قانون مكافحة الإرهاب يحول مصر إلى «جمهورية الظلام»

www.watan24.net
www.watan24.net

الخميس 5 ذو القعدة 1436//20 أغسطس/آب 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
مصر
لم تمض ساعات على إقرار قانون مكافحة الإرهاب الذي أصدره عبد الفتاح السيسي الأحد الماضي حتى تعرض لانتقادات واسعة من قبل عدد من الدول والمؤسسات الحقوقية، ولخّصت الصحافة الأجنبية الوضعَ في مصر، بعد إقرار القانون بـ”جمهورية الظلام”.. أو “الأيام السوداء”.. أو “الدولة البوليسية لا تجلب الاستقرار”.
ونددت الولايات المتحدة الأمريكية أمس الثلاثاء بالقانون، مبدية قلقها على حماية حقوق الانسان في هذا البلد الذي يمارس نظامه القمع بشكل واسع.
المتحدث باسم الخارجية الامريكية جون كيربي، أعرب عن قلق بلاده من تأثير ضار محتمل لبعض إجراءات القانون الجديد على حقوق الانسان والحريات الأساسية.
مشيراً إلى أن التغلب على الإرهاب الذي تدعم فيه الولايات المتحدة الموقف المصري، يتطلب استراتيجية كاملة، على المدى البعيد، تشيع مناخا من الثقة بين السلطات والرأي العام، خاصة عبر السماح لمن يختلفون مع سياسات الحكومة بالتعبير عن رأيهم بشكل سلمي.
وزير الخارجية الامريكي جون كيري، كان قد دعا خلال زيارته القاهرة في بداية الشهر الجاري النظام المصري إلى ايجاد “توازن” بين التصدي المسلح للجهاديين و”حماية حقوق الانسان”.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد أقر الأحد الماضي مشروع “قانون مكافحة الإرهاب”.
انتقادات للقانون
وتعرض القانون لانتقادات من قبل حقوقيين وسياسيين، قالوا إنه يكرس لحالة طوارئ دائمة، ويحد من الحريات، ويفتح الباب لمزيد من القبضة الأمنية، وينتهك حقوق المواطنين التي ضمِنها الدستور.
وعارض مشروع القانون كل من نقابة الصحفيين، ومجلس القضاء الأعلى، والمجلس القومي لحقوق الإنسان، وعدد من المنظمات الحقوقية.
وتسبب القانون في حالة من السخط في أوساط الصحفيين المصريين، بعد أن غلظ العقوبة في جرائم النشر، إذ يُعاقب الصحفيون بغرامة تتراوح ما بين مئتي ألف وخمسمئة ألف جنيه مصري (بين 25 ألف دولار و63 ألفا تقريبا) إذا قاموا بنشر “أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أعمال إرهابية بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الدفاع”، بحسب ما ورد في المادة الخامسة والثلاثين منه.
أما المادة التاسعة والعشرون منه فتنص على عقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنوات لكل من أنشأ أو استخدم موقعا إلكترونيا “بغرض الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية”.
“جمهورية الظلام”
هكذا باختصار شديد، لخّصت الصحافة الأجنبية الوضعَ في مصر، بعد إقرار قانون مكافحة الإرهاب الجديد.
موقع “بي بي سي” الدولي، نشر تقريراً بعنوان “المصريون يخشون جمهورية الظلام عقب قانون الإرهاب الجديد”، قالت فيه إن الصحافيين المصريين والمدافعين عن حقوق الإنسان قلقون من أيام مظلمة تنتظر البلاد، بعد موافقة السيسي، على قانون مكافحة الإرهاب الجديد في 16 آب الجاري.
ولفت التقرير إلى الغرامات المالية التي تنتظر الصحافيين على خلفية نشر تقارير وبيانات تعارض تلك الصادرة عن الجهات الرسمية، والتي تقدر قيمتها بـ64 ألف دولار أمريكي، أي ما يعادل 41 ألف يورو.
في السياق ذاته، نشرت صحيفة “فاينانشال تايمز”، تقريراً بعنوان “حملة السيسي في مصر لن تجلب الاستقرار”، وفسرته بعنوان فرعي: “نظامه الوحشي يدفع المعارضين المعتدلين للانضمام إلى الجهاديين”.
ولفت التقرير إلى أن “السيسي يبدو عازماً على فرض رؤيته التي تدفع إلى حكم الفرد، وأنه خلال العامين الماضيين ومنذ انقلابه على الرئيس المعزول محمد مرسي، ذهب السيسي، وزير الدفاع السابق، إلى أبعد مما كان متوقعاً في حملته القمعية ضد معارضيه، بل فتح فصلاً جديداً في ذلك بإصدار قانون مكافحة الإرهاب الذي يعزّز أكثر سلطات الدولة البوليسية في مصر”.
وحذر التقرير الغربَ من مثل تلك السياسات في الشرق الأوسط، وطالبته بالتراجع خطوة في هذه العلاقة، وضرورة الحديث مع السيسي وإبلاغه أن حملته التي يخوضها بهدف القضاء التام والمبرم على المعارضة في مصر محكوم عليها بالفشل.
بدورها، تساءلت صحيفة “نيويورك تايمز” في افتتاحيتها عن مدى قانونية المساعدات العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة الأمريكية ‏لمصر، والتي تصل قيمتها 1.3 مليار دولار، خصوصاً أن التشريعات الأمريكية، تشترط احترام البلدان التي تتلقى تلك ‏المساعدات لحقوق الإنسان.‏
بحسب المقال، فإنه على خلاف حالة عدم الاكثرات الجماعي في واشنطن لتصاعد الحكم الدكتاتوري في مصر، يدق السيناتور باتريك ليهي، ناقوس الخطر بشأن انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها القوات الأمنية المصرية، في إطار الحرب على المتشددين في شبه ‏جزيرة سيناء.
ولفت الصحيفة إلى أن قانون ‏محاربة الإرهاب، “يقونن” المقاربة القاسية وذات النتائج العكسية التي يتبعها النظام ‏المصري في حق المعارضين السياسيين، ويضع كذلك آليات جديدة لقمع الحق في التظاهر. كما أن هذا القانون سيجعل ‏الحصول على أخبار ذات مصداقية عن مصر أكثر صعوبة.‏
وخلصت الصحيفة إلى أنه لا يمكن ‏تجاهل مواجهة مصر للتهديدات الإرهابية، لكنها شددت على أن سياسة النظام المصري في التعامل مع هذه التهديدات ينتج المزيد ‏من المقاتلين، يفوق عددهم ما يقدر النظام على متابعته أو البحث عنه، مشددةً على أن تداعيات هذا الأمر ينبغي أن يشكل ‏مخاوف حقيقية للحكومة الأمريكية.‏
مراسلون بلا حدود
في السياق ذاته، دانت منظمة مراسلون بلا حدود، منع وسائل الإعلام من نشر تقارير تتعارض مع الرواية الرسمية بخصوص الهجمات المسلحة والعمليات التي يقوم بها المقاتلون الجهاديون.
وفي تعليق له عن هذا الأمر، قال الأمين العام لمنظمة “مراسلون بلا حدود” كريستوف ديلوار: “هل الصحافة أصبحت بمثابة جريمة الآن؟ يبدو بوضوح أن الإجابة هي نعم في مصر؛ لأن نظام السيسي يستخدم “قانون مكافحة الإرهاب” الجديد لمنع الصحافيين من تقديم رواية مناقضة لنسخته من الأحداث”.
وأضاف ديلوار: “يدخل المصريون في الوقت الحالي عالماً يشبه ذلك الذي وصفه جورج أورويل، حيث يُسمح للحكومة فقط بأن تقول ما يجري. وحتى في الدول التي تشهد تقييداً كبيراً لحرية المعلومات، نادراً ما تقوم القوانين بقمع التعددية بهذا الشكل الصارخ. تغرق مصر أكثر فأكثر باستبدادية مريعة لا تكتفي بالتحكم في المعلومات واعتقال الصحافيين، ولكن بتعريضهم أيضاً لضغوط أكبر مما كان ممارساً عليهم في حقبة مبارك”.
والقانون الجديد الذي تم نشره في الجريدة الرسمية، يفرض غرامات تراوح بين 200 ألف و500 ألف جنيه مصري (23 ألف و57 ألف يورو) على أي شخص ينشر معلومات “زائفة” عن تفجيرات أو أي عمليات أخرى تقوم بها مجموعات مسلحة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يتعرّض صحافي ينشر حصيلة ضحايا تفجير تختلف عن إحصائية الحكومة لإدانة بجرم جنائي. وقال ديلوار: “منذ أن استلم المشير السيسي الحكم، تستخدم السلطات مكافحة الإرهاب كأساس لاضطهاد ممنهج للصحافيين الذين لا يلتزمون بالخط الرسمي”، بحسب تقرير صادر عن المنظمة اليوم.
وبوجود 15 صحافياً معتقلاً حالياً لمجرد القيام بعملهم، تحتل مصر المرتبة 158 على قائمة تشمل 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة لعام 2015 الذي أصدرته منظمة مراسلون بلا حدود.
من جهة ثانية، ندد المرصد العربي لحرية الإعلام بإصدار القرار التنفيذي لقانون مكافحة الإرهاب المصري، على الرغم من الغضب الإعلامي على مشروع القانون، وما تضمنه من نصوص تضع المزيد من القيود على حرية الصحافة ، وفقا للسبيل.
وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.

اقرأ أيضا  حلفاء إيران العرب يرفضون "عاصفة الحزم" في اليمن
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.