كريستين سيزرمسكى مُراسلة صحيفة (ستارز) الأمريكية

كريستين سيزرمسكى مُراسلة صحيفة (ستارز) الأمريكية
كريستين سيزرمسكى مُراسلة صحيفة (ستارز) الأمريكية

الخميس،5 رجب 1436//23 أبريل/نيسان 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
رؤيتي للكعبة المشرفة شيء لم أُصدقه ولن أنساه أبدًا..!!
ترجمة: عمر إبراهيم
كريستين سيزرمسكى هي أم تبلغ من العمر 53 عامًا من بالو هيلز، ولاية إلينوي، ولدت في عائلة لوثرية بميسوري بالولايات المتحدة الأمريكية. وقالت إنها تحولت أولًا إلى الكاثوليكية قبل إيجاد مكان لها في الإسلام.
كانت واحدة من مئات الآلاف من المسلمين الذين أدوا فريضة الحج بين 2-7 من أكتوبر 2014م.
روت كريستين تجربتها الرائعة لمجلة “هافينغتون بوست”، وتم تحرير بعض الإجابات بسبب طولها وتحقيق الوضوح .
البداية
تقول: كُنت أعمل مُراسلة لصحيفة (ستارز) في ضواحي شيكاغو، وفي عام 2000 م تم تكليفي لتغطية الجالية العربية.
وفي ذلك الوقت، لم أكن أعرف شيئًا عن الإسلام، فقد نشأت في ميسوري أُدين باللوثرية وكنا قد درسنا أن جميع الأديان والأنبياء الذين جاءوا بعد يسوع لم يكونوا على حق. وخلال الأسابيع الستة الأولى من عملي اضطررت للبحث، وقابلت الكثير والكثير من العرب المسلمين. ولم اعتنق الإسلام بين عشية وضحاها. فربما استغرق الأمر أكثر من 18 شهرًا، وعلمت أن الإسلام يحتوى على نفس القصص التي في الإنجيل.
وبما أن الكنيسة الكاثوليكية تُشجع على المعرفة وطرح الأسئلة، فقد مهد ذلك الطريق أن أعتقد أن القرآن وحي من الله، وفي اعتقادي كانت هذه خُطوة سهلة للاعتقاد بأن محمدًا (صلى الله عليه وسلم) كان رسولًا ونبيًا..
هل يسوع ابن الله؟!
الجزء الأصعب كان استغنائي عن اعتقادي بأن يسوع هو ابن الله، وفي نهاية المطاف وجدت ضالتي في الإجابة على تساؤلي بآيتين من آيات القرآن الكريم، قال الله -عز وجل- في سورة الصمد: “لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ”.
هاتان الآيتان هما اللتان ساعداني في النهاية، وعرفت أيضًا أن عيسى -عليه السلام- له مكانة بارزة في الإسلام، لذلك أنا لم استغن عنه، ولكن توجب عليَّ أن أتخلى عن فكرة أنه هو الله.
وفي النهاية جاء اعتناقي للإسلام بينما كُنت أُصلّي، وكان ذلك بتاريخ 21 يوليو 2001م، فقد كُنت في غُرفة في فندق بواشنطن العاصمة، ذهبت إليها لتغطية لقاء لمجلة أكتب لها، وقد كان المصحف مفتوحًا على السرير أمامي، وكنت في الواقع على ركبتي أُصلّي، وأسأل الله أن يهديني إلى الحقيقة، وفجأة أعلنت الشهادة؛ أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله .
لماذا الإسلام؟
أنا أُحب الإسلام لنقاوته، وبساطته، وحقيقته، فالمسلمون الذين التقيت بهم كانوا لطيفين حقًا، ومُهذبين ويتحلون بالصبر.
الذهاب إلى مكة المكرمة
كُنت مُتوترة جدًا حول رحلة الحج الأولى، لأنها بحق رحلة روحية، مما يعني أن هناك الكثير من التفكير الشخصي، بل هي أيضًا تجربة جسدية مع العديد من المكونات المختلفة التي تجري على مدى عدة أيام، لقد أجريت عمليتين جراحيتين في رقبتي وأسفل الظهر بسبب التهاب المفاصل التنكسي،فأحست بتحد كبير، ومما زاد من تلك التحديات ضعف ساقي، والتي تجعل أشياء مثل: النشاط المفرط، والتعب، وقلة النوم، من الممكن أن تُفاقم وضعي الصحي.
ومن فضل الله إنني كُنت بصحبة مجموعة من ميلووكي -أكبر مُدن ولاية ويسكنسن الأمريكية – وكان الدليل السياحي لتلك المجموعة مُفيدًا جدًا، بالإضافة إلى ذلك كانت رفيقاتي من النساء الأمريكيات العرب تُساعدني كثيرًا في اللغة كلما احتاج لذلك، وقد كان في المجموعة أيضًا أشخاص لهم تجارب من قبل ساعدوني كثيرًا. كل ذلك أعطاني حافزًا ودافعًا للتفكير والتدبر فيما حولي .
وعلى الرغم من كل شيء فإن وجود أكثر من 3 ملايين شخص في مكان واحد صغير هو أمر غير سهل، وقد تعلمت من ذلك الكثير جدًا.
لقد اندهشت أثناء رحلتي المباركة، فقد وجدت المسلمين يُصلّون في اتجاه الكعبة المشرفة. ولقد كان وجودي في مكة المكرمة حيث جاء آدم وحواء إلى الأرض من جنة عدن، وحيث قام إبراهيم وإسماعيل- عليهما السلام -ببناء الكعبة، وحيث محمد (صلى الله عليه وسلم) عاش وتلقّى أول وحي من الله تجربة قوية وشيئًا لم أُصدقه و لن أنساه أبدًا.
ذكريات مع الحج
الحمد لله جرت الأمور أفضل بكثير مما كُنت أتوقع جسديًا، وأشعر فعلًا بأنني الآن أفضل مما كُنت عليه قبل مُغادرتي لتلك الرحلة، فقد تحسنت حالتي الصحية، ومن المعروف أن الإسلام هو دائمًا دين الاعتدال وليس المقصود بالدين أن يكون صعبًا، لذلك هنالك بعض الرخص خلال مناسك الحج، وقد استفدت من تلك الرخص عند الضرورة.
ومن المعروف أن الوقوف بعرفة ركن أساسي في الحج، وعلى الرغم من الرخص المتاحة لكبار السن أو الأشخاص ذي الظُروف الصحية، إلا أنني تمكنت من الوقوف أداء هذا الركن وبقدر كبير من الوقت، وربما كان ذلك أصعب جزءًا في الرحلة جسديًا وروحيًا، ولكنه كان أيضًا ذا طعم خاص.
وكانت أجمل اللحظات عندما حان وقت غروب الشمس وتجمع مئات الأشخاص على أحد التلال التي تواجه الكعبة المشرفة للدعاء، وتولَّى إمام واحد تلك الأدعية بصوت عال، كان كثير من الناس يبكون بحرارة وأنا من بينهم كنت أبكي، ولم أستطع أن أوقف دموعي فانهمرت في البكاء الشديد . وأحسست بقوة تهزني من داخلي.
دروس في الحج
ما أردت الاستفادة منه في تلك الرحلة هو إيجاد علاقة أعمق مع خالقي للوصول إلى الثقة والقناعة بأن الله هو كل ما أحتاج إليه، وكُنت أُصلّي لهذا الهدف، والثقة بديهية لأن الذين بلغوا هذا المستوى من الإيمان لا يصيبهم القلق أو التثبيط أبدًا.
أعتقد أنني وجدت تمامًا ما كُنت أبحث عنه، على الرغم من أنني أدرك أيضًا أن هذا شيء لا بدَّ لي من العمل عليه كل يوم.
ففي مكة المكرمة وبالقرب من الكعبة المشرفة أحسست بحضور الله بطريقة لم أحسسها في أي وقت مضى في حياتي، كان هناك شعور غامر بالحب الذى يلهم الثقة. فيمكنني الآن أن أفتح قلبي وأسأل الله عن أي شيء أُريده.
الآن بعد أن شهدت هذا الالتقاء النقي مع الله، أُريد المحافظة عليه وتنميته، والمسؤولية تقع على كاهلي لإجراء التغييرات اللازمة، فعلى سبيل المثال عليّ أن أُخطط لحضور صلاة الفجر في المسجد كل يوم، إن شاء الله.
لقد كانت السنوات العشر الماضية صعبة بالنسبة لي، فقد فارقت زوجي، ورحلت عنه، وأجريت عمليتين جراحتين، وفقدت بيتي خلال الأزمة الاقتصادية، وبدأ الشعور بـ “الإسلاموفوبيا” المستشري في هذا البلد يُرهقني كثيرًا، ولكن أحمد الله العلي القدير على كل حال، وأعتقد أن أهم شيء حدث لي أنني أدركت كم أنا مُدللة كأمريكية، كان عليّ أن أشكر الله لاعتناقي الإسلام والحياة التي أملكها.
فالناس من جميع أنحاء العالم يأتون إلى الحج، وكثير منهم ليس لديهم الوسائل وإمكانية الإقامة في الفنادق أو حتى في الخيام، فيتركون قُراهم مع قليل من المتاع ، وكثير منهم يفترشون الأرض في الساحات والتلال، أو في الشوارع، وأتساءل هل أملك هذا النوع من الإخلاص؟.
هؤلاء الناس هم الذين ألهموني السير في الطواف الثاني، فقد تحمل الكثير منهم المشاق في تلك الرحلة.
ومن الأشياء التي حاولت الابتعاد عنها خلال تلك الرحلة الغيبة والنميمة، والصبر في التعامل والتواضع، والصدق في الحديث ، والتقرب بالعبادات إلى خالق الأكوان، ومُساعدة الضعفاء ، بل وكل من يحتاج إلى مُساعدة . وأدعو الله – العلي القدير – أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال .
-البشرى-

اقرأ أيضا  محللون: أوباما وبوتين "تقاسما" سوريا
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.