مسلمو أستراليا يعانون سياسة التمييز
الجمعة 21 ذو الحجة 1437/ 23 سبتمبر/ أيلول 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”.
استراليا
لا يزيد عدد المسلمين في قارة أستراليا على 300 ألف ويمثلون 1.71٪ من مجمل عدد السكان الذي يزيد على 20 مليوناً، ويعود ذلك الى أن الاسلام يعتبر احدث الأديان في تلك القارة وجديدا عليها. وينحدر مسلمو استراليا من مناطق جنوب شرق آسيا مثل اندونيسيا وماليزيا وشبه القارة الهندية، وبلدان الشرق الاوسط ودول افريقيا والبلقان مثل ألبانيا والبوسنة والهرسك. وتاريخياً فإن اوائل المسلمين الذين وصلوا الى استراليا كانوا تجاراً اندونيسيين من منطقة ماكاسار التي تربطها بشمال أستراليا وسكانها الاصليين علاقات تاريخية قديمة تمتد قرونا قبل وصول الاوروبيين، بل ان هؤلاء الاندونيسيين اختلطوا بالسكان الاصليين وتركوا بصماتهم في اللغة والفن والاقتصاد والوراثة أيضاً.
وفي القرن الـ 19 وصلت الى شواطئ استراليا اساطيل محملة بالعمال المسلمين القادمين من افريقيا بينما قدمت أعداد من الافغان والباكستانيين مع الجمال ما ساعد على استكشاف الصحراء الاسترالية الشاسعة، بينما قدم الغواصون من ماليزيا. وفي مطلع القرن الـ 20 ازدادت معاناة المسلمين غير الأوروبيين بشأن الهجرة الى استراليا بسبب سياسة الحكومات التي كانت تقصر تصاريح الهجرة على مواطني بريطانيا وايرلندا في اطار ما كان يسمى في ذلك الحين «سياسة استراليا البيضاء»، حيث زعم مسؤولون استراليون أن هجرة غير البيض ستسبب تنافراً اجتماعياً.
ويعد اللبنانيون اكثر الشعوب العربية هجرة الى استراليا، فعلى مدى سنوات الحرب الاهلية في لبنان بين عامي 1975 و1990 لم تتوقف هجرة اللبنانيين مسيحيين ومسلمين ومن طوائف اخرى الى استراليا، حيث يقدر عددهم باكثر من 22 ألفا و300. ويقول محللون إن الجالية اللبنانية تمثل جوهر الجالية العربية التي تعيش في استراليا.
وترتبط استراليا بعلاقات تجارية مع معظم بلدان العالمين العربي والاسلامي فهي تستورد منها النفط وسلعاً اخرى وتصدر اليها اللحوم هذا بالاضافة الى أن آلاف الطلبة العرب والمسلمين يدرسون في الجامعات الاسترالية.
وجاءت أحداث 11 سبتمبر 2001، التي تزامن وقوعها مع وجود رئيس الوزراء السابق جون هوارد في واشنطن لتزيد من ميل استراليا نحو اليمين والاتجاهات المحافظة المعادية للاسلام والمسلمين، حيث سارعت حكومة هوارد اليمينية الى اعلان تحالفها مع إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش في «الحرب على الإرهاب»، وشنت حملة على تنظيم القاعدة والثقافة الاسلامية وبادرت الى تطبيق سلسلة من إجراءات التضييق على الجاليات العربية والمسلمة في استراليا. ولم تتردد حكومة هوارد في تنفيذ كل ما طلبته إدارة بوش مثل تقديم الدعم المادي والمشاركة في القوة المتعددة الجنسيات التي تم ارسالها الى افغانستان. كما استغلت قوى موالية لإسرائيل من اليهود والمحافظين الجدد المتصهينين في استراليا تلك الاجواء لشن حملة شعواء لتهميش العرب والمسلمين وتأجيج الحرب الثقافية والاعلامية ضد المسلمين والتخويف منهم والترويج لصورة مشوهة وخاطئة عن الاسلام والمسلمين وزيادة عداء استراليا للقضية الفلسطينية، ثم جاءت تفجيرات بالي في اندونيسيا عام 2002، التي كان بين ضحاياها 88 سائحاً استراليا.
وبينما كانت تواصل استراليا التزامها القوي بمحاربة حركة طالبان وتنظيم القاعدة في أفغانستان وقعت هجمات السابع من يوليو 2005 في لندن لتدفع حكومة هوارد الى تشديد اجراءاتها تجاه الجاليات العربية والمسلمة في استراليا. كما بادر هوارد إلى إنشاء مجموعة «المجتمع المسلم المرجعي»، التي قال مساعدوه انها لن تضم أي شخصية متطرفة. كما شهدت تلك الفترة تراشقاً في التصريحات بين عدد من الشيوخ وبينهم مفتي المسلمين الاستراليين تاج الدين الهلالي، الذين انتقدوا التضييق الاسترالي على الجالية العربية والمسلمة، وما تتعرض له النساء المحجبات من مضايقات وانتقادات، والمسؤولين الاستراليين الذين رفضوا تلك التصريحات وطالبوا العرب والمسلمين الاستراليين بتعميق انتمائهم للمجتمع الاسترالي وثقافته وقيمه واندماجهم فيه.
ويقول هوارد إن الحكومة تؤيد شبكات التجسس والرصد لمراقبة نشاطات المساجد للحد من أعمال الجماعات المتطرفة في محاولة لتفادي الهجمات الارهابية المحتملة. ويضيف أنه تم بناء الثقافة الاسترالية وتطويرها على مدى قرنين من النضال والتجارب والانجازات لملايين الرجال والنساء «ولابد لكل قادم الى استراليا للعيش فيها ان يقبلها بثقافتها وتقاليدها وأن يبدي رغبته في التفاعل الايجابي والسلمي مع من فيها لأن أحدا لم يجبره على المجيء».
وفي خضم الحرب الغربية الشعواء على الاسلام والمسلمين اعتنق استراليون مسيحيون الاسلام بمحض ارادتهم واقتناعهم، ومن أبرزهم ديفيد هيكس الذي اعتقل عام 2001 في سجن غوانتانامو بتهمة الانتماء لتنظيم القاعدة، وبقي فيه حتى 2007 حيث اضطرت ادارة بوش للافراج عنه تحت وطأة الضغوط والتظاهرات ورغبة منها في رفع الحرج عن حليفتها الحكومة الأسترالية.
واعتقل هيكس في افغانستان ولكن تم الافراج عنه في اطار صفقة قضائية قدم محاموه التماسا لتعليق كامل مدة العقوبة باستثناء تسعة اشهر يمضيها في بلده حيث عاد هيكس الى استراليا في مايو الماضي كجزء من الصفقة، حيث استكمل فترة الاعتقال في سجن يالاتا الأسترالي، واتهم والده تيري هيكس السلطات الاميركية بتعذيبه وقال إنه تم الافراج عن ابنه لأنه لم يثبت شيء ضده، بحسب الإمارات اليوم.
وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.