معنى القدوة وأقسامها

الأربعاء 26 شوال 1436//12 أغسطس/آب 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
سعيد بن محمد آل ثابت
معنى القدوة:
ما يقتدى به ويتخذ مثالاً: هذا العمل هوقدوة الناس. وقدوة: أسوة: لي بك قدوة. وقدوة: أصل: الذي تتشعب منه الفروع[1]. فالقدوة إذاً: نموذج إنساني يعيش ممثلاً لمنهجه الذي يعتقده.
أقسام القدوة:
للقدوة قسمان: حسنة وسيئة، قال السعدي في تفسير قوله سبحانه: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب: 21]:
فالأسوة نوعان: أسوة حسنة، وأسوة سيئة.
1- القدوة الحسنة، وهي قسمان:
أ. قدوة حسنة مطلقة: وهي متمثلة في الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام. ودوننا هذه الآيات لنتأملها، قال الحق تعالى: ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ.. ﴾ [ الممتحنة: 4]، وقال تبارك وتعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [الممتحنة: 6]. وقال سبحانه: ﴿ لقد كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]. وتأمل هذا المعنى العميق في قوله جلّ وعلا: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 90]. قال ابن كثير: قال تعالى مخاطبا عبده ورسوله محمدا – صلى الله عليه وسلم -: (أولئك) يعني: الأنبياء المذكورين مع من أضيف إليهم من الآباء والذرية والإخوان وهم الأشباه. (الذين هدى الله) أي: هم أهل الهداية لا غيرهم. (فبهداهم اقتده) أي: اقتد واتبع. وإذا كان هذا أمراً للرسول صلى الله عليه وسلم، فأمته تبع له فيما يشرعه لهم ويأمرهم به[2]. وقال السعدي: امش – أيها الرسول الكريم – خلف هؤلاء الأنبياء الأخيار، واتبع ملتهم وقد امتثل صلى الله عليه وسلم، فاهتدى بهدي الرسل قبله، وجمع كل كمال فيهم. فاجتمعت لديه فضائل وخصائص، فاق بها جميع العالمين، وكان سيد المرسلين، وإمام المتقين، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين، وبهذا الملحظ، استدل بهذه من استدل من الصحابة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أفضل الرسل كلهم.[3]

اقرأ أيضا  رمضان..كيف يربي البيوت المسلمة ؟!

ب. قدوة حسنة مقيّدة، وتتمثل في العلماء الربانيين والهداة الصالحين والمربين، ولعله بيت القصيد من حديثنا يدور حول هذا النوع، إذ القدوةالمقيّدة حال عموم العلماء والمصلحين، وهذه التقييدات نسبية ومختلفة اختلف بعضهم في تحديدها، وممن قيدها ابن مسعود رضي الله عنه، حيث قال: مَن كانَ مُسْتَنًّا، فَلْيَسْتَنَّ بمن قد ماتَ، فإنَّ الحيَّ لا تُؤمَنُ عليه الفِتْنَةُ، أولئك أصحابُ محمد – صلى الله عليه وسلم -، كانوا أفضلَ هذه الأمة: أبرَّها قلوبًا، وأعمقَها علمًا، وأقلَّها تكلُّفًا، اختارهم الله لصحبة نبيِّه، ولإقامة دِينه، فاعرِفوا لهم فضلَهم، واتبعُوهم على أثرهم، وتمسَّكوا بما استَطَعْتُم من أخلاقِهم وسيَرِهم، فإنهم كانوا على الهُدَى المستقيم [4]. ولعل ابن مسعود يشير لأهل زمانه ولمن بعدهم، وهي إشارة مربٍ حذق لا يفوته معنى القدوة في الأفراد وعملها فيهم، إذ أثيرها يسري عبر الأجيال، وهذا لا يتنافى مع من يقتدي بالربانيين في عصره إذا ما كانوا على الهدي القويم والصراط المستقيم فضلاً أن يموتوا على ذلك.

اقرأ أيضا  آداب الكلام والمحادثة

2. القدوة السيئة: وهذا لا يخلو مجتمع منه، إذ لكل فساد رواده، وهي حجة أهل الضلال في القديم والحديث، قال سبحانه:
﴿ بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ * وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ ﴾ [الزخرف: 22، 23]

________________________________________
[1] “معجم الرائد”.
[2] “تفسير ابن كثير”
[3] “تفسير السعدي”
[4] “جامع بيان العلم وفضله”؛ لابن عبد البر.
الألوكة

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.