صوم أصحاب الأمراض المزمنة واستعمال القطرة والبخاخ في نهار رمضان
جعفر الطلحاوي
الجمعة-4رمضان 1434 الموافق12 تموز/ يوليو.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).
—ما حكم المريض مرضا مزمنا لا يستطيع معه الصيام؟
— الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد، فالعاجز عن صيام الفرض لمرض لا يرجى شفاؤه يجب عليه الفدية لكل يوم، لقول الله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) [البقرة:184].
وقد ذكر ابن عباس وغيره أنها نزلت في الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة، ويقاس عليهما المريض المزمن العاجز عن الصيام عجزاً لا يرجى زواله، فإنهم يفطرون ويطعمون عن كل يوم مسكيناً واحداً.
ومقدار الفدية مد من طعام، وهو ما يعادل 750 جراماً على مذهب المالكية والشافعية، وأوجب الجمهور إخراجها طعاماً لنص الآية، وأجاز الحنفية إخراج القيمة، والذي نراه هو الأخذ بقول الجمهور، إلا إذا كان في إخراج القيمة مصلحة فلا حرج في إخراجها ويمكنه إخراج الفدية مجتمعة من أول الشهر أو آخره أو يوماً بيوم، والله أعلم.
— ما كفارة جماع الصائم في نهار رمضان؟
— اعلم أيها السائل أولا أنه يجب عليكما أن تتوبا إلى الله تعالى من انتهاك حرمة الشهر الفضيل وتعدي حدود الله تعالى بتعمد الجماع والأكل والشرب في نهار رمضان، وقد كان الواجب عليك الإمساك بعد الجماع لا أن تأكل وتشرب. والواجب عليكما قضاء تلك الأيام التي وقع فيها الجماع، وتلزمك أنت كفارة عن كل يوم أفسدته بالجماع، والكفارة عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكينا، وأما الزوجة فإنها إذا كانت مكرهة فإنه لا كفارة عليها، وإن كانت مطاوعة فللعلماء قولان في وجوب الكفارة عليها والله أعلم.
— ماحكم ابتلاع ما تبقى بين الأسنان والمضمضة للصائم؟
— لا يجوز للصائم تعمد ابتلاع أي شيء أثناء صيامه ولو كان أقل من حبة فول، فإن فعل ذلك عمدا فسد صيامه، ولزمه قضاء ذلك والتوبة إلى الله من تعمد إفساد صيامه وانتهاك حرمة شهر الصيام، ولذلك قال أهل العلم يجب الاحتراز مما يكون في الأسنان من بقايا الطعام ونحوه، فإن أمكنه الاحتراز منه ولم يفعل فدخل شيء في جوفه فقد أفطر وعليه القضاء، وعلى هذا مذهب الشافعي وأحمد وأبي يوسف ونسب إلى مالك وقال أبو حنيفة: لا يفطر، والصحيح قول الجمهور، قال النووي في المجموع: قال أصحابنا يعني الشافعية إذا بقي في خلل أسنانه طعام، فينبغي أن يخلله في الليل وينقي فمه، فإن أصبح صائما وفي خلل أسنانه شيء فابتلعه عمدا أفطر بلا خلاف عندنا، وبه قال مالك وأبو يوسف وأحمد، وقال أبو حنيفة: لا يفطر، وقال زفر: يفطر وعليه الكفارة.
— ماحكم من أفطر ظانا أن الشمس قد غربت؟
— من أفطر في نهار رمضان ظانا أن الشمس قد غربت ثم تبين له خلاف ظنه فإنه يجب عليه القضاء عند جمهور العلماء، ومنهم الأئمة الأربعة، وذلك لما رواه البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: أفطرنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يوم غيم ثم طلعت الشمس قيل لهشام وهو راوي الحديث فأمروا بالقضاء؟ قال: لا بد من القضاء.
— ماحدود استعمال قطرة الأنف والأذن والعين للصائم؟
— الذي عليه جمهور الفقهاء أن تقطير الدواء في الأذن في نهار رمضان مفطر، كما أن ما وصل للحلق عن طريق الأنف مفطر أيضا، وعليه فيجب على الصائم اجتناب استعمال قطرات الأنف والأذن في نهار رمضان بناء على القول بفساد الصيام بكل ما يصل إلى الجوف من أي منفذ، ولذا فقد كان على السائل أن يؤخر استعمال قطرة الأذن بالنهار إن لم يترتب على تأخيرها إلى الليل مرض أو زيادته أو تأخر برء وإلا جاز استعمالها نهارا ويكون مفطرا بسبب المرض، ففي الإقناع في حل أبي شجاع في الفقه الشافعي: والتقطير في باطن الأذن مفطر.
— ما حكم استعمال الدواء البخاخ والأبر؟
— إذا كانت الإبرة غير مغذية فإن الصيام لا يفسد بها ولو أعطيت عن طريق الوريد ولا يلزمك شيء وصيامك صحيح، وقد جاء في مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: أما الإبر غير المغذية فلا تفسد الصيام، سواء أخذها الإنسان بالوريد أو بالعضلات لأنها ليست أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب. انتهى.
وقال أيضاً: فجميع الإبر التي لا تغني عن الأكل والشرب لا تفطر، سواء كانت من الوريد أو من الفخذ أو من أي مكان… انتهى.
ولا ندري حقيقة البخار الذي ذكره السائل فإن كان يقصد أنه غاز يستنشق أو يعطى عن طريق الفم على نحو ما يفعله المصابون بالربو، فإن هذا مفطر على القول المفتى به عندنا، والله أعلم.
— حقن الأنسولين للصائم في نهار رمضان هل تفطر؟
— حقن الأنسولين غير مفطرة، لأنها ليست طعاماً ولا شراباً ولا في معنى الطعام والشراب، والأصل صحة الصوم، فلا يحكم بزوال هذا الأصل إلا بدليل، لذا فالصوم صحيح.
— ماحكم إنزال المني للصائم عامدا في نهار رمضان؟
— التفكير لا يفسد الصوم، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: ولو فكَّر فأنزل، لكن ما حرَّك شيئاً، لا شيء عليه، لأن هذا ليس من فعله، قال النبي عليه الصلاة والسلام: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدَّثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تتكلم.
وأما إن نزل المني بفعل كاحتكاك ونحوه وليس بمجرد تفكير فإنزال المني في نهار رمضان مفسد للصوم وموجب للقضاء،ولا تجب به كفارة وإنما القضاء فقط، والكفارة تجب بالجماع، وإن عجزت عن قضائها بقيت في ذمتك إلى أن تتمكن من القضاء.
— ما حكم الاحتجام في نهار رمضان للصائم؟
— اختلف أهل العلم في الحجامة: هل تفطر الصائم أم لا؟.
فذهب الجمهور من أهل العلم من الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة ومالك والشافعي، إلى أنها لا تفطر، لما روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم.
والأولى لمن تضعفه الحجامة أن يؤخر الحجامة إلى الليل، لأنه قد يضطر إلى الفطر بسببها.
— ما حكم أخذ عينة من دم الصائم؟
— سحب الدم من الصائم لا يؤثر على صحة صومه إذا كان يسيراً باتفاق، وكذلك إذا كان كثيراً على القول الراجح من أقوال العلماء، لأن أخذ الدم من الصائم له حكم الحجامة والله أعلم.
— هل يجوز استنشاق العطور والبخور للصائم؟
— لا حرج في شم العطور أثناء الصيام، ولا يفسد ذلك الصوم، إلا إن كان هذا العطر له جِرم كالبخور فلا يجوز استنشاقه، لأن ذلك يؤدي إلى دخول أجزاء منه إلى الجوف، وأما مجرد الرائحة فلا تفسد الصوم
— ماحكم التدخين للصائم في نهار رمضان؟
— الدخان بجميع أنواعه من المواد العضوية التي تحتوي على القطران والنيكوتين، وهذه العناصر لها جِرْم يظهر جلياً في “الفلتر” وعلى الرئتين عليه؛ فاستعمال الصائم له مفطر لأنه يدخل باختياره جرماً إلى جوفه، يقول الأطباء: إن الدخان يمر من الفم والبلعوم الفمي ثم ينزل جزء منه إلى البلعوم الحنجري، ومنه إلى الرغامي فالرئتين، وينزل الجزء الآخر إلى المرئ فالمعدة
المصدر: الشرق