فقرة من القمة
أ.د يوسف رزقة
“نحن قادةَ الدول العربية المجتمعين في الظهران بالمملكة العربية السعودية يوم 29 رجب 1439 هـ الموافق 15 أبريل 2018م في الدورة العادية التاسعة والعشرين لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة ، نؤكد أهمية تعزيز العمل العربي المشترك المبني على منهجية واضحة وأسس متينة تحمي أمتنا من الأخطار المحدقة بها، وتصون الأمن والاستقرار، وتؤمن مستقبلاً مشرقاً واعداً يحمل الأمل والرخاء للأجيال القادمة، وتسهم في إعادة الأمل لشعوبنا العربية التي عانت من ويلات ما يسمى الربيع العربي وما تبعه من أحداث وتحولات كان لها الأثر البالغ في إنهاك جسد الأمة”. انتهى.
لم تعد القمة العربية حدثا سنويا مثيرا بعد أن فشلت في تحقيق بعض آمال الشعوب العربية بها، لذا فهي تنعقد وتنهي أعمالها دون اهتمام يذكر من الشعوب والمثقفين، وبات خبرها عمودا داخليا في الصحافة اليومية، ذلك أن بيانها الختامي عادة ما يكون كلاما مكررا عن سنوات ماضية، ومع ذلك فقد لفتت انتباهي فقرة من بيانها الختامي يتعلق بالعمل المشترك وبالربيع العربي، كما ورد في الاقتباس.
هذه الفقرة من ديباجة إعلان الظهران، ويلفت انتباه القارئ لها أنها تخالف الواقع، وتتناقض مع رؤية الأجيال وآمالها. أما أنها تخالف الواقع فلأن الواقع القائم بين البلاد العربية يحكى أسوأ مرحلة من مراحل العمل المشترك بين هذه الدول، يشهد على ذلك حصار قطر، وحرب اليمن، والصراع في سوريا وليبيا، والسودان، والهرولة نحو إسرائيل. العمل المشترك بين هذه الدول يكاد ينحصر في معاداة الإسلام، والحركات الإسلامية، والتعاون شبه الجمعي أمنيا مع إسرائيل. العمل المشترك يمر من خلال تل أبيب، أو واشنطن؟!
أما أنها تتناقض مع رؤية الأجيال وآمالها، فهذا يظهر من مهاجمة القمة في هذه الفقرة للربيع العربي، وتحميله أوزار ما تعيشه البلاد العربية، مع أن ثورات الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا كانت ثورات للشعب والأجيال القادمة على الاستبداد والديكتاتورية، وكان الربيع العربي يمثل الأمل عن الشباب، قبل القضاء عليه من خلال الثورات المضادة التي حركتها إسرائيل، وأميركا، ومولتها دول خليجية غنية، ومن ثمة تمزقت الأمة، واستعاد الاستبداد كرسي الحكم، وسخره للقضاء على الأمل بالتغيير والديمقراطية، واحتضن إسرائيل، وخضع لمطالب الحماية الأميركية؟!
إن الذي أنهك جسد الأمة، وما زال ينهكها، هو الاستبداد، وهو الثورات المضادة، والتبعية لأميركا والغرب، وقمعُ أحرار الأمة وإلقاؤهم في السجون، ومصادرة أملاكهم، وقطع أرزاقهم. إن القمة التي لا يرى فيها الأعضاء عيوب أنفسهم، سيفشلون حتما في بعث الأمل في نفوس الأجيال القادمة، ولن يشكلوا رافعة للعمل العربي المشترك
المصدر : فلسطين أون لاين