هل يضيع المسجد الأقصى؟
الأربعاء 11 شعبان 1437/ 18ماي/آيار 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”.
هل يضيع المسجد الأقصى؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإنَّه من المعلوم في جميع الأوساط الإسلاميَّة والعربيَّة أنَّ إسرائيل تعمل على التخلُّص من المسجد الأقصى؛ حتى لا يكون هناك أي كيانٍ للمسلمين في القدس الذي تَهدف إلى تهويده تهويدًا كاملًا، ولو علم المسلمون أنَّ ذلك مجرد (نيَّة) عند إسرائيل، وأنَّها لم تفعل شيئًا في سبيل إظهار هذه النيَّة إلى حيِّز التنفيذ – لكان لهم عُذرهم في وقوفهم موقف المُشاهد، ولكن المسألة لم تَعُد نيَّة مبيتة فحَسْب؛ إنَّما بدأ الفعل الذي كان من الواجب أن يَجد له ردَّ فعلٍ مناسب عند المسلمين عامَّة، والعربِ منهم خاصة، وبدأَت إسرائيل تنفيذَ مخطَّطها بجسِّ نَبض المسلمين منذ حوالي خمسة عشر عامًا؛ وذلك بحادث حريق المسجد الأقصى في أغسطس 1969 م، ولم يكن ردُّ المسلمين على ذلك إلَّا بالكلام؛ سواءٌ كان خُطبًا رنَّانة أو احتجاجاتٍ صارخة، أو مقالات شديدة اللَّهجة؛ مما طَمأن إسرائيلَ على سلامة الخطِّ الذي تسير فيه للتخلُّص من المسجد الأقصى.
وإذا كان إنشاء منظَّمة المؤتمر الإسلامي يعدُّ وليدَ حادث حريق المَسجد الأقصى؛ حيث اجتمع مؤتمر القمَّة الإسلامي في أعقاب هذا الحادِث، وقرَّر تكوين هذه المنظَّمة التي عقدَت اجتماعاتها على أساس اجتماعٍ كلَّ خمسة أعوام، تتنازعها السياسة العامَّة واتجاهات الدول الأعضاء في المنظمة – فلم نرَ شيئًا إيجابيًّا بالنسبة لقضيَّة المسجد الأقصى التي تُعتبر قضيَّة إسلاميَّة، وليست قضية فلسطينية فحسب.
وذلك رغم أنَّ إسرائيل لم تكفَّ عن مخطَّطها العدواني للتخلُّص من المسجد الأقصى، والأنباء التي تُذاع وتتَناقلها وكالاتُ الأنباء تدلُّ على ذلك، وإليك طائفة منها مرتَّبة حسب تواريخ نشرها:
الخميس 16 ربيع الآخر 1404 الموافق 19 يناير 1984 (محاولات إسرائيلية جديدة لهدم المسجد الأقصى):
عمان – وكالات الأنباء – أكَّدَت صحيفةُ الدستور الأردنيَّة أن محاولة إسرائيلية جديدة لهدم المسجد الأقصى تجري حاليًّا، وقالت الصحيفة: إنَّ إسرائيل أقامَت نفقًا في الجهة الغربية من سور المسجد، وإن هذا تزامن مع الإجراءات التي تَقوم بها السلطات الإسرائيليَّة لتفريغ الأحياء القديمة من القدس من سكَّانها العرب.
السبت 25 ربيع الآخر 1404 الموافق 28 يناير 1984 (إحباط محاولة لوضع متفجرات في المسجد الأقصى):
القدس؛ كشف الشيخ سعد الدين العلمي مفتي مدينة القدس عن مُحاولة لاقتحام ساحَة المسجد الأقصى وجامع عُمر في القدس؛ للقِيام باعتداء بالمتفجرات ليلة أمس الأول، وأكَّدَت وكالة أنباء فلسطين في القدس أنَّ الإسرائليين المتطرِّفين كانوا يَحملون قنابل يدوية و6 حقائب بها كمِّيات من المتفجرات، وأنَّهم فرُّوا من المكان فور رؤيتهم للحرَّاس تاركين المتفجرات وراءهم.
وذكر راديو إسرائيل أنَّ مجموعةً من اليهود حاولوا التسلُّل بطريقة غير مشروعة إلى ساحة المسجد الأقصى.
الثلاثاء 28 ربيع الآخر 1404 الموافق 21 يناير 1984 (العثور على ثلاث قنابل يدوية قرب المسجد الأقصى):
القدس – وكالات الأنباء – عثر البوليس الإسرائيلي أمس على ثلاث قنابل يدويَّة عند مدخل بوابة الأسود الكائن بسور الحي القديم من مدينة القدس قرب المسجد الأقصى.
وقالت مصادر البوليس: إنَّ القنابل الثلاث من نفس النوع الذي يَستخدمه الجيش الإسرائيلي كانت مخبأة في إحدى ثمار القَرع.
وأوضحَت هذه المصادر أنَّ الحادث مرتبط بمحاولة نَسف المسجد الأقصى التي وقعَت ليلة الخميس الماضي، والتي أُحبطَت بفضل يَقظة أحد الحراس المسلمين عندما اكتشف المحاولة، وفرَّ الجناةُ هاربين، تاركين خلفهم 19 قنبلة يدوية، و13 كيلو جرامًا من المتفجرات، ومعدَّات لتسلُّق سور الحائط الذي يقع خلفه المسجد الأقصى.
الجمعة غرة جمادى الأولى 1404 الموافق 3 فبراير 1984، صحف تل أبيب تقول: سلاح المهندسين الإسرائيلي متورِّط في حادث المسجد الأقصى):
القدس – وكالات الأنباء – كشفَت الصحفُ الإسرائيلية أمس عن تورُّط سلاح المهندسين في الجيش الإسرائيلي في محاولة تَدمير المسجد الأقصى التي أَحبطها حرَّاس المسجد في الأسبوع الماضي، وقالت الصحف: إنَّ الذين حاولوا إتمامَ العملية هم أشخاص من سلاح المهندسين الإسرائيلي.
- •••
ولعل هذه الأنباء تشير إلى أنَّ أعمال من يسمُّونهم بالمتطرِّفين الإسرائيليين تتم تحت إشراف الحكومة الإسرائيليَّة، والأمر بتحريضٍ منها؛ الأمر الذي كان من المفروض أن يوقِظ المسلمين في كلِّ أنحاء العالم وينبِّههم إلى ضرورة التحرُّك الإيجابي؛ حتى لا يضيع المسجد الأقصى.
ولكن يبدو أنَّ العالَم الإسلامي عامَّة – والعالم العربي بصفة خاصة – قد نَسي شيئًا اسمه المسجد الأقصى، وحتى الذين يَذكرونه يَكتفون بالكلمات والقَرارات التي يَعلم الجميع أنَّ مفعولها يَنتهي بانتهاء إلقائها…
ومثال ذلك: ما حدث عندنا في مصر؛ فقد نظَّم المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ندوةً ثقافية عن القدس العربية، شهدَها سفراءُ الدول الإسلاميَّة بالقاهرة، وأبناء العالم الإسلامي الدَّارسون في مصر، وتحدَّث في النَّدوة كبارُ علماء المسلمين وأساتذة الجامعات المهتمُّون بالشؤون الدينيَّة، وتقول صحُفنا وهي تعلِّق على كلمات المتحدثين: “وأجمعوا على أنَّ القدس عربية مسلِمة بشهادة القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وحكم الأديان[1] كلها، وأكَّدوا على أنَّ مصر تقوم بدورها كاملًا لاسترداد هذا الحق (القدس) بكافَّة الوسائل، وفي المؤتمرات والمحافل الدوليَّة والندوات الثقافية والدينية، وأجمع المتحدِّثون على ضرورة التعاون والاتحاد بين العرب لاستردادِ القدس”.
وهذه الندوات والكلمات التي تُلقى فيها تَنزل بردًا وسلامًا على إسرائيل، التي لا تَعبأ بقرارات الهيئات الدوليَّة؛ لأنَّها اتخذَت القرصنة منهجًا لها.
وإنَّنا لا نزعم أنَّ مصر وحدها هي المسؤولة عن حماية المسجد الأقصى، ولكن المسؤولية يَجب أن تُلقى على عاتق الجميع، فأين جهود المسلمين والعرب؟ وأين جهود منظَّمة المؤتمر الإسلامي التي أنشئت خصِّيصى لهذا الكفاح؟! ألا يتحرَّكون قبل أن يَضيع المسجد الأقصى؟!
وصلى الله وسلم وبارك على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه.
مجلة التوحيد
[1] الصواب أن يقال: (رسالات) بدلًا من (أديان)؛ لأنَّ الدين الذي جاء به جميع المرسلين واحد، وهو الإسلام.
الألوكة (مجلة التوحيد)