من روائع وصايا الأمهات (2)

الأحد 27 ذو الحجة 1436//11 أكتوبر/تشرين الأول 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
وائل حافظ خلف
من روائع وصايا الأمهات
(الحلقة الثانية)
(الوصايا من 6 إلى 10)
الوصية السادسة
وصية أم القاضي أبي خالد محمد بن عبد الرحمن بن هشام الأوقص[1] له
عن محمد بن القاسم بن خلاَّد قال:
كان الأوقص قصيرًا دميمًا قبيحًا، قال: فقالت لي أمي وكانت عاقلة: ((يا بني، إنك خُلِقْتَ خِلقة لا تصلح معها لمعاشرة الفتيان، فعليك بالدِّين؛ فإنه يُتِمُّ النقيصةَ، ويرفع الخسيسة)). قال: فنفعني الله بقولها، فتعلمت الفقه؛ فصرت قاضيًا.
رواه الخطيب البغدادي في “الفقيه والمتفقه” (1/141) رَقْم (120) ط/ دار ابن حزم.
♦ ♦ ♦

وقد سلفت روايته له من طريق أبي إسحاقَ إبراهيم بن إسحاق الحربي، قال:
كان محمد بن عبد الرحمن الأوقص عنقه داخلاً في بدنه، وكان منكباه خارجين كأنهما زُجَّان، فقالت له أمه: ((يا بني، لا تكونُ في قوم إلا كنتَ المضحوكَ منه المسخورَ به، فعليك بطلب العلم؛ فإنه يرفعك)).
قال: فطلب العلم، فوُلِّي قضاءَ مكة عشرين سنة.
قال: فكان الخصم إذا جلس بين يديه يُرْعَد حتى يقوم.
قال: ومرَّت به امرأةٌ يومًا وهو يقول: (( اللهم! أعتق رقبتي من النار ))، فقالت له: يا ابنَ أخٍ، وأي رقبة لك؟!!
♦ ♦ ♦

اقرأ أيضا  الدين المعاملة

الوصية السابعة
وصية أعرابية لابنها (1)
عن العتبي قال:
سمعت أعرابية توصي ابنًا لها، فقالت:
((عليك بحفظ السر، وإياك والنميمة؛ فإنها لا تترك مودة إلا أفسدتها، ولا ضغينة إلا أوقدتها)).
[“روضة العقلاء” لابن حبان”].
♦ ♦ ♦

الوصية الثامنة
وصية أعرابية ابنها (2)
قالت أعرابية لابنها: ((يا بني، إن سؤالك الناسَ ما في أيديهم أشدُّ من الافتقار إليهم، ومَنِ افتقرْتَ إليه هُنْتَ عليه، ولا تزال تُحفظ وتُكرم حتى تَسأل وتَرغب.
فإذا أَلَحَّتْ عليك الحاجةُ، ولزمك سوءُ الحال، فاجعل سؤالك إلى مَن إليه حاجةُ السائل والمسئول؛ فإنه يعطي السائل، ويَكفي العائل)).
[“العقد الفريد”[2]].
♦ ♦ ♦

الوصية التاسعة
وصية عابدة ولدها
قال نوح: رأيت امرأة تأتي أبا عبد الله البراثي فتجلس تسمع كلامه ولا تكاد تتكلم، ولا تسأل عن شيء، فقلت لها ذات يوم: لا أراك – يرحمك الله – تتكلمين، ولا تسألين عن شيء! فقالت: ((قليل الكلام خير منكثيره إلا ما كان من ذكر الله – عز وجل -، والمنصت أفهم للموعظة، ولن ينصحك امرؤ لا ينصح نفسه، وجملة الأمر يا أخي: إن أردت الله بطاعةٍ، أرادك الله برحمةٍ، و إن سلكت سبيل المعرضين فلا تلم إلا نفسك إذا صرت غدًا في زمرة الخاسرين)).

اقرأ أيضا  العمل: الوجه الآخر للعبادة

قال: ثم استبكت فقامت.

وسمعتها تعظ ابنها يومًا وتقول:
((ويحك يا بني! احذر بطالات الليل والنهار، فتنقضي الأعمار وأنت غير ناظر لنفسك، ولا مستعد لسفرك.

ويحك يا بني! ما من الجنة عِوض، ولا في ركوب المعاصي ثمن من حلول النار.

ويحك يا بني! مَهِّد لنفسك قبل أن يحال بينك وبين ذلك، وجِدَّ قبل أن يجد الأمر بك، واحذر سطوات الدهر، وكيد الملعون عند هجوم الدنيا بالفتن، وتقبلها بالعبر، فعند ذلك يهتم التقي كيف ينجو من مصائبها)).

ثم قالت:
((بؤسًا لك يا بني، إن عصيت الله وقد عرفته وعرفت إحسانه، وأطعت إبليس وقد عرفته وعرفت طغيانه)). [“صفة الصفوة” لابن الجوزى].
♦ ♦ ♦

الوصية العاشرة
وصية العالمة الزاهدة الثقة أم الصهباء معاذةَ بنت عبد الله العدوية([3]) لابنتها من الرضاعة
عن زهير السلولي، عن رجل من بني عدي، عن امرأةٍ منهم([4]) أرضعتها معاذة ابنة عبد الله قالت: قالت لي معاذة:
((يا بنية، كوني من لقاء الله – عز وجل – على حذر ورجاء؛ فإني رأيت الراجي له محقوقًا بحسن الزلفى لديه يوم يلقاه، ورأيت الخائف له مؤملاً للأمان يوم يقوم الناس لرب العالمين))، ثم بكت حتى غلبها البكاء.
[“صفة الصفوة”].

اقرأ أيضا  إتق الله حيثما كنت

________________________________________
[1] الأوقص: مائل العنق قصيرها.
[2] وقد حصل سقط في هذا الموضع من نشرة دار الكتب العلمية (4/26)؛ فليستدرك من هنا.
[3] ومعاذة هي زوج الزاهد الكبير أبي الصهباء صِلَةَ بنِ أَشْيَمَ العدويِّ. أنزل الله على جدثيهما شآبيب رحمته، وعمهما برضوانه.
[4] أحسبها أم الأسود بنت زيد العدوية. والله أعلم.
الألوكة

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.