أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة توحيد الربوبية
الإثنين-4 ذوالقعدة 1434 الموافق 9 أيلول /سبتمبر.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).
المبحث الأول : معناه وأدلته من الكتاب والسنة والعقل والفطرة
أولا : تعريفه :
أ- لغة : الربوبية مصدر من الفعل ربب ، ومنه الرب ، فالربوبية صفـة الله ، وهي مأخوذة من اسم الرب ، والرب في كلام العرب يطلق على معان : منها المالك ، والسيد المطاع ، والـمصلح .
ب- أما في الاصطلاح : فإن توحيد الربوبية هو إفراد الله بأفعاله .
ومنها الخلق والرزق والسيادة والإنعام والملك والتصوير ، والعطاء والمنع ، والنفع والضر ، والإحياء والإماتة ، والتدبير المحكـم ، والقضاء والقدر ، وغـير ذلك من أفعاله التي لا شريك له فيها ، ولهذا فإن الواجب على العبد أن يؤمن بذلك كله .
ثانيا : أدلته :
أ- من الكتاب : قوله تعـالى : خلق السماوات بغير عمد ترونها وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وبث فيها من كل دابة وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال مبين (لقمان : 10 ، 11) . وقولـه تعالى : أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون (الطور : 35
ب- من السنة : ما رواه الإمام أحمد وأبو داود من حديث عبـد الله بن الشخير رضي الله عنه مرفوعا وفيه : (السيد الله تبارك وتعالى . . ) . وقد ثبت في – ص 12– الترمـذي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في وصيته لابن عباس رضي الله عنـهما : . . واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعـوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضـروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف .
ج- دلالة العقل : دل العقل على وجود الله تعالى وانفراده بالربوبيـة وكمال قدرته على الخلق وسيطرته عليهم ، وذلك عن طريق النظر والتفكر في آيات الله الدالة عليه . وللنظر في آيات الله والاستدلال بها على ربوبيته طـرق كثيرة بحسب تنوع الآيات وأشهرها طريقان :
الطريق الأول : النظر في آيات الله في خلق النفس البشرية وهو مـا يعرف بـ (دلالة الأنفس) ، فالنفس آية من آيات الله العظيمة الدالة على تفرد الله وحده بالربوبية لا شريك له ، كما قـال تعـالى : وفي أنفسكم أفلا تبصرون (الذاريات : 21) ، وقال تعالى : ونفس وما سواها (الشمس : 7) ، ولهذا لو أن الإنسان أمعن النظر في نفسه وما فيها من عجـائب صنـع الله لأرشده ذلك إلى أن له ربا خالقا حكيما خبيرا ؛ إذ لا يستطيع الإنسـان أن يخلق النطفة التي كان منها ؟ أو أن يحولها إلى علقـة ، أو يحـول العلقـة إلى مضغة ، أو يحول المضغة عظاما ، أو يكسو العظام لحما ؟
الطريق الثاني : النظر في آيات الله في خلق الكون وهو ما يعـرف بـ (دلالة الآفاق) ، وهذه كذلك آية من آيات الله العظيمة الدالـة علـى ربوبيته ، قال الله تعالى : سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد (فصلت : 53 .
–
ص 13– ومن تأمل الآفاق وما في هذا الكون من سماء وأرض ، وما اشتملت عليه السماء من نجوم وكواكب وشمس وقمر ، وما اشتملت عليـه الأرض مـن جبال وأشجار وبحار وأنهار ، وما يكتنف ذلك من ليل ونهار وتسيير هـذا الكون كله بهذا النظام الدقيق ؛ دله ذلك على أن هناك خالقا لهذا الكـون ، موجدا له مدبرا لشؤونه ، وكلما تدبر العاقل في هذه المخلوقـات وتغلغـل فكره في بدائع الكائنات علم أنها خلقت للحق وبالحق ، وأنـها صحـائف آيات ، وكتب براهين ودلالات على جميع ما أخبر به الله عن نفسه وأدلـة على وحدانيته .
وقد جاء في بعض الآثار أن قوما أرادوا البحث مع الإمام أبي حنيفـة في تقرير توحيد الربوبية ، فقال لهم رحمه الله : ” أخبروني قبل أن نتكلم في هـذه المسألة عن سفينة في دجلة تذهب فتمتلئ من الطعام وغيره بنفسها وتعـود بنفسها ، فترسو بنفسها وترجع ، كل ذلك من غير أن يديرها أحد ؟ ” .
فقالوا : ” هذا محال لا يمكن أبدا . فقال لهم : إذا كان هـذا محـالا في سفينة فكيف في هذا العالم كله علوه وسفله ؟ ” .
فنبه إلى أن اتساق العالم ودقة صنعه وتمام خلقه دليل علـى وحدانيـة خالقه وتفرده .
المصدر : موقع الإسلام