مسلمو الإكوادور.. خارطة طريق لحماية حقوقهم
أنقرة (معراج)- استعرض يحيى خوان سوكيللو مدير المركز الإسلامي في الإكوادور، العلاقات بين الإكوادور والكنيسة الكاثوليكية، ويلقي الضوء على جهود المسلمين في البلد الواقع بأمريكا الجنوبية من أجل حماية حقوقهم كأقلية دينية.
وفيما يلي نص المقال الذي كتبه سوكيللو للأناضول:
لتقديم لمحة عن تاريخ الأحداث التي قادتنا إلى الوضع الحالي الذي نحن عليه الآن، علينا الأخذ بالحسبان أن الإكوادور ودولا أخرى في أمريكا اللاتينية، لديها تاريخ طويل من العلاقات بين الدولة والكنيسة.
كانت الإكوادور لأكثر من 100 عام دولة محافظة بشدة. وفي بدايات القرن العشرين، كان لدينا “ثورة ليبرالية” ترتكز على وجهات نظر عقائدية قوية، حاولت وضع حد لسنوات المحافظة الطويلة تلك.
لكن لم تكن تلك الحوادث على أي حال قادرة على إنهاء وجود الكنيسة وتأثيرها في شؤون الدولة. وتطورت العلاقات بين الدولة والكنيسة في الإكوادور حتى وصل الأمر إلى إبرام اتفاق “مودوس ففندي” (modus vivendi) بينهما. (اتفاق تم توقيعه بين الأكوادور والفاتيكان عام 1937 لتنظيم العلاقة بين الكنيسة الكاثولوكية والدولة الإكوادورية)
في الآونة الأخيرة ومع بداية القرن الـ 21، وتحديدا عام 2008، تمت صياغة دستور جديد في الإكوادور يدافع عن الحقوق الدينية وحرية الأديان والطوائف.
ورغم كون هذا الدستور إصلاحا نظريا كبيرا، إلا أنه مع الأسف (الدستور) كان له تأثير ضئيل، وربما لا يكاد يذكر، على واقع المسلمين هناك، أو الطوائف الدينية الأخرى.
إذ لا تزال الكنيسة الكاثوليكية الحاكم الفعلي في الأراضي الإكوادورية وبلدان أمريكا اللاتينية الأخرى.
وفي حقيقة الأمر، فإن رجال الدولة ينحازون لرجال الدين التابعين للديانة التي تشكل الأغلبية في البلاد، من أجل جذب الأصوات وضمان ولائهم في الانتخابات المقبلة.
** تجارب المسلمين الإكوادوريين
عام 2011، دعت الحكومة المركزية في الإكوادور جميع الأقليات الدينية بهدف بحث مسألة التعدد الديني.
في ذلك الوقت كانت هناك 2000 طائفة دينية، وحاليا يوجد أكثر من 3000 طائفة في البلاد.
وحضر أشخاص من معظم هذه الطوائف الدينية ورش عمل واجتماعات لمناقشة الحرية والمساواة في الدين.
كان هناك 16 مقترحا نهائيا، ولله الحمد ، كنت واحدا ممن قدموها. عملنا على صياغة وتقديم اقتراح للحكومة، على أمل أن يحقق المزيد من المساواة لجميع الأديان.
** حلول وتوصيات لحماية حقوق المسلمين الإكوادوريين
إن إيجاد مساحات آمنة لتنمية المجتمعات المسلمة أمر في غاية الأهمية. إلى جانب ذلك نحاول إيجاد بيئة تسمح لمجتمعنا الإسلامي بتنمية الشعور بالانتماء.
جانب آخر ذو صلة، هو أن الالتزام بالقانون والتسجيل السليم يجلبان شعورا بالأمان لأعضاء مجتمعنا. إذا كانت مساجدنا معترفا بها أمام القانون، يمكن أن يكون لنا الحق في الدفاع عن حقوقنا وحماية مجتمعنا الإسلامي المتنامي.
ندعو إلى إلغاء الضرائب المفروضة على التبرعات التي تأتينا من الخارج، وحتى تلك التي توزع في الداخل. فالمؤسسات الدينية في الإكوادور غير معفاة من دفع الضرائب على التبرعات، باستثناء تلك التي تتبع الكنيسة الكاثوليكية.
بعض المتطوعين المسلمين العاملين في مجال الدعوة والذين يخرجون في رحلات دعوية ليس لديهم شبكة أمان عندما يتعلق الأمر بالرعاية الصحية، لذا نقترح على الدولة أن يكون لها مساهمة مادية في حال تعرض أحد متطوعينا لحادث، وبهذه الطريقة، فإننا نحمي حق المتطوعين المسلمين في الحصول على الرعاية الصحية.
إن إنشاء مجموعات ضغط لإلغاء اتفاق “Modus Vivendi” هو واحد من أعظم مشاريعنا وتوصياتنا القوية لكل تلك الدول التي تواجه واقعا مشابها.
إذ ينطوي هذا الاتفاق فعليا على علاقة إذعان وامتثال، حيث يتعين على الدولة “ذات السيادة” أن تمتثل لشروط الفاتيكان فيما يتعلق بالمعاملة التي يجب أن تمنحها الدولة للممثلين الدينيين الكاثوليك.
ويتضمن (الاتفاق) بعض هذه الشروط:
ـ إعفاء كنائس ورجال دين الديانة الكاثوليكية من الضرائب.
ـ أن يتقاضى المطران المعين لدى القوات المسلحة الإكوادورية راتبا يعادل ما يتقاضاه القائد العام للجيش.
ـ منح زعماء الدين الكاثوليك جوازات سفر خاصة.
ـ يتعين على الحكومة أن تمول التعليم للمدارس الكاثوليكية.
ـ على الحكومة أن تغطي جميع تكاليف الزيارات الكهنوتية القادمة من الخارج إلى البلاد.
ـ يجب أن يكون ممثل الفاتيكان حاضرا في الاجتماعات بين وزير العلاقات الخارجية وسفراء الدول الأخرى.
وقد تضافرت جهود المجتمع المسلم في الإكوادور، كعضو مؤسس في المجلس الوطني للحرية الدينية والمساواة (كونالير)، مع المكتب الرسمي المستقل لحقوق الإنسان (ديفينسو ديل بويبلو) لإطلاق حملة وطنية ابتداء من مايو / أيار الجاري، للترويج لمقترح قانون للمساواة بين الأديان بغرض طرحه للنقاش أمام البرلمان قبل نهاية هذا العام.
من المهم أن نسعى إلى الحصول على مساعدة المسلمين في الدول ذات الأغلبية غير المسلمة، وتعاون سفارات الدول ذات الأغلبية المسلمة.
ولقد طلبنا معلومات وبيانات تتعلق بدساتير هذه الدول، لا سيما فيما يتعلق بالمساواة في الدين.
وتشرفنا أن نطلب من سفارة جمهورية تركيا في الإكوادور الحصول على هذه المعلومات القيمة. وهذا أمر مفيد وعملي إلى حد كبير أن نقدم إلى بلداننا نماذج للحكم الرشيد.
وإذا قدمنا هذه المعلومات إلى حكومتنا بالإضافة إلى مسودة مشروع القانون وأمثلة على مساواة الأديان في البلدان الإسلامية، فربما تكون لديها القدرة على تحقيق مستقبل أفضل لمجتمعاتنا المسلمة.
كيف نرى أنفسنا؟
المسلمون اللاتينيون يدفعون الضرائب بالإضافة إلى أنهم يشاركون بشكل كامل في عملية الانتخابات السياسية في دول أمريكا اللاتينية الديمقراطية. ولذلك، فإن المجتمعات الإسلامية في أمريكا اللاتينية غيّرت بشكل جذري مفهوم “الأقلية الدينية”.
نحن المسلمين اللاتينيين لم نمر بعملية الاندماج لأننا كنا دوما عناصر محورية في تنمية بلداننا الأصلية. ولا يمتنع المسلمون اللاتينيون عن تحقيق إنجازات مدنية ووطنية.
الثقافة الإسلامية اللاتينية ثقافة ناشئة، وهي جزء جوهري من الأمة (المجتمع العالمي للمسلمين)، ونفضل ألا نعتبر أنفسنا “أقلية”.
قد تستغرق عملية الجدلية بعض الوقت لتفكيك المفهوم القديم للإسلام عند مواجهة الغرب، وبشكل افتراضي، لإسقاط جميع الإنتاجات الأكاديمية الخاصة بـ “فقه الأقليات”.
** الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن السياسة التحريرية للأناضول
ترجمة عبد الجبار أبوراس ومنة حسام
وكالة معراج للأنباء
Comments: 0