SCROLL TO CONTINUE WITH CONTENT

السلام في فلسطين يعني السلام في العالم

ADVERTISEMENT

SCROLL TO CONTINUE WITH CONTENT

كفى: أوقفوا هذه الحرب

4 hours منذ قليل

4 Views ㅤ

Dini Istiqomah - 4 hours منذ قليل

صورة أرشيفية

بقلم الإمام يخشى الله منصور

:قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم

قَالَتْ اِنَّ الْمُلُوْكَ اِذَا دَخَلُوْا قَرْيَةً اَفْسَدُوْهَا وَجَعَلُوْٓا اَعِزَّةَ اَهْلِهَآ اَذِلَّةًۚ وَكَذٰلِكَ يَفْعَلُوْنَ ۝٣٤ (النمل [٢٧]: ٣٤)

ذكر الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره أن هذه الآية تروي حوارا دار بين الملكة بلقيس ووزرائها عقب تلقيها رسالة من النبي سليمان عليه السلام، حيث كانت تزن بعقلانية العواقب الواقعية لحرب محتملة.

قراءة المزيد: وزير الخارجية الإندونيسي ينعى دبلوماسيا إندونيسيا قتل في بيرو

وبلقيس هي ملكة سبأ، والتي كانت تحكم مملكة مشهورة بتجارتها المزدهرة وزراعتها المنظمة، وتقع في جنوب شبه الجزيرة العربية (في اليمن حاليا). وقد صوّرها القرآن الكريم على أنها قائدة حكيمة تتسم بالحكمة والتروي في التعامل مع القضايا المصيرية، وخاصة في سياق احتمالية نشوب حرب.

لقد أظهرت بلقيس نموذجا ناضجا في القيادة؛ حيث لم تتسرع في اتخاذ قرار الحرب أو السلم، بل مرّت بعدة مراحل تمهيدية، منها: المشاورة مع أهل الرأي، وإرسال الرسل، واختبار نوايا الخصم، وأخيرا القبول بالشروط إذا كانت عادلة ومنصفة.

تبين هذه الآية الكريمة أن الحرب – في حقيقتها – تجلب الخراب للمجتمعات، وتهدم البنية الاجتماعية، وتسقط هيبة القادة الذين يهزمون فيها.

وبما ينسجم مع هذا المعنى، سعى فقهاء القانون الدولي إلى وضع مبادئ القانون الإنساني الحديث، وأكّدوا أن الحرب لا ينبغي أن تكون وسيلة لحلّ النزاعات، بل لا بد أن تسبقها الوساطات والمساعي السلمية، فإن استنفدت تلك الوسائل، وجب أن تكون الحرب للدفاع عن الحقوق المهددة.

قراءة المزيد: السلطات تؤكد: لا تهديدات أمنية في مطار سوكارنو هاتا الدولي

ومن مضمون هذه الآية استنبطت بعض القيم التي شكّلت أساس القانون الإنساني الدولي، كما تجلّى في اتفاقية جنيف عام 1864م، والتي وضعت قيودا إنسانية على الحروب، منها: حماية المدنيين، وتجريم قتل الأسرى، وضمان سلامة العاملين في المجال الطبي والإعلامي، وحماية دور العبادة والمرافق العامة، وتحريم الأسلحة التي تسبب آلاماً ومعاناةً جماعية.

إن الإسلام لا يدعو إلى الحرب، بل جعلها خيارا أخيرا يلجأ إليه عند الضرورة القصوى للدفاع عن الكرامة ودفع العدوان. فالإسلام دين السلام، والرحمة، والعدل، وليس دينا جاء بالحروب أو الطغيان.

ومع ذلك، لا يرضى الإسلام لأتباعه أن يعيشوا تحت الظلم أو الاحتلال دون مقاومة مشروعة. قال الله تعالى:

﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ﴿٣٩﴾ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾
(الحج: ٣٩٤٠)

قراءة المزيد: إغلاق حركة المرور أمام مبنى البرلمان مستمر حتى مساء الأحد

وقد فسر الإمام القرطبي رحمه الله هذه الآية على أنها تشريع واضح لقتال مشروع في الإسلام، يقصد به الدفاع عن النفس والحقوق والكرامة، لا الطمع ولا البغي.

وتشير الآية كذلك إلى أن مقاصد القتال في الإسلام تشمل حماية الحريات الدينية لجميع البشر، وصون أماكن العبادة مهما كانت ديانة أصحابها، كالأديرة، والكنائس، والمعابد، والمساجد.

وبذلك، يتبين أن الإسلام لا يشرّع الحرب إلا للدفاع المشروع، ويضع لها ضوابطَ أخلاقية وإنسانية، سابقة في ذلك على كثيرٍ من الأعراف الدولية المعاصرة.

صورة الدمار من الحرب في غزة

قراءة المزيد: مانشستر يونايتد يودّع كأس الرابطة الإنجليزية بعد خسارته بركلات الترجيح

أعلن مجرم الحرب الصهيوني بنيامين نتنياهو أن أهدافه الثلاثة من العدوان على غزة هي: إنقاذ الأسرى، والقضاء على حماس، والسيطرة على غزة. ولكن الحقيقة أنه بعد ما يقرب من سنتين من الحرب، لم يتحقق أي من تلك الأهداف.

إن العدوان الصهيوني على غزة خلف جراحا غائرة، ليس فقط على شعب فلسطين، بل أيضا على وجدان العالم. فغزة أصبحت شاهدا على أن الحرب لا تترك سوى الدمار، دون أن يكون هناك قيم نبيلة يمكن أن تورث منها.

اليوم غزة غارقة في الدمار، فالمباني التي كانت من قبل مساكن ومدارس ومساجد وكنائس ومستشفيات، أصبحت اليوم ركاما على الأرض. المدينة التي كان من المفروض أن تضج بحياة أهلها،لم يبق فيها سوى الألم،والأنين وصوت الانفجارات التي لا تنقطع.

بنية غزة التحتية اليوم تكاد تندثر. وقد محت وحشية الصهيونيين الإسرائيليين في غزة حياة وحضارة الشعب الفلسطيني. فالمنزل الذي كان مأوى أصبح أطلالا، والمدرسة التي كان منها يخرج جيل الأمل أصبحت ركاما، أما المساجد والكنائس التي كان ينبغي أن تكون مراكز للسلام، فقد هدمت كليا وزالت آثارها.

قراءة المزيد: ارتفاع الروبية ناجم عن تصريحات باول المائلة للتهدئة

لم تعد غزة تظهر وجه مدينة، بل أصبحت بحرا من الجراح النازفة. فالنساء والأطفال والشيوخ هم أكبر الضحايا. وقد انتهك الكيان الصهيوني كل مبادئ اتفاقية جنيف التي وضعها أنفسهم وحلفاؤهم.

اليوم يشهد قادة العالم كل ذلك، ولكنهم يلتزمون الصمت المطبق دون أي إجراء فعلي، العدل لا يقيمونه إلا إذا تعلق بمصالحهم.

وقد أصبح الصحفيون الذين يسعون لنقل الحقيقة أهدافا للتصفية والاغتيال، وكذلك الكوادر الطبية التي يجب  حسب قواعد الحرب الدولية  أن تحمى، فإذا بهم يعتقلون ويعذبون ويقتلون رميا بالرصاص. إن تلك الوحشية قد مزقت مشاعر الإنسانية تقطيعا.

ملايين البشر اضطروا إلى ترك منازلهم، والتجمع في خيام النزوح، يعيشون في ظل الخوف، دون أي أمل في المستقبل، ولا يملكون سوى رجاء في قطرة ماء أو قطعة خبز تبقيهم أحياء.

قراءة المزيد: برابوو يعيّن 8 سفراء بينهم سفير لدى الولايات المتحدة

الجوع كسلاح

يشهد العالم اليوم أن الصهيونية الإسرائيلية تستخدم الجوع سلاحا لإفناء أهل غزة. فالمأكولات والأدوية والمحروقات وسائر المساعدات الإنسانية ممنوعة من الدخول. وإن ذلك لجريمة لم يشهد لها التاريخ مثيلا.

في شوارع غزة، أصبحت الوجوه الشاحبة والأجساد الضعيفة مشهدا يوميا. الأطفال الذين كان من المفروض أن يجروا في ساحات المدارس، يمشون مترنحين بحثا عن قطرة ماء نقي.

والشيوخ يتمددون دون قوة، ينتظرون يد العون التي لا يعلم متى تأتي. إن هذه الصور ليست مجرد أرقام إحصائية، بل صرخات بشر في حياة حقيقية، وما زالت تحدث حتى هذه اللحظة.

قراءة المزيد: السفير تشاندرا سوكوتجو في بداية مهامه الرسمية في باكستان

ولكن، وفي وسط هذه المأساة المميتة، يظهر أهل غزة ثباتا مدهشا. فهم يتقاسمون قطعة خبز مع جارهم، ويؤدون شكرا لله تعالى على قطرة ماء بقيت، ويؤمنون أن الله عز وجل لن يتركهم.

إن مأساة غزة هي أعظم اختبار لوجدان الإنسانية العالمية. فإن فشل البشر في وقف هذه المعاناة، فسيسجل التاريخ أننا عشنا في زمن جعل فيه الجوع سلاحا متعمدا، واختار العالم الصمت. وإن صمت زعماء العالم يعني  بمعرفة أو بدونها  دعم الإبادة الجماعية المستمرة في غزة.

حل أزمة غزة من جذورها

إن حل أزمة غزة يجب أن يكون مباشرة في جذور المشكلة. فقد خلص أستاذ التاريخ الأوروبي والمتخصص في دراسات الهولوكوست في جامعة براون بالولايات المتحدة الأمريكية، عمر بارتوف، إلى أن إسرائيل هي الفاعل الرئيسي في ارتكاب “جرائم الحرب المنظمة والجرائم ضد الإنسانية” في غزة.

قراءة المزيد: إندونيسيا ترسل الدفعة الثانية من المساعدات إلى فلسطين جوّا من جديد

قد صاغ عمر بارتوف رؤيته هذه في مقالات رأي في صحيفتي “الغارديان” و “النيويورك تايمز”. وبحسب قوله، فإن الخطوة الأولى لحل أزمة غزة هي إيقاف العدوان الإسرائيلي الصهيوني.

ومن جانب آخر، أعلن أستاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو، جون ميرشيمير، أن الطريق الوحيد لإنهاء أزمة فلسطين هو وقف الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني لتلك الأرض، والسماح لفلسطين بإقامة دولة مستقلة. فبدون ذلك، ستستمر إسرائيل في تأزيم علاقاتها الدولية مع البلاد الغربية، وخاصة مع الولايات المتحدة الأمريكية.

لتحقيق ذلك، يجب على دول العالم، وخصوصا الدول العضو في منظمة التعاون الإسلامي (منظمة التعاون الإسلامي)، أن تتحد لمنع العدوان الصهيوني على غزة. ويجب قطع كافة العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية التي يمكن أن تقوي إسرائيل. فكلما ضعفت إسرائيل، قلت قدرتها على مواصلة الجرائم ضد الشعب الفلسطيني.

والخطوة التالية هي مواجهة الأزمة الإنسانية الحادة في غزة؛ فالحصار الذي فرضته إسرائيل يجب أن يرفع فورا. ويجب أن يتدفق الغذاء والأدوية والوقود دون أي عوائق.

قراءة المزيد: ٣٢٩ متخصصا صحيا من إندونيسيا يغادرون إلى ألمانيا ضمن شراكة ثنائية

ويجب على العالم أن يتيح المجال للنشطاء الإنسانيين للعمل مباشرة في الميدان، وإغاثة الذين يواجهون الجوع والمعاناة الفائقة.

إن أزمة غزة في الحقيقة يمكن أن تنتهي إذا اتحد قادة العالم بصدق، فإذا تخلت الدول الإسلامية عن الأنانية القطاعية والمصالح الداخلية، فإنها ستصبح قوة عظيمة قادرة على ضغط إسرائيل وحلفائها.

ولكن إذا بقوا منقسمين، مشغولين بشؤونهم الخاصة، أو خائفين من تهديدات الغرب، فإن إسرائيل ستستمر في الشعور بالأمان لارتكاب الجرائم، وسيبقى شعب غزة ضحية دائمة.

إن إنقاذ غزة ليس مجرد مسؤولية الشعوب العربية أو الأمة الإسلامية فقط، بل هو مسؤولية الإنسانية كافة، فالسكوت على الإبادة الجماعية يعني السكوت على انهدام قيم الإنسانية أمام أعيننا.

قراءة المزيد: الألمان يطالبون إسرائيل بتخفيف معاناة شعب غزة

مع ذلك، فالأمل ما زال قائما. فالشعب الفلسطيني نفسه يظهر صمودا استثنائيا؛ فعلى الرغم من المحن والمآسي التي تعصف به، فهو يثبت في أرض مولده، وبإيمان راسخ بأن الاحتلال لن يدوم إلى الأبد.

ويجب على العالم أن يكون صادقا في الإقرار بأن الاحتلال هو المصدر الأساسي لكل صراع. فإذا لم ينته الاحتلال  أينما كان  فإن السلام لن يكون سوى وهم. ويجب وقف العدوان الصهيوني على غزة خاصة، وعلى كافة الأراضي الفلسطينية عامة، نعم، يجب إيقاف الحرب فورا، يجب ذلك الآن، لا غدا ولا بعد غد.

وكالة مينا للأنباء

والله أعلم بالصواب

 

توصيات لك