنجي بأقلَّ مِن ثلاثةِ أحجارٍ، أو أن نَسْتنجي بِرَجيعٍ أو بِعَظْمٍ[12].

اقرأ أيضا  أردوغان: الشعب سيلقن الذين يتحدون القرآن والسنة درسًا

وانظر إلى قول السَّائل: “قد علَّمَكم نبيُّكم كلَّ شيءٍ”، تجد أنَّها تدلُّ على تتَبُّع هؤلاء لأمور السُّنة النَّبويَّة والسِّيرة العطرة، واعترافِهم – مع أهلها – بِشُمولها لكلِّ أمور الحياة[13].

فالسِّيرة هي مفتاحُ التقَدُّم الحضاري لما تَحْويه من علومٍ شتَّى تُعد أساسياتٍ شرعيَّةً للبناء الحضاري، ولا يشكُّ في ذلك عاقل، فهذا التخلُّف الحضاري الواضح والتبَلُّد الفكري والثقافي والتأخُّر، لا أرى له سببًا إلاَّ غياب القدوة النَّبويَّة في حياتنا؛ لأنَّ الذي يتكلَّم في أمور العامَّة قد أخذَ القدوة من أهل الكُفْر، وقد حدثَ هذا التأخُّر؛ “لأنَّ المسلمين فقَدوا أسباب التَّمكين في الأرض، فعصفَتْ بهم الرِّياح الهوجاء، إنَّ الرِّياح مهما اشتدَّتْ لا تنقل الجبال، ولكنَّها تنقل كثبان الرِّمال”[14].

إنَّ السيرة النَّبويَّة هي تِلْك: الجُذور التي تَرْبطنا في أعماق التَّاريخ برسالة المَجْد الإلهيِّ الَّتي جعلَتْ من أمَّتِنا خيرَ أمَّة أُخرِجَت للنَّاس[15]، فلا بدَّ إذًا من “جراحاتٍ جَريئة في جسَد الأمَّة؛ لِبَتْر البِدَع والأوهام التي تغلغَلَتْ في حياتنا وأفسَدَت نظرتنا للدِّين”[16].

إنَّنا في حاجةٍ ماسَّة إلى إيقاظ ما تَخدَّر من حِسِّ المسلمين وما تبَلَّد من عواطفهم ومشاعرهم تجاه نبيِّهم، ويجب أن يُعْلَم أنَّ مجد الجاهليَّة قديمًا وحديثًا إنَّما يُبنَى على أشْلاء العباد، وأنَّ حضارة الغابرين من الأمم الجاهليَّة والحضارة الحاليَّة عبارةٌ عن حضارةٍ من حجارة، قَتَلوا فيها نفخة الرُّوح، واستغَلُّوا منها قبضةَ الطِّين، أمَّا حضارة الإسلام فهي حضارةُ بِناء الإنسان والقِيَم؛ قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ﴾ [الإسراء: 70]، وهذا التَّكريم إنَّما جاء لأَجْل بِناء العقيدة الَّتي هي في عُرْف القوم حَضارة، قال الأعرابِيُّ للنبِيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم -: مَا شاءَ الله وشِئْتَ، فقال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أجعلتَني للهِ نِدًّا؟!)).

إنَّها حضارة مُستمَدَّة من كتاب ربِّنا، وسيرة نبيِّنا محمَّد – عليه الصَّلاة والسَّلام – “فهي إنسانيَّةٌ في دعوتها وهدَفِها ومنطقها وإنتاجها”[17]؛ لأنَّ جميع “الحضارات السَّابقة حضاراتٌ مَصْنوعة، جاء مضمون كلِّ حضارة منها كرَدِّ فعلٍ للحضارة التي تسبِقُها مثلما جاءت حضارَةُ القُوَّة المادِّية الرُّومانية كرَدِّ فعلٍ لحضارةِ المثالية الخياليَّة اليونانيَّة، وجاءَتْ حضارة الحاكم الإلهِ “الفارسيَّة” كرَدِّ فعلٍ للقوَّة المادية الرُّومانية، وأن كلَّ حضارةٍ “مِمَّا سبَق” لَم تتكوَّن إلاَّ بعد فترة زمنيَّة طويلة، وقَطْع أشواط تاريخيَّة عبر حياة الأمَّة، وهذا دليلٌ على أنَّها حضاراتٌ لَم تُصنَع على عين الله.

الأمر الذي يختَلِف تَمامًا في حضارة الأُمَّة الإسلاميَّة التي تكوَّنَت في حياة مؤسِّسها الأوَّل سيدنا محمَّد – صلَّى الله عليه وسلَّم – لأنَّها كانتْ بِوَحْي الله، ولَم تكن بِتَراكمات الخبرة المأخوذة بالقُدْرة البشريَّة كما هو الأمر بالنِّسبة للحضارات الأخرى”[18].

فمِنْ خلال هذا البيان يتَّضِح لنا أنَّ سيرة النبِيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – أيْ: حياته – كانتْ وفقًا لِمُراد الله لتحقيق واقع الحضارة الإنسانيَّة على الأرض، فإنَّ حضارة الحجارة وحضارة الآلة لا تَبْني الإنسان؛ فالحجَر لا يحسُّ الحجر.

“فلِكلِّ حضارةٍ مضمون، والأُمَّة الإسلاميَّة هي الأُمة ذات المَضْمون الحضاريِّ المُطْلَق وهو الحقُّ، والحق – كما يُقرِّر ذلك العلاَّمة رفاعي سُرور – هو: مَضْمون الحرَكة الإسلاميَّة وحضارتها، ومِن هنا كانت خصائصُ الحضارة الإسلاميَّة صادرةً عن مضمونها، كما أنَّ الأمة الإسلامية هي الأُمة التي لم يَنْقطع وجودُها التاريخيُّ لحظةً واحدة على هذه الأرض”[19]؛ لأنَّ قيام هذه الأُمة لم يكنْ ردَّ فعل لحضارةٍ ما قائمةٍ حينئذ؛ لأنَّ “قيام الحضارات بِمَنطق الفعل ورَدِّ الفعل دليلٌ على أنَّها حضاراتٌ مَصْنوعة بشريًّا”[20].

وكانت أوَّل لَبِنة في بناء هذه الحَضارة هي سيرة النبِيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – فيتَّضِح لنا أنَّ حياة النبِيِّ كانت وفقًا لِمُراد الله لتحقيق الحضارة الإنسانيَّة على الأرض، متمثِّلة في شخصِ رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم.

يقول محمد أسد – ليوبولد فايس سابقًا – في بيانِ أهَميَّة السِّيرة العَطِرة في تاريخ المسلمين وحضارتهم: لقد كانت السِّيرة النَّبويَّة مفتاحًا لِفَهم النَّهضة الإسلاميَّة منذ أكثر مِن خمسةَ عشر قرنًا، فلماذا لا تكون مفتاحًا لفهم انْحلالِ الحاضر؟

إنَّ العمل بِسُنَّة رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – وسيرته العَطِرة هو عمَلٌ على حفظ كيان الإسلام وعلى تقدُّمه، وأن ترك السُّنة والسيرة هو انحلالُ الإسلام.

لقد كانت السُّنةُ والسِّيرةُ الهيكلَ الحديديَّ الذي قام عليه صرحُ الإسلام، وإنَّك إذا أزلْتَ هيكل بناءٍ ما! أفيدهَشُك بعدُ أنْ يتقَوَّض ذلك البناء كأنَّه بيتٌ من ورَق[21].

إنَّ الطعن في السِّيرة العطرة والسُّنة المطهَّرة طعنٌ في حقيقة الإسلام قرآنًا وسُنَّة، وتاريخًا وحضارة! لأنَّه مِمَّا لا يخفى أنَّ القرآن الكريم إنَّما نزل لِهداية البشر إلى مَصالحهم الدينيَّة والدُّنيوية؛ ولهذا بَيَّنَ لَهم طريق العمل وسُبل النَّجاح، وأعلن أنَّ الأمة التي تعمل بهذا القانون تكونُ لَها الخلافة في الأرض، وتنال من السَّعادة والسيادة ما لا يزيد عليه، وتكون خيرَ أُمَّة أُخرِجَت للنَّاس، وكلُّ من لا يعمل بهذا القانون يكون ذَليلاً مُهانًا في الأرض، وشقِيًّا في الدُّنيا والآخرة، فإذا سألَنا أحَدٌ: هل وجدتَ أُمَّة في زمَنٍ من الأزمان عمِلَتْ بهذا القانون؟ وهل نالت به ما وعدَتْ؟ ومتى كانت هذه الأُمَّة؟ وكيف كانت طريقةُ عمَلِها بهذا القانون؟ وأين التاريخ الصَّحيح لأعمالها؟

نقول له: نعم، وُجِدَت أمَّة عظيمة عمِلَتْ بهذا الكتاب الحكيم، واتَّخذَتْه قانونًا أساسيًّا لها مدَّةً كبيرة، فصَدَقَها الله وعده، وأنعمَ عليها بالخلافة والسِّيادة في الأرض، وامتدَّ سُلطانُها إلى مَشارق الأرض ومَغاربِها، وكانتْ أمَّة لا نظيرَ لَها في تاريخ العالَم وتاريخ أعمالهِم المَجيدة وطريقة تنفيذهم لأحكام القرآن وكيفيَّة عمَلِهم بها، كل ذلك ثابتٌ مَحفوظ بصورةٍ عديمة المثال، فإنَّه لا يوجد تاريخٌ لأُمَّة من الأمم يبيِّن عملها وتَمسُّكها في كلِّ شؤونها بقانونها مثل تاريخ هذه الأمَّة.

اقرأ أيضا  مثل المؤمن مثل النحلة …

هذه الأمَّة هي رَسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – وأصحابه والتَّابعون لهم بإحسان، وهذا التَّاريخ هو السُّنة النَّبويَّة والسِّيرة العطرة؛ فبِهما يعلم كيف عمل الرَّسول وأصحابه بالقرآن، وبِهما يعرف أنَّ القرآن قانونٌ قد عمل به، ونجحَتْ أُصوله الإداريَّة والسِّياسية والمدنيَّة والأخلاقيَّة، وليس هو مجموعةَ نظريَّات مُحتاجة للإثبات بالتَّجرِبة والتَّطبيق!

وأمَّا إذا عَمِلْنا برأي المُنكِرين للحديث والسِّيرة العطرة الواردة في السُّنة، فسيضيع تاريخ الإسلام الذَّهبي ولا يَقْدر أحَدٌ أن يثبت أنَّ القرآن قد عمِلَتْ به أمَّة من الأمم، ونجحَتْ في تأسيس حكومةٍ إسلاميَّة مطبِّقة لتعليماته؛ فهل يَرْضى المسلمون بهذا؟ لا والله، لا المسلمون يرضَوْن بهذا، ولا العلم ولا التَّاريخ يرضَيان بهذا! ﴿ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ﴾ [النساء: 78][22]، “فاتِّباع تلك السِّيرة المطهَّرة، والاهتداء بها واعتمادها في معرفة شخصيَّة النبِيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – يوضح لنا كيف أنَّ رسول الله والقرآن الكريم كيانٌ واحد، وأنَّ سيرته الشريفة هي التَّرجمة الحيَّة لما اشتملَ عليه القرآنُ الكريم من تَعاليمَ وأحكام”[23].
فلا سبيل لنا إلى مَعْرفة نبيِّنا حقَّ المعرفة سوى بتلك السِّيرة والسُّنة النَّبويَّة التي بَيْن أيدينا؛ مِمَّا جمَعَه كبار الأئمَّة الأعلام – جزاهم الله عنَّا خير الجزاء.
قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾ [النساء: 69].

خامسًا: علاقة السِّيرة النَّبويَّة بعلوم الأدب:
مِمَّا لا شكَّ فيه أن المشركين قد هاجَموا الرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – ودعوته على ألسِنَة شُعرائهم، مِمَّا اضطرَّ المسلمين إلى الردِّ عليهم على ألسنة شُعرائهم؛ كحسَّان بن ثابت، وعبدالله بن رواحة، وغيرهما، وقد تضمَّنَت كتبُ الأدب وكتبُ السِّيرة الَّتي صُنِّفَت فيما بعد قسطًا كبيرًا من هذه الأشعار التي نستطيع أن نستنتِجَ منها حقائق كثيرةً عن البيئة التي كان يعيش فيها الرَّسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – والتي ترعرعَتْ فيها دعوة الإسلام أوَّل قيامها[24].

والشِّعر ديوان العرب، به وُثِّقَت أيَّامهم وتواريخهم، وبه يَفْهمون لُغتَهم، وقد عُدَّ من مصادر المعلومات عن السيرة النَّبويَّة، ولا يكاد يَخْلو مُؤلَّف في السيرة النَّبويَّة قديمًا وحديثًا من الاستِشْهاد بشواهد شعريَّة، بل إنَّ صياغة أحداث السيرة النَّبويَّة ونَظْمَها شعرًا أمرٌ عُنِيَ به الكثيرون.

وفي العصر الحديث كتبَ العديد من الكُتَّاب السيرةَ النَّبويَّة بلغةٍ أدبيَّة؛ كقصَّة أو مسرحية، كلَوْنٍ من ألوان الإبداع، ولا يَخْلو معظمها من سيطرة ثقافة الكاتب التي عادةً ما تكون بعيدةً عن الرُّؤية الشرعيَّة.

“وتُعَدُّ دواوين الشِّعر وثائقَ مهِمَّة في كثيرٍ من الموضوعات، ولعَلَّ المُطَّلِع على كتاب “المغازي” لابن إسحاق، وكتاب “السيرة النَّبويَّة” لابن هشام، يرى القَدْر الهائل من الأبيات الشعريَّة التي تُصوِّر جزءًا مهمًّا من أحداث السيرة النَّبويَّة، والمطَّلِع أيضًا على دواوين الشِّعر لحسَّان بن ثابت، وكعب بن مالك، وعبدالله بن رواحة، يجد فيها الفائدة الكبيرة في سيرة الرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – بل إنَّ حسان بن ثابت – رضي الله عنه – يُسمَّى بشاعر الرَّسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – ومع تسليمنا بفائدة كتب الأدب النثريَّة والشعريَّة، إلا أنه “ينبغي الانتباهُ إلى أنَّ كتب الأدب تُعنى بالشاذِّ والغريب، والطَّريف، فتُدوِّنه أكثرَ من عنايتها بأحداث الحياة الرتيبة، ومِن هنا نتبيَّن خطورة تعميم ما فيها”[25].
يتبع

________________________________________
[1] “شعاع من السيرة النبوية في العهد المكي”، ص23.
[2] “المفردات”، ص: 260.
[3] “السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة”، الدكتور مروان شاهين ص 9، و”محمد رسول الله بين كتاب السيرة العطرة” ص 18 – 19.
[4] “مقدمة السيرة النبوية” لابن هشام، تحقيق: مصطفى السقا، وإبراهيم الإبياري، وعبدالحفيظ شلبي.
[5] “اتِّجاهات الكتابة والتصنيف في السيرة النبوية، ودراساتها الدعوية”، د. إبراهيم بن صالح الحميدان.
[6] “اللسان”، مادة: سنن، تاج العروس، نفس المادة، “المعجم الوسيط”، نفس المادة، “إرشاد الفحول”، ص 33.
[7] “السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي”، ص 47، “الوسيط في علوم ومصطلح الحديث” ص 16.
[8] “فتح الباري” كتاب الجهاد، باب وجوب النَّفِير 6/ 44.
[9] “السيرة النبوية” للدكتور عبدالمهدي 1/ 7 – 8، نقلاً من “السيرة النبوية”، د/ فالح الصغير.
[10] “لا إله إلا الله، عقيدة وشريعة ومنهاج حياة” للشيخ/ محمد قطب ص 100 – 108 دار الشروق، بتصرُّف.
[11] “وقفات تربوية مع السيرة النبوية” د/ أحمد فريد، ص 10.
[12] مسلم، كتاب الطهارة، رقم 262.
[13] “السنة النبوية، مكانتها، عوامل بقائها، تدوينها”، لفضيلة الأستاذ الدكتور/ عبدالمهدي عبدالقادر ص 66، 67.
[14] “الفساد السياسي”، محمد الغزالي ص 6.
[15] “المرأة بين تكريم الإسلام وإهانة الجاهلية”، د/ محمد بن إسماعيل المقدم ص 35، دار ابن الجوزي.
[16] “الفساد السياسي”، محمد الغزالي، ص 89.
[17] “المنهج في كتابات الغربيين عن التاريخ الإسلامي”، ص 25.
[18] “التصوُّر السياسي للحركة الإسلامية”، رفاعي سرور، ص 47 – 48.
[19] السابق، ص 4، ص 47، بتصرف.
[20] السابق: ص 3، هامش 1.
[21] “الإسلام على مفترق الطرق”، ترجمة دكتور/ عمر فروخ، ص 87 بتصرف.
[22] رد شبهات حول عصمة النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – دكتور/ عماد الشربيني ص 59 – 61.
[23] السابق، ص 465 – 467 بتصرف طفيف وزيادة.
[24] “السيرة النبوية” للسباعي، ص 15.
[25] “مصادر السِّيرَة النبوية دراسة تحليلية نقدية” دكتور/ ضيف الله بن يحيي الزهراني: ص 60، و”السيرة النبوية” للعمري 1/ 71
-الألوكة-

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.