القاهرة الحزينة
الأحد-11شوال 1434 الموافق18 آب/ أغسطس.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).
د.هانى أبو الفتوح
قمت عصر اليوم بجولة داخل القاهرة الحزينة ذهبت إلى شارع البطل أحمد عبدالعزيز دخولا من العجوزة وكنت قد مررت بنفس الشارع من يومين لعمل بعض الفحوصات الطبية فى برج الأطباء كان الطريق رائعا والرصيف على الجانبين كاملا والمحلات مضاءة.
اليوم أغلقت معظم المحلات أبوابها والبعض منها كسرت واجهته الزجاجية وتم خلع بلاط الرصيف وخلع أحد أعمدة الإنارة عند نهاية الشارع وآثار حريق بالمنطقة الفاصلة بين الاتجاهين , نعم ليس هذا الشارع الذى كنت فيه ولا أعرفه فتركته من الاتجاه الآخر الى مسجد مصطفى محمود فكانت صدمة كبرى حيث تتواجد عربات الشرطة وبعض الجنود وضابطين من القوات الخاصة تسعد النفس بهم أنهم أبناء وطنى.
لكن الحديقة الصغرى أمام المسجد مليئة بالناس وبعض الشرطة ونهاية الطريق تقول كانت هنا بعض الحواجز على الجانبين والمنظر العام للشارع وحول المسجد يحزن القلب من بعض آثار حريق وتخريب للرصيف لا زالت متواجدة هنا وهناك والحياة تكاد أن تكون منعدمة فى الشارع واحدى قنوات التليفزيون تضع كاميراتها موجهة للمسجد.
تحركت من الشارع مرة أخرى متجها لميدان الدقى ومنه إلى جامعة القاهرة بعد أن تم فتح الطريق وقد كنت وسط الاعتصام منذ ثلاثة أيام , سبحان مغير الأحوال لا أثر إلا للخراب والمياه المتعفنة على الأرض وآثار حرائق وقوات شرطة وجنود فى استراحة محارب عند أبواب الجامعة وآثار خراب وتدمير على كلية الهندسة ولا أثر ولا لوحات عن الشرعية والرئيس السابق التى كانت منتشرة فى كل مكان.
ترجلت من السيارة باتجاه حديقة الأورمان سابقا الخراب حاليا حديقة الأورمان كانت تسأل عن ساكنيها طوال أكثر من أربعين يوما وتقول لهم هل يرضيكم ما فعلتم بى؟
وأنا أسير وأقول هنا أرواح فقدت وهنا كانت منصة منذ أيام تؤجج المشاعر ويلقى عليها الشيخ محمود سلامة خطبة عصماء أن الوقت قد حان للنصر لأنهم ظنوا أن الوطن بات دولتين وأننا فى حالة حرب لا محالة هكذا صوروا للشباب من كل صوب وحدب وهكذا باتت العقول متيقنة الخيارين النصر أم الشهادة.
يا الله أين أكياس الرمل هنا وهناك وأين اللجان الشعبية التى فتشتنى أول مرة عن كل شيء عند المدخل أمام تمثال النهضة الذى استعاد الرؤية على مداد بصره لكوبرى الجامعة والآن لا أثر لخيام لكن أثر الخراب والدمار يتحدث ,
خرجت من المنطقة باتجاه شارع الهرم وعند المدخل أسفل الكوبرى توجهت للذهاب حيث حريق محافظة الجيزة بمبانيها الأثرية الرائعة ذهبت لأرى وليتنى ما ذهبت فالمبنى تأكله النيران ,
يا الله لما نحرق وطننا ولما ندمر كل شيء فيه بأيدينا؟ عن أى شرع نبحث ونقاتل؟
أسئلة تنفجر فى رأسك وأنت حزين على القتلى هل كان من الممكن أن يخرجوا سالمين الى بيوتهم هل كانت مطالبهم مشروعة هل كان اعتصامهم سلمى بلا تحريض ولا عنف ولا أسلحة ولا مولوتوف أم أن فض الاعتصام كان الدواء المر اتقاءا لشر أكبر قادم لا محاله وهل هناك أمر من فقد الحياة واستحلال الدم وفتح باب الفتنة والصراع والشقاق باسم الشرع ,
خروج المعتصمين من النهضة لم يشغل تفكيرى كثيرا لكن سرعة خروج المعتصمين من رابعة التى كنت فيها أمس والمشهد العام الذى كان موحياً أنهم يحتاجون لعدة أيام لفضه بالكامل إلا أن سرعة الخروج للأعداد الكبيرة التى كانت هناك والحناجر التى تحدثت فوق المنصة لتؤكد أن المعتصمين لن يخرجوا إلا على أجسادهم
كل هذا جعلنى أتساءل أين قادة الإخوان من تم إعلان القاء القبض عليهم مساءا ثم خرجت الجموع مستسلمة رافعة أيديها من الممرات الآمنة ثم نفى وزير الداخلية لخبر إلقاء القبض على قيادات الإخوان ,يصر رأسى أن يتساءل عن الخروج الآمن هل كان أيضا للقيادات أم ماذا؟
طلبت من عقلى الراحة والصمت حتى نرى الأيام القادمة وما ستسفر عنه مليونيات الغضب المتتالى ورغبات الدمار المستمرة ونهر الدماء الذى استطعمناه وبحر الفتنة التى وقعنا فيها وضياع الحق الذى فقدناه ففقدنا جميعا فنسيناه ونسينا الوطن معه.
المصدر : اليوم السابع