بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم: الإمام يخشى الله منصور
قال الله سبحانه وتعالى:
وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ ءَاذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَآ ۚ أُو۟لَٰٓئِكَ كَٱلْأَنْعَٰمِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْغَٰفِلُونَ (الأعراف: ١٧٩)
قراءة المزيد: إسرائيل على حافة الزوال
ذكر الإمام ابن كثير رحمه الله أن هذه الآية تصف فئات من الإنس والجن الذين لا يستخدمون نعمة العقل والبصر والسمع في معرفة الحق واتباعه.
وقد شُبّهوا بالأنعام لأنهم لا يتبعون إلا أهواءهم، دون أن يراعوا حقيقة وجودهم وغايته. بل هم أضل لأنهم مُنحوا قدرة عقلية أرفع من الحيوانات، لكنهم لم يستفيدوا منها.
وتنبع غفلتهم من إهمالهم لآيات الله الواضحة التي تحيط بهم، سواء في الوحي أو في مظاهر الكون. وهذا ما يجعلهم أسوأ من الحيوانات، لأن الحيوانات ليست مكلفة بالتفكير والفهم.
فعندما لا تُستَخدَم القلوب في تدبر آيات الله، ولا تُستَخدَم الأعين في رؤية دلائل عظمته، ولا تُستَخدَم الآذان في سماع الحق، فإن الإنسان ينحدر إلى واد من الذل والهلاك.
قراءة المزيد: جماعة المسلمين تُعلن الأربعاء أول أيام ذي الحجة 1446 هـ
ذكر الإمام الغزالي رحمه الله أن القلب والعين والأذن وسائل للوصول إلى معرفة الله تعالى، فإذا أهملها الإنسان فقد إنسانيته، وصار كالمخلوقات التي لا تملك عقلاً.
إن ما يفعله الصهاينة الإسرائيليون من استمرار اعتداءاتهم على غزة في هذا الشهر المبارك، رغم أنه شهر فضيل للمسلمين، يُظهر حقيقة قلوبهم المغلقة وأبصارهم العمياء وآذانهم الصماء عن الحق والعدالة.
على الرغم من الإدانة الدولية للجرائم الوحشية التي يرتكبونها، فإنهم لا يتوقفون، بل يواصلون جرائمهم وإبادة الشعب الفلسطيني في غزة. لقد تحجرت قلوبهم كالحجارة، بل هي أشد قسوة.
قال الله سبحانه وتعالى:
قراءة المزيد: آسيان تبحث أزمة ميانمار وعضوية تيمور الشرقية قبيل قمتها الـ46 في كوالالمبور
ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّنۢ بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِىَ كَٱلْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ۚ وَإِنَّ مِنَ ٱلْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ ٱلْأَنْهَٰرُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ ٱلْمَآءُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ ۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (البقرة: ٧٤)
هذه الآية تُحذر بني إسرائيل، بل البشرية جمعاء، من أن تكون قلوبهم قاسية ترفض الحق. حتى الحجارة تستجيب لأمر الله، بينما البشر كثيرًا ما يتكبرون. تدعونا هذه الآية إلى التواضع والخضوع لله تعالى.
يدّعي الصهاينة أنهم “شعب الله المختار”، لكنهم يُهملون قيم العدل والإنسانية، ويواصلون تدمير غزة وإبادة أهلها، غير آبهين بمعاناة الفلسطينيين الذين فقدوا أسرهم ومستقبلهم.
العالم كله يطالب بوقف العنف في غزة، لكن الكيان الصهيوني يظل أصمًّا عن هذه الدعوات، متمسكا بسياساته الاستعمارية والعنصرية التي تخالف القوانين الدولية.
قراءة المزيد: الملك سلمان يوجّه باستضافة ألف حاج فلسطيني من ذوي الشهداء والجرحى
أفعالهم تعكس تماما الصفات التي وردت في الآيات الكريمة، فهم أكثر ضلالًا من الأنعام، لأنهم لا يسعون إلا وراء شهوات السلطة والجشع، غير آبهين بالقيم الأخلاقية والدينية.
إن هذه الآيات تُحذر كل البشر من إهمال نعم العقل والبصر والسمع التي وهبها الله لهم. وما نشهده في غزة هو مثال حيّ لما يؤدي إليه هذا الإهمال. وعلى المسلمين أن يتحدوا ويقفوا في وجه الظلم، ويعملوا على نصرة الحق، وفق تعاليم الإسلام.
رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو يُعدّ من أشرّ المجرمين في التاريخ، فهو يقود عمليات الإبادة في غزة تحت مزاعم “الدفاع عن النفس”. لكن المجتمع الدولي لم يعد يصدق أكاذيبه، فقد فضحت وسائل الإعلام والتقارير الحقوقية جرائمه بوضوح.
نتنياهو يخدع الرأي العام ليبرر قصفه الوحشي لغزة، لكنه في الواقع يستهدف المدنيين الأبرياء والمستشفيات والمساجد والمدارس والبنية التحتية.
قراءة المزيد: جاكرتا تنادي: أوقفوا الإبادة الجماعية في غزة
هذه المجازر التي يرتكبها الاحتلال في غزة تُعتبر إبادة جماعية بكل المقاييس، نظرًا لحجم الدمار الهائل وعدد الضحايا الكبير.
نتنياهو لا يسعى إلا للحفاظ على سلطته، مستخدما الحرب كوسيلة لصرف الأنظار عن فضائحه الداخلية. لكن سياسته هذه لا تقتل الفلسطينيين فقط، بل تلحق الضرر بشعبه وجيشه أيضا.
نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” أن حوالي 40,000 إسرائيلي خرجوا في تظاهرات حاشدة في تل أبيب احتجاجًا على استمرار الحرب.
وقد تكررت هذه التظاهرات في القدس وبئر السبع وحيفا ومناطق أخرى، حيث رفع المتظاهرون شعارات تطالب بإنهاء العدوان.
قراءة المزيد: القمة العربية تدعم عقد مؤتمر دولى بالقاهرة للتعافى المبكر فى غزة
الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ونتنياهو وجهان لعملة واحدة، فكلاهما متورط في جرائم الحرب. رغم اختلاف مواقعهما السياسية، إلا أن طموحهما الجامح جعلهما يتجاهلان القيم الإنسانية لتحقيق مصالحهما.
منذ توليه الرئاسة، أعلن ترامب دعمه المطلق للصهاينة واعتداءاتهم الوحشية ضد الفلسطينيين، متجاهلا الإدانات الدولية.
إحدى قراراته الأكثر إثارة للجدل كانت اعترافه بالقدس عاصمة للصهاينة عام 2017، ثم نقل السفارة الأمريكية إليها، ما أدى إلى تصعيد كبير في المنطقة.
كما دعم احتلال الضفة الغربية، وخلال العدوان على غزة، ضخ مليارات الدولارات لدعم آلة الحرب الصهيونية، متجاهلًا جرائمهم ضد الإنسانية.
قراءة المزيد: حكومة غزة: ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 216 بالإبادة الإسرائيلية
بل إنه فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية عندما فتحت تحقيقًا في جرائم الحرب التي ارتكبها نتنياهو.
يجب على المجتمع الدولي اتخاذ موقف صارم لوقف هذه الجرائم، ومن واجب الأمة الإسلامية أن تتحد لحماية فلسطين، والعمل على تحقيق العدالة والسلام.
والله أعلم بالصواب
وكالة مينا للأنباء
قراءة المزيد: الأمير تميم والرئيس ترامب يشهدان توقيع اتفاقية لشراء 160 طائرة بوينغ