وقفات في ذكرى معركة الفرقان

 معركة الفرقان - egyptandworld.blogspot.com -
معركة الفرقان – egyptandworld.blogspot.com –

لمى الخاطر

الأربعاء، 19 ربيع الأول 1437 الموافق 30 ديسمبر / كانون الأول 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”

ربما لم تكن نتائجها مبشّرة بهزيمة ساحقة للصهاينة كما حدث يوم بدر، وهي المعركة التي سُميت حرب الفرقان تيمناً بها، لكنها كانت فاتحة عهد جديد افترق فيه الحق عن الباطل افتراقاً جليّا، يوم ثبت أصحاب الحق بإمكاناتهم الضعيفة وقدراتهم الشحيحة أمام الباطل بكل جبروته وسطوته، ومعه كل من شدّ على يديه أو تواطأ معه في حربه، أو انتظر بفارغ الصبر أن يعود إلى غزة ممتطياً ظهر دبابة صهيونية.

كان الأفق ملبّداً بالمجهول وقتها، كونها الحرب الأولى على غزة في ظلّ واقعها الجديد، أي بعد الانسحاب الصهيوني منها وسيادة حماس عليها، وكانت أهداف الصهاينة تتجاوز مجرّد تحطيم القدرة المتنامية لحماس والمقاومة إلى الطمع في إعادة احتلال غزة أو أجزاء منها أو توجيه ضربة قاصمة لقوتها العسكرية بحيث تخضع بعدها المقاومة وتضطر للقبول بشروط اللعبة وفق المقاسات الصهيونية، مقابل السماح لغزة بالحياة أو التنفّس.

اقرأ أيضا  جولة أردوغان والعلاقات التركية الخليجية

كانت الحرب قاسية وصعبة، فيما قدرات المقاومة أضعف بكثير مما كانت عليه في الحرب الأخيرة، لكنّ الإرادة التي عاندت منطقَ الإذلال انتصبت شامخةً بعدما اختارت المواجهة على الانكسار، رغم أن الواقع الإقليمي لم يكن بأفضل حال مما هو عليه الآن، مع فارق أن الأمة كلّها بجماهيرها وقواها الحية التفّت حول غزة في معركتها، وكانت تلك من مبشّرات التغيير ومناوءة إرادة الأنظمة المستبدة التي لم تلبث أن عبّرت عن نفسها في الساحات العربية بعد أقل من عامين على انتهاء معركة الفرقان.

واليوم، بعد مرور سبع سنوات، نشاهد جيداً كيف أن تلك المقاومة التي كانت وما تزال ناهضة وتحاول أن تؤسس بنياناً يعدّل معادلة الرعب، هي اليوم رقم صعب لم يعد بالإمكان كسره بالضربة القاضية، لأن أداء المقاومة يتحدث عن نفسه عبر مسيرة قصيرة لكنها متطورة بتسارع خلال سبعة أعوام، ولذلك ما يزال الحصار هو رهان الاحتلال وأذنابه وأعوانه الوحيد لإثقال غزة بتفاصيل الألم والجوع والقهر ومحدودية الخيارات، تضاف إليه سياسة التدمير الواسعة والجنونية المنتهجة على الجبهة الغزية في كل حرب، بهدف جعل حسابات المعركة تبدو خاسرة كلّ مرة.

اقرأ أيضا  حماس : قرار واشنطن بشأن العاروري "عداون صارخ"

لا يمكن الاستهانة بسياسة الحصار وما تنتجه على أرض الواقع أو تفرزه من مبادرات خطيرة لدى من يحلمون بانكسار شوكة المقاومة، ويقدّمون تلك المبادرات بطرق ملتوية، لكنّ هدفها واضح، ولا يمكن غضّ الطرف عن حقيقة أن أعداء المقاومة ومحاربي نهجها أكثر مما يبدو، وهم ليسوا فقط أعداءها الواضحين أو المساهمين في حصارها أو المنخرطين بخطّ التسوية، بل هناك فئة متلونة تميل مع مصلحتها وانتهازيتها، فتصفق للمقاومة خلال الاشتباك، ثم لا تلبث أن تعود لجلد ظهرها كلما انحسرت الجولة عن آثار الدمار وشدة الحصار وانعدام أفق للحل، لأن هذه الفئة لديها إمكانية للتعايش مع أي وضع والانتفاع منه بقليل من الدهاء والتلوّن والمخاتلة.

اقرأ أيضا  حلب بين الصين وروسيا

وحده الرهان على أصحاب الخطوات الثقيلة من يجلب العزاء لجمهور المقاومة والمخلصين لنهجها، لأن تلك الخطوات قد حفرت على الأرض معالم واضحة أعمق من جميع الحسابات والرهانات الطارئة، وهي قد وعت بأنه لا مناص من الاستمرار ومواصلة الصعود مهما كان الواقع صعباً ومعقّدا، بدليل أنها في جولة كانت تضيف إلى أدائها وفهمها قيماً جديدة وترسّخ قناعات أكثر صلابة بأن المواصلة ممكنة دائماً، فضلاً عن أنها أقلّ كلفة من الانكسار أو التراجع أو الانسحاب.

المصدر : فلسطين أون لاين