قراءات مصرية لخطاب السيسي ودلالاته

الجمعه – 18 رمضان 1434 الموافق 26 يوليو/تموز 2013

مصر – القاهرة

كما توقف المصريون عند مضمون خطاب قائد الجيش عبد الفتاح السيسي وما جاء فيه من دعوتهم للتظاهر تعبيرا عن تفويض الجيش لمواجهة ما وصفه الخطاب بالعنف والإرهاب، فقد اتجهت الأنظار أيضا إلى ما اعتبره البعض رسائل غير مباشرة، وما اعتبره آخرون دلائل على حالات متباينة ومتناقضة شملت الهجوم حينا والدفاع حينا والتبرير في أحيان أخرى.

وفي خضم اهتمامها بهذا الخطاب وما جاء فيه، حرصت وسائل الإعلام المؤيدة على الإشارة إلى أنه أبرز “الكاريزما” التي يتمتع بها السيسي والتي تجلت في قوة كلماته وتحذيراته، وكذلك في مظهره الأنيق سواء بالبزة العسكرية المعتادة أو بالإضافة اللافتة هذه المرة والتي تمثلت في نظارة الشمس التي ارتداها، واعتبر بعضهم أن هذه الكاريزما ذكرتهم بالزعيم الراحل جمال عبد الناصر.

وفي المقابل، فكما كان الحال مع الرئيس المعزول محمد مرسي الذي كان الإعلام المعارض له يوسع خطاباته نقدا وتحليلا للشكل والمضمون، جاء الدور هذه المرة على الفريق أول السيسي لتعج مواقع التواصل الاجتماعي بصفحات وتعليقات تنتقد الخطاب وترى أنه تضمن هجوما على فصيل من المصريين ومحاولة للدفاع أو التبرير في مواجهة التهم التي يرميها به خصومه.

اقرأ أيضا  منظمة التعاون الإسلامي ترحب باتفاق إنهاء العنف شمال مالي

وكان للنظارة السوداء التي ارتداها السيسي نصيب لا بأس به، فبينما رأى فيها البعض محاولة للتجمل، ورأى آخرون أنها دليل على التوتر والشعور بالضغط سواء من داخل الجيش أو خارجه، في حين اعتبر فريق ثالث أنها محاولة لإخفاء العين “التي تفضح صاحبها” وبنوا على ذلك أن الرجل يشعر في قرارة نفسه أنه غدر برئيسه المنتخب عندما عزله بالقوة وحدد إقامته.

روايات أحادية
كما نظر البعض بنوع من السخرية إلى ما بدا تبريرا من السيسي لمواقفه، واعتبروا أن الإسهاب في استرجاع أحداث وسوق مبررات لتدخل الجيش بتعطيل الدستور وعزل الرئيس يعبر عن الشعور بضعف الموقف، كما أنه لا يليق بأرفع رتبة في الجيش المصري.

وبعيدا عن مواقع التواصل الاجتماعي، فإن الخبير النفسي د. أحمد عبد الله يؤكد للجزيرة نت أن الخطاب كان باختصار خطابا أبويا بامتياز وتحريضيا بنعومة، فضلا عن جنوحه للماضي وخلوه من طرح أي رؤية مستقبلية.

اقرأ أيضا  محكمة مصرية : القضاء بالإفراج عن الرئيس المخلوع , حسني مبارك

واعتبر عبد الله، وهو مدرس للطب النفسي بجامعة الزقازيق، أن أكبر أخطاء الخطاب كان الإسراف في الرواية عن أحداث مضت في غياب أطرافها أو تغييبهم، وهو ما يجعل الحديث بعيدا عن التدقيق أو المنطق المفترض من مثل المتحدث.

تحسين الصورة
وأضاف أنه شعر كأن السيسي يشعر بتراجع في صورته ويحاول تحسينها أمام الشعب وأمام العالم وربما أمام نفسه أيضا، سواء عبر المظهر أو عبر الكلمات التبريرية فضلا عن محاولة الاحتماء مجددا بمعارضي مرسي الذين سبق أن استند إليهم ليبرر تدخل الجيش في الشأن السياسي.

أما المحلل السياسي سامح راشد فيرى أن أبرز ما لفت نظره في الخطاب هو أن السيسي عمد أولا إلى تقديم نفسه كزعيم للحاضر وربما المستقبل، لكنه وقع في خطأين كبيرين أولهما عندما بدا كأنه يشعر أنه متهم بالإطاحة برئيسه الشرعي ولذلك سعى إلى تبرير ما قام به وكأنه يريد إثبات براءته.

أما الخطأ الثاني، وفقا لراشد، فهو عندما أقسم السيسي بالله العظيم ثلاث مرات بأن الجيش على قلب رجل واحد، وهو أمر يرى سامح أنه يثير الريبة أكثر مما يثير الاطمئنان، لأن الواثق لا يحتاج إلى التأكيد أو التكرار “على الأقل حسب العرف المصري”.

اقرأ أيضا  عنف في نيجيريا.. و«بوكو حرام» تتبنى

من جانبه، فإن المحلل السياسي خالد الرياني يرى أن الخطاب من أوله إلى آخره يقدم صاحبه على أنه صاحب القرار الفعلي في مصر، ولذلك تخلى عن الحذر في صياغة كلماته وعباراته، ويضيف الرياني أن هذا ليس منفصلا عن الحالة العامة في مصر حيث يتحدث معظم الناس هذه الأيام عن كلمات السيسي وقرارات السيسي ونوايا السيسي، ولا يتحدث أحد لا عن رئيس مؤقت أو رئيس حكومة.

المصدر: الجزيرة

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.