دموع النهر وصوت العقل

الأحد 07 شعبان 1434 الموافق 16 حزيران/ يونيو2013. وكالة معراج للأنباء (مينا).
خالد فاروق
يعيش الإنسان بفضل سريان الدم فى عروقه والهواء الذى يستنشقه، هكذا هو نهر النيل فهو شريان الحياة للمصريين، ونبع الخير الذى ارتبطت حياتنا به عبر التاريخ

أدرك المصريون منذ فجر التاريخ أهمية مياه النهر كمصدر للحياة، لذا كانت اتفاقية تقسيم مياه نهر النيل 1929 التى أبرمتها بريطانيا، بصفتها دولة استعمارية نيابة عن عدد من دول حوض النيل (أوغندا وتنزانيا وكينيا) مع الحكومة المصرية، تتضمن إقرار دول حوض النيل بحصة مصر المكتسبة من مياه النيل، وإن لمصر حق الاعتراض (الفيتو) فى حال إنشاء هذه الدول مشروعات جديدة على النهر وروافده، وتحددت حصة مصر بـ48 مليار متر مكعب زادت بعد إنشاء السد العالى إلى 55.5 مليار متر مكعب، وكان عدد سكان مصر آنذاك لايتعدى 21 مليون نسمة.

الأزمة التى تمر بها مصر تستحق تكثيف الجهود من صانعى القرار والمؤيدين والمعارضين، لأن تلك الأزمة إذا تفاقمت سوف تعصف بالقاصى والدانى، وتأتى على الأخضر واليابس، مصر لاينقصها الخبراء المتخصصين لكى يضعوا خارطة طريق للخروج بنا إلى بر الأمان، ولنعمل فى كل الاتجاهات، فلدينا الدبلوماسيين المهرة فى إدارة الأزمات الخارجية، وعلينا استغلال ما لدينا من رصيد العلاقات الطيبة مع الدول الأفريقية، والمناورة بالمصالح المشتركة

يمكن اللجوء إلى التحكيم الدولى بما لدينا من وثائق للاتفاقيات الموقعة مع دول حوض النيل لتحديد حصة مصر، فالتحكيم الدولى سينتصر للمتضرر ويحفظ للمعاهدات والاتفاقيات الدولية مكانتها، لأننا لا نعيش فى غابة، فاللجوء إلى الدبلوماسية أقرب الطرق للعقل والمنطق.

الدول الإفريقية ومنها إثيوبيا، دول صديقة، فإذا كان النظام السياسى السابق أعطى ظهره لإفريقيا، فمن السهل العودة إلى القارة بكل ثقة لأننا جزء منها، ويتميز أهلها بلين الجانب

إن الأصوات التى تنادى باستخدام القوة لا تعرف طبيعة الشعوب الإفريقية ولا تعلم شئ عن الدبلوماسية، نحن الآن فى مرحلة إعادة البناء وتحسين ما أفسده النظام السابق من علاقات سياسية واقتصادية مع دول القارة الإفريقية، فلا توجد مشكلة دون حلول، فمن حق دولة إثيوبيا أن تنعم بفوائد مياه النهر، ومن حق مصر ألا تحرم من شريان حياتها، فالخبراء لديهم الحلول البديلة، فلنعطى فرصة لصوت العقل، ولنتعلم من هذه الأزمة البحث عن المصادر البديلة لتوفير مياه نقية، ولتعود مصر إلى أفريقيا تفيد وتستفيد، ولا نترك الساحة الإفريقية للأعداء يرتعون فيها ويكسبون ود دول الجوار الإفريقى.

المصدر : اليوم السابع
اقرأ أيضا  المساعدات الخليجية لمصر والسياسة الأمريكية
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.