من هو الداعية ذاكر نايك وما قصته مع الانتربول ؟
جاكرتا (معراج) – داعية وخطيب ومنظر إسلامي هندي من “أهل السنة والجماعة”.
يحاضر أمام حشود كبيرة، الملايين يستعمون إلى خطبه ومحاضراته المسجلة بالإنجليزية، عبر القنوات الفضائية، وأشرطة الفيديو والكاسيت، والأقراص المضغوطة، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.
ووفق مقالة السوسنة ذاكر نايك هوإحدى الشخصيات الأكثر تأثيرا في العالم الإسلامي.
يُوصف بأنه “ديدات الأكبر”، فهو تلميذ الداعية الراحل الجنوب أفريقي أحمد ديدات.
حاز على شهرة كبيرة؛ لأسباب، كان من بينها قدرته على تذكر الشواهد من القرآن والحديث والكتب المقدسة الأخرى للمسيحيين واليهود والهندوس والبوذيين بعدة لغات، واستحضار الشواهد التي تدعم فرضياته وحديثه.
ألقى أكثر من 1000 محاضرة، في بقاع عدة من العالم.
ولد ذاكر عبد الكريم نايك، الحاصل على شهادة الطب في الجراحة من جامعة مومباي، في عام 1965 في مدينة بومبي.
كانت المحطة الأولى الأبرز في حياته، إنشاء “المؤسسة الإسلامية للبحث” عام 1991، لتتوالى بعد ذلك إداراته لعدة مؤسسات تعليمية في الهند، لكن تبقى “البحوث الإسلامية” الأهم؛ لأنها تملك قناة
“بيس تي في”، الناطقة بعدة لغات.
ترك ممارسة الطب، وركز منذ عام 1993 على الدعوة الإسلامية، وعادة ما يتحدث ذاكر عن مواضيع مثل الإسلام والعلم الحديث، الإسلام والمسيحية، الإسلام والعلمانية، الإسلام والهندوسية، الدعوة الإسلامية، والشبهات حول الإسلام.
ساهم في شهرته أسفاره العديدة حول العالم، ومناظراته حول الإسلام مع العلماء، كعلماء اللاهوت، وإتاحته الفرصة لأسئلة العامة.
معظم من عرفوه كانت معرفتهم له عبر أشرطة الفيديو والكاسيت والأقراص المضغوطة التي تسجل خطبه، والتي باتت شائعة جدا. وعادة ما تسجل خطبه باللغة الإنجليزية، لتبث في عطل نهاية الأسبوع عبر العديد من شبكات كوابل التلفاز في مناطق المسلمين من بومبي.
ويظهر نايك بشكل منتظم على شاشات العديد من القنوات الفضائية والإذاعات على مستوى العالم، والتي تتيح لهُ فرصة الظهور في أكثر من 100 دولة.
يعدّ من بين مئة هندي الأكثر قوة، وفي قائمة “أعلى 10 معلمين روحيين” كان ترتيبه الثالث.
وكان من أشهر من أثنى عليهم أستاذه الداعية أحمد ديدات، الذي سماه ديدات الأكبر، وقال له: “ما فعلته يا بني في أربع سنين استغرق مني أربعين سنة لتحقيقه”.
أصبح حديث وكالات الأنباء في أيار/ مايو الحالي، بعد حديث عن توجه مكتب منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الانتربول) لإصدار مذكرة اعتقال الداعية نايك بناء على طلب رسمي من “مؤسسة الاستجوابات الهندية”، التي أصدرت مذكرة اعتقال “حمراء” بحقه بمجرد اعتقاله في أي بلد.
وذكرت الهند في طلبها المقدم لـ”الانتربول” أن نايك مذنب بالتورط في مسائل غسيل أموال وكسب غير مشروع عن طريق مؤسساته وقنوات فضائية دينية يديرها، ولكن لم يتم تقديم أي دليل يثبت التهم الموجهة إليه، ويعتقد الكثير أن هذه محاولة لتشويه سمعة الداعية الهندي، ووسيلة للتخلص منهُ، بعد نجاحه في مختلف دول العالم.
هذه التهمة هي الثانية بحق نايك، فقد اتهمته السلطات الهندية في أب/ أغسطس الماضي بـ”الإرهاب وبنشر العداوة بين أتباع الأديان المختلفةـ والقيام بنشاطات غير قانونية تهدد الأمن العام”.
وقبلها اتهمته حكومة بنغلادش، التي أعدمت عددا من القياديات الإسلامية في السنوات الأخيرة، بالتحريض على هجوم دكا، الذي وقع في تموز/ يوليو الماضي ؛ لأن أحد المهاجمين كان يتابع نايك على شبكات التواصل الاجتماعي.
وهو الهجوم الذي وقع على مقهى “هولي أرتيسان بيكري”»، في العاصمة دكا، وأسفر عن مقتل 22 دبلوماسيا، معظمهم إيطاليون ويابانيون.
وكانت السلطات البريطانية منعت نايك في يونيو/ حزيران عام 2010 من دخول أراضيها، متهمة إياه بـ”الترويج للفكر الإرهابي”، ووصفته صحيفة “صنداي تايمز” بأنه “داعية يحض على الكراهية، ويدعو إلى الإرهاب، ولا يحترم النساء؛ لأنه يرى أن تبرجهن أحد أسباب ظاهرة الاغتصاب”.
أما هو فيقول إن مرد اتهام الصحيفة له بـ”الإرهاب” هو أنه أدان قتل الحكومات الغربية للمسلمين في بلدان عدة، مثل العراق وباكستان وأفغانستان، بالقوة ذاتها في إدانته لهجمات 11 سبتمبر/ أيلول عام 2001 بأمريكا، وتفجيرات لندن عام 2005.
نايك يؤكد أن أسلوبه في الدعوة لم يتغير منذ خمسة وعشرين عاما، ويستنكر مطاردة السلطات الهندية له.
وفيما تتوقع وسائل إعلام هندية أن تقوم السعودية، التي يقيم نايك على أراضيها منذ عام 2015، باعتقاله، حيث إن المذكرة التي ستصدرها “الإنتربول” تعتبره “هاربا من العدالة”. ذكر ناشطون عرب ومسلمون أن التهم الموجهة له دون أدلة وبراهين ستدفع السعودية أو غيرها لتجاهل الطلب؛ خشية تعرض الداعية للتنكيل، وربما القتل في بلده.
وزار نايك السعودية لتسلم جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام، وأعرب عن خشيته من العودة إلى بلده، كما أنه يتردد على ماليزيا وإندونيسيا وتركيا.
“على كل المسلمين أن يكونوا إرهابيين”، هذه الجملة المنتقاة من خطبة طويلة لنايك، ألقاها في عام 2010، دفع ثمنها باهظا، بداية من منعه دخول بريطانيا وكندا، واعتراض الولايات المتحدة على منحه جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام عام 2015.
وشنت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية هجوما حادا على المملكة العربية السعودية بعد تكريم نايك بهذه الجائزة.
كما أنه اتهم بأنه قال على الملأ، إن “اليهود يتحكمون في أمريكا، وإن المرتدين يجوز قتلهم، وإن الولايات المتحدة هي الإرهابي الأكبر في العالم، وإن هجمات الحادي عشر من سبتمبر كانت من فعل إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن”.
من جانبه، يحاول نايك التصدي لمحاولات ربطه بـ”الإرهاب”، فيطالب بالعودة إلى مشاهدة محاضراته بالكامل، لمعرفة ما كان يقصده تحديدا من وراء جملته تلك. ويؤكد نايك أنه جرى اقتطاع جملته من سياق خطبة كاملة، وقال إنه كان يقصد بها “الشخص الذي يرهب شخصا آخر، وأن المسلم يجب أن يكون إرهابيا للعناصر التي تعادي المجتمع”.
ويضيف: “لقد انتقدت علانية في الكثير من المناسبات كل أعمال الإرهاب، وأدنت بصورة قاطعة أعمال العنف، وذكرت في عدة مناسبات أن مثل هذه الأعمال خسيسة، وغير مبررة على الإطلاق طبقا لأي معايير”.
وفي أكثر من لقاء تلفزيوني، قال ذاكر نايك، إن :”الإعلام العالمي يصور للعالم أن الإسلام هو مشكلة البشرية، بينما هو الحل لمشكلاتها”، مضيفا أن “وسائل الإعلام تريد فقط أن تسيء للإسلام وتختار النماذج السيئة من المسلمين، وتبرزهم على أنهم إرهابيون؛ ليقولوا بذلك إن كل مسلم إرهابي”.
وقررت المحكمة العليا في دلهي منع “مؤسسة البحوث الإسلامية”، التي أنشأها الداعية ذاكر نايك؛ وذلك من أجل “حماية الأمن القومي”. ويقول القاضي سانجيف ساكديفا لصحيفة “إنديا إكسبريس”، بأن: “القرار الذي اتخذه اتحاد الهند جاء من أجل حماية سيادة وكرامة الهند والأمن القومي لها”.
وردا على القرار، ينفي نايك الاتهامات الموجهة إليه، وقال: “لم أقم بأي تمرد أبدا، ولم أرتكب عملا إرهابيا ضد الناس طوال حياتي، وكل ما أقدمه هو رسالة سلام”، مؤكدا: “هناك بعض الجهات لا تريد السلام في العالم، ولهذا تقوم بتوجيه اتهامات لا أساس لها ضدي”، وأضاف: “أطالب الحكومة الهندية بأن تحاكمني أمام محكمة دولية أو في ماليزيا”.
التيار الإسلامي العربي والدولي يرى في ذاكر نايك “شيخا من دعاة الوسطية والاستنارة و صاحب شعبية جارفة لا يملك سوى الحجة والبيان”، و”أن العدوان على حريته يؤجج الفتنة في الهند وغيرها من البلدان الإسلامية”.
وأعرب العديد من الدعاة عن تعاطفهم مع ذاكر نايك، قائلين إن الحملة الرسمية الهندية ضده “تسعى لكبح جماح نشاطاته الدعوية السلمية”، وإدانة المجتمع المسلم المسالم.