عوامل ثابتة حول انهيار الكيان الصهيوني الإسرائيلي
بقلم: الشيخ يخشى الله منصور، إمام جماعة المسلمين (حزب الله)
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله سبحانه وتعالى:
وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا۟ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا ٱلْقَوْلُ فَدَمَّرْنَٰهَا تَدْمِيرًا (الاسراء[١٧]: ١٦)
وفقًا لتفسير الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله (508 هـ-597 هـ)، فقد ذكر ثلاثة معانٍ لكلمة “أَمَرْنَا” في الآية الكريمة:
الأول، ذكر سعيد بن جبير، فإن كلمة “أمرنا” تعني “أمرناهم”. لذلك، تعني الآية: “إذا أردنا أن نهلك قريةً، أمرنا مترفيها بالطاعة لله، لكنهم عصوا وأفسدوا…”
الثالث، وفقًا لابن الأنباري، فإن كلمة “أمرنا” تعني “جعلناهم حكامًا”. أي أن الآية تعني: “إذا أردنا أن نهلك قريةً، جعلنا مترفيها حكامًا، ففسقوا وأفسدوا…”
أما الإمام ابن كثير رحمه الله فقد أوضح أن الله سبحانه وتعالى لا يهلك أمةً حتى يرسل إليهم منذرين ليدعو قادتهم إلى إقامة العدل والطاعة، ووقف جميع أشكال المعاصي والظلم. ومع ذلك، إذا استمر الحكام في الظلم والعصيان والفساد، ولم يستجيبوا للتحذيرات، فإنه في تلك اللحظة يأتي قضاء الله سبحانه وتعالى بالهلاك لتلك الأمة.
في آيات أخرى، ذُكرت بعض الكلمات التي تشير إلى الهلاك، منها: “هلك” (هلاك)، “فسد” (إفساد)، و”دمر” (تدمير). كل الهلاك والفساد والتدمير يحدث بسبب أفعال البشر أنفسهم.
يحدث الهلاك بطرق مختلفة، قد يكون ذلك من خلال الكوارث الطبيعية مثل العواصف المطرية والفيضانات، كما حدث لقوم نوح عليه السلام، أو الزلازل والانهيارات الأرضية كما حدث لقوم لوط عليه السلام. وقد تكون أيضًا أوبئة وأمراض معدية كما حدث لقوم هود وصالح وموسى عليهم السلام. أو من خلال الهجوم والتدمير على يد الأعداء، كما حدث لبني إسرائيل وبابل.
في السياق الحالي، يمكن أن يكون هلاك أمة معينة مرتبطًا بالغرور والتكبر. فهم يقتلون ويطردون ويحتلون أراضي أمة أخرى، وعندما يصلون إلى ذروة تكبرهم، في تلك اللحظة يهلكهم الله سبحانه وتعالى بسبب تكبرهم.
كما نرى الآن، غرور وتكبر الصهاينة الإسرائيليين الذين يرتكبون إبادة جماعية في غزة، فلسطين. إنهم لا يهتمون بنداءات الإنسانية من المجتمع الدولي. هم الآن في قمة تكبرهم، وقد حان الوقت لهلاكهم بسبب تكبرهم.
وفقًا لقول سيد قطب في تفسيره “في ظلال القرآن”، فإن حادثة الإسراء المذكورة في سورة الإسراء تشير إلى سقوط مجد بني إسرائيل (اليهود).
وفي سياق تاريخ نشوء دولة إسرائيل في فلسطين، يقول محمد الرشيد إن الله سبحانه وتعالى أعاد الأرض إليهم مرة ثانية، وقد تحقق ذلك بإعلان دولة إسرائيل عام 1948 بعد هزيمة أعدائها (الجيوش العربية).
ثم حازوا على ثروات هائلة بفضل المساعدات من الولايات المتحدة والدول الداعمة لهم. وتواصلت الهيمنة الصهيونية بانتصاراتهم في حروب 1948 و1967 ضد الدول العربية (مصر، الأردن، وسوريا).
وبعودتهم واجتماعهم في فلسطين في الوقت الحالي، فهذا يشير إلى قرب هلاكهم للمرة الثانية. إنهم ينتظرون الشخص الذي سيهزمهم ويعيدهم إلى ما كانوا عليه ويدخل المسجد الأقصى ويدمرهم تدميرًا شاملًا. (سورة الإسراء: 7).
ووفقًا للشيخ بيظوت التميمي، إمام المسجد الأقصى الكبير في الستينيات، في كتابه “إسرائيل والقرآن” (1975)، فإن من سيهزم الصهاينة الإسرائيليين هم “عبادنا أولي بأس شديد”، أي عباد الله الذين يتمتعون بالقوة الجسدية، والصحة العقلية، والعلم العظيم (سورة الإسراء: 5).
وفي الوقت نفسه، يرى المؤرخ والمحلل السياسي الإسرائيلي إيلان بابي أن بلاده تقف على شفا انهيار تام.
في مقالة له، قال: “وإذا كانت تحليلاتي صحيحة، فإننا ندخل في مرحلة خطيرة للغاية. إسرائيل تشبه نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا في أيامه الأخيرة”.
ذكر إيلان بابي ستة مؤشرات على انهيار النظام الصهيوني الإسرائيلي، منها:
أولاً، الانقسام الداخلي بين اليهود العلمانيين والمتدينين في إسرائيل قبل هجوم 7 أكتوبر 2023.
يقول بابي إن المجتمع العلماني، الذي يتألف في معظمه من يهود أوروبا، يسعى لقمع الفلسطينيين بأي وسيلة لمواصلة حياة حرة وليبرالية. بينما ترغب الجماعات الدينية في تحويل إسرائيل إلى نظام ديني قائم على تعاليم اليهودية.
ثانيًا، الدعم العالمي غير المسبوق لقضية فلسطين، مستوحى من النضال ضد الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، مما أدى إلى حملة مقاطعة، وسحب الاستثمارات، وفرض عقوبات على إسرائيل.
ثالثًا، هناك فجوة اقتصادية هائلة داخل إسرائيل، تتزايد عامًا بعد عام، مما يرفع من مخاطر الفقر المدقع. هذا بالإضافة إلى تكاليف الحرب التي زادت بعد 7 أكتوبر، مع تراجع المساعدات الأمريكية.
رابعًا، العجز العسكري الإسرائيلي عن حماية المناطق الجنوبية والشمالية. حيث فرّ ما لا يقل عن 120,000 شخص من الشمال، معظمهم من اليهود.
خامسًا، الجيل الجديد من اليهود، خاصة المقيمين في الولايات المتحدة، يعارض أفكار الجيل الأكبر، التي كانت ترى أن إسرائيل ستحميهم من موجات معاداة السامية.
سادسًا، الوحدة الوطنية الفلسطينية، بدعم من قوى كبرى مثل الصين، روسيا، تركيا، والدول الإسلامية الأخرى، مثل إندونيسيا وماليزيا وباكستان، تقدم دعمًا كبيرًا لفلسطين.
وبغض النظر عن هذه الظواهر التي تشير إلى انهيار الصهيونية اليهودية، فإن المسلمين لا ينبغي لهم الوقوف مكتوفي الأيدي، بل يجب عليهم توحيد الصفوف والعمل سويًا، لطلب العون من الله سبحانه وتعالى حتى لا تستمر الجرائم الصهيونية اليهودية.
أما متى سيكون انهيارهم، فالله سبحانه وتعالى وحده هو الأعلم.
وكالة مينا للأنباء