السيسي ومجزرة التفويض
الثلاثاء-22 رمضان 1434 الموافق30 تموز/ يوليو.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).
نوف علي المطيري
يبدو أن مقولة جوزيف غوبلز وزير الإعلام الألماني في عهد هتلر “اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس” أصبحت شعار كثير من الطغاة ومصاصي الدماء من بني البشر والذين يظهرون بعد كل مذبحة تحدث -بفضل الإعلام المضلل في العالم العربي- بهيئة الوطنيين الشرفاء ومنقذي الأمة من شر الإرهابيين. فهاهو الفريق أول عبدالفتاح السيسي يسير على نفس نهج جوبلز ولكن مع اختلافات هائلة. فجوبلز استخدم هذا المبدأ لأهداف واضحة وأهمها تجنيد الشعب الألماني وتوحيد صفوفه أمام قوى عظمى تريد الشر ببلاده. أما السيسي ومؤيدوه من داخل وخارج مصر فيبدو أنهم مجبولون على الكذب والخداع وتلفيق التهم لمعارضيهم للسيطرة على كرسي الحكم بعد الانقلاب العسكري المشؤوم. فالأحداث الجارية والمجازر المروعة التي حدثت في رابعة العدوية وغيرها من المناطق تؤكد أن الجيش ما عاد للمشهد إلا ليبقى في الحكم من جديد وليس كما يردد هو والأبواق الإعلامية المأجورة التي ترقص طربا على إيقاع جرائمه.
دعوة السيسي للشعب المصري لتفويضه من أجل قمع المعتصمين والرافضين للانقلاب على الشرعية بحجة محاربة الإرهاب قد أزالت القناع أخيرا عن حقيقة الانقلاب وأهدافه.فهاهو السيسي يغالط نفسه فرغم تكراره مرارا على نبذ العنف بكافة أشكاله واحترام إرادة الشعب المصري يمهد لحملة قمع دموية ضد الرافضين للانقلاب ومن تعاهدوا على الثورة على القمع والطغيان.
كل الأصوات التي أعلنت رفضها لما حدث من إزهاق للأرواح وقتال الأخوة قوبلت بحرب شرسة من الأبواق الإعلامية الداعمة للسيسي في انتهاك صارخ لحرية الرأي التي يتشدقون بالدفاع عنها. وبالطبع كانت التهم معلبة وجاهزة للتوزيع. فيكفي أن تعلن رفضك لتلك المجازر المروعة والتنديد بها حتى تصبح إخوانيا ومن القاعدة وأحد طيور الظلام. وكأن تلك الأرواح التي أزهقت رخيصة ولا قيمة لها!!
هذه الممارسات الفاشية وقمع الرأي الآخر يطرح سؤالا أخلاقيا وجوهريا يمس إنسانيتنا وآدميتنا: كيف يمكن تبرير إزهاق الأرواح وأنهار الدماء التي سالت في نهار رمضان؟ كيف يمكن تبرير رفع الأخ سلاحه في وجه أخيه وقتل المدنيين العزل؟
رغم عدم وجود ممارسات حقيقية تدل على الإرهاب الإخواني- كما يسمونه- في الميادين. ورغم أنهار الدماء التي سالت أمام أنظار العالم أجمع في رابعة العدوية وغيرها من الأماكن لا يزال البعض يكيل الاتهامات للمعتصمين. ويبارك جرائم السيسي. وقتل الأبرياء على يد القناصة. ويردد الأكاذيب التي تطلقها الماكينة الإعلامية السوداء بحق مؤيدي الشرعية. ويتشمت بالقتلى الذين سلبت أرواحهم وفي نهار رمضان دون أي ذنب أو جريمة سوى أنهم رفضوا أن يرجعوا لعنق الزجاجة حيث القهر والظلم والاستبداد.
ذكرني دعم الفنانين والإعلاميين في مصر لجرائم السيسي ومباركتهم لمجازره التي ارتكبها بحق أبناء شعبهم وخروجهم في مظاهرات مؤيدة له رغم أنه نسخة مكررة من النظام السابق بعشاق العبودية. فهناك نوعان من البشر نوع يناضل لأجل التحرير من العبودية وحياة الاستبداد ويدفع حياته ثمنا لأجل حلمه لأنه مؤمن بأنه خلق حرا. ونوع آخر يعشق ذل العبودية ولا يتخلى عن عبوديته أبداً حتى لو جاءته الفرصة للتحرر لأنه لا يستطيع العيش من دون سيد يذيقه أصناف العذاب. وكما يقول المثل “لو أمطرت السماء حرية…لرفع العبيد الشمسية”!
المصدر:الشرق