في ذكر فضائل القرآن العظيم وفاتحته
نايف بن محمد بن سعد الراجحي
(معراج) – الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم وسار على نهجهم إلى يوم الدين.
أما بعـد:
فلا شك أن القرآن هو كلام الله، وهو أعظم الذكر وأجل الذكر وأفضل الذكر على الإطلاق، ومن قرأ حرفاً منه فله عشر حسنات كما قال صلى الله عليه وسلم: “من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول الم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف[1].
ثم إن هذا القرآن العظيم هو الدستور الإلهي للثقلين، أنزله الله على أفضل الأنبياء والمرسلين وخاتمهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. وقد حث الأمة ورغبهم في حفظه والعمل به وتعليمه للغير، فإن من تعلم وعمل وعلّم دُعي في السماء عظيماً.
وقد أرشد الرسول الأمة بأن هناك بعض الآيات والسور التي لها منزلة عظيمة رفيعة عند الله سبحانه وتعالى، فمنها ما يعدل قراءة ثلث القرآن، ومنها ما يعدل ربع القرآن، ومنها من يدافع عن صاحبه في القبر، وإلى بعض الفوائد العظيمة الأخرى.
وبعد هذه المقدمة اليسيرة المختصرة عن القرآن العظيم نقف مع أعظم سورة في القرآن العظيم وهي سورة الفاتحة.
سورة الفاتحة وفضائلها العظيمة:
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم [الفَاتِحَة: 1-7] ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ﴾.
أخي المسلم وأختي المسلمة: إن هذه السورة العظيمة الجليلة الرفيعة لها فضائل ومنازل كبيرة وعظيمة وأجور كثيرة لا تعد ولا تحصى، وإليكم بعض ما جاء في فضائلها وهي كما يلي:
أولاً: لقد ورد في فضل هذه السورة العظيمة: في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي قال: “من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم الكتاب فهي خداج ثلاثاً غير تمام”. فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام. فقال: اقرأ بها في نفسك، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال الله تعالى: أثنى علي عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجدني عبدي، وقال مرة فوض إلي عبدي، فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل”[2].
ثانياً: يقال لها أم القرآن.
ثالثاً: يقال لها: سورة الحمد؛ لأن فيها ذكر المحامد والكمال لله سبحانه وتعالى.
رابعًا: يقال لها: الرقية، للحديث الصحيح حين رقى بها الرجل فقال له النبي : “وما يدريك أنها رقية”[3].
خامساً: قال فيها ابن عباس رضي الله عنهما: هي أساس القرآن، وأساسها (بسم الله الرحمن الرحيم)، فإذا اعتللت أو اشتكيت فعليك بالفاتحة تُشفى – بإذن الله سبحانه وتعالى-.
سادساً: سماها يحيى بن أبي كثير: الكافية؛ لأنها تكفي عن كل شيء ولا يكفي عنها شيء.
سابعاً: هي أعظم سورة في القرآن، وقد دخل الرسول المسجد فوجد أبي بن كعب يصلي فقال: “يا أبي”. فلم يجبه، ثم أتى أبي إلى الرسول فقال: السلام عليك يا رسول الله، قال: “وعليك السلام، ما منعك إذ دعوتك أن تجيبني”. فقال: إني كنت في الصلاة، فقال : “أو لست تجد فيما أوحي إليّ: [الأنفَال: 24] ﴿ اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾”. قال: بلى يا رسول الله لا أعود، قال: “أتحب أن أعلمك سورة لم تنزل لا في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في القرآن مثلها”. قلت: نعم يا رسول الله، قال : “إني لأرجو ألا أخرج من هذا الباب حتى تعلمها”. قال: فأخذ بيدي يحدثني، وأنا أتباطأ مخافة أن يبلغ قبل أن يقضي الحديث، فلما دنونا من الباب، قلت: أي رسول الله ما السورة التي وعدتني؟ قال : “ما تقرأ في الصلاة”. قال فقرأ عليه أم القرآن، قال: “والذي نفسي بيده ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في القرآن مثلها، إنها السبع المثاني”[4].
ثامناً: لقد ثبت في الحديث الذي رواه عبادة بن الصامت أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب”[5].
تاسعاً: الحديث الذي يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده جبريل _ج إذ سمع نقيضاً فوقه، فرفع جبريل _ج بصره إلى السماء فقال: “هذا باب قد فتح من السماء ما فتح قط” قال: فنزل منه ملك فأتى النبي فقال: “أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة لم تقرأ حرفاً منهما إلا أعطيته”[6].
[1] رواه أحمد رقم 23858، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط حديث حسن على اضراب في إسناده.
[2] رواه ابن خزيمة رقم 1079، وابن حبان رقم 2635، وأحمد رقم 21257.والبخاري رقم 6940.
[3] رواه مسلم، رقم 811.
[4] رواه أحمد رقم 15648، وأبو داود رقم 1493.
[5] رواه البخاري رقم 4729، ومسلم رقم 814.
[6] السنن الكبرى للنسائي رقم 1259، وصحيح ابن حبان رقم 2004، وأحمد رقم 173799.
وكالة معراج للأنباء الإسلامية
Comments: 0