ثقافة المربي الناجح

الإثنين- 26 جمادي الثانية 1434 الموافق 6مايو 2013
 
بقلم: عزة مختار
المكون الرئيسي في شخصية الإنسان هي ثقافته، وكلما تعمقت الثقافة وتعددت كلما اتسعت مدارك الإنسان وتعددت مواهبه وخبراته وقدراته علي التواصل والتعامل مع الآخرين والنجاح في علاقاته معهم، ومصادر الثقافة متعددة، منها ما يكتسبه الإنسان من واقع بيئته التي نشأ فيها ومنها ما يجتهد في البحث عنها بنفسه من خلال القراءات والدراسة والسفر والاندماج بالحياة العامة والتعلم من خبرات الآخرين.
والمربي؛ الإنسان الذي تصدى لأشرف مهنة في الأرض وهي مهنة الأنبياء, أولى الناس بالبحث عن تلك الثقافات المتنوعة.
واليوم تطورت العلوم بشكل كبير وسريع, وكذلك الاتصالات فترى الطفل اليوم يسبق في تفكيره ومعارفه ولغته شباب الأمس، فيجب على المربي إذًا أن يفوق في علمه وخبرته هؤلاء حتى لا يفقد مصداقيته أمام جيل نأمل فيه الكثير ونعول عليه إعادة روح الريادة للإسلام والمسلمين، ولن يتأتى له ذلك إلا بالتربية العميقة الشاملة، تربية تهتم بعلوم القرآن كما تهتم بعلوم الحاسب الآلي، وتهتم بالخلق كما تهتم بالصناعة والتجارة، تربية ترى أنه من العيب أن تأكل مما ينتج غيرك، وتلبس مما يصنع غيرك، تربية ترى أنه من العيب علي أمة “اقرأ” أن يكون فيها أمي، وترى من الكبائر أن تصلي علي سجادة مستوردة، وترى من الموبقات أن يدنس المسجد الأقصى بأقدام الصهاينة المجرمين
والمربي الذي يريد أن يشكل ثقافة إنسان آخر وفكره واتجاهه لزاما عليه أن يتحلى هو أولا بتلك الصفات أو أكثر، وقد أوجز العلامة يوسف القرضاوي الحديث في ثقافة المربي العصري في ست نقاط اشتملت على كل فروع العلوم حتى إذا تحلى بها إنسان (مع توفر صفات إنسانية أخرى تتيح القرب القلبي من المربي لمن يستهدفهم) كان مربيا ناجحا بإذن الله وتلك الثقافات هي كما يقول العلامة القرضاوي:
– ثقافة إسلامية والمقصود بها كل ما يتعلق بالعلوم الشرعية من علوم قرآن وعلم الحديث وعلوم الفقه والسيرة النبوية وهكذا.
– ثقافة تاريخية بكل ما يتعلق بالتاريخ الإنساني وليس الإسلامي فقط، تاريخ الأمم والحضارات، تاريخ الأديان والأنبياء، تاريخ الصحابة والفتوحات الإسلامية وما يتعلق بفترات النصر والتمكين وكذلك فترات التدهور في التاريخ الإسلامي, كذلك ما يتعلق بتلك الموضوعات من دراسة فقه النصر والتمكين وأسباب التقدم والانحدار .
– ثقافة أدبية ولغوية وهي كل ما يتعلق بعلوم اللغة العربية وهناك حد أدنى من المعرفة يجب أن يتحلى به المربي في هذا المجال، فقلا يصح مثلا أن يتصدر للتربية من لا يحسن فهم مفردات اللغة العربية البسيطة فيقف عاجزا عن التعبير عما يجول بخاطره.
– ثقافة إنسانية؛ وقد تشعبت العلوم الإنسانية بشكل كبير فمنها الفلسفة وعلماء النفس  وعلماء الاجتماع، وليس مطلوبا من المربي أن يتوغل في تلك العلوم بشكل أكاديمي تخصصي, وإنما ما يلزمه في هذا أن يعرف مداخل النفس الإنسانية بمعرفة أنواعها وما يصلح لها وما تصلح به, ومعرفة الطريقة التي تصلح مع كل نوع منها، فمنها العصبي المزاج أو المعتدل المزاج ومنها السهل اليسير ومنها الصلب الصعب، ومنها المرح المتفائل ومنها المتشائم الكئيب ، ومنها من تردعه النار ومنها ما تحببه الجنة، وتكفيه تلك المعرفة حتى يسهل له القيام بمهمته التربوية وإلا فإنه يفسد من حيث يريد أن يصلح.
– ثقافة علمية؛ والمقصود منها أن يتبع فيها كلمة الإمام البنا بأن يعرف شيئًا عن كل شئ,  فالإنسان بطبيعة الحال لن يستطيع أن يلم بكل شئ لكن من غير المقبول ألا يعلم المربي استخدامات الطاقة وتطورها وآخر ما وصل إليه العلم فيها، وليس مقبولا كذلك ألا يكون عنده علم بفنون الاتصال الحديثة والمتطورة يوما بعد يوم أو آخر ما وصل إليه العلم فيما يحيط بالإنسان ويستخدمه يوميا في حياته.
– وأخيرا الثقافة الواقعية وتلك من الأهمية بمكان بحيث تسمح للمربي أن يكون علي دراية بكل ما يحدث حوله من أحداث داخليا وخارجيا، أحوال العالم الإسلامي والعالم الخارجي، من معك ومن عليك، ما السياسة الخارجية وما السبل المثلي للتواصل مع الآخر، وإن لم يتسم المربي بتلك المعارف الواقعية فإنه سيعيش في بوتقة بعيدة عن عقول الناس وقلوبهم، وحتما سيأتي عليه الوقت الذي تتحجر فيه دعوته ولن يجد من يستمع إليه ولن يَجْبره في هذا ما يحفظ من علوم تاريخية ولغوية وإنسانية.  
ولمن أراد الاستزادة في هذا الأمر فليرجع إلي كتاب الدكتور القرضاوي “ثقافة الداعية” ففيه التفاصيل كاملة.
ولقد قال الإمام البنا رحمه الله تأكيدا لتلك المعاني جميعا  ” تعلم كل شئ عن شئ, وتعلم شيئًا عن كل شئ ” والمقصود بهذه الكلمة الرائعة أن يتخصص الإنسان, خاصة المربي, في علم من العلوم ويتقنه ويتميز فيه ويبدع، ثم هو يعلم بعض الأشياء عن العلوم الأخرى فلا يكن جاهلا بها بل ملمًا بما يجعله يظهر في ثوب المثقف الواعي بما يدور حوله خاصة العلوم التي تشغل الشباب في ذلك الزمان. -المصدر علامات أونلاين – وكالات.(R-024).
وكالة معراج للأنباء(مينا).
 
اقرأ أيضا  عفتك.... ايتها الوردة !!!
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.