11 عاما على رحيل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات

صورة الرحيل ياسر عرفات - almasryalyoum.com -
صورة الرحيل ياسر عرفات – almasryalyoum.com –

الأربعاء، 29 محرم 1437 ه // 11 نوفمبر 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”

فلسطين – غزة

يحتفل الفلسطينيون اليوم الأربعاء، 11 نوفمبر/تشرين الثاني، بالذكرى الحادية عشر، لرحيل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات.

وما يزال عرفات، يحتفظ بحضوره، ومكانته في أوساط الفلسطينيين، رغم مرور أكثر من عقد على رحيله.

وتوفي عرفات في عام 2004، عن عمر يناهز 75 عامًا، في مستشفى “كلامار”، العسكري في العاصمة الفرنسية، باريس، إثر تدهور سريع في صحته لم تتضح خلفياته، عقب حصاره من قبل الجيش الإسرائيلي في مقره بمدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، لعدة أشهر.

وسبق أن أعلن توفيق الطيراوي، مسؤول ملف التحقيق في وفاة عرفات، في الثاني من سبتمبر/أيلول الماضي، في حديث خاص لوكالة الأناضول إن مساعي التحقيق في وفاته مستمرة، برغم ردّ القضاء الفرنسي الدعوى المرفوعة بدعوى “غياب الأدلة”.

وكانت النيابة الفرنسية، قد ردت مطلع سبتمبر/أيلول 2015 الدعوى المقدمة من قبل سهى عرفات، أرملة الرئيس الفلسطيني الراحل، والتي طالبت فيها بالتحقيق بأسباب وفاة زوجها.

وفي 25 نوفمبر/تشرين ثاني 2012، أخذ خبراء روس وفرنسيون وسويسريون عينات من جثمان عرفات، بعد فتح ضريحه برام الله، لفحص سبب الوفاة.

واستبعد الخبراء ذاتهم فرضية الاغتيال، وقالوا إن وجود غاز “الرادون” المشع في البيئة الخارجية، قد يفسر ارتفاع المواد المشعّة في العينات.

لكن معهد “لوزان السويسري” للتحاليل الإشعاعية، كشف في تحقيق نشرته قناة “الجزيرة” الفضائية القطرية، عن وجود بولونيوم مشع في رفات عرفات، وسط تقديرات تقول إنه مات مقتولًا بهذه المادة المسممة.

وتتهم حركة فتح، وفصائل فلسطينية، إسرائيل بأنها هي “المتهم الوحيد والأساسي” في عملية اغتيال عرفات، وأنه لم يمت بسبب تقدم السن، أو المرض، ولم تكن وفاته “طبيعية”.

وشكلت وفاة عرفات، منعطفاً مهما في تاريخ القضية الفلسطينية، كما كانت حياته.

ويقول مراقبون فلسطينيون، إن عرفات كان بمثابة “المحرك” للقضية الفلسطينية، وأعطى للمشهد الفلسطيني زخماً ومكانة كبيرين في الساحة الدولية، ونقل الصراع بين الفلسطينيين وإسرائيل إلى منصات الأمم المتحدة، وحوّل قضية فلسطين ومعاناة اللاجئين إلى قضية عالمية.

وبدأ عرفات مسيرته السياسية، بانتخابه عام 1952 رئيسا لاتحاد الطلاب الفلسطينيين في العاصمة المصرية، القاهرة.

ومن ثم أسس مع عدد من رفاقه، وأبرزهم (خليل الوزير وصلاح خلف وخالد الحسن وفاروق القدومي)، حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1959.

ودشنت حركة فتح، ما عرف بـ”الكفاح المسلح”، من خلال أول عمليات الحركة بتاريخ 31 ديسبمر/كانون أول 1964، حيث فجرّ عناصر يتبعون للحركة نفق “عَيْلَبون” داخل إسرائيل، ما أدى إلى إصابة جنديين إسرائيليين.

وبعد هزيمة الجيوش العربية عام 1967، واحتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة، واجه عرفات صعوبة كبيرة في استمرار العمل المسلح من داخل الأراضي المحتلة، وبدأ بتأسيس قواعد لحركة فتح على خطوط التماس المواجهة للضفة الغربية، بموافقة الأردن، فأقام معسكرات تدريب ومقر قيادة في قرية الكرامة في منطقة غور الأردن.

وفي عام 1968 تصدت قواته التي كانت مدعومة من مدفعية القوات الأردنية، للقوات الإسرائيلية ودخلت معها في معركة شرسة عرفت باسم معركة “الكرامة” انتهت بإجبار القوات الإسرائيلية على الانسحاب.

وشكلت “معركة الكرامة”، قفزة كبيرة بالنسبة لعرفات، إذ أعلن عن “انتصار المقاومة ومحو عار هزيمة 1967”.

اقرأ أيضا  خطبة المسجد النبوي : نعمة الصلاة وأثرها على العبد المسلم

وأدى ذلك إلى توافد حشود من المتطوعين الفلسطينيين للانضمام إلى حركة فتح، وأصبحت الحركة الأكبر من بين التنظيمات الفلسطينية، كما شجع ذلك بعض التنظيمات الفلسطينية على القدوم إلى الأردن.

وبرز نجم عرفات أكثر، عقب انتخابه في 3 فبراير/شباط 1969 رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وأصبح بذلك القائد الأعلى لمنظمة التحرير الفلسطينية، التي كانت تضم عدة تنظيمات فلسطينية، واستمر بتولي هذا المنصب حتى وفاته عام 2004.

وبعد توليه المنصب، أرسى عرفات تطبيق سياسة المقاومة المسلحة لتحرير فلسطين، وفي هذا الإطار قامت حركة فتح بسلسلة من الأعمال المسلحة ضد أهداف إسرائيلية تهدف إلى إنهاء دولة إسرائيل، واقامة دولة فلسطينية علمانية، يعيش فيها جميع أهل فلسطين بمختلف دياناتهم وطوائفهم متساوين في الحقوق والواجبات.

ولم يدم تواجد عرفات في الأردن طويلاً، إذ بدأت في سبتمبر/أيلول من عام 1970، تتصاعد المواجهات بين التنظيمات الفلسطينية والسلطات الأردنية، مع العلم أن هذا التوتر كان قد بدأ بالفعل منذ عام 1969، وكان الصراع قد بدأ بمناوشات خفيفة بين الفلسطينيين وقوات الدرك الأردني (التابعة للشرطة).

لكن الأمر تصاعد مع الزمن وبدأت تزداد حدة المواجهة بين الطرفين، ولم تفلح كل الجهود التي بُذلت سواء من جانب دول عربية أو من جانب عرفات.

وبدأ الجيش الأردني عملياته ضد التنظيمات الفلسطينية بقصف مكثف على القواعد العسكرية الفلسطينية خصوصا في منطقة إربد (شمال).

وسرعان ما تصاعد القصف والمواجهة لتشمل معظم الأراضي الأردنية، وهو ما يعرف باسم أحداث “أيلول الأسود”.

وفي عام 1971 غادرت “المقاومة الفلسطينية” برئاسة عرفات الأردن، إلى لبنان، لتبحث لها عن موطئ قدم آخر.

وهناك تم تأسيس مقر قيادة في بيروت الغربية، و”قواعد مقاومة” في الجنوب اللبناني، المحاذي لشمال إسرائيل.

وبدأ رجال المنظمة بالفعل بشن عمليات مسلحة ضد إسرائيل، لكن سرعان ما اندلعت حرب أهلية لبنانية طاحنة، وجدت المنظمة نفسها متورطة فيها كطرف من حين لآخر.

ومن اللافت، خلال ما يعرف بـ”الحقبة اللبنانية”، هي حدوث تحول في مواقف عرفات والمنظمة من دمج “العمل المقاوم” مع النشاط السياسي.

ففي عام 1974 تم قبول “خطة المراحل”، والتي ظاهرياً لم تتخل عن الهدف المعلن، وهو “القضاء على دولة إسرائيل”، بل أعلنت أن المنظمة مستعدة لإقامة دولة فلسطينية على أية أراض فلسطينية يتم تحريرها.

ونقل عرفات القضية الفلسطينية إلى الساحة الدولية عام 1974 بخطابه الشهير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

وقال في حينها إن “البندقية في يدي وغصن الزيتون في اليد الأخرى، فلا تسقطوا غصن الزيتون من يدي”.

وكان تواجد فصائل “المقاومة الفلسطينية” في جنوب لبنان بمثابة الشوكة في حلق إسرائيل، وفق وصف مؤرخين، ولهذا سارعت إسرائيل بإرسال قواتها لاجتياح جنوب لبنان وتم خلالها قصف كثير من مراكز “المقاومة” الفلسطينية.

وبطلب من لبنان تدخلت الأمم المتحدة وأرسلت قوات “اليونيفيل”، للانتشار جنوب نهر الليطاني، وبعد ذلك أكملت إسرائيل انسحابها من لبنان، لكن الحرب والعمليات العسكرية استمرت في تلك المنطقة لتصل إلى الذروة، باجتياح إسرائيل شبه الشامل للبنان 1982.

وأُجبرت القيادة الفلسطينية بزعامة عرفات على التفاوض للخروج نهائياً من لبنان بعد الاجتياح، حيث أبرم اتفاق تخرج بموجبه “المقاومة” الفلسطينية تحت الحماية الدولية من لبنان، مع ضمان أمن العائلات الفلسطينية.

اقرأ أيضا  مشروع استيطاني جديد في القدس الشرقية

وغادر عرفات بيروت بسفينة فرنسية مع كثير من جنوده، كما غادر على سفن أخرى آلاف المقاتلين الذين تم توزيعهم في شتى البلدان العربية.

وقد اتجه عرفات إلى تونس التي كانت قد أعلنت موافقتها على استضافة القيادة الفلسطينية.

وبعد الخروج من لبنان، ركز ياسر عرفات جهوده على العمل السياسي، فكانت ذروة هذا العمل السياسي إعلان الاستقلال الفلسطيني سنة 1988 من قبل المجلس الوطني الفلسطيني في العاصمة التونسية.

وفي بداية تسعينيات القرن الماضي، انخرطت إسرائيل ومنظمة التحرير، في مفاوضات سرية، أسفرت عام 1993 عن الإعلان عن اتفاقيات أوسلو حيث قام ياسر عرفات، بوصفه رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بالاعتراف رسميا بإسرائيل، في رسالة رسمية إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحق رابين، وفي المقابل، اعترفت إسرائيل، بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.

وفي إطار اتفاقيات أوسلو للسلام تم إقامة السلطة الفلسطينية الحالية.

وفي 1 يوليو/تموز 1994، عاد ياسر عرفات مع أفراد القيادة الفلسطينية، إلى الأراضي التي أعلنت عليها السلطة، وهي (أجزاء من الضفة وقطاع غزة) وقد التزم عرفات خلال ذلك، بإيقاف الاعمال المسلحة ضد إسرائيل ونبذ ما تُطلق عليه إسرائيل “الإرهاب”.

وفاز عرفات وإسحق رابين وشمعون بيرس بجائزة نوبل للسلام، في ذلك العام.

ولم يلبث عرفات، أن انتخب رسميا كرئيس للسلطة الفلسطينية، في انتخابات كانت مراقبة من قبل الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر.

وقد اصطدم عرفات بحركتي حماس والجهاد الإسلامي، الفلسطينيتين، اللتين عارضتا اتفاقيات السلام مع إسرائيل، حيث اعتقلت الأجهزة الأمنية التابعة له المئات من أفرادهما.

وفي شهر يوليو/تموز من عام 2000 التقى ياسر عرفات، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الحين، إيهود باراك، في كامب ديفيد، تحت غطاء وإشراف الرئيس الأمريكي، حينها بيل كلينتون.

وفي ذلك اللقاء، كان لدى الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي طموح يرتقي في سقفه إلى توقيع اتفاقية حل نهائي، ينهي النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وفق مقربين من اللقاء.

لكن عرفات خيّب ظن الأمريكيين والإسرائيليين ورفض التوقيع على الحل المطروح، الذي اعتبره عرفات منقوصا، ولا يلبي من وجهة نظره السقف الذي يطمح له الفلسطينيون وهو أراضي عام 1967 (ما قبل 5 يونيو/حزيران) بما فيها، الأحياء الشرقية من مدينة القدس.

ومع اندلاع انتفاضة فلسطينية ثانية في سبتمبر/أيلول من عام 2000، اتهمت إسرائيل ياسر عرفات، بالتحريض على أعمال العنف.

وفي عام 2002 قامت إسرائيل بمنع عرفات من مغادرة رام الله لذلك لم يحضر مؤتمر القمة العربية في بيروت في مارس/آذار من هذا العام، خشية ألا يسمح له بالعودة إذا غادر الأراضي الفلسطينية.

وفي 29 من نفس الشهر، حاصرته القوات الإسرائيلية داخل مقره في المقاطعة مع 480 من مرافقيه ورجال الشرطة الفلسطينية.

وتدهورت الحالة الصحية لرئيس السلطة الفلسطينية عرفات أواخر تشرين الأول/أكتوبر 2004، لتقوم على إثره طائرة مروحية بنقله إلى الأردن، ومن ثمة أقلته طائرة أخرى إلى مستشفى “بيرسي”، في فرنسا في 29 من نفس الشهر.

وتم الإعلان الرسمي عن وفاة عرفات من قبل السلطة الفلسطينية في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2004.

اقرأ أيضا  حماس: العمليات ضد إسرائيل ردا على جرائمها المستمرة

وقد دفن في مبنى المقاطعة في مدينة رام الله بعد أن تم تشييع جثمانه في مدينة القاهرة (التي ولد بها في 24 أغسطس/آب 1929، وقضى بها سني شبابه الأولى ودراسته الجامعية)، وذلك بعد الرفض الشديد من قبل الحكومة الإسرائيلية لدفن عرفات في مدينة القدس كما كانت رغبته قبل وفاته.

ويقول يحيي رباح القيادي في حركة فتح لوكالة الأناضول، إن القضية الفلسطينية خسرت كثيرا برحيل الزعيم ياسر عرفات.

ويضيف رباح  إن إسرائيل أرادات التخلص من قيادات الشعب الفلسطيني، لتحقيق مصالحها، والتنكر لحقوق الفلسطينيين.

وتابع:” نحن اليوم أحوج ما نكون إلى شخص وحكمة عرفات، داخليا وخارجيا، لقد شكلّ رحيله، علامة فارقة في تاريخ القضية الفلسطينية، البيت الفتحاوي يحتاج إلى ترتيب، البيت الفلسطيني، (…)، إسرائيل تدرك جيدا، قيمة ياسر عرفات، فقد كان زعيما ورمزا لكل الفلسطينيين”.

وأكد رباح أن السلطة الفلسطينية تواصل التحقيق في وفاة عرفات، من أجل معرفة النتائج وإعلانها متهما إسرائيل بالتسبب بقتله.

ويرى هاني المصري، مدير مركز مسارات لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية، في مدينة رام الله، وسط بالضفة الغربية، أن “حركة فتح” تفتقد الآن، إلى من وصفه “برمزها” و”قائدها”.

ويضيف المصري:” لا أظن أن الخلافات الداخلية وصراع الأجيال كان سيعصف بحركة فتح، في حال ظل الرئيس عرفات على قيد الحياة، الشعب الفلسطيني اليوم في أمس الحاجة للوحدة، فهم يمر بمرحلة عصيبة وقاسية، والرئيس الراحل ياسر عرفات، هو من جعل للفلسطينيين عنوانا، كان أبا للجميع”.

ويرى المصري، أن عرفات كان يحظى باحترام وحب كافة القوى والفصائل رغم الاختلاف السياسي معه في بعض المواقف.

وتابع:” بعد 11 عاما على رحيله، على الفلسطينيين أن يكونوا أوفياء لذكراه، بأن يتوحدوا، وأن يعمل الجميع على إنهاء الانقسام المُر”.

ومساء أمس الثلاثاء، سلمت حركة حماس، منزل الرئيس عرفات، في مدينة غزة، لوفد من مجلس أمناء “مؤسسة ياسر عرفات” (مستقلة)، وذلك بعد ثمانية أعوام من وضعه تحت سيطرتها وحراستها الأمنية.

وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، (تشرف عليه حماس)، إن “الوفد تسلم  المنزل بكامل محتوياته (بدل عسكرية ومقتنيات شخصية)، وذلك بعد سنوات من وضعه تحت الحراسة الأمنية والحفاظ عليه”.

وأوضح المكتب في تصريح صحفي مكتوب، وصل الأناضول نسخة منه، أن هذه الخطوة “جاءت بعد موافقة سهى عرفات، زوجة الرئيس الفلسطيني الراحل على ذلك، لاستخدامه لأغراض تتعلق بنشاط المؤسسة”.

ورفضت حركة حماس، خلال الأعوام الماضية، تسليم منزل عرفات لحركة فتح، وقالت إنه ملك للسيدة سهى عرفات، وهي المخولة باستلامه.

وكانت حماس قد سيطرت على المنزل، الواقع في حي الرمال الجنوبي، (غرب مدينة غزة) في أعقاب سيطرتها على القطاع، صيف عام 2007 عقب اشتباكات دامية مع حركة فتح.

المصدر : وكالة الأناضول للأنباء

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.