من ينصر مسلمي بورما؟
الخميس20 رجب 1434 الموافق 30مايو/آيار 2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).
تثبت الأيام أن تعامل المسلمين مع قضية مسلمي بورما وما يحدث لهم من هذه الإبادة الجماعية الوحشية أقل بكثير من تعامل أبناء الأمة الإسلامية مع قضايا الرفق بالحيوانات – وهو خلق الرحمة الذي حثنا عليه الإسلام – التي تنال اهتماما منا أكثر من دماء إخواننا التي تسيل كل لحظة في بروما.
ففي بورما لا تسل عن حق التعبير عن الرأي، ولا حتى عن الحق في الحفاظ على الممتلكات والأموال، بل لا تسل عن حرمة الأعراض ولا عن انتهالك آدمية الأطفال، فتلك حقوق يعتبرها أهل بورما من الترف الذي لا يعرفونه، بل لا يجرئون حتى على أن يحلموا به، وما لهم من ذنب ولا جريمة سوى أنهم مسلمون.
فحينما يتبرع ثري عربي بـ”4.5″ مليون دولار من أجل إنقاذ حياة حيوان الباندا من الانقراض، وحينما يتبرع ثري عربي آخر بـ 700 ألف يورو لبلدية فرنسية من أجل تمويل المتنزه العام للمدينة ليحافظ على الأشجار والطيور والنسيم العليل للعشاق الذين يرتكبون فيه كل المنكرات، وحينما يتبرع حاكم عربي بمبلغ عشرة ملايين جنيه إسترليني لحديقة الحيوان في لندن لتدفئة الحيوانات – المساكين – في فصل الشتاء، وغيره يتبرع بمبلغ ثلاثة ملايين دولار للقطط التائهة في فلوريدا، حينما تقرأ كل ذلك وأنت تطالع أخبار بورما تعلم أننا نسير في الطريق الخطأ، وأن العفوية الشديدة تنتظر كل من تخاذل عن نصرة إخوانه بما يملك ويستطيع.
فماذا فعلنا ونحن نشاهد شريط الفيديو التي نشرته “بي بي سي” والذي يظهر قتل الجماعات البوذية للمسلمين وحرق بيوتهم وتدمير ما يملكه المسلمون بل، ويظهر رجلا مسلما قد اشتعلت النيران في جسمه، وكل ذلك تحت سمع وبصر وحماية الشرطة البوذية البورمية؟.
ولم تكتف الشرطة بمجرد المشاهدة بل صدر صوت آمر في الشريط المصور يرجح أنه لرجل الشرطة ذاته يطالب الحضور قائلا لهم: “لا تصبوا عليه الماء، اتركوه ليموت”.
كما ظهر في الفيديو الذي يرجع تاريخه للشهر الماضي عندما تم قتل 43 مسلما على الأقل في مذبحة بقرية ميكتيلا، فظهرت فيه مشاهد مروعة عن التفنن في القتل تحت سمع وبصر الشرطة ودون خشية من تصوير لتلك الجرائم، فمن سيحاسبهم ومن سيعاقبهم ومن سيطالبهم بالتوقف وسفارات بورما لا تزال مفتوحة في الدول العربية والإسلامية، وكأن شيئا لم يكن وكأنهم لم يفعلوا مع إخوتنا شيئا.
وفي الفيديو أيضا مقطع لرجل مسلم يتخبط هاربا من هول ما يقع عليه من الطعنات، فيمسك به مجموعة من الأشخاص بينهم راهب بوذي، فيضربونه حتى الموت، بينما يظهر آخر يُطعن بالسيف ويترك مضرجا في دمائه ليستكمل نوف دمه حتى موته.
وقد أعلنت منظمات عدة – رغم أنها لم تظهر الحقيقة كاملة – مثل هيومن رايس ووتش بعضا من مآسي شعب الروهينجا المسلم الأعزل الذي لا حول وله ولا قوة بعد أن جرد حتى من الأسلحة البدائية التي كان يملكها، فصار نهبا مشاعا لكل بوذي يريد أن يعتدي على مال أو ممتلكات أو أعراض أو دماء أي مسلم بورمي، وأصبح مسلمو بورما اليوم بلا ثمن مستباحي كل شئ.
إن ما يحدث الآن لا يمكن وصفه، ولم يحدث على مدار التاريخ الإنساني إلا في اشد لحظات الظلم والقهر والتخلف، ولا يمكن قبوله في ظل وجود مليار وسبعمائة مسلم على وجه الأرض ولا يمكن قبوله في ظل وجود 54 دول مسلمة في رابطة العالم الإسلامي.
وأخشى أن تقع العقوبة علينا بسبب تقصيرنا في حقهم وتفريطنا في نصرتهم – إن لم نتحرك وبسرعة -، فقد جاء عن جابر وأبي طلحة مرفوعا قول النبي – صلى الله عليه وسلم -: “ما من امرئ يخذل امرأ مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موضع يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر مسلما في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته”.
المصدر: مركز التأصيل للدراسات والبحوث
Comments: 0