نبذة عن الأسماء والصفات وأثرها في العبد
الأربعاء-6 ذوالقعدة 1434 الموافق 11 أيلول /سبتمبر.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).
العبادة أهم شيءٍ في حياة الخَلق، ومن أجلها خلَق الله الإنس والجن؛ قال – تعالى -: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، وللعبادة دور هام في زيادة الإيمان، وقُرْب العباد من خالقهم، بها ينالون رضا الرحمن، ويدخلون الجنة؛ مطلب كل مسلم عاقل عالم لم تغرَّه الدنيا وزينتها وسقط في فخ الشيطان، وعلى العكس كلَّما ابتعد العبدُ عن خالقه، ونفَر عن عبادتِه، قلَّ إيمانُه، وضعُف يقينُه حتى يصلَ إلى الانعدام، والناس بين مُقبِلٍ ومُدبِرٍ، ومنهم من بيْنَ بيْنَ، والموفَّق من وفَّقه اللهُ وثبَّتَه على طاعته؛ كما جاء في الحديث الشريف عن عائشة – رضي الله عنها -: أن رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم – كان يُكثِر أن يقول: ((يا مقلِّبَ القلوب، ثبِّتْ قلبي على دينِك وطاعتك))، فقيل له: يا رسول الله – قال عفانُ: فقالت له عائشة -: إنك تُكثِرُ أن تقول: ((يا مقلِّبَ القلوب، ثبِّت قلبي على دينك وطاعتك))، قال: ((وما يؤمِّنني، وإنما قلوبُ العباد بين أُصبُعيِ الرحمن، إنه إذا أراد أن يقلب قلب عبدٍ قلبه)) قال عفان: ((بين أُصبُعين من أصابع اللهِ عز وجل))؛ مسند أحمد مخرجًا، فلا توفيقَ ولا ثبات إلا لِمَن منَّ الله عليه بالرشد والسَّداد، ومن أعظم توفيق الحق – سبحانه – لعبده أن يرزُقَه العلمَ والعمل به، ومن أشرفِ هذه العلوم وأجلِّها قدرًا ورفعة علمُ العبد بخالقه، ولا يكون ذلك إلا بمعرفة أسمائه الحسنى وصفاته العلى؛ ولهذا أُحِبُّ أن أتطرق إليهما بشيء من الإيجاز والبيان، فأقول: الاسم: ما دلَّ على عَلَم، إلا أن أسماءَ الله -تعالى- هي أسماء أعلام وأوصاف في نفس الوقت، فنقول: الرزاق هو اسم لله -تعالى- وصفته الرزق، فيرزُق خَلْقه، ونقول: الرحمن: اسم لله، وصفته الرحمة، فيرحم عباده، وهكذا بقية الأسماء، وللأسماء دلالات، وهي ثلاث، وإليك البيانَ:
1- دلالة التطابق: إذا دل (فسرنا) الاسم على كل معناه، فنقول: القوي: اسم لله، وصفته القوة، وهكذا…
2- دلالة التضمُّن: إذا دل (فسرنا) الاسم على جزء من معناه، فنقول: الحي: اسم لله ونسكُت، فهو يتضمَّن صفة الحياة لله – تعالى – وهكذا…
3- دلالة الالتزام: أن نستدلَّ بالاسم على غيره من الأسماء التي يتوقَّف عليها قيامُ هذا الاسم، ويكون التزامًا ذهنيًّا، ولتوضيح ذلك نقول: الرزاق: اسم لله، وصفته الرزق، فيرزق عباده، وهذا الاسم (المعنى) يلتزم أن يكون الرزاق حيًّا، والحي: اسم لله تعالى، فالميتُ لا يستطيع أن يرزُقَ أحدًا، وأن يكون قادرًا، والقادر: اسم لله تعالى، فالعاجز لا يستطيع أن يوصل رزقه إلى أحد، وهكذا…
وبقي أن نعلَمَ أن لكل اسمٍ صفةً مشتقَّةً منه، صفة القوة مشتقة من اسم: القوي، وصفة العزة مشتقة من اسم: العزيز وهكذا…؛ أي إن لكل اسم صفة، وليس لكل صفة اسم، فلا يصح أن نشتق من صفة الغضب اسمًا لله ونقول: الغاضب اسم لله.
ولتمام الفائدة: يظن الكثيرون أن أسماء الله -تعالى- محصورة بتسعة وتسعين اسمًا فقط، وهذا خلاف الحق؛ للحديث الصحيح الآتي: ((ما أصاب أحدًا قط همٌّ ولا حزن، فقال: اللهم إني عبدُك وابنُ عبدك وابنُ أَمَتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمُك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألُك بكل اسمٍ هو لك، سمَّيت به نفسَك، أو علَّمتَه أحدًا من خلقك، أو أنزلتَه في كتابك، أو استأثرتَ به في علم الغيب عندك، أن تجعَل القرآنَ ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهابَ همي، إلا أذهَب اللهُ همَّه وحزنه، وأبدله مكانه فرجًا))، قال: فقيل: يا رسول الله، ألا نتعلَّمُها! فقال: ((بلى، ينبغي لمَن سمِعها أن يتعلَّمَها))؛ الصحيحة.
فهناك أسماءٌ علَّمها الله لبعض خَلْقه، وهناك أسماء استأثر بها الله في علم الغيب عنده، فلا يعلَمُها إلا الله جل في علاه، وأما الصفاتُ فهي نوعان، وإليك البيان:
1- الصفات الذاتية: وهي الصفاتُ التي يتصفُ الله بها منذ الأزل، ولا تنفكُّ عنه ولا لحظة واحدة؛ كصفة الحياة، والقوة، والعزة، والعلو، والاستواء.
2- الصفات الفعلية (الخبرية): وهي الصفات التي يتصفُ الله بها منذ الأزل، ولكنه يفعلها متى شاء، إذا شاء، كيفما شاء؛ كصفة الضحك، والغضب، والنزول، والعجب، ويقال لها: صفات قديمة النوع، حادثة الآحاد؛ أي إن اللهَ متَّصف بها منذ الأزل، ولكن الله لا يفعلها دومًا، وإنما يفعلها متى شاء، إذا شاء، كيفما شاء، فعلى العباد أن يتفقَّهوا في أسماء الله الحسنى وصفاته العلى؛ ليعبُدوه عن علم، ويقتربوا منه أكثر، فينالوا حبه وقربه، ويحملوا دينَه وينشروه بين الخَلْق، ويحموا كتابه وسنَّة نبيِّه – عليه الصلاة والسلام – ومن تمام الفقه في الأسماء والصفات أن يسأل العبدُ ربَّه بمقتضى الاسم الذي يدعو الله – تعالى – به، فيقول: يا رزاق، ارزقني، يا غفور، اغفر لي، يا رحمن، ارحمني، وهكذا…
وخلاصة ما سبق ما يلي:
1- الأسماء والصفات توقيفية؛ أي إنها ثابتة بالكتاب والسنَّة، فلا يجوز تسمية الله أو وصفُه بما لم يثبُت بالكتاب والسنَّة.
2- الأسماء غير محصورة بعدد التسعة والتسعين.
3- الصفات مشتقة من الأسماء، فلكل اسم صفة مشتقة منه، ولا عكس.
4- الصفات نوعان؛ ذاتية: لا تنفَكُّ عن الله ولا للحظة واحدة، وفعلية متعلقة بالمشيئة يفعلها الله متى شاء، إذا شاء، كيفما شاء.
5- أن يعبد الله – تعالى – بمقتضى الاسم الذي يدعو العبد به ربه؛ فطالب المغفرة يقول: يا غفور، اغفر لي، وطالب الرحمة يقول: يا رحمن، ارحمني، وهكذا.
6- أتقى الناسِ لله وأعبَدُهم له أعرفهم به، وأعلمهم بالله وأسمائه الحسنى وصفاته العلى.
7- كل كمالٍ وجمالٍ اللهُ أولى به، وهو موصوف به، وكل عيبٍ ونقص اللهُ منزَّهٌ عنه ومبرَّأٌ منه.