مسؤول بـ”أونروا”: تركيا شريك مهم في إغاثة غزة (مقابلة)
غزة ، مينا – قال توماس وايت، مدير شؤون وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” في قطاع غزة، إن تركيا تعد شريكا مهما للوكالة الأممية، معربا عن آماله في استمرار هذه الشراكة.
وأوضح وايت، في حوار مع الأناضول، أن قطاع غزة “بالكاد يكون صالحا للعيش به بسبب الأوضاع الاقتصادية والإنسانية الصعبة”، وفق الأناضول.
وذكر أن وكالته دخلت العام الجديد بالتزامات مالية تقدّر بنحو 80 مليون دولار، لافتا إلى أن هذا المبلغ حملته “أونروا” من العام الماضي.
وأفاد بأن تردي الأوضاع الاقتصادية واستمرار حالة الصراع أثر على “الحالة النفسية” لسكان القطاع.
وبحسب المرصد “الأورومتوسطي” لحقوق الإنسان فإن نحو مليون ونصف فرد من سكان قطاع غزة البالغ عددهم مليونين و300 ألف نسمة يعشون حالة الفقر بفعل الحصار والقيود الإسرائيلية المفروضة على القطاع منذ 2006.
** أزمة مالية
قال المسؤول الأممي إن الوضع المالي لوكالة الغوث كان صعبا جدا خلال عام 2022، مؤكدا أن وكالته لديها التزامات مالية لعام 2023 تقدّر بنحو 80 مليون دولار حملتها معها من العام الماضي، وأنهم تمكنوا بصعوبة من دفع رواتب موظفيها عن شهر ديسمبر/ كانون الأول المنصرم.
وأوضح وايت أن الوكالة ستطلق في 24 يناير/ كانون الثاني الجاري “نداء الطوارئ مع الموازنة العامة للأونروا للاجئين فلسطين وسوريا”.
وذكر أن العجز المالي الذي تعاني منه “أونروا” أثر بطريقة واضحة على عمل الوكالة في قطاع غزة.
وحول ذلك قال وايت: “الأزمة المالية تسببت بنقص في العاملين ما أدى مثلا لضغط في مجال الصحة على الممرضين، كما نحاول دوما أن نطلب من المدرسين أن يتعاملوا مع أعداد متزايدة من الطلاب داخل الصفوف”.
وأشار إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة صوتت نهاية عام 2022، على تمديد وكالة “أونروا” لثلاث سنوات قادمة”.
ولفت إلى أن الخطوة الأهم بعد تمديد الولاية هو “إمكانية تحويلها إلى تمويل لدعم تقديم الخدمات للاجئين”.
** الوضع الإنساني
وقال وايت إن الوضع الإنساني في غزة يزداد سوءا جراء الحصار الإسرائيلي المتواصل لأكثر من 16 عاما.
وتحدث عن أن الموارد الاقتصادية بغزة قليلة و”هناك أعداد هائلة من البطالة في صفوف السكان مثلا في مخيم جباليا نسبة الفقر تتعدى الـ90 بالمئة”.
وأوضح أن الأوضاع الاقتصادية المتردية تسببت في زيادة “نسب انعدام الأمن الغذائي بحيث تعجز عائلات على مدار اليوم عن توفير وجباتها الغذائية”.
كما تزيد الصراعات التي تندلع من وقت لآخر في قطاع غزة، وكان آخرها في أغسطس/ آب 2022، من تردي الأوضاع الإنسانية بحيث يصاب عدد من السكان “بأضرار هم ومنازلهم”، وفق قوله.
“قطاع غزة بالكاد يكون صالحا للعيش”، وفق وايت، وجرّاء هذه الأوضاع يزداد الضغط على وكالة “أونروا” وعلى الخدمات التي تقدّمها للاجئين الفلسطينيين.
وفي تقرير نشره مجلس العلاقات الدولية – فلسطين (محلي)، بمناسبة مرور 16 عاما من الحصار، فإن 57 بالمئة من العائلات بغزة تعاني من انعدام الأمن الغذائي.
** مساعدات غذائية
وعن المساعدات الغذائية التي تقدّمها “أونروا” للاجئين في غزة، قال وايت إن عدد المستفيدين منها وصل إلى مليون و100 ألف لاجئ، وإنها تقدم مرة واحدة كل 3 أشهر بواقع 4 مرات سنويا.
وأضاف وايت أن عام 2022 شهد تزايدا في أعداد اللاجئين المستفيدين من المساعدات الغذائية إثر الوضع الاقتصادي الصعب بغزة.
وأوضح أن المساعدات الغذائية التي تقدّمها “أونروا” توفّر نحو 50 بالمئة من احتياجات السعرات الحرارية اللازمة للشخص الواحد، ومع ذلك فهي لا تسد كامل احتياجات اللاجئين مع تدهور الأوضاع وارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي.
المسؤول الأممي قال إن عائلات كثيرة في القطاع “لا تستطيع شراء ما ينقصها من المواد الغذائية”.
ومن جانب آخر، تحدث وايت عن “صعوبة في تأمين المساعدات الغذائية للاجئين وتحديدا الدقيق، بالتزامن مع الارتفاع العالمي الذي شهدته أسعار المواد الغذائية خلال 2022”.
وقال إن أسعار الدقيق ارتفعت بنحو 40 بالمئة، وإنهم نجحوا في توفير الكميات المطلوبة من خلال دعم المجتمع الدولي.
وأشار إلى وجود ضغوط كبيرة على “أونروا”، كي تنجح في الإبقاء على هذه الخدمات المقدّمة للاجئين.
** الشراكة التركية
قال المسؤول الأممي إن تركيا تعد شريكا مهما لوكالة “أونروا” في تقديم وتوفير الدقيق ضمن المساعدات الغذائية التي تقدّمها وكالة الغوث للاجئين.
وأوضح أن الحكومة التركية قدّمت متطلبات المساعدات الغذائية من الدقيق والخاصة بنحو مليون و100 ألف لاجئ في غزة.
واستكمل قائلا: “نقوم بتوزيع الدقيق المقدّم من تركيا خلال دورات المساعدات الغذائية (تنفذ أونروا 4 دورات غذائية سنويا)”.
وأعرب عن تطلعات وكالته لـ”المزيد من الشراكة مع تركيا”.
** أزمة صحية
وفي السياق، قال وايت إن العائلات في غزة تصبح أكثر هشاشة في ظل الضغط الاقتصادي الكبير الذي يعيشونه.
وبيّن أن تلك العائلات من اللاجئين تعجز عن شراء الأدوية من خارج عيادات أونروا بسبب سعرها المرتفع، وذكر أن ارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي أيضا “أدت إلى زيادة عدد الأطفال الذين يعانون من الأنيميا”.
وأوضح أن هذه الأوضاع تُلقي بضغوط كبيرة على برنامج الصحة في وكالة “أونروا”.
المسؤول الأممي أشار إلى أنهم يقومون بدور مهم من خلال دعم القطاع الصحي، حيث يقدمون خدمات صحية أولية بشكل دوري ومنتظم لعدد 1.2 مليون لاجئي بغزة.
وحول انتشار الانفلونزا الموسمية بشكل كبير في قطاع غزة، قال وايت “إنها استمرار لموجات كوفيد”، مشيرا إلى أن وكالته “ساهمت في التخفيف من عبء الانفلونزا قديما عبر تقديم اللقاحات اللازمة للاجئين الفلسطينيين”.
ولفت إلى أن وكالة الغوث تقدّم “دعما في مدارسها لزيادة التوعية لدى الطلاب لحمايتهم من الإصابة”.
وقال مدير شؤون “أونروا” في غزة إن “الأوضاع الاقتصادية من فقر وحصار ونزاع مسلّح مستمر يؤثر بشكل كبير على الوضع النفسي للسكان”.
وأضاف: “على سبيل المثال هناك 42 بالمئة من طلبة الصف الأول في المدارس التابعة لنا يعانون من اضطرابات نفسية”.
وأوضح أن وكالته تقدّم خدمات الدعم النفسي للطلاب اللاجئين في مدارسها عبر مجموعة من المرشدين النفسيين ينفذون أنشطة ترفيهية كالرسم والرياضة داخل المدارس.
**إعادة الإعمار
وحول ملف إعادة إعمار ما دمّرته إسرائيل خلال أغسطس/ آب 2022، قال وايت إن وكالته “تحاول إيجاد التمويل والدعم اللازم لإعمار ما تم تدميره”.
ووفق وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية في غزة ناجي سرحان، فإن التصعيد الإسرائيلي في أغسطس الماضي تسبب بهدم 25 وحدة سكنية كليا وتضرر 80 وحدة جزئيا لتصبح غير قابلة للسكن.
وأوضح أن وكالة الغوث قدّمت خلال العام ونصف المنصرمين برنامجا كاملا لإعادة تأهيل وإصلاح وإعمار المنازل التي دمّرت بغزة عام 2021.
وأشار مدير شؤون “أونروا” إلى أن وكالته “ستنجز خلال الأشهر القليلة القادمة ملف إعمار المنازل المدمّرة عام 2021، وذلك من خلال إعادة إعمار ما يزيد عن 7 آلاف منزلا من منازل اللاجئين الفلسطينيين”.
وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، فإن إسرائيل دمّرت خلال حربها على غزة عام 2021 نحو 2075 وحدة سكنية كليا ونحو 15 ألف وحدة سكنية جزئيا.
وكالة مينا للأنباء