الانتهاكات القانونية الدولية في مصر منذ الانقلاب

الجمعة – 16 شوال 1434 الموافق 23 أغسطس/آب 2013

محمود المبارك

شهدت مصر تطورات خطيرة، منذ الإطاحة بتجربتها الديمقراطية الوليدة، قبل ما يزيد عن شهر. حيث لا تبشر هذه التطورات في مجموعها إلا بعودة النظام الديكتاتوري القمعي ونهاية التجربة الديمقراطية القصيرة التي عاشتها مصر في ظروف غير ديمقراطية.

وبغض النظر عن التبريرات التي يسوقها مبررو إجهاض الديمقراطية المصرية، فإن الآثار القانونية المترتبة على ذلك، تنذر بمستقبل غير واضح المعالم، على المستويين الداخلي والدولي، فيما يتعلق بالقوانين الدولية وقوانين حقوق الإنسان على وجه الخصوص.

انتهاكات دستورية
وقبل الدخول في تفاصيل الانتهاكات القانونية الدولية التي قام بها الانقلابيون في مصر، لابد من الإشارة إلى أن انتهاكات دستورية خطيرة حدثت منذ الثالث من يوليو/تموز الماضي، حيث لا يكتمل الحديث عن الانتهاكات القانونية الدولية، دون الإشارة إليها. وحيث إن هذا المقال معني بالانتهاكات القانونية الدولية، فإن الإشارة إلى الانتهاكات الدستورية ستكون عابرة.

فأول وأخطر انتهاك دستوري وقع فيه وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي، هو الانقلاب العسكري الذي قام به على الرئيس المنتخب. الأمر الذي يُعتبر “جريمة خيانة” في القانون العسكري المصري، ولا يترك القانون المصري استثناء واحدا لقبول قلب نظام الحكم، كتلك التي يزعمها الانقلابيون. كما يحدد القانون بأن عقوبة مرتكب جريمة الخيانة هي الإعدام.

ولعله من المفيد الإشارة إلى أن هذه التهمة لا تقف عند وزير الدفاع وحده، وإنما تتعداه لتشمل كل من يثبت تواطؤهم وإعانتهم على الانقلاب، وعلى وجه الخصوص، الذين ظهروا مع الفريق السيسي ساعة إلقائه خطاب الانقلاب بمن فيهم الدكتور محمد البرادعي، وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ونيافة بابا الكنيسة الأنبا تواضروس وآخرون.

انتهاك ثانٍ جاد، وقع فيه الفريق السيسي، هو إيقاف العمل بالدستور الذي صوت عليه الشعب المصري بنسبة تقارب الثلثين. وهذا أمر يتجاوز صلاحيات الفريق السيسي الذي أعلن الانقلاب، إذ بحسب الدستور المصري، لا يحق حتى لرئيس الدولة أن يوقف العمل بالدستور، بل ولا بمادة من مواده. وتبعاً لذلك، فإنه وبحسب القاعدة القانونية المعروفة “كل ما بني على باطل فهو باطل”، فإن كل القرارات اللاحقة الصادرة عن الرئاسة المصرية أو مجلس الوزراء أو أي سلطة أخرى، باطلة ما لم تكن موافقة للدستور المصري.

المثير للسخرية، أن السيد عدلي منصور أقسم يوم توليه على “الحفاظ على الدستور”، الذي تم إبطال العمل به. وقد فعل بقية الركب من رئيس الحكومة والوزراء الفعل ذاته، إذ أقسموا جميعا على الحفاظ على دستور غير موجود أصلا.

وضمن الانتهاكات الدستورية أيضا، فإن حالة الطوارئ التي تم الإعلان عنها قبل أيام، جاءت مخالفة للدستور المصري، حيث ينظم الدستور المصري في المادة 148 إعلان حالة الطوارئ، التي تتطلب موافقة مجلس النواب، أو مجلس الشورى في حالة حل مجلس النواب، بأغلبية أعضاء كل من المجلسين.

في الوقت ذاته، فإن قرار حل مجلس الشورى جاء مخالفا للدستور المصري الذي يحصر حق حل السلطة التشريعية للرئيس وحده في حال وجود قرار مسبب وبعد استفتاء عام للشعب.

انتهاك دستوري إضافي خطير وقعت فيه سلطة الانقلاب ربما دونما علمها، هو تعيين عدلي منصور رئيسا لمصر بصفته رئيس المحكمة الدستورية العليا، في حال تعطيل السلطة التشريعية بمجلسيها النواب والشورى. والحق أن السيد منصور، لم يكن رئيسا للمحكمة الدستورية العليا، وإنما كان نائبا لرئيسها، المستشار ماهر البحيري، الذي انتهت فترته يوم 30 يونيو/حزيران من العام الجاري.

ورغم أنه تم تعيين منصور رئيسا للمحكمة الدستورية العليا، إلا أنه بحسب القانون المصري لا بد لرئيس المحكمة الدستورية العليا الجديد أن يؤدي القسم أمام رئيس الدولة قبل أن يباشر عمله كرئيس للمحكمة. وهو الأمر الذي لم يتم لأن اضطرابات 30 يونيو/حزيران حالت دون ذلك.

وخلاصة القول إن تعيين عدلي منصور رئيسا للدولة بصفته رئيس المحكمة الدستورية العليا، باطل، وكل ما بني على هذا القرار فهو باطل.

اقرأ أيضا  النخالة لقائد فيلق القدس: الشعب الفلسطيني وقواه المقاومة سيسقطون صفقة القرن

وقبل الخروج من الانتهاكات الدستورية، لا بد من الإشارة إلى أنه دستوريا، ليس من الصواب الإشارة إلى الدكتور محمد مرسي بعبارة “الرئيس المعزول”، لأن عزله لم يأت بالطريقة التي نص عليها الدستور. لذا، فإن الرئيس محمد مرسي لا يزال هو “الرئيس الشرعي” لجمهورية مصر العربية دستوريا، وأن تسمية أي شخص آخر في هذا المنصب هي نسبة خاطئة، كونها مخالفة للدستور.

الانتهاكات القانونية الدولية
ربما احتاج حصر انتهاكات القانون الدولي الإنساني وانتهاكات قوانين حقوق الإنسان التي حدثت في مصر منذ الانقلاب العسكري الذي قام به عبد الفتاح السيسي في الثالث من يوليو/تموز الماضي، إلى مؤلف من الحجم الكبير.

ذلك أن الانتهاكات القانونية الدولية من الدقة بحيث تحتاج إلى سرد كامل وتفصيل دقيق مع شرح لأحكام القانون الدولي الإنساني وأحكام قوانين حقوق الإنسان.

وليس من المبالغة القول إن سلطات الانقلاب قصدت المواد المفصلة للجرائم ضد الإنسانية من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، مادة مادة وقامت بخرقها جميعا. وحيث المجال يضيق فسوف يكتفي هذا المقال بسرد أبرز الانتهاكات التي تمثل الأنماط الرئيسة للتجاوزات القانونية الدولية.

فمنذ اللحظات الأولى التي تلت خطاب السيسي الانقلابي، بادرت سلطات السيسي بقطع محطات البث الفضائي لجميع القنوات الإسلامية وقناة الجزيرة بفروعها الثلاثة (الجزيرة، والجزيرة مباشر، والجزيرة مباشر مصر) تلا ذلك القبض على بعض موظفيها ومصادرة أدواتهم.

وفي السياق ذاته، استهدفت قوات الأمن المصرية العديد من الإعلاميين المصريين والأجانب، خصوصاً المصورين. وقد تم قتل عدد من الإعلاميين والمصورين بالرصاص الحي مثل مصور سكاي نيوز البريطانية وعدد آخر من المصورين المصريين الذين كانوا ينقلون الأحداث بالصوت والصورة. وفي ذلك انتهاك لحماية الصحفيين المحمية في القانون الدولي بموجب اتفاقية جنيف الرابعة 1949، وبحسب المادة 79 من البروتوكول الأول لاتفاقيات جنيف الأربع 1949.

غني عن القول إن العمل الشريف الذي يقوم به أولئك الصحفيون هو إيصال الحقيقة للمشاهدين في كل مكان. ولكن خوف سلطات الانقلاب من إظهار الحقيقة هو السبب الأبرز وراء الاعتداءات عليهم ومصادرة كاميراتهم. وتعد انتهاكات الصحفيين هذه “انتهاكات جسيمة” للقانون الدولي الإنساني، حيث لمثلها تشرع أبواب القضاء الأوروبي والدولي.

من ناحية أخرى، فإن اختفاء الرئيس المصري الشرعي محمد مرسي، الذي لم يُفصح عن مصيره بعد، ولم تجرؤ المنظمات الدولية المعنية مثل الصليب الأحمر حتى على مجرد تقديم طلب زيارته حتى الآن، يعد اختطافا في القانون الدولي الإنساني وهو جريمة ضد الإنسانية بموجب اتفاقية جنيف الرابعة 1949، وبموجب النظام الأساسي للمحكمة الدولية الجنائية. وسوف يبقى تنصل الصليب الأحمر من مسؤوليته القانونية والإنسانية وصمة عار في جبين المنظمة الدولية.

في سياق الانتهاكات القانونية الدولية أيضا، قامت سلطات الانقلاب الجديدة بالقبض على عدد كبير من الرموز الإسلامية، خصوصا من حركة الإخوان المسلمين من دون تهم قانونية، ومن دون السماح لهم بلقاء محامين أو حتى بلقاء ذويهم. ولا يزال مصير الكثير من هؤلاء المقبوض عليهم مجهولا، في حين تتواتر الأنباء عن تعرض الكثير منهم للتعذيب. وتواصل السلطات الانقلابية القبض على الكثير من قيادات حركة الإخوان المسلمين، والقيادات الإسلامية عموما حتى الساعة.

وتمثل هذه الاعتداءات انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني وقوانين حقوق الإنسان، بحسب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المنصوص عليه في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 217 
(1948)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المنصوص عليه في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2200 (1966) ومعاهدة مناهضة التعذيب، وقد صدقت مصر على جميع هذه المعاهدات الدولية.

الانتهاك الأكثر جسامةً هو القتل العمد للمدنيين المسالمين الذي خرجوا في مظاهرات واعتصامات سلمية، شهد بسلميتها المراسلون الصحفيون الغربيون، والعديد من المواطنين المحايدين. وقد تكررت مشاهد القتل العمد للمعتصمين المسالمين المرة تلو المرة، ولم يسلم منها حتى جموع المصلين.

القتل العمد للمتظاهرين السلميين، يمثل “جريمة ضد الإنسانية”، بموجب اتفاقية جنيف الرابعة 
1949، وبموجب المادة السابعة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ويوجب المعاقبة، فضلا عن كونه أمرا يتنافى مع أخلاق الأمم المتحضرة والضمير الإنساني.

اقرأ أيضا  إندونيسيا محطة الأنظار للسياح الصينيين ، 2.4 مليون في عام 2017

ولعل أخطر تلك الاعتداءات هو ما تم صباح يوم 14 من أغسطس/آب الجاري حين هاجمت قوات الأمن عشرات الآلاف من المعتصمين في ميداني رابعة العدوية والنهضة وانهالت عليهم بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي والخرطوش، فكان من نتيجة ذلك مقتل الآلاف من المدنيين الأبرياء المسالمين، وفيهم أطفال ونساء، وإصابة أكثر من عشرة آلاف شخص في يوم واحد.

وتوجد قرائن قوية على استخدام أسلحة محرمة دولياً، تنفجر في داخل جسم الإنسان، وقد أدلى عدد من الأطباء بشهاداتهم حول هذه الأسلحة التي كان من نتيجتها خروج الدماغ وخروج بعض أعضاء الجسم من الإنسان بعد دخول الرصاص في جسمه.

وقد أثار هذا العمل حفيظة منظمات حقوق الإنسان والأمين العام للأمم المتحدة، وعدد من الدول الغربية، حيث توالت الإدانات لاستخدام القوة المفرطة.

ثم تكرر المشهد ذاته يوم 16 أغسطس/آب الجاري، في مظاهرات “جمعة الغضب”، حيث قتل مئات المتظاهرين السلميين بالرصاص الحي في مختلف أنحاء مصر، وقد كان ميدان رمسيس أكثرها دموية وعنفا حيث قتل فيه أكثر من مائة شخص ذلك اليوم.

وقد تم توثيق الكثير من هذه الانتهاكات بالصوت والصورة كقرائن يمكن تقديمها لاحقا أمام القضاء المحلي أو الدولي، وإن أنكرتها سلطات الانقلاب. وأحسب أن التهم التي تطوق أعناق المسؤولين العسكريين والسياسيين المتورطين في هذه الجرائم، تضع المحامين المدافعين عنهم في وضع لا يحسدون عليه.

في السياق ذاته، ارتكبت سلطات الانقلاب انتهاكا جسيما حين حاصرت مجموعة من قوى الأمن المصري مدعومة بعدد كبير ممن يسمون “البلطجية” مسجد الفتح في القاهرة، بمن فيه من المصلين من نساء وشيوخ ومدنيين عزل يوما وليلة. ثم قامت السلطات بإلقاء قنابل غاز خانقة داخل المسجد، نتج عنها وفاة امرأة داخل المسجد، وإصابة عدد آخر بالاختناق.

ثم اقتحمت قوات الأمن ومن معها من “البلطجية” المسجد واعتقلوا المصلين، وقد كانت كل مشاهد الحصار والاقتحام تنقل على الهواء مباشرة من قبل فضائيات عدة. وقد شوهد عدد من “البلطجية” وهم يعتدون على امرأة منقبة بعد خروجها من المسجد المحاصر، في منظر يتنافى مع أدنى درجات الإنسانية، فضلا عن القانونية الدولية.

يُشار إلى أن المساجد ودور العبادة محمية في القانون الدولي بموجب اتفاقية جنيف الرابعة 1949، وبموجب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وتصنف هذه الاعتداءات على أنها جرائم ضد الإنسانية.

في الوقت ذاته تعرضت العديد من الكنائس في مختلف مدن مصر إلى اعتداءات من مجهولين أضرموا النيران في بعضها واعتدوا بالسرقة على بعضها الآخر. وقد سارعت الداخلية المصرية باتهام “الإرهابيين” من عناصر الإخوان المسلمين بأنهم وراء تفجيرات الكنائس، في حين وجدت شهادات وقرائن عديدة تشير إلى أن الداخلية هي من وكلت إلى “البلطجية” القيام بمهمة الحرق والتدمير، لإلصاق التهمة بالإخوان المسلمين لأجل إثارة الرأي العام ضدهم.

من ذلك ما أدلى به راعي كنيسة ماري جرجرس، القس أيوب يوسف، في حديث مسجل لإحدى الفضائيات بشهادته حين قال إنه رأى “البلطجية” وهم يضرمون النار في كنيسته.

انتهاك قانوني دولي إنساني آخر بدا مخالفا لأبسط قواعد الإنسانية هو رفض سلطات حكومة الانقلاب تسليم جثث القتلى لذويهم إلا بعد التوقيع على تعهد بالمصادقة أن سبب وفاتهم كان نتيجة انتحار أو سكتة قلبية. الأمر الذي اضطرهم إلى التوقيع على ذلك من أجل إكرام موتاهم بدفنهم. ويدخل هذا ضمن انتهاكات القانون الدولي الإنساني كما فصلتها اتفاقية جنيف الرابعة 1949، وتدخل تحت تصنيف جرائم ضد الإنسانية.

طرق الملاحقة القضائية
لعل السؤال الأكثر إلحاحا اليوم هو: كيف يمكن ملاحقة المجرمين المصريين المتورطين في أبشع جرائم القانون الدولي الإنساني وجرائم حقوق الإنسان!؟

باختصار، يمكن إحالة مرتكبي هذه الجرائم الخطيرة إلى العدالة الدولية إما من خلال المحكمة الجنائية الدولية، أو من خلال تفعيل المادة 146 من اتفاقية جنيف الرابعة 1949، المعروفة باسم “الاختصاص العالمي”.

اقرأ أيضا  الصراع الروسى / الامريكى .. فى المتوسط

فأما طريق المحكمة الجنائية الدولية، فحيث إن مصر ليست دولة عضوا في الجنائية الدولية، فيمكن أن يتم اللجوء إليها بأحد سبيلين: السبيل الأول هو إحالة الملف المصري عن طريق مجلس الأمن. وهذا طريق سياسي أكثر منه قانوني.

ويستطيع مجلس الأمن عقد جلسة طارئة لدراسة الحالة المصرية، وإحالة هذه الجرائم الخطيرة، بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، إلى المحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيق تماشيا مع المادة 13 (ب) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

وقد تم بالفعل عقد جلسة في مجلس الأمن لدراسة الوضع في مصر، وإن كان من غير المتوقع في الوقت الراهن إحالة هذا الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية من قبل مجلس الأمن. لذا، فإن هذا الطريق لا يعول عليه كثيرا.

السبيل الآخر هو إحالة الملف المصري عن طريق دولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيق تماشيا مع المادة 13 (أ) من النظام الأساسي للمحكمة. ويمكن على سبيل المثال أن تقوم تونس بهذا الدور فتتقدم بطلب إحالة الملف المصري إلى المحكمة الجنائية الدولية لملاحقة المجرمين المصريين. وإن كانت ثقتي في الجنائية الدولية أنها مسيسة. لذا، فأنا لا أرى اللجوء إليها أصلا.

ويبقى الطريق الآخر لمحاكمة المجرمين المصريين من خلال تفعيل المادة 146 من اتفاقية جنيف الرابعة، ويتميز هذا الطريق بأنه لا يحتاج إلى دولة معينة لكي تبدأ بتفعيله كما هو الحال مع الطريق الأول المتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية.

ويمكن لأي مكتب محاماة في أي دولة أوروبية أن يقدم ما لديه من وثائق لتورط مسؤول مصري أو أكثر في ارتكاب أي من الانتهاكات القانونية الدولية المذكورة أعلاه، ليتم بعد ذلك وضع ذلك المسؤول على قائمة المطلوبين لعدالة تلك الدولة ثم يعمم الطلب على بقية دول الاتحاد الأوروبي التي تربطها اتفاقات قانونية مشتركة.

وقد لجأت منظمات فلسطينية إلى هذا الطريق بعد الحرب على غزة 2008/2009 في محاكم بريطانية، فتم وضع عدد من المسؤولين الإسرائيليين على قائمة المطلوبين للعدالة في بريطانيا، الأمر الذي آل بوزيرة خارجية إسرائيل السابقة تسيبي ليفني أن تُهرب في زي مضيفة طيران، خوفا من القبض عليها، كما أنه ذات الأمر الذي جعل الجنرال الإسرائيلي موفاز يبقى في طائرته في مطار هيثرو ويعود إلى تل أبيب دون النزول حين أعلم أنه سوف يتم القبض عليه في حال نزوله.

الانتهاكات التي ارتكبت منذ الانقلاب العسكري في مصر في الثالث من يوليو/تموز الماضي، جسيمة جدا. ولا يليق بالمجتمع الدولي تجاهل هذه الانتهاكات القانونية الدولية الخطيرة، والحديث عن مصالحة سياسية، والاستهتار بحقوق ومطالب الشعب المصري، الذي ضحى كثيرا في ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وما زال يضحي لأجل تحقيق العدالة والحرية.

كما أنه من العيب جدا على العالم الغربي، الذي طالما وعظ الدول المتخلفة بإرساء قواعد الحرية والديمقراطية، أن يكون داعما لانقلاب عسكري، يهدم أهم صروح الديمقراطية في دول الربيع العربي. 

وحري بدول العالم الغربي أن تتحمل مسؤوليتها الأخلاقية والإنسانية والقانونية الدولية تجاه ما يحدث في مصر، وأن تقف مع عودة الرئيس الشرعي الدكتور محمد مرسي إلى منصبه، دون تأخير، وأن تطالب بمحاكمة جميع المسؤولين عن ارتكاب الجرائم السالفة محاكمة عادلة أمام القضاء المصري أو الدولي.

وللتذكير فإن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم. وسوف يحاكم المجرمون المصريون إن شاء الله تعالى عاجلاً أم آجلا.

 المصدر: الجزيرة

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.