مبارك طليقا ومرسي محبوسا
الإثنين-19شوال 1434 الموافق26 آب/ أغسطس.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).
“مبارك برة (خارج) السجن.. البرادعي خاين ورجع النمسا.. الإخوان في السجون.. كله كده (هكذا) رجع مكانه.. وائل غنيم مش معروف مكانه.. كل كدة تمام؟ نقطه ومن أول السطر وتبدأ اللعبة من جديد.. ريستارت (Restart the game)”.
تلك كانت أبرز العبارات التي كتبها نشطاء وراجت على مواقع التواصل الاجتماعي منذ صدور قرار قضائي، أمس، بإخلاء سبيل الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في آخر قضية فساد يخضع فيها للمحاكمة، وذلك بعد أن استنفذ الحد الأقصى لمدة حبسه احتياطيا، فيما يظل خاضعا للمحاكمة في تلك القضية وقضايا أخرى، ولكن وهو خارج السجن.
وتراصت عدة مشاهد أمام المصريين في الفترة الأخيرة، في مفارقة وحادثة نادرة، جعلت قطاعا منهم يشعر بأن الوضع في البلاد عاد بدرجة أو بأخرى لما كان عليه قبل ثورة 25 يناير التي تفجرت ضد نظام حسني مبارك عام 2011، وفي الأيام الأولى لها قبل رحيله.
حيث كان المشهد قبل الثورة وفي الأيام الأولى منها على النحو التالي، معظم القيادات البارزة لجماعة الإخوان المسلمينفي السجون، ومن بينهم محمد مرسي (الرئيس المعزول حاليا)، ومحمد البرادعي، الرئيس السابق لوكالة الطاقة الذرية ومؤسس الجمعية الوطنية للتغيير المطالبة برحيل مبارك وقتها مسافرا في النمسا في ظل صدامه مع النظام الحاكم، وكان مبارك حرا طليقا، ووائل غنيم (مؤسس صفحة كلنا خالد سعيد صاحبة الدعوة للخروج في مظاهرات 25 يناير) مختفيا عن المشهد السياسي والإعلامي، ويمارس نشاطه من خلف الصفحة.
كما كانت تلك الحركات، إضافة لحركات أخرى مثل حركة شباب 6 إبريل ومستقلون، في حالة استنفار “ثوري” عبر الخروج في مظاهرات متقطعة تطالب برحيل مبارك وتحتج على السياسات الأمنية التي وصفوها بالقمعية لوزارة الداخلية.
والوضع منذ أمس بدا كما لو كان يعيد انتاج هذا المشهد؛ حيث صدر لمبارك حكم بالخروج من السجن ليتم استكمال التحقيقات في القضايا المتهم فيها وهو خارجه، والبرادعي منذ عدة أيام مسافرا إلى النمسا بعد أن اصطدم بالسلطة الحاكمة الحالية وقدم استقالته احتجاجا على استخدام العنف في مواجهة المظاهرات المعارضة، ومرسي محبوسا من جديد، ووائل غنيم مختفيا عن المشهد السياسي والإعلامي.
كما أنه يجري تشكيل جبهة جديدة من “ثوار 25 يناير”، بحسب ما صرحت به مصادر قريبة من هذه الجبهة للأناضول، فإنها تتشكل حاليا لوضع آليات وخطوات لمنع عودة نظام مبارك مجددا، ولمنع ظهور نظام “ديكتاتوري واستبدادي” جديد في الفترة المقبلة.
ورفضت هذه المصادر التصريح بمكونات هذه الجبهة، أو تلك الخطوات والآليات التي ستلجأ إليها لتنفيذ أهدافها؛ حيث من المقرر أن يتم الإعلان عن ذلك في بيان يصدر في الفترة المقبلة.
ورسم هذا المشهد البسمة على وجوه كثيرة، معارضة ومؤيدة لجماعة الإخوان على السواء، إما سخرية منه أو سعادة به، أو اندهشا لمفارقة تكراره.
غير أن هذا المشهد “المتكرر” لا يخلو من بعض التباينات الناتجة عن تداعيات ثورة يناير، ومنها أن مبارك خارج السجن وإن كان ليس حرا طليقا؛ حيث ما زال على ذمة التحقيقات في قضية المسؤولية عن قتل متظاهري ثورة 25 يناير، كما أنه قيد الإقامة الجبرية لمدة غير معلومة، هذا بخلاف أنه يحمل صفة رئيس أسبق، وولداه، علاء وجمال، محبوسان على ذمة قضايا فساد.
ومحمد مرسي محبوس، وإن كان يحمل صفة رئيس سابق، إضافة إلى أنه ليس معتقلا سياسيا ولكن على ذمة قضايا جنائية خاصة ب”التحريض على القتل والتخابر“.
وبالنسبة لجماعة الإخوان فالمشهد الأبرز في تشابه وضعها بعد وقبل الثورة هو حملات المداهمات لمنازل قيادييها ومقار الجماعة وأملاكها في العاصمة والمحافظات، وما يصاحبها من إلقاء القبض على أعداد كبيرة منهم والزج بهم في السجون، وإن اختلفت التهمة؛ حيث كانت قبل الثورة الانتماء لجماعة محظورة قانونا، فيما أصبحت الآن التحريض على القتل والعنف، وأحيانا حيازة سلاح.
وكان المشهد الأول قبيل ثورة 25 يناير هو ذروة التوتر السياسي في مصر، حيث سبقه 5 سنوات على الأقل من المطالب برحيل نظام مبارك، وإن كان يشارك فيها عدد قليل جدا من النشطاء، قبل أن تخرج مظاهرات حاشدة في الثورة، فيما يأتي المشهد الثاني بعد توتر سياسي وأمني تفجر خلال عام من حكم مرسي، ويتصاعد حاليا بعد عزله بخروج مظاهرات حاشدة تطالب بعودة مرسي وبوقف استخدام السلطات العنف في مواجهة المتظاهرين.
ويترقب المصريون الآن مشهد النهاية لهذا الوضع، وسط جدل حاد حول ما إن كان سينتهي إلى ما انتهت إليه ثورة 25 يناير التي تراصت فيها كافة قوى المعارضة ضد نظام مبارك، أم سينتهى إلى نتيجة مختلفة وسط تراص معظم القوى السياسية (ومنها ما كان معارضا لمبارك) حاليا إلى جانب النظام الحاكم، وافتقاد جماعة الإخوان قطاعا كبيرا من القوى التي كانت تدعمها قبل الثورة.
المصدر : بوابة الشرق، وكالات