محاسبة النفس

الأحد20 شعبان1436//7 يونيو/حزيران 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
د. راغب السرجاني
كثيرًا ما ذكر الله الحساب مرتبطًا بيوم القيامة، فأبرز سمات هذا اليوم أن الله يحاسب الناس فيه، فقد قال تعالى: “إنّ الّذين يضلّون عن سبيل الله لهم عذابٌ شديدٌ بما نسوا يوم الحساب” (ص: 26)، وقال: “ليجزي الله كلّ نفسٍ ما كسبت إنّ الله سريع الحساب” (إبراهيم: 51).
والحساب يعني حصر الحسنات والسيئات، فإذا زادت السيئات كانت المناقشة من الله حول كل صغيرة وكبيرة، فقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ليس أحدٌ يحاسب إلا هلك”، قالت: قلت: يا رسول الله! جعلني الله فداءك، أليس يقول الله عزّ وجلّ: “فأمّا من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابًا يسيرًا” (الانشقاق: 8)؟ قال: “ذاك العرض، يعرضون، ومن نوقش الحساب هلك”.
وأسوأ شيءٍ أن يظنّ العبد نفسه ناجيًا، ثم يكتشف يوم القيامة أنه من الهالكين! وقد قال تعالى: “وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون” (الزمر: 47).
ولذا كان من السّنّة النبوية أن يراجع المرء حساباته في الدنيا، فيجتهد في إحصاء حسناته وسيئاته، فإن وجد خيرًا فليحمد الله، وليفرح بتوفيق الله له، ومن وجد غير ذلك فليندم وليتب.
وقد روى الحاكم – وقال الذهبي: صحيح – عن شدّاد بن أوسٍ، رضي الله عــــــــــــنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلــــــــم: “الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنّى على الله عزّ وجلّ”، ودان نفسه أي حاسبها.
وفهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذلك فقال قولًا بليغًا، فقد روى الترمذي عن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، قال: “حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وتزيّنوا للعــــــــرض الأكبر، وإنّما يخفّ الحــــــساب يوم القيامة على من حاسب نفســــه في الدّنيا”.
فلتكن هذه هي عادتنا اليومية، فلا ننام قبل أن نراجع أحداث اليوم، فنفرح بالحسنات، ونتوب من السيئات، ونختم يومنا بالذكر والدعاء، ولنضع دومًا نصب أعيننا قول الله تعالى: “يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا الله ولتنظر نفسٌ ما قدّمت لغدٍ واتّقوا الله إنّ الله خبيرٌ بما تعملون” (الحشر: 18).
ولا تنسوا شعارنا: “وإن تطيعوه تهتدوا” (النور: 54).
-السبيل-

اقرأ أيضا  الترغيب في محاسبة النفس
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.