عيد الأضحى: بين الألم والأمل
أ.د. يوسف رزقة
الأحد 9 ذو الحجة 1437/ 11 سبتمبر/ أيلول 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”
للمسلمين عيدان: عيد الفطر، بعد ركن الصيام، ثم عيد الأضحى، بعد ركن الحج. ونحن اليوم الاثنين نعيش الأضحى المبارك بعد أن صمنا يوم عرفة. نعيش الأضحى بكل أحاسيسنا وجوارحنا وتفكيرنا، وننظر إلى واقع أمتنا العربية والإسلامية، فلا نجد في كتابها صفحات سرور وفرح كثيرة في عصرنا الحديث، فصفحات كتابها في عامنا ٢٠١٦م صفحات ممزقة، السواد فيه أكثر من البياض بكثير.
إننا ننظر في أمر العراق فيصبنا الغثيان من كارثة الطائفية والمذهبية، وتداعياتها من قتلى وتقسيم،، وننظر في سوريا وما يجري فيها فلا ندري من أي طرف من أطراف الكارثة نمسك، أو نعالج، القتل والدمار والتهجير والنزوح، هو ما يتحدث في سوريا؟! وتحدثنا روسيا وأميركا عن سعيهما لوقف إطلاق النار وحل سياسي للأزمة، وكأن سوريا باتت ملكا لهاتين الدولتين الكبيرتين ،وليس لشعبها المضطهد؟!
وإذا نظرنا في اليمن لا نجد فيه عيدا كما لا نجده في العراق وسوريا، فالبلاد في حرب أهلية وطائفية طاحنة، ولا أحد من المتقاتلين يريد أن يغلب (حكمة اليمن) الشهيرة على تصرفاته وإجراءاته. ، العيد في اليمن كالعيد في العراق وسوريا هو في المقابر، والمشافي، والمهاجر؟! مؤسف. نتذكر أنفسنا وإخوان نا في هذه البلاد فنصاب بالغثيان والإرهاق والألم المضني.
، وليست ليبيا التي تخلصت من القائد المستبد بأحسن حالا من اليمن وسوريا والعراق. وإنه لمن سخرية الواقع أن يذهب بعض المصريين إلى القول بأنهم في بلادهم أحسن حالا من هذه البلدان، بينما مئات العائلات لا تعرف طعم العيد لوجود أبنائها في المعتقلات، ولانقسام الشعب والوطن، أو للغلاء الفاحش غير المسبوق، أو لهموم الحياة الدنيا الأخرى.
الحج ركن فيه من التضحية بالمال والجهد ما فيه، فهو كما قيل جهاد لا شوكة فيه، وهو مدرسة في البذل والتضحية، ولكن العرب والمسلمين في الدول التي ذكرت وغيرها في حاجة إلى مراجعة (فكرة التضحية، وفكرة النحر، وفكرة الفداء الرباني لأبيهم إسماعيل) ، عسى أن يقوموا جميعا ببعض التضحية أحدهم للآخر ليلتقوا على كلمة سواء ترتفع بها الدماء، ويقف بها القتال الطائفي، والمذهبي، والحزبي، وغيره.
ماذا عسى أن تفعل صحيفة يومية ( كصحيفة فلسطين ) في عيد الأضحى سوى أن تذكّر المسلمين بواقعهم الكارثي، وتدعوهم إلى مراجعة أنفسهم وأحوالهم والاستفادة من المناسبة في المصالحة مع الله، والعودة الى الله، ورجم الشيطان الذي زرع بينهم الشر.
وهي ( الصحيفة وإدارتها ) في الوقت نفسه لا يسعها إلا أن تتقدم بالتهنئة الحارة للعالمين العربي والإسلامي بعيد الأضحى المبارك، وتخص بالتهنئة شعبنا الفلسطيني، وأسراه وعوائلهم ، وعوائل الشهداء ممن لحقوا بالرفيق الأعلى دفاعا عن الدين ثم الوطن، وتخص أيضا بالتهنئة كل العاملين والعاملات في الصحيفة الغراء، وتشكر لهم اهتمامهم وحسن أدائهم، والتهنئة موصولة لقراء الجريدة بشكل عام، ولشركاء الجريدة من مؤسسات وشركات، ومراكز، فكل عام والجميع بخير، وندعو الله أن يجعله عيدا مباركا مقبولا، وأن يعيده الله علينا وعليكم ، في العام القادم، وقد تحررت بلادنا، وقدسنا، وأقصانا، وقد رفع الله القتل والهدم والدم والحروب الداخلية من بلاد العرب والمسلمين. اللهم آمين. وكل عام وأنتم بخير.
(صحيفة فلسطين)
المصدر : فلسطين أون لاين