وصايا الآباء لمؤدبي أبنائهم

الثلاثاء،27ربيع الثاني1436//17 فبراير/شباط 2015وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
وائل حافظ خلف
باحث أسري
التقطنا لك – أقر الله عينا بك – جملة من وصايا آباء أَلِبَّاء لمؤدبي أبنائهم ومعلميهم من أمهات كتب الأخبار والأدب.. ونصصنا كل وصية إلى بعض الأسفار التي وقفنا عليها فيها. وبالله التوفيق.
وصية عتبة بن أبي سفيان
قال عتبة بن أبي سفيان لعبدالصمد مؤدب ولده:
«ليكن أول ما تبدأ به من إصلاحك بني إصلاحك نفسك، فإن أعينهم معقودة بعينك، فالحسن عندهم ما استحسنت، والقبيح عندهم ما استقبحت.. علمهم كتاب الله، ولا تكرههم عليه فيملوه، ولا تتركهم منه فيهجروه.. ثم روهم من الشعر أعفه، ومن الحديث أشرفه.
ولا تخرجهم من علم إلى غيره حتى يحكموه، فإن ازدحام الكلام في السمع مضلة للفهم.
وعلمهم سير الحكماء وأخلاق الأدباء، وجنبهم محادثة النساء.
وتهددهم بي، وأدبهم دوني.
وكن لهم كالطبيب الذي لا يعجل بالدواء حتى يعرف الداء.
ولا تتكل على عذري، فإني قد اتكلت على كفايتك، وزد في تأديبهم أزدك في بري، إن شاء الله تعالى».
أوردها أبوعثمان عمرو بن بحر الجاحظ في «البيان والتبيين» (ج 2، ص 35-36).

اقرأ أيضا  أخلاقه من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم

ومما يروى من وصيته لولده ما أخبر به ابنه الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، قال: كنت أساير أبي ورجل يقع في رجل، فالتفت إلي أبي، فقال:
«يا بني، نزه سمعك عن استماع الخنا كما تنزه لسانك عن الكلام به؛ فإن المستمع شريك القائل. ولقد نظر إلى أخبث ما في وعائه فأفرغه في وعائك، ولو ردت كلمة جاهل في فيه؛ لسعد رادها كما شقي قائلها».
(عيون الأخبار) للإمام ابن قتيبة، رحمه الله وأوردها أبوعمر في «بهجة المجالس» (ق1، ج1، ص400).
وصية عبدالملك بن مروان
«علمهم الصدق كما تعلمهم القرآن، وجنبهم السفلة فإنهم أسوأ الناس رعة (ورعا) وأقلهم أدبا، وجنبهم الحشم فإنهم لهم مفسدة، واحف شعورهم تغلظ رقابهم، وأطعمهم اللحم يقووا، وعلمهم الشعر يمجدوا وينجدوا، ومرهم أن يستاكوا عرضا، ويمصوا الماء مصا، ولا يعبوا عبا، وإذا احتجت أن تتناولهم بأدب فليكن ذلك في سر لا يعلم بهم أحد من الغاشية فيهونوا عليهم».
ذكرها الإمام ابن قتيبة الدينوري في «عيون الأخبار» (ج2، ص167).
وصية مسلمة بن عبدالملك ابن مروان
«إني قد وصلت جناحك بعضدي، ورضيت بك قرينا لولدي؛ فأحسن سياستهم تدم لك استقامتهم، وأسهل بهم في التأديب عن مذاهب العنف، وعلمهم معروف الكلام، وجنبهم مصادقة اللئام، وانههم أن يعرفوا بما لم يعرفوا، وكن لهم سائسا شفيقا، ومؤدبا رفيقا؛ تكسبك الشفقة منهم المحبة، والرفق حسن القبول ومحمود المغبة، ويمنحك ما أدى من أثرك عليهم وحسن تأديبك لهم مني جميل الرأي، وفاضل الإحسان، ولطيف العناية» ذكرها ابن أبي الدنيا في كتاب «العيال».
وصية هارون الرشيد
ومن أحسن مذاهب التعليم ما تقدم به الرشيد لمعلم ولده.
قال خلف الأحمر: بعث إلي الرشيد في تأديب ولده محمد الأمين، فقال:
«يا أحمر، إن أمير المؤمنين قد دفع إليك مهجة نفسه وثمرة قلبه، فصير يدك عليه مبسوطة، وطاعته لك واجبة؛ فكن له بحيث وضعك أمير المؤمنين: أقرئه القرآن، وعرفه الأخبار، وروه الأشعار، وعلمه السنن، وبصره بمواقع الكلام وبدئه، وامنعه من الضحك إلا في أوقاته، وخذه بتعظيم مشايخ بني هاشم، إذا دخلوا عليه، ورفع مجالس القواد، إذا حضروا مجلسه، ولا تَمُرَّنَّ بك ساعة إلا وأنت مغتنم فائدة تفيده إياها، من غير أن تحزنه فتميت ذهنه، ولا تمعن في مسامحته فيستحلي الفراغ ويألفه، وقومه ما استطعت بالقرب والملاينة؛ فإن أباهما فعليك بالشدة والغلظة» (مقدمة ابن خلدون).
ــــــــــــــــــــــ
– الوعي الإسلامي

اقرأ أيضا  الحج في الكتاب والسنة
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.