قوة أمريكا هشة في سوريا

إعداد مجلة البيان

الأربعاء 11 محرم 1438 الموافق 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”

أنه في الوقت الذي يحظى فيه الجمهور الامريكي بإطلالة اخرى على ما يجيش في الروح الظلامية لمرشح الرئاسة الجمهوري (دونالد ترامب)، تتصاعد اللهجة في الحرب الباردة بين القوتين العظميين. والحلبة الرئيسية في هذا الصراع هي سورية. لكن الدلائل على التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا تبرز في كل مكان، ومن شأنها ان تؤثر الى حد ما على الانتخابات الرئاسية.

في نهاية الاسبوع الماضي، دعا وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، الى التحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبتها روسيا ونظام الأسد في قصف المدنيين في سورية. واتهمت ادارة اوباما، لأول مرة بشكل رسمي، روسيا بالمسؤولية عن هجمات السيبر واختراق حواسيب الحزب الديموقراطي بهدف التدخل في معركة الانتخابات الرئاسية. وتنشر وسائل الاعلام الامريكية عن الحرج المتزايد في واشنطن امام الخطوات الروسية وتدعو بعض التحليلات الادارة الى القيام بعمل عسكري محدود ضد النظام السوري كرسالة موجهة الى روسيا.

في الجانب الآخر صادق البرلمان الروسي على اتفاق مع سورية، ينص على السماح لروسيا بمواصلة تفعيل القاعدة الجوية في منطقة اللاذقية، في شمال غرب البلاد. وهددت روسيا بأنها ستعتبر كل هجوم امريكي على ممتلكات نظام الاسد بمثابة عمل من شأنه تشكيل خطر على جنودها في سورية. ونشرت وسائل اعلام روسية انه تم اصدار اوامر شديدة الى القوات الروسية في سورية بفتح النار في حال شعورها بالتعرض للخطر.

اقرأ أيضا  كيري يسعى لحشد دعم وزراء الخارجية العرب لضرب سوريا

الى جانب ذلك، تنشر وسائل الاعلام الدولية معلومات اخرى حول حجم انتشار الجيش الروسي في سورية. فقد تمت مضاعفة حجم التحركات الروسية في طرطوس السورية منذ انهيار اتفاق وقف اطلاق النار في التاسع عشر من ايلول. وارسلت روسيا مؤخرا، سفينتي صواريخ الى الشواطئ السورية، ونشرت منظومات جديدة من صواريخ أرض –جو، كما أرسلت المزيد من طائرات سوخوي.

وتكتظ التقارير الواردة من واشنطن بالكثير من الامثلة التاريخية: فيتنام وافغانستان، ازمة الصواريخ في كوبا والمواجهة بين القوتين العظميين في برلين في بداية الستينيات. وادعى المحلل المحافظ جورج ويل، في “واشنطن بوست”، بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، “يعيد العالم الى سنوات الثلاثينيات” (أي الى ايام ستالين). لكن رغم اللهجة القاطعة، يصعب معرفة ما اذا كان التوبيخ والوعظ الاخلاقي الأمريكي للروس، يدل على التمهيد لعمل عسكرية ملموس في سورية. هنا، ايضا، تعتبر الانتخابات الرئاسية معيارا اساسيا. اذا ساد لدى ادارة اوباما الانطباع بأن الهزة الجماهيرية التي احدثها نشر تسجيلات دونالد ترامب (التي يتحدث فيها عن تحرشه الجنسي بالنساء) ستزيد بشكل جوهري الفجوة لصالح هيلاري كلينتون، ربما تقرر بأن استغاثة حلب المتعرضة للقصف لا تبرر المخاطرة بانتصار الديموقراطيين في الانتخابات التي ستجري بعد اقل من شهر.

وتيرة التصريحات المتسارعة التي تترافق بتطورات ليست قليلة في سورية نفسها، تحتم على الكيان الصهيوني التعقب اليقظ لما يحدث. من الواضح ان سيناريو المواجهة بين الطائرات الامريكية ومنظومة الدفاع الجوي الروسية والسورية في اجواء سورية، والذي يعتبر غير واقعي حاليا، ستكون له آثار ملموسة على  الكيان ايضا.

اقرأ أيضا  كندا تمنح اللجوء لباكستانية متهمة بازدراء الإسلام

وعلى الرغم من وقوف الحكومة الصهيونية، رسميا في المعسكر الامريكي، الا ان حكومة نتنياهو اهتمت في السنة الاخيرة بتحسين وتوثيق علاقاتها مع موسكو، خاصة من اجل منع حوادث جوية غير مرغوب فيها مع الطائرات الروسية. وقبل حوالي شهرين فشلت محاولة الجيش الصهيوني اعتراض طائرة روسية بدون طيار اجتازت الحدود في هضبة الجولان، كما يبدو نتيجة خطأ. وكانت هناك عدة تقارير، لم يتم تأكيدها، تحدثت عن قيام منظومة الدفاع السورية او الروسية في سورية بوضع الطائرات الحربية الصهيونية على الهدف خلال تحليقها في الاجواء السورية.

اللقاءات المتكررة بين رئيس الحكومة نتنياهو مع الرئيس الروسي بوتين لم تستقبل بتحمس من قبل واشنطن، لكن نتنياهو يعتبرها مركبا حيويا في الحفاظ على الكيان الصهيوني خارج المواجهات في سورية. ورغم عدم رضا  الحكومة الصهيونية عن تعزز قوة نظام الاسد في الحرب الطائفية، بفضل المساعدات الروسية والايرانية، الا انه من الواضح بأن من شأن التدخل الامريكي في روسيا ان يرفع درجات الحرارة في المنطقة؛ ويمكن لذلك التهام الاوراق على عدة حلبات هامشية، تتأثر مما يحدث في سورية ومن التوتر بين القوتين العظميين.

تعزيز منظومة الدفاع الجوي الروسي في سورية قد يؤثر ايضا على الكيان الصهيوني من ناحية اخرى. لقد صرح الروس مؤخرا عن نشر سلسلة من منظومات الاسلحة، ومن بينها صواريخ اس 400، واس 300، الى جانب منظومات الدفاع التي تحملها السفن. بعض هذه المنظومات يصل مدى نيرانها الى 400 كلم. منذ بداية 2012، تم نشر عشرات التقارير في وسائل الاعلام الاجنبية حول مهاجمة سلاح الجو الصهيوني لقوافل اسلحة خرجت من سورية باتجاه حزب الله في لبنان. الحكومة الصهيونية لم تؤكد حتى اليوم تلك التقارير بشكل رسمي، رغم ان نتنياهو تحدث بشكل عام، ايضا خلال خطابه في الامم المتحدة، العام الماضي، عن الجهود الصهيونية لمنع تهريب الاسلحة.

اقرأ أيضا  في "كيدال" بمالي .. "أجراس المدارس" تهزم أصوات الرصاص

تكثيف التغطية الروسية للأجواء السورية سيؤثر على كل خطوة جوية (امريكية، صهيونية او غيرها) في سورية ولبنان. حزب الله يعتبر اليوم جزء من المعسكر الذي تقوده روسيا، ايضا في الحصار المفروض على حلب، لصالح نظام الاسد في سورية. يمكن للتنظيم الشيعي التفكير بأن تعزيز العلاقات مع موسكو والوجود الروسي المتزايد سيسمح له بحرية العمل في مجال تهريب الاسلحة.

المصدر : الجزيرة.نت

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.