هل تقرأ الملائكة القرآن الكريم؟

الأحد 20 جمادى الأولى 1437//28 فبراير/شباط 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
د. محمود عبدالجليل روزن
هل تقرأ الملائكةُ القرآنَ الكريمَ؟
مقدمة:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد:
فقد انتشرَ في الفترة الأخيرة على بعض مواقع التواصل الاجتماعيّ ما مضمونه أنَّ الملائكة لم يُعطَوْا فضيلة قراءة القرآن، ويتَّكئ الناقلون لهذا الأمر على فتوى لابن الصلاح – رحمه الله – يقول فيها: «وَرَدَ أنَّ الملائكةَ لم يُعطَوْا فضيلة قراءة القرآن، وهي حريصة لذلك على استماعه من الإنس».

وقد بَهَرَ هذا المعنى كثيرًا من المدوّنين على تلك المواقع فتناقلوه إعجابًا، حتى كادَ يصيرُ عند بعضهم مُسلَّمًا به، فالإمام ابن الصلاح من أئمة الحديث المشهود لهم بالحفظ ورسوخ القدم.

ولكنَّ الأمرَ لا يثبتُ للتحقيق والتمحيص، وهو – وإن كان لا ينبني عليه عملٌ في الظاهر القريب– فإنَّه يتعلَّق بمسألةٍ اعتقاديّة غيبية، ولا يؤمن ألا ينبني عليه عملٌ في الآجل، وهو شأنُ كثير من مسائل الاعتقاد. وفي هذه الورقاتِ أحاول أن أتعرَّض لهذه المسألة بشيءٍ من التحقيق. والله المستعان.

ولا يفوتني الإشارة إلى أنَّ صدور مثل هذه الفتوى غير المحرَّرة – في تقديري – من مثل ابن الصّلاح – رحمه الله – أَوْلى بالتنويه، وأجدرُ بالتعقُّب؛ لجلال قدره، وعلوِّ منزلته، فمن حقِّ العالِم أن يُنوَّه بما استبانَ من خطأ اجتهاده؛ لئلا يُنسَبَ الخطأ إلى الشَّرع من جِهته، ويُتّخذ قولُه به ذريعةً إلى الخوض فيما ليس للقائلِ به علمٌ. نسألُ الله الهداية والتوفيق والسداد والثبات.
♦♦♦♦

هل تقرأ الملائكة القرآن الكريم؟
في فتاوى ابن الصلاح (ت643هـ) ما نصُّه: «مسألة: رجل يقول: الشيطان يقرأ القرآن ويُصلِّي هو وجنوده، ويريد إغواء العالـِم والزاهد، ويأخذه من الطريق التي يسلكها ليُضلَّه[1]، وإن كان يقدر على ذلك فكيف معرفة الخلاص منه؟
أجاب رضي الله عنه: ظاهر المنقول ينفي قراءتهم القرآن وقوعًا، ويلزم من ذلك انتفاء الصلاة منهم؛ إذ منها قراءة القرآن، وقد ورد أنَّ الملائكة لم يُعطوا فضيلة قراءة القرآن، وهي حريصة لذلك على استماعه من الإنس، فإنَّ قراءة القرآن كرامةٌ أكرم الله بها الإنس، غير أن المؤمنين من الجنّ بَلَغَنَا أنهم يقرؤونه. والله أعلم»[2].

وقد ظهر صدى فتوى ابن الصلاح في كلام بعض مَن جاؤوا بعده، قال أبو البقاء الدميري الشافعي (ت808هـ): «قراءة القرآن كرامةٌ أكرم الله بها بني آدم، والملائكة لم يعطوا هذه الفضيلة، وهي حريصة على استماعه من الإنس، كذا أفتى ابن الصلاح.

وقد يتوقف فيه من جهة أن جبريل – عليه السلام – هو النازل بالقرآن على النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الله تعالى في وصف الملائكة: ﴿فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا ﴾ [الصافات: 3]؛ أي: تتلو القرآن»[3].

وقال البهوتي (ت1051) بعد أن نقل كلام الدميري: «قلتُ: يحتمل أن يكون مراد ابن الصلاح الملائكة غير جبريل أو يُقال: لا يلزم من نزوله به بقاء حفظه له جُملةً، لكن يبعده حديث مدارسته صلى الله عليه وسلم إياه القرآن، إلا أن يقال: كان يُلهُمُه إلهامًا عند الحاجة إلى تبليغه، وأما تلاوة الملائكة له فلا يلزم منها حفظه»[4].

وبعض كلام البهوتي كان السكوت عنه أوْلى وأليق، وقد رأينا أنَّه فرَّع عن هذه المسألة عدة مسائل ما كان أغنانا عن الخوض فيها، وإمرارها كما أمرَّها السلف رضي الله عنهم، إذ هي من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، وليس في الجهل به مضرّة، ولا في العلم به فائدةٌ عمليَّة، وأما العلم الناقص، والتكلُّف البارد؛ فكلاهما مما يضرُّ ولا ينفع. والله المستعان.

فقد فرَّع عن هذه المسألة ما يأتي:
هل نسيَ جبريلُ – عليه السَّلام – القرآنَ، بعد أن بلَّغه النبيَّ صلى الله عليه وسلم، ثمَّ انقضى ذلك بموته صلى الله عليه وسلم؟

وهل الملائكة –إن قلنا بأنَّهم يتلون القرآن – يستظهرونه فلا ينسَوْنه؟

وهذا يضاف للسؤال الرئيس: هل يصحُّ أنَّ الملائكة لم يُعطَوْا فضيلةَ قراءة القرآن، وهي حريصة لذلك على استماعه من الإنس؟

فنقول: ليس هناك ما يمنع كونًا ولا شرعًا من قراءة الملائكةِ القرآنَ، فالمانع الشرعيُّ مقتضاه أنَّ هناك نهيًا تكليفيًّا من الله عز وجل للملائكة عن قراءة القرآن. وهذا من أغرب الغريب، وأصعبه على التصوُّر. فإن ادَّعى ذلك امرؤٌ قلنا له: هلمّ برهانكم على أنَّ الله حرَّم عليهم هذا.

والمانع الكونيّ مقتضاه أنَّ طبيعتهم وجبلّتهم لا تواتيهم على قراءة القرآن واستظهاره، وهذا منقوضٌ بعدة أدلة؛ بعضها أظهرُ في الدلالة من بعضٍ، ومجموعها يُقوِّي هذا النَّقضَ وينصره.

وإليكَ التفصيل:
الدليل الأول: قوله تعالى: ﴿ فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا ﴾ [الصافات: 3]
وهم الملائكة في قول ابن مسعود وابن عباس والحسن وسعيد بن جبير ومجاهد، والسدي وجمهور المفسرين[5]. قال الطبري: «وقوله: ﴿ فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا ﴾ يقول: فالقارئاتِ كتابًا. واختلف أهل التأويل في المعنيِّ بذلك، فقال بعضهم: هم الملائكة»[6]. ثم ذكر باقي الأقوال في تفسيرها، ولم يُرجِّح، لكنَّه رجَّح نظيره قبلُ في تفسير الزاجرات بقوله: «والذي هو أولى بتأويل الآية عندنا ما قال مجاهد، ومَن قال هم الملائكة؛ لأن الله – تعالى ذكره – ابتدأ القسم بنوع من الملائكة، وهم الصافُّون بإجماعٍ من أهل التأويل، فلَأَنْ يكون الذي بعد قسمًا بسائر أصنافهم أشبه»[7].

وقال الزجاج: قيل الملائكةُ، وجائز أن يكون الملائكة وغيرهم أيضًا مِمنْ يَتْلُونَ ذِكْرَ اللَّه[8].
وقال ابن جزي: «هي الملائكة تتلو القرآن والذكر»[9].

وقد يعترض على هذا الدليل باعتراضاتٍ:
الأول: أنَّ التفسير بالملائكة ليس محلَّ اتفاق:
فعن قتادة قال: «﴿ فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا ﴾ ما يُتلى عليكم في القرآن من أخبار الناس والأمم قبلكم»[10].
وقال القرطبي: «وقيل: هي آياتُ القرآن، وَصَفَها بالتلاوة كما قال تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾ [النمل: 76]. ويجوز أن يقال لآياتِ القرآن تاليات؛ لأنَّ بعض الحروف يتبع بعضًا؛ ذكره القشيري»[11].

وقال آخرون: التاليات ذكرًا هم الأنبياء يتلون الذكر على قومهم؛ قاله ابن عيسى[12].

ويُجاب عن هذا الاعتراض بأنَّ الراجح بدلالة السياق أنهم الملائكة؛ كما رجَّح الطبريُّ، ولا مانعَ من أن يكون غيرُه من الوجوه مُحتملًا، ولكن – على كلِّ حالٍ – يبقى لهذا القول وجاهته وصدارته لغيره من الأقوال. والله أعلم.

الثاني: أنَّ المقصود به جبريل وحده، وأنَّ تلاوته الذكر هي نزوله بالوحي على الأنبياء:
قال مقاتل: «﴿ فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا ﴾ يعني به الملائكة، وهو جبريل وحده- عليه السلام- يتلو القرآن على الأنبياء من ربهم، وهو: ﴿ فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا ﴾ [المرسلات: 5]، يُلقي الذكرَ على الأنبياء»[13].

ولا يُسلَّم بذلك؛ إذ يُبعدُ هذا القول أنَّ (التاليات) جمع (التالية) أي: الملائكة التالين ذكرًا، حُمِلتْ على المعنى؛ لأنَّها تصف جماعة من الملائكة، فهي في رتبة جمع الجمع. وفيه تأكيد وصف الكثرة، فلا يصحُّ أن يكون المقصود جبريل وحده، وُصِف بالجمعِ تفخيمًا على المجاز؛ لأنَّ المجاز لا يؤكّد بالتكرار، وجمع الجمع قائم مقام التكرار في مثل هذا الأسلوب. والله أعلم.

وقد يُقال: إنَّ المقصود جبريل وأعوانه، قال الواحديُّ: «وعلى هذا المراد جبريل، وذُكر بلفظ الجمع إشارةً إلى أنه كبير الملائكة، فهو لا يخلو من أعوانٍ وجنود له من الملائكة يعرجون بعروجه، وينزلون بنزوله»[14].

وقال أبو صالح في تفسيرها: هم الملائكة يجيئون بالكتاب والقرآن من عند الله إلى الناس[15].

فتكون شبيهة بقوله تعالى: ﴿ يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ ﴾ [النحل: 2]، وقوله تعالى: ﴿فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا ﴾ [المرسلات: 5].

فيقال: إنَّ ثبوت القراءة لجبريل وحده، أو جبريل وأعوانه، كافية في إثبات أنَّ جنس الملائكة لا يستحيل عليه – كونًا – قراءة القرآن، كما أنَّ حصول مَلَكةٍ ما لبعض البَشرِ تعني أنَّه من المتصوَّر – كونًا – حصولها لأيٍّ منهم. والله أعلم.

وعلى كلٍّ؛ ففيه ردٌّ لاعتذار البهوتي بأنْ يكون مراد ابن الصلاح الملائكة غير جبريل، إذ نوّهتْ هذه النصوص بأنَّ لجبريل – عليه السلام – أعوانًا من الملائكة.

الثالث: أنَّ المقصود بالذكر ها هنا عموم الذكر ومُطلقه، فلا يُحمل على قراءة القرآن:
قال الماتريدي: «﴿ فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا ﴾ هم الملائكة الموكَّلون بالتسبيح، والتحميد، وجميع الأذكار»[16].
ويجاب عنه بأنَّه كما يُسلَّم بعموم الآية، فلا يُسلَّم باستثنائها القرآنَ من الذكر الذي تتلوه الملائكة، فيبقى الأمر عامًّا. وتلاوة القرآن من أشرف الذكر، إن لم تكن أشرفه على الإطلاق، فما وجهُ استثنائه مما تتلوه الملائكة؟! على أنَّ لفظ (التلاوة) يصلح قرينة لفظية لتفسير الذكر في الآية الكريمة بقراءة القرآن، إذ أنَّ أول ما ينصرف لفظ التلاوة إلى قراءة القرآن، وليس شائعًا في التعبير عن غيره من الأذكار. فدخل في المقصود دخولًا أوليًا من وجهين؛ الأول: ما دلّ عليه لفظ (التاليات) من التلاوة، وارتباط ذلك المصطلح بقراءة القرآن، فيُرشِّح أن يكون هو المقصود. والثاني: أنَّ القرآن من أشرف الذكر إن لم يكن أشرفه على الإطلاق، فهو أحقُّ ما وُصِف بالذكر، وهذا في القرآن كثيرٌ؛ كقوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ﴾ [آل عمران: 58]، وقوله تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]، وقوله تعالى: ﴿ ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ﴾ [ص: 1]، وقوله تعالى: ﴿ وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ ﴾ [الأنبياء: 50]، وقوله تعالى: ﴿وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا ﴾ [طه: 99]. وغير ذلك كثيرٌ.

ولو قيل إنَّ الملائكةَ لم تزل تتلو القرآنَ منذ خلقها الله عز وجل ويسَّرها لذلك = لم يبعد، فالقرآن غير مخلوقٍ ولا مُحدَثٍ، وتيسيرُه للذِّكر لازمٌ له، ليس حادثًا بنزوله، وقد قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ ﴾ [القمر: 17]. فالأشبه أنهم لم يزالوا يتعبّدون لله عز وجل بقراءته. والله تعالى أعلم.
♦♦♦♦

اقرأ أيضا  تقرير:اليمن والصومال ونيجيريا وجنوب السودان.. مربع تهدده المجاعة والنزاعات المسلحة

الدليل الثاني: قوله تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ ﴾ [عبس: 11 – 16].

والاختيار في تفسير المراد بالسَّفَرة الكرام البررة أنهم الملائكة الذين يَسفِرون بين الله ورسله بالوحي. قال الطبري: «وإذا وُجِّه التأويل إلى ما قلنا احتمل الوجه الذي قاله القائلون هم الكتبة، والذي قاله القائلون هم القرّاء؛ لأن الملائكة هي التي تقرأ الكتب، وتَسفِر بين الله وبين رسله»[17].

وقد بشَّر النبيُّ صلى الله عليه وسلم الماهرَ بالقرآن بأنَّه مع السفرة الكرام البررة؛ فعن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه، وهو عليه شاقٌّ له أجران»[18].

ويدور كلام العلماء حول أنَّ المراد بالمهارة في القراءة الحذق بقراءته به بما يدلُّ على جودة الحفظ أو جودة اللفظ، أو على كليهما، أو على ما هو أهمُّ منهما. قال الطيبي في تعريف الماهر: «هو الكامل الحفظ الذي لا يتوقف في القراءة، ولا يشقّ عليه، قال الجعبري في وصف أئمة القراءة: كل مَن أتقن حفظ القرآن وأدمن درسه، وأحكم تجويد ألفاظه وعلم مباديه ومقاطعه وضبط رواية قراءته وفهم وجوه إعرابه ولغاته ووقف على حقيقة اشتقاقه وتصريفه ورسخ في ناسخه ومنسوخه وأخذ حظًّا وافرًا من تفسيره وتأويله، وصان نقله عن الرأي، وتجافى عن مقاييس العربية ووسعته السنة وجلله الوقار وغمره الحياء، وكان عدلًا متيقظًا ورعًا معرضًا عن الدنيا مقبلًا على الآخرة قريبًا من الله فهو الإمام الذي يرجع إليه ويعول عليه ويقتدى بأقواله ويهتدى بأفعاله»[19].

وهذه الأمور التي ذكرها الإمام الجعبري تنتظم المهارة بالرواية والدراية والرعاية، ومَن اجتمعت له فهو الماهر على الحقيقة.
إذًا؛ فالحديثُ دالٌّ على عموم المهارة وشمولها كل مستويات حفظ القرآن، وهو ما عبَّرت عنه رواية البخاريّ للحديث نفسه: «مثل الذي يقرأ القرآن، وهو حافظٌ له مع السفرة الكرام البررة، ومثل الذي يقرأ، وهو يتعاهده، وهو عليه شديد فله أجران»[20].

وعليه؛ فمن مقوِّمات وصف المهارة: أن يكون قارئًا متقنًا حافظًا متعاهدًا، فأُلحِقَ بمن هو شبهُهم في الفعل، ولـمَّا كان الجزاء من جنس العمل؛ كان الماهر بالقرآن قراءةً وفهمًا وتدبُّرًا واتّباعًا مع السفرة الكرام البررة، قال البيضاوي: «والماهر بالقرآن من حيث إنه حامل للقرآن حافظ له أمين عليه، ويؤديه إلى المؤمنين، ويكشف لهم ما يلتبس عليهم = مع السفرة ومعدود من عدادهم، فإنهم الحاملون لأصله الحافظون له، ينزلون به على أنبياء الله ورسله، ويُؤدّون إليهم ألفاظه، ويكشفون عليهم معانيه»[21].

فمعيّتهم إمَّا معيَّة مشاكلة في الوظيفة التي يقومون بها، وإمَّا في المنزلة التي يصيرون إليها. فأمَّا في الوظيفة التي يقومون بها، فيوضِّحه قول الإمام النووي: «السفرة جميع سافر؛ ككاتب وكتبة، والسافر الرسول والسفرة الرسل؛ لأنهم يسفرون إلى الناس برسالات الله، وقيل السفرة الكتبة، والبررة المطيعون من البر وهو الطاعة، والماهر الحاذق الكامل الحفظ الذي لا يتوقف ولا يشقّ عليه القراءة بجودة حفظه وإتقانه»[22].

فالماهر بالتلاوة والترتيل والضبط والتجويد والأداء …ونحو ذلك؛ قد أسفر عن ألفاظ القرآن كأكمل ما يكون ذلك، فشابه السَّفَرةَ من هذا الوجه، ولما كان ماهرًا برسم ألفاظه المكتوبة وما يتعلق بها من أحكام القراءات، وما ينبني عليها من قبولٍ وردٍّ للرواياتِ، وما يترتّب عليها في التلاوة من هيئاتٍ = فقد شابه الملائكة الموصوفين بأنّهم كتبةٌ، وهو مضمّنٌ في معنى الَّسفرة. ثمَّ إنَّ الماهر بالقرآن متشبِّهٌ بالملائكة البررة، والبرُّ هو مطلق الطاعات، وهو اسمٌ جامعٌ لكلِّ خيرٍ. وفوق ذلك كلِّه؛ فإنَّ الماهر بالقرآن سفيرٌ من ربِّه إلى غيره من الناس يدعوهم لهدايته، ويعلِّمهم مبانيه ومعانيه، ويسعى في الإصلاح، كما يسعى السفير. فإذا اجتمع له كلُّ ذلك، فحُقَّ له أن يكون موافقًا للملائكة في صفتهم، وأن يقرَّب في درجات النعيم إلى منزلتهم[23].

قال السندي: قوله: (الماهر بالقرآن) أي: الحاذق بقراءته (مع السفرة) هم الملائكة جمع سافر وهو الكاتب؛ لأنه يبين الشيء، ولعل المراد بهم الملائكة الذين قال تعالى فيهم ﴿ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ ﴾ [عبس: 15، 16]، والمعية في التقرب إلى الله تعالى، وقيل: يريد أنه يكون في الآخرة رفيقًا لهم في منازلهم، أو هو عاملٌ بعملهم»[24].

وقال القاضي عياض: «قال المهلب: المهارة جودة القراءة بجودة الحفظ، ولا يتردد فيه، يسَّره الله عليه، كما يسَّره على الملائكة فهو معها فى مثل حالها من الحفظ وفى درجة واحدة إن شاء الله. قال القاضى: يحتمل – والله أعلم – أَنَّ له فى الآخرة منازل يكون فيها رفيقًا للملائكة السفرة، لاتّصافه بوصفهم بحمل كتاب الله، ويحتمل أن يكون المراد أنه عامل بعملِ السفرة وسالكٌ مسلكَهم؛ كما يقال: فلان مع بنى فلان، إذا كان يرى رأيهم ويذهب مذهبهم»[25].

فهذه النقول عن العلماء ناضحةٌ بالمعنى المراد، وهو أنَّ الماهر بالقرآن – وأحد مقوِّماته المهارة بتلاوته وإتقان حفظه وتعاهده – مشبَّهٌ بالملائكة السفرة الكرام البررة، فحصل المقصود من أنَّ هذه الطائفة تسفِر بالقرآن قراءةً وترتيلًا، وتداوم على هذا. والله أعلم.

ولا يُعكِّر على ذلك أن يكون المراد بالصحف المكرّمة اللوحَ المحفوظَ، فيكون كقوله تعالى: ﴿ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ﴾ [الواقعة: 77 – 79]؛ لأنَّ هؤلاءِ الكرامَ البررةَ إن كانوا يقدرون أن يسفِروا بأصله في اللوح المحفوظ، فهم على أن يَسفروا بجزءٍ منه أقدرُ. والله أعلم.
♦♦♦♦

الدليل الثالث: صلاة الملائكة وقيامهم على صفة الصلاة الشرعية التي يُصلِّيها المسلمون:
عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كان الرجل بأرض قِيٍّ فحانت الصلاة فليتوضأ، فإن لم يجد ماءً فليتيمَّمْ، فإن أقام صلَّى معه ملكاه، وإن أذَّن وأقام صلَّى خلفه من جنود الله ما لا يرى طرفاه»[26].

وفي رواية: عن سلمان يرفعه: «ما من رجل يكون بأرض فيء فيؤذن بحضرة الصلاة ويقيم الصلاة فيصلي إلا صفّ خلفه من الملائكة ما لا يرى قطراه يركعون بركوعه ويسجدون بسجوده ويؤمنون على دعائه»[27].

قال في النهاية: «القِيُّ؛ بالكسر والتشديد: فعل من القواء، وهي الأرض القفر الخالية»[28].

وهذا الحديث دليلٌ على صلاة الملائكة – أو صنف منهم – الصلاةَ الشرعيةَ التي يصلِّيها المسلمون، وقراءة القرآن من أعمالها، وظاهره يدلُّ على أنَّهم يقرؤون القرآن. والله أعلم.

وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألا تصفون كما تصفُّ الملائكة عند ربها؟» فقلنا يا رسول الله؛ وكيف تصفُّ الملائكةُ عند ربها؟ قال: «يُتمُّون الصفوف الأول ويتراصون في الصفِّ»[29].

والتمثيل إنما هو بصفوف الصلاة، وظاهره أنَّ هذه الصفوف في الصلاة – وإن كان غير لازمٍ – فإن سُلِّم بذلك، كان تعضيدًا للأوّل. والله أعلم.

وروى ابن أبي حاتم من رواية أبي نضرة، قالَ: كانَ ابن عمر إذا أقيمت الصلاة استقبل الناس بوجهه، ثم قالَ: أقيموا صفوفكم، استووا قيامًا، يريد الله بكم هدي الملائكة. ثم يقول: ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ ﴾ [الصافات: 165]، تأخَّر فلانُ، تقدَّمْ فلانُ، ثم يتقدم فيُكبِّر.

قال مقاتل: ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ ﴾؛ يعني صفوف الملائكة في السموات في الصلاة، ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ ﴾ ؛ يعني المصلِّين؛ يخبر جبريل النبي صلى الله عليه وسلم بعبادتهم لربهم عز وجل؛ فكيف يعبدُهم كفار مكة؟![30]

فكلُّ ذلك معضِّدٌ لكونهم يُصلُّون الصلاة الشرعية على الصفة التي ارتضاها الله عز وجل لعباده المسلمين، وقراءة القرآن من أخصِّ أعمالها.

وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه رضي الله عنهم إذ قال لهم: «هل تسمعون ما أسمع؟» قالوا: ما نسمعُ من شيء، قال نبيّ الله صلى الله عليه وسلم: «إني لأسمع أطيط السماء، وما تلام أن تئطّ، وما فيها موضع شبرٍ إلا وعليه ملك ساجدٌ أو قائمٌ»[31].

وعن عائشة – رضي الله عنها – أنها قالت: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «ما في السماء الدنيا موضع قدم إلا عليه ملك ساجد أو قائم». فذلك قوله عز وجل: ﴿ وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ ﴾ [الصافات: 164 – 166][32].

وعن العلاء بن سعد رضي الله عنه، وقد شهد الفتح وما بعدها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يومًا لجلسائه: «هل تسمعون ما أسمع؟» قالوا: وما تسمع يا رسول الله؟ قال: أطَّت السماء وحُقَّ لها أن تئطّ، إنه ليس فيها موضع قدم إلا وعليه ملك قائم أو راكع أو ساجد، وقالت الملائكة ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ ﴾ [الصافات: 165-166] [33]”.

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «إنَّ من السموات لسماءً ما منها موضع شبر إلا عليها جبهة ملك أو قدماه قائمًا أو ساجدًا». ثم قرأ عبد الله: ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ ﴾ [34].

عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما في السماوات السبع موضع قدم ولا شبر ولا كفٌّ إلا وفيه ملك قائم أو ملك راكع أو ملك ساجد، فإذا كان يوم القيامة قالوا جميعا: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك، إلا أنَّا لم نُشرك بك شيئًا»[35].

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل تسمعون أطيط السماء، وحق لها أن تئطَّ، ما فيها موضع قدم إلا وعليه ملك قائم أو ساجد، وإن للذكر دويًّا حول العرش يذكر بصاحبه، والعمل الصالح في الخزائن»[36].

اقرأ أيضا  كيف يؤدي مسلمو إسكندنافيا 4 صلوات في ساعتين؟

وعن أنس عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أطَّت السماء، وحُقَّ لها أن تئط؛ ما منها موضع قدم إلا وبه ملك ساجد أو راكع أو قائم»[37].

والقيام في الأحاديث المذكورة ورد قسيمًا للركوع والسجود، وهما من أعمال الصلاة كما هو معلوم، فإذا انصرف المعنى إلى ذلك كان أوْلى ما يتبادر للفهم أنَّ قيام القائمين منهم مشتملٌ على قراءة القرآن. والله أعلم.
♦♦♦♦

الدليل الرابع: قراءة جبريل ومدارسته وعرضه على النبي صلى الله عليه وسلم:
صحَّ عن ابن عبَّاس وفاطمة وأبي هريرة رضي الله عنهم أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يعرض القرآن على جبريل ويعرضُ جبريلُ عليه صلى الله عليه وسلم، وأنَّهما كانا يتدارسانِ القرآنَ، وذلك في كلِّ ليلةٍ من رمضان.

فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير وأجود ما يكون في شهر رمضان لأنَّ جبريل كان يلقاه في كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ؛ يعرِض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة»[38].

وفي رواية: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيُدارسُه القرآنَ. فلَرَسولُ الله صلى الله عليه وسلم أجودُ بالخير من الريح المرسلة»[39].

وعن أبي هريرة قال: «كان يُعرضُ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم القرآنُ كلَّ عام مرة، فعرض عليه مرتين في العام الذي قُبض فيه، وكان يعتكف في كل عام عشرًا فاعتكف عشرين في العام الذي قُبض فيه»[40].

وعن فاطمة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم حدَّثها أنَّ جبريل كان يعارضُه بالقرآن كلَّ عامٍ مرَّةً، وأنَّه عارضَه في العام الذي قُبض فيه مرَّتين[41].

فأفادت رواية فاطمةَ رضي الله عنها أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وجبريلَ كانا يتعارضانِ القرآن، فيتعاقبانِ في العرضِ أحدهما على الآخر، وفي رواية ابن عبَّاس الأولى تصريحٌ بعرض النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل، وفي رواية أبي هريرة رضي الله عنه تصريح بعرض جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم، فنُشِرَ في الروايتين ما لُّف في قول فاطمة: (فيعارضه). وأمَّا رواية ابن عبَّاس الأولى فلفظها: فيدارسه القرآن.

معنى المعارضة:
يقال: عرضتُ عليه أمر كذا، وعرضتُ له الشيءَ؛ أي: أظهرتُه له، وأبرزتُه إليه[42].
وعارضت فلانًا في السير، إذا سرتُ حياله. وعارضته مثل ما صنع، إذا أتيتَ إليه مثل ما أتى إليكَ. ومنه اشتقت المعارضة. وهذا هو القياس، كأن عرض الشيء الذي يفعله مثل عرض الشيء الذي أتاه[43]؛ من المفاعلةِ؛ كأنِّي أظهرتُ له ما عندي، وأظهر لي ما عنده. وعارض الشيء بالشيء معارضة: قابله. وعارضت كتابي بكتابه أي قابلتُه، وفلان يعارضني أي يباريني[44].

فالمعارضةُ تتضمَّن أن يُظهر كلُّ مُعارِضٍ ما عنده حذوَ ما يُظهره معارِضُه. وتتضمَّن أن يكون الـمُظهَرُ أفضلَ ما عند العارضِ من جنسه، أو من أفضلِه، وهو ما يستروحُ له بما تحمله المعارضة من إيحاء المباراة. والمعارضة – كذلك – تتضمَّن المراجعةَ بشأن المعروضِ؛ فإذا كان المعروض علمًا ونحوه، أشعرَ بالمذاكرةِ والسؤال والردِّ ونحوها. ومعارضة الكتابِ تتضمَّن أن يكون المعارَضُ عليه أصلًا أو له حُكم الأصلِ، فيقارن المعارِض كتابَه بكتاب المعارَض، فإذا كانت بالمعارضةُ بالمحفوظ فكأنَّها مقارنةُ ما وعاه قلبه بكمال ما يجب أن يعيَه في كمِّيَّته وكيفيَّته؛ كهيئة التلفُّظِ وسرعتها وشدَّتها .. ونحو ذلك. والله أعلم.

والعرض في اصطلاح القراءة يعني: قراءة الطالبِ على الشيخ. وهو أحد صُوَرِ تحمُّل القرآن الكريم، بخلاف السماع، وهو تلقي الطالب من لفظ الشيخ، ويكون بأن يقرأ الشيخ ويستمع إليه الطلاب. ولا يخلو العرضُ من إسماع الشيخ طلابَه كيفيةَ الأداء الصحيح لكل حرف وهيئة، فهو على التحقيق- يجمع بين العرض والسماع، كما لا يخلو من توقيف الشيخ الطالب على كيفية أداء كلِّ لفظةٍ من القرآن أداء عمليًّا مع التوجيه والتصحيح، وتوقيفٍ على ما يتعلق بالمقروء من تحريراتٍ للقرَّاء وفوائدَ في الرسم والوقف والابتداء واللغة والتفسير… وما شابه ذلك.

وقد لا يكفي السماعُ الطالبَ لِيؤدِّيَ كما سمع من الشيخ، ولا يعرف الشيخُ مقدار ما حصل للطالبِ بالسَّماع إلا بأن يعرض عليه الطَّالب، ولذا فإنَّ أكمل هيئات التحمُّل أن يُجمع بين السماع والعرضِ على هذا الترتيب، فيعرض الشيخ على الطالب ويُسمُعه ما يُرادُ تحمُّلُه، ثمَّ يعرض الطالب على شيحه ليتيقَّنَ من ضبطه لما تحمَّلَه. ومجموع هذين الأمرين؛ السماع والعرض؛ هي المعارضة. وهذا ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم وجبريل عليه السلام. وهو ظاهرٌ من الجمع بين أحاديث العرض المتقدِّمة: فالقراءة بينه وبين جبريل معارضة ومدارسة ؛ فمرة هذا يقرأ ومرة هذا يقرأ، وهو يحتمل احتمالين: أحدهما وهو الأظهر أن جبريل كان يقرأ أولا بعضًا من القرآن ثم يعيد النبي صلى الله عليه وسلم المقروء نفسه احتياطًا للحفظ، واعتمادًا للضبط، وثانيهما أنَّ أحدهما يقرأ قدرًا والآخر يُكمل قدرًا آخر بعده على هيئة المدارسة والإدارة المعروفة بين القراء، والأوَّل أظهر؛ لقوله تعالى: ﴿ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ﴾ [القيامة: 18][45].

ولا يقول عاقلٌ بأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان أضبطَ لجبريل فيما يُعارضه به، وقد كان الـمُعلَّم صلى الله عليه وسلم يُقرأ فلا ينسى كما دلَّ عليه قول الله تعالى: ﴿ سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى ﴾ [الأعلى: 6]، ولو فُرِض أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل حيًّا بين أظهرنا؛ لكان حافظًا للقرآن مُستظهرا له، فمعلِّمه جبريل – عليه السلام – أوْلى بها، وقد قال الله تعالى في حقه: ﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ﴾ [النجم: 5]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ﴾ [التكوير: 19 – 21]. فهذا يستأنس به لعدم نسيان جبريل – عليه السلام – للقرآن، والله أعلم.
♦♦♦♦

وبعد؛ فإنَّ قولَ ابن الصلاح يبقى قولًا مُرسلًا لم يذكر له سندًا؛ ليُنظر في صحَّته، ولم يذكر له مُخرِّجًا؛ ليطلَب في مرويّاته، وهو بذلك قد كفانا مؤنة ردِّه من جهة الرواية.

وأما من جهة الدراية، فما قدّمناه من نصوصٍ كافٍ – إن شاء الله – في ردَّه، يضاف إلى ذلك أنَّه قال: «وقد ورد أنَّ الملائكة لم يُعطَوْا فضيلة قراءة القرآن، وهي حريصة لذلك على استماعه من الإنس». ولا ندري: أهذا التعليل الذي ذكره بقوله: “وهي حريصة لذلك على استماعه من الإنس” أهو مما ورد في هذا الأثر الذي وَقَفَ عليه، أم هو تعليلٌ من عنده للأثر؟ ومهما يكن من أمرٍ فيُعكِّر على ذلك أنَّ الملائكة تحرص على حِلَق الذكر عمومًا، وهم – مع ذلك – أكثر الخلق ذكرًا، فأمَّا حرصهم على حِلَق الذكر عمومًا، فيدلُّ عليه حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ لله – تبارك وتعالى – ملائكةً سيّارة، فُضُلًا يتتبعون مجالس الذكر [وفي رواية أحمد: يبتغون. وفي رواية ابن حبان: يلتمسون]، فإذا وجدوا مجلسًا فيه ذكر قعدوا معهم، وحفّ بعضهم بعضًا بأجنحتهم، حتى يملئوا ما بينهم وبين السماء الدنيا، فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء، قال: فيسألهم الله عز وجل، وهو أعلم بهم: من أين جئتم؟ فيقولون: جئنا من عند عباد لك في الأرض، يُسبحونك ويكبرونك ويهللونك ويحمدونك ويسألونك، قال: وماذا يسألوني؟ قالوا: يسألونك جنتك، قال: وهل رأوا جنتي؟ قالوا: لا، أي رب قال: فكيف لو رأوا جنتي؟ قالوا: ويستجيرونك، قال: ومم يستجيرونني؟ قالوا: من نارك يا رب، قال: وهل رأوا ناري؟ قالوا: لا، قال: فكيف لو رأوا ناري؟ قالوا: ويستغفرونك، قال: فيقول: قد غفرت لهم فأعطيتهم ما سألوا، وأجرتهم مما استجاروا، قال: فيقولون: رب فيهم فلان عبد خطاء، إنما مر فجلس معهم، قال: فيقول: وله غفرت هم القوم لا يشقى بهم جليسهم»[46].

وقد دلَّ هذا الحديث العظيم على جملة من الفوائد؛ منها:
1) حرص الملائكة البالغ على حِلَق الذِّكر.
2) أنَّ من جملة الذكر الذي تحرص عليه الملائكة في تلك المجالس: التسبيح، والتكبير، والتهليل، والحمد، والدعاء.

وقد ثبت في القرآن الكريم أنَّ للملائكة القدحَ الـمُعلَّى في هذه الأنواع من الذكر، وأنهم مضربُ مثل الذاكرين، قال تعالى: ﴿ فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ ﴾ [فصلت: 38]، وقال تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ * إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ ﴾ [الأعراف: 205، 206]، وقال تعالى: ﴿ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الشورى: 5]. وغير ذلك.

فكونهم من أشدّ المخلوقات ذكرًا لله تعالى لم يمنعهم أن يلتمسوا حِلَق الذِّكر، كما لا تمنعُ الماهرَ بالقرآن مهارتُه من أن يلتمسَ استماعه من غيره من الـمَهرةِ به؛ بل لعلّ حرصه على ذلك أشدُّ من حرص غير الماهرين بالقرآن على استماع القرآن، وهذا ملموسٌ مشاهدٌ يؤيده الواقع.

وقد يقال: إنَّ هذا الأمر خاصٌّ بفئام من الملائكة، وأصناف مُعيَّنة منهم، فيُقال: التخصيص يفتقر إلى دليلٍ، وليس ثَمَّ دليلٌ، على أنَّ محلَّ النزاع في انتفاء قراءة الملائكة للقرآن كَوْنًا، وما قُدِّم كافٍ في نَقْضه، أمَّا لو قال القائل ابتداءً: إنَّ صنفًا معيَّنًا من الملائكة لم يُعطَوْا فضيلة قراءة القرآن، وجَبَلَهم الله عز وجل على حُبِّ استماعه من البشر وهيَّأهم لتلمُسِّه منهم = لكان مُتصوَّرًا في العقل، على أنَّه بعيدٌ على سَنَنِ الواقع، ومفتقرٌ إلى الدليل النقليّ.
♦♦♦♦

اقرأ أيضا  الكويت: الحل العادل للقضية الفلسطينية بقرارات الشرعية الدولية

وبصفة عامَّة؛ فإنَّ الفتوى السابقة عن ابن الصلاح غيرُ محرَّرة، وفيها للنَّظر مجالٌ واسعٌ، وليس ما سبق من أمرِ قراءة الملائكة هو الـمُستدرَكَ الوحيدَ عليها، فقد قال فيها: «ظاهر المنقول ينفي قراءتهم القرآن وقوعًا». يعني الشياطين.

قلتُ: قد وَرَد في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – أنَّه قال: «إنَّ في البحر شياطينَ مسجونةً، أوثقها سليمانُ، يُوشك أن تخرج، فتقرأ على الناس قرآنًا»[47].

والمقصود – والله أعلم – أنَّهم يَلْبسُون على الناس دينَهم، فيُظهرون الخيرَ، ويُضمرون الشرَّ، ويتذرّعون بالمعروف إلى المنكر، ويفتحون باب خيرٍ لإغلاق عشرة أبوابٍ منه… ونحو ذلك من المكر الخفيِّ، والكيد الرديّ.

وفي رواية ابن وضَّاح ما يؤيد ذلك؛ قال ابن عمرو: «يوشك أن تظهر شياطينُ يجالسونكم في مجالسكم، ويفقِّهونكم في دينكم، ويُحدِّثونكم، وإنَّهم لشياطينُ»[48].

قال ابن وضّاح: حدّثنا محمد بن عمرو قال: حدثنا مصعب، عن سفيان بن سعيد الثوري أنه قيل لسفيان: إنَّ ابن منبه يقول: سيأتي على الناس زمان يجلس في مساجدهم شياطينُ يعلِّمونهم أمر دينهم، قال سفيان: قد بلغنا ذلك عن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – أنه قال: «سيأتي على الناس زمان يجلس في مساجدهم شياطين، كان سليمان بن داود قد أوثقهم في البحر، يخرجون يُعلِّمون الناس أمر دينهم». قال سفيان: بَقِيتْ أمورٌ عظامٌ. قال محمد بن وضاح: قال زهير بن عباد: «يعني سفيانُ [أنهم] يُعلِّمون الناس، فيُدخلون في خلال ذلك الأهواءَ المحدثة، فيُحلُّون لهم الحرام، ويُشككونهم في الفضل والصبر والسُّنَّة، ويبُطلون فضل الزهد في الدنيا، ويأمرونهم بالإقبال على طلب الدنيا، وهي رأس كل خطيئة»[49].

قلتُ: ولعلَّ المستفتي كانَ يبغي السؤال عن هذا أو نحوه، وعن كيفية الخلاصِ منه، فلم تَقَعْ فتوى ابن الصلاحِ على موضع السؤال. والله أعلم.

وأمَّا قراءةُ عامَّة الجنِّ للقرآن – والشياطين بعضُ الجنّ – فمُمْكنةٌ كونًا، وشرعًا؛ ذلك أنَّهم مُكلَّفون بأصل الدين وفروعه، ومنها الصلاة، وتلاوة القرآن، واستماعه، وتعاهده، وتعلُّمه، وتدبره… ونحو ذلك مما كُلِّف به المسلمون؛ يدلُّ عليه قوله تعالى: ﴿ يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ﴾ [الأنعام: 130]، وقول تعالى: ﴿ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الأحقاف: 29 – 32].

وقوله تعالى: ﴿ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا ﴾ [الجن: 1، 2]وعموم سورة الجنِّ.

والأدلة غير ذلك كثيرة، لا ضرورة لاستقصائها، ففيما تقدَّم الكفاية – بإذن الله – لطالب الحقِّ. نسأل الله الهداية والتوفيق والإخلاص والقبول.
♦♦♦♦

الخاتمة
أولًا: أهم النتائج:
خلص البحث إلى النتائج الآتية:
(1) أنَّه ليس هناك ما يمنع – كونًا ولا شرعًا – من قراءة الملائكة للقرآن، واستظهاره؛ على الصورة التي يقرأ بها الإنس، ويستظهرون، ويتعاهدون.

(2) أنَّ الأدلة من القرآن والسنّة تشهد بكونهم يقرؤون القرآن، فمن ذلك:
أ‌- قوله تعالى: ﴿ فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا ﴾، وهم الملائكة في قول جمهور المفسرين من الصحابة والتابعين وأعيان المفسرين رضي الله عنهم أجمعين.

ب‌- ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ ﴾ [عبس: 11 – 16].

ت‌- ومن ذلك ما ثبت أنَّ فئامًا من الملائكة يُصلُّون الصلاة الشرعية التي يُصلِّيها المسلمون، وقراءة القرآن فيها متعيّنة.

ث‌- ومن ذلك ما ثبت من معارضة جبريل النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن.

(3) أنَّ الفتوى المذكورة عن ابن الصلاح – رحمه الله – غير محرّرة، والأدلة ثابتةٌ على غير ما قال به.

التوصيات:
أوصي نفسي وإخواني المسلمين بما يأتي:
♦ التحرُّز من نشر كلِّ ما يقع عليه طالب العلم من كلام للعلماء، مما ينبهر به العوامُّ، ويستجيدونه وهو مفتقرٌ إلى التحرير والتدقيق.

♦ عدم التساهل في إشاعة مسائلَ من العلم بحُجَّة أنَّها مما لا ينبني عليها عملٌ ظاهر، وهي مما ينبني عليه اعتقادٌ.

♦ الحذر من التجرؤ على الغيبيات، فمن هذا الباب ضلَّ كثيرٌ من المسلمين في مسائل الاعتقاد. نسأل الله السلامة والثبات.

وختامًا؛ فما كان من توفيقٍ فمن الله عز وجل مبتداه ومنتهاه، نعم المولى ونعم النصير، وما كان من زللٍ أو خطأٍ أو تقصيرٍ؛ فمن نفسي وبذنبي، نسأل الله الهداية والثبات والمغفرة. وصلاة وسلامًا على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين.

________________________________________
[1] يظهر أنَّ مراد السائل الاستفهام: هل يكون ذلك، وهل يقدر الشيطان عليه؟ وإن كان أخرجه مخرجه الخبر، وهذا في الكلام كثيرٌ؛ يُعرف بقرينة التنغيم.
[2] فتاوى ابن الصلاح (ص 234). ونقله عنه السيوطي في الإتقان (2/ 656)؛ النوع الرابع والثلاثون.
[3] النجم الوهاج في شرح المنهاج (1/ 385).
[4] كشاف القناع (1/ 428-429).
[5] ينظر: تفسير مجاهد (ص566)، وتفسير عبد الرزاق (3/ 88)، وتفسير الطبري (19/ 494)، والعظمة لابن أبي الشيخ (511)، وتفسير الماوردي (5/ 37)، وزاد المسير (3/ 535).
[6] تفسير الطبري (19/ 494).
[7] تفسير الطبري (19/ 494).
[8] معاني القرآن للزجاج (4/ 297).
[9] تفسير ابن جزي (2/ 188).
[10] تفسير الطبري (19/ 495)، وتفسير ابن أبي حاتم (10/ 3204).
[11] تفسير القرطبي (15/ 62).
[12] تفسير الماوردي (5/ 37).
[13] تفسير مقاتل (3/ 601).
[14] التفسير البسيط (19/ 9).
[15] تفسير ابن أبي حاتم (10/ 3204).
[16] تفسير الماتريدي (8/ 544).
[17] تفسير الطبري (24/ 109).
[18] أخرجه بهذا اللفظ مسلم (ح 798)
[19] الكاشف عن حقائق السنن (4/ 1455).
[20] صحيح البخاري (4937).
[21] تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة.
[22] شرح النووي على مسلم (6/ 85)
[23] ومن لطائف الإشارات المترتبة على هذا الاستنباط أنَّ المهارة بالرواية والدراية مضمَّنان في وصفٍ واحدٍ من الأوصاف الثلاثة المذكورة، ومستفادان منه، وهو وصف (السَّفَرَة)، وأمَّا المهارة بالرعاية فمضمّنة ومستفادة انفرادًا من الوصفين الآخرين (الكرام البررة)، مع كونها مضمَّنة كذلك اشتراكًا في وصف (السَّفرة). وفي هذا تأكيد على أهمية الرِّعاية، وأنها المقصود الأول، وغاية القيام بحقوق التنزيل. والله أعلم.
[24] حاشية السندي على ابن ماجه (2/ 415).
[25] إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/ 166).
[26] أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (1955)، ومن طريقه الطبراني في الكبير (6120)، وابن أبي شيبة في مصنفه (2277)، ورفعوه، ورواه البيهقي موقوفًا في السنن الكبرى (1907)، وقال: وروي مرفوعًا ولا يصحُّ رفعه. وقال الألباني: «وهذا سند صحيح على شرط الستة، وأخرجه البيهقي (1/ 405) مرفوعا وموقوفا ورجح الموقوف. ولا يخفى أن له حكم المرفوع لا سيما وأن له شاهدًا….». ينظر: الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب (ص145).
[27] أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (1908)،
[28] النهاية في غريب الحديث والأثر (4/ 136).
[29] صحيح مسلم (430).
[30] تفسير مقاتل (3/ 623).
[31] أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (597)، والبزار في مسنده (3208)، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (250)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (1134)، والطبراني في الكبير (3122)، وغيرهم. وقال الألباني: «وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم»؛ ينظر: السلسلة الصحيحة (852).
[32] تعظيم قدر الصلاة (253)، والكنى والأسماء للدولابي (1824)، والعظمة لابن أبي الشيخ (508).
[33] تعظيم قدر الصلاة (255).
[34] تفسير عبد الرزاق (2565).
[35] أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (3568)، وفي المعجم الكبير (1751).
[36] حديث أبي الفضل الزهري (431).
[37] حلية الأولياء (6/ 269).
[38] رواه البخاري (ح 4997)، ومسلم (ح 2308).
[39] رواه البخاري (ح6) كتاب بدء الوحي؛ باب (5).
[40] رواه البخاري (ح 4998).
[41] رواه البخاري (ح) ومسلم (ح 2450).
[42] لسان العرب (6/ 180).
[43] مقاييس اللغة (4/ 272).
[44] النهاية في غريب الحديث (3/ 439).
[45] ينظر: فتح الباري (9/ 45)، ومرقاة المفاتيح (4/ 1448)، ومرعاة المفاتيح (7/ 147).
[46] أخرجه مسلم (2689)، وأحمد (7426)، وابن حبان (857)، وغيرهم.
[47] أخرجه مسلم في مقدّمة صحيحه (1/ 12).
[48] أخرجه ابن وضَّاح في البدع (229).
[49] البدع لابن وضّاح (2/ 260).
-الألوكة-